الكلام على زيادة ( فيلبس حلة الكرامة )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال الترمذي (2915) قَالَ : حدثنا نصر بن علي. قَالَ : حدثنا عبد الصمد
بن عبد الوارث. قَالَ : أخبرنا شُعبة ، عن عاصم ، عن أبي صالح عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
، عَنِ النَّبِيِّ قَالَ :”يَجِىءُ الْقُرْانُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ
يَا رَبِّ حَلِّهِ فَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ زِدْهُ فَيُلْبَسُ
حُلَّةَ الْكَرَامَةِ ثُمَّ يَقُولُ يَا رَبِّ ارْضَ ، عنهُ فَيَرْضَى ، عنهُ فَيُقال
لَهُ اقْرَأْ وَارْقَ وَتُزَادُ بِكُلِّ ايَةٍ حَسَنَةً”

أقول : عاصم هو ابن بهدلة صاحب القراءة المعروف وفي حفظه كلامٌ معروف

قال ابن سعد :” وكان ثقة ، إلا أنه كان كثير الخطأ في حديثه”

وَقَال يعقوب بن سفيان : “في حديثه اضطراب ، وهو ثقة”

وقال أبو حاتم : :”محله عندي محل الصدق ، صالح الحديث ، ولم يكن بذاك
الحافظ”

وَقَال ابن خراش : “في حديثه نكرة”

وَقَال أبو جعفر العقيلي : “لم يكن فيه إلا سوء الحفظ”

وَقَال الدَّارَقُطْنِيُّ : “في حفظه شيء”

ووثقه غيرهم كما ذكر المزي في تهذيب الكمال وقد اضطرب في هذا الحديث وخولف

أما الإضطراب

فقال ابن أبي شيبة 30047 : حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عاصم عن أبي
صالح عن أبي هريرة قال نعم الشفيع القرآن لصاحبه يوم القيامة قال يقول يا رب قد كنت
أمنعه شهوته في الدنيا فأكرمه قال فيلبس حلة الكرامة قال فيقول أي رب زده قال فيحلى
حلة الكرامة فيقول أي رب زده قال فيكسى تاج الكرامة قال فيقول يا رب زده قال فيرضى
منه فليس بعد رضي الله عنه شيء .

فرواه موقوفاً

وقال الدارمي في مسنده 3375 : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِىُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ عَاصِمٍ عَنْ مُجَاهِدٍ
عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ يَجِىءُ الْقُرْآنُ يَشْفَعُ لِصَاحِبِهِ يَقُولُ يَا رَبِّ
لِكُلِّ عَامِلٍ عُمَالَةٌ مِنْ عَمَلِهِ وَإِنِّى كُنْتُ أَمْنَعُهُ اللَّذَّةَ وَالنَّوْمَ
فَأَكْرِمْهُ فَيُقَالُ ابْسُطْ يَمِينَكَ فَتُمْلأُ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ ثُمَّ
يُقَالُ ابْسُطْ شِمَالَكَ فَتُمْلأُ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ وَيُكْسَى كِسْوَةَ الْكَرَامَةِ
وَتَحِلُّ عَلَيْهِ الْكَرَامَةُ وَيُلْبَسُ تَاجَ الْكَرَامَةِ “

وقال ابن الضريس في فضائل القرآن 92 : أخبرنا أبو الربيع الزهراني ، حدثنا
حماد ، عن عاصم بن بهدلة ، عن مجاهد ، قال :

 يجيء القرآن يوم القيامة في صورة
الرجل الشاحب جاء من الغيبة ، فيأتي صاحبه فيقول : هل تعرفني ؟ فيقول : لا ، من أنت
يا عبد الله ؟ فيقول : أنا الذي كنت أمنع منك النوم ، واللذة . قال : إنك القرآن .
فيأخذ بيده ، فينطلق به ، فيقول : ابسط يمينك فيبسط يمينه ، فتملأ من رضوان الله ،
وتحل عليه حلة الكرامة ، ويوضع على رأسه تاج الكرامة ، وينطلق به إلى درجات الجنة ،
ويقال له : اقرأ وارقه ، واعلم أن منزلك عند آخر آية كنت تقرأها .

أقول : فها أنت ترى أنه روي عنه على أربعة أوجه

الأول : رواه شعبة عنه عن أبي صالح عن أبي هريرة مرفوعاً

الثاني : رواه زائدة عنه عن أبي صالح عن أبي هريرة موقوفاً

الثالث : رواه سفيان عنه عن مجاهد عن ابن عمر

الرابع : رواه حماد بن زيد عنه عن مجاهد مرسلاً

وهؤلاء كلهم ثقات أثبات ، وتقدم قول يعقوب بن سفيان في التنصيص على اضطراب
عاصم في حديثه

وقد خولف في زيادة ذكر ( حلة الكرامة )

قال الإمام أحمد أحمد (10089) حدثنا وكيع. قَالَ : حدثنا الأعمش ، عن أبي
صالح ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، أو ، عن أبي سعيد ، شك الأعمش ، قَالَ : يقال : لصاحب
القران يوم القيامة : اقرأ وارقه ، فإن منزلتك ، عند آخر اية تقرؤها.

أقول : لم يذكر الأعمش حلة الكرامة وهو أوثق من عاصم فلا تقبل زيادة عاصم
من دونه ، وخبر الأعمش موقوف وله حكم الرفع

ولذكر حلة الكرامة شاهد من حديث عبد الله بن عمرو أو ابن مسعود

قال البيهقي في شعب الإيمان 2690 – حدثنا أبو محمد الحافظ عبد الله بن
يوسف الأصبهاني أنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الديبلي بمكة ثنا محمد بن علي بن زيد
الصائغ ثنا محمد بن محرز بن سلمة ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن سهيل بن أبي صالح عن
عرفجة بن عبد الواحد عن زر بن حبيش عن عبد الله قال :” يأتي القرآن يوم القيامة
شافعا لمن حمله يقول : يا رب أن لكل عامل أتيته أجره في الدينا فأت عاملي اليوم أجر
عمله فيقال له أبسط يمينك فيبسطها فيملأ له من رضوان الله عز و جل ثم يقال له أبسط
شمالك فيملئ له من رضوان الله تعالى ثم يكسى حلة الكرامة “

أقول : وهذا من طريق عاصم أيضاً ولكن ذكره سقط من السند في الأصل وإلا
فهو بين عرفجة و زر بن حبيش كما تدل عليه ترجمة عرفجة في عدد من المصادر فإنهم يقولون
أنه يروي عن عاصم ولا يذكرون له شيخاً غيره ، وعاصم معروفٌ بالرواية عن زر، وعرفجة
هذا مجهول لم يوثقه إلا ابن حبان

ولذكر حلة الكرامة شاهدٌ مرسل عند الحارث بن أبي أسامة في مسنده

قال البوصيري في إتحاف الخيرة :”

[5955] وقال الحارث بن محمد بن أبي أسامة: ثنا أحمد بن إسحاق، ثنا حماد
بن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن سعيد بن أبي سعيد أن رسول اللّه – صلى الله عليه وسلم
– قال: “يجيء القرآن يوم القيامة في أحسن شارة وأحسن هيئة. قال: فيقول: يا رب،
قد أعطيت كل عامل أجر عمله فأين أجر عملي؟ قال: فيكسى صاحب القرآن حلة الكرامة، ويتوج
تاج الملك فيقول: يا رب، قد كنت أرغب له ما هو أعظم من هذا. قال: فيعطى الخلد بيمينه
والنعيم بشماله قال: فيقال له: أرضيت فيقول: نعم أي رب”

وهذا مرسل ولا يقويه تلك الزيادة المنكرة

وهنا إضافة متممة :

قال ابن شاهين في الترغيب في فضائل الأعمال

206 : حدثنا الحسن بن شعبة الأنصاري ، ثنا أبو سهل الهمداني ، ثنا الفيض
بن وثيق ، ثنا الفرات بن سليمان ، عن ميمون بن مهران ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى
الله عليه وسلم قال : « درج الجنة على قدر آيات القرآن ، بكل آية درجة ، فبكل ستة ألف
ومائتا آية وست عشرة ، بين كل درجتين ما بين السماء والأرض . قال : فينتهي القارئ به
إلى أعلى عليين ، لها سبعون ألف ركن ، كل ركن ياقوتة تضيء مسيرة أيام وليالي ، ويصب
عليه حلة الكرامة ، فلولا أنه ينظر إليها برحمة الله لأذهب تلألؤها ببصره »

ولهذه الرواية عدة علل :

1- الحسن بن محمد ابن شعبة الأنصاري

قال الدارقطني في سؤالات السهمي : تكلموا فيه , قلت من جهة سماعه قال
: نعم

2- أبو سهل الهمداني : إن كان هو المترجم له في الميزان فهو كذاب وإن كان
غيره فلم أجد له ترجمة

3- الفيض بن وثيق

ذكره الذهبي في الميزان وذكر قول ابن معين فيه كذاب ودافع عنه برواية أبي
حاتم وأبي زرعة عنه

أقول : وهذا إن رفع عنه تهمة الكذب فلا يرفعه إلا درجة الإحتجاج مع كلمة
ابن معين فيه وذكر الحافظ في اللسان : أن العقيلي استنكر له حديثاً

ومن هذا تعلم أن هذا الخبر غير صالح للإعتبار للإنفراد الشديد في سنده
ولأن بعض رواته فيهم كلام شديد

وقد روى المسيب بن رافع هذا الخبر عن أبي صالح مقطوعاً من قوله  عند ابن أبي شيبة في المصنف (30671 ) ولم يذكر
أبا هريرة

ورواية الأعمش أصح , والله أعلم .

 ولو سلمنا بصحة هذه الرواية فإنها
ستكون علة لرواية عاصم بن بهدلة ويكون الخبر من كلام أبي صالح وغايته أن يجعل في عداد
المراسيل ولا يصح لتقوية مرسل المقبري باحتمال اتفاق المخرج

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم