الكلام على خبر اقتداء الأنصار باليهود في الاستنجاء

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال أحمد في مسنده 15485 – حَدَّثَنَا
حُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو أُوَيْسٍ، حَدَّثَنَا شُرَحْبِيلٌ،
عَنْ عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ الْأَنْصَارِيِّ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ: أَنَّ
النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَاهُمْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءَ
فَقَالَ: ” إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَدْ أَحْسَنَ عَلَيْكُمُ
الثَّنَاءَ فِي الطُّهُورِ  فِي قِصَّةِ
مَسْجِدِكُمْ، فَمَا هَذَا الطُّهُورُ الَّذِي تَطَّهَّرُونَ بِهِ ؟ ” قَالُوا:
وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ، مَا نَعْلَمُ شَيْئًا إِلَّا أَنَّهُ كَانَ لَنَا
جِيرَانٌ مِنَ الْيَهُودِ، فَكَانُوا يَغْسِلُونَ أَدْبَارَهُمْ مِنَ الْغَائِطِ
فَغَسَلْنَا كَمَا غَسَلُوا

أبو أويس وشيخه ضعيفان

وإليك كلام أهل العلم في شرحبيل

قال المزي في تهذيب الكمال :” و قال
عباس الدورى ، عن يحيى بن معين : ليس بشىء ، ضعيف .

و قال فى موضع آخر : كان أبو جابر البياضى
، كذابا ، و شرحبيل بن سعد خير من

ملء الأرض مثله .

و قال أحمد بن سعد بن أبى مريم ، عن يحيى
بن معين : ضعيف يكتب حديثه .

و قال محمد بن سعد : كان شيخا قديما روى
عن زيد بن ثابت ، و أبى هريرة ،

و أبى سعيد ، و عامة أصحاب رسول الله صلى
الله عليه وسلم و بقى إلى آخر الزمان

حتى اختلط و احتاج حاجة شديدة ، و له
أحاديث و ليس يحتج به .

و قال أبو زرعة : فيه لين .

و قال النسائى : ضعيف .

و قال الدراقطنى : ضعيف يعتبر به .

و قال أبو أحمد بن عدى : له أحاديث و ليست
بالكثيرة ، و فى عامة ما يرويه إنكار

على أنه قد حدث عنه جماعة من أهل المدينة
من أئمتهم و غيرهم إلا مالك بن أنس

فإنه كره الرواية عنه”

وقال في التهذيب :” و فى سماعه من
عويم بن ساعدة نظر ، لأن عويما مات فى حياة رسول الله صلى الله

عليه وآله وسلم ، و يقال : فى خلافة عمر
رضى الله عنه”

وعليه قد يكون التصريح بسماعه من عويم من
أوهام أبي أويس فإن أبا أويس قال فيه أحمد وأبو داود :”” صالح ” وضعفه
بقية الأئمة فكيف يحسن حديث هذين ؟!

وللحديث شواهد ليس في شيء منها ذكر
الاقتداء باليهود في الاستنجاء

قال أبو داود في سننه  44 – حدثنا محمد بن العلاء قال أخبرنا معاوية
بن هشام عن يونس بن الحارث عن إبراهيم بن أبي ميمونة عن أبي صالح عن أبي هريرة عن
النبي صلى الله عليه و سلم قال

 ” نزلت هذه الآية في أهل قباء { فيه رجال
يحبون أن يتطهروا } قال كانوا يستنجون بالماء فنزلت فيهم هذه الآية “

يونس بن الحارث ضعيف وشيخه مجهول الحال ،
وليس في هذا الخبر ذكر الاقتداء باليهود

قال ابن ماجه في سننه 355- حَدَّثَنَا
هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ ، حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ ، حَدَّثَنَا عُتْبَةُ
بْنُ أَبِي حَكِيمٍ , حَدَّثَنِي طَلْحَةُ بْنُ نَافِعٍ أَبُو سُفْيَانَ ،
حَدَّثَنِي أَبُو أَيُّوبَ الأَنْصَارِيُّ ، وَجَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ،
وَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ ، أَنَّ هَذِهِ الآيَةَ نَزَلَتْ : {فِيهِ رِجَالٌ
يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} قَالَ : قَالَ
رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ : يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ، إِنَّ
اللَّهَ قَدْ أَثْنَى عَلَيْكُمْ فِي الطُّهُورِ ، فَمَا طُهُورُكُمْ ؟ قَالُوا : نَتَوَضَّأُ
لِلصَّلاَةِ ، وَنَغْتَسِلُ مِنَ الْجَنَابَةِ ، وَنَسْتَنْجِي بِالْمَاءِ , قَالَ
: فَهُوَ ذَاكَ ، فَعَلَيْكُمُوهُ.

عتبة ضعيف ، وليس في هذا الخبر ذكر
الاقتداء باليهود

قال الحاكم في مستدركه 675 – حَدَّثَنَا
أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدِ بْنِ
خَلِيٍّ ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْوَهْبِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، { فِيهِ رِجَالٌ
يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا }  قَالَ: لَمَّا
نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِلَى عُوَيْمِ بْنِ سَاعِدَةَ ، فَقَالَ: ” مَا هَذَا الطُّهُورُ
الَّذِي أَثْنَى اللَّهُ عَلَيْكُمْ بِهِ ” ، فَقَالُوا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ
، مَا خَرَجَ مِنَّا رَجُلٌ ، وَلَا امْرَأَةٌ مِنَ الْغَائِطِ إِلَّا غَسَلَ
دُبُرَهُ – أَوْ قَالَ: مَقْعَدَهُ – ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” فَفِي هَذَا “

ابن إسحاق مدلس وقد عنعن ، والأعمش سمع
عدة أحاديث من مجاهد ، وبقية أحاديثه عنه مدلسة عن الليث بن أبي سليم ، وليس فيه
ذكر الاقتداء باليهود

قال الحاكم في مستدركه 676 – حَدَّثَنَاهُ
أَبُو بَكْرِ بْنُ إِسْحَاقَ ، أَنْبَأَ مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ ،

وَأَخْبَرَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ مُوسَى ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ قُتَيْبَةَ ، قَالَا: ثنا أَبُو
بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، ثنا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ
وَاصِلِ بْنِ السَّائِبِ الرَّقَاشِيِّ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ،
وَابْنِ سَوْرَةَ ، عَنْ عَمِّهِ أَبِي أَيُّوبَ ، قَالَ: قَالُوا: يَا رَسُولَ
اللَّهِ مَنْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ { فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا
وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ } [التوبة: 108] قَالَ: ” كَانُوا
يَسْتَنْجُونَ بِالْمَاءِ ، وَكَانُوا لَا يَنَامُونَ اللَّيْلَ كُلَّهُ

واصل متروك وليس في خبره ذكر الاقتداء
باليهود

قال ابن أبي شيبة في مسنده 690 – نا
يَحْيَى بْنُ آدَمَ، قَالَ: نا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، قَالَ: سَمِعْتُ سَيَّارًا
أَبَا الْحَكَمِ، غَيْرَ مَرَّةٍ يُحَدِّثُ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ، قَالَ: لَمَّا قَدِمَ رَسُولُ
اللَّهِ عَلَيْنَا – يَعْنِي قُبَاءَ – قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَثْنَى
عَلَيْكُمْ فِي الطُّهُورِ خَيْرًا، أَوَ لَا تُخْبِرُونِي؟» قَالَ: – يَعْنِي
قَوْلَهُ: {فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا} قَالَ: فَقَالُوا: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَنَجِدُهُ مَكْتُوبًا عَلَيْنَا، مَكْتُوبًا فِي
التَّوْرَاةِ الِاسْتِنْجَاءُ بِالْمَاءِ

شهر ضعيف ، وليس فيه ذكر الاقتداء باليهود
، بل ظاهر هذا أن من أسلم من اليهود هو من فعل هذا لعلمه بالتوراة ، وقد يكون في
التوراة ولا يعمل به اليهود كما تركوا الإيمان بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم ،
وتركوا الرجم وغيرها من الأمور في التوراة على عمد ، وعمل بها أهل الاستقامة منهم 

وعليه فخبر اقتداء الأنصار باليهود في هذا ضعيف 

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه
وسلم