الكلام على حديث : ( ما أحل الله في كتابه فهو حلال ، وما حرم فهو حرام )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال الطبراني في مسند الشاميين 2062 : حدثنا أحمد بن عبد الوهاب بن نجدة
، ثنا أبي ، ثنا إسماعيل بن عياش ، عن عاصم بن رجاء بن حيوة ، عن أبيه ، عن أبي الدرداء
، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

 ما أحل الله في كتابه فهو حلال
، وما حرم فهو حرام ، وما سكت عنه فهو عفو ، فاقبلوا من الله عافيته ( وما كان ربك
نسيا ) .

وهذا رجاله ثقات غير أن رجاء بن حيوة لم يسمع أبا الدرداء

قال العلائي في جامع التحصيل :” 187 : رجاء بن حيوة أحد المشهورين
يروي عن معاذ وأبي الدرداء وهو مرسل ذكره شيخنا في التهذيب وقال أحمد بن حنبل لم يلق
رجاء بن حيوة ورادا يعني كاتب المغيرة وكذلك ذكر الترمذي عن البخاري وأبي زرعة عقب
حديث رجاء عن وراد كاتب المغيرة عن المغيرة أن النبي صلى الله عليه و سلم مسح أعلى
الخف وأسفله قالا ليس بصحيح لأن بن مبارك رواه عن ثور عن رجاء قال حدثت عن كاتب المغيرة”

وقال الترمذي في جامعه 1726 : حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُوسَى الفَزَارِيُّ
قَالَ: حَدَّثَنَا سَيْفُ بْنُ هَارُونَ البُرْجُمِيُّ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ،
عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ السَّمْنِ وَالجُبْنِ وَالفِرَاءِ، فَقَالَ:

الحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَ
اللَّهُ فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ  : وَفِي البَاب عَنْ المُغِيرَةِ وَهَذَا حَدِيثٌ
غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ مَرْفُوعًا إِلَّا مِنْ هَذَا الوَجْهِ وَرَوَى سُفْيَانُ،
وَغَيْرُهُ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ
قَوْلَهُ وَكَأَنَّ الْحَدِيثَ الْمَوْقُوفَ أَصَحُّ

 وَسَأَلْتُ الْبُخَارِيَّ عَنْ
هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: مَا أُرَاهُ مَحْفُوظًا، رَوَى سُفْيَانُ، عَنْ سُلَيْمَانَ
التَّيْمِيِّ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ، عَنْ سَلْمَانَ مَوْقُوفًا، قَالَ البُخَارِيُّ:
وَسَيْفُ بْنُ هَارُونَ مُقَارِبُ الحَدِيثِ، وَسَيْفُ بْنُ مُحَمَّدٍ عَنْ عَاصِمٍ
ذَاهِبُ الحَدِيثِ

فهذا معلول بالوقف على سلمان كما بين البخاري ، وقد استنكر العقيلي على
سيف هذا الخبر بعينه وليس فيه ذكر الآية ( وما كان ربك نسياً )

وجاء في العلل لابن أبي حاتم :

1503:   و سألته عن حديث رواه سيف بن هارون البرجمي عن سليمان
التيمي عن أبي عثمان النهدي عن سلمان قال سئل رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الفراء
و السمن و الجبن فقال : الْحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ , وَالْحَرَامُ
مَا حَرَّمَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ , وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ
” .

 قال أبي ( أبو حاتم الرازي ) هذا
خطأ رواه الثقات عن التيمي عن أبي عثمان عن النبي صلى الله عليه و سلم مرسلً ليس فيه
سلمان : و هو الصحيح .

فهنا رجح الإرسال أيضاً

فالخبر عن سلمان إما أن يكون موقوفاً أو مرسلاً أما المرفوع فلا يصح
بحال

وقال ابن عدي في الكامل (8/250) : حَدَّثَنَا مُحَمد بن جعفر بن يزيد وراق
ابن أبي الدنيا ، حَدَّثَنا مُحَمد بن سليمان بن الحارث ، حَدَّثَنا أبو هارون مُحَمد
بن أيوب الجبلي ، حَدَّثَنا نعيم بن مورع بن توبة العنبري ، عنِ ابن جُرَيج ، عَن نافع
، عنِ ابن عُمَر ؛ سئل رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الجبن والسمن الفراء
، قال صَلَّى الله عَلَيهِ وَسلَّمَ : الحلال ما أحل الله في كتابه ، والحرام ما حرم
الله في كتابه ، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه.

نعيم بن مورع متهم بسرقة الحديث فالسند ضعيف جداً

وقال أبو داود في سننه 3800 :حدثنا محمد بن داود بن صبيح قال ثنا الفضل
بن دكين قال حدثنا محمد يعني ابن شريك المكي عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء عن ابن
عباس قال

: كان أهل الجاهلية يأكلون أشياء ويتركون أشياء تقذرا فبعث الله تعالى
نبيه صلى الله عليه و سلم وأنزل كتابه وأحل حلاله وحرم حرامه فما أحل فهو حلال وما
حرم فهو حرام وما سكت عنه فهو عفو وتلا { قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه
} إلى آخر الآية

وهذا موقوف صحيح على ابن عباس وليس فيه ذكر الآية ( وما كان ربك نسيا)

فالخلاصة أن الخبر لا يصح مرفوعاً وإنما صح من قول ابن عباس

ومن قول سلمان على ما ذهب إليه البخاري وصاحبه الترمذي

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم