الكلام على حديث ( لا تقولوا للمنافق سيد ) وبعض أحاديث قتادة عن عبد الله بن بريدة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال البخاري في الأدب المفرد 760 : حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا معاذ
بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى
الله عليه و سلم :

 لا تقولوا للمنافق سيد فإنه إن
يك سيدكم فقد أسخطتم ربكم عز و جل.

ورواه أيضاً أحمد ( 22989 ) وأبو داود ( 4977) وغيرهما من هذا الطريق

ورجاله ثقات رجال الشيخين وقتادة – وهو ابن دعامة السدوسي – لا يعرف له
سماع من عبد الله بن بريدة كما قال البخاري في التاريخ الكبير 4 / 12 وقال الترمذي
في السنن بإثر الحديث 982 : قال بعض أهل العلم : لا نعرف لقتادة سماعا من عبد الله
بن بريدة .( مستفاد من تحقيق المسند طبعة الرسالة )

أقول : فعليه لا يجوز أن يقال أن هذا السند على شرط البخاري ، فإن البخاري
تجنب إخراج هذه السلسلة عمداً وكذلك مسلم .

ولا يقال ان هذا مبني على مذهب البخاري في اشتراط السماع مع المعاصرة ،
بل إن قتادة له خصوصية في هذا الباب فإنه كثير الإرسال الخفي .

 وقد أرسل عن جمعٍ أمكنه اللقيا
بهم كما بينه العلائي في جامع التحصيل .

 ولعل هذا هو المقصود بالتدليس
الذي وصمه به جمعٌ من أهل العلم فإن كثيراً من الأوائل يسوون بين الإرسال الخفي والتدليس
.

وروي الحديث من لفظ آخر “إذا قال الرجل للمنافق : يا سيد ، فقد أغضب
ربه تبارك و تعالى ” .

أخرجه أبو نعيم في ” أخبار أصبهان ” ( 2 / 198 ) و الحاكم (
4 / 311 ) و الخطيب( 5 / 454 ) و قال الحاكم : ” صحيح الإسناد ” .

و تعقبه الذهبي بقوله : ” قلت : عقبة ضعيف ” . ( مستفاد من الصحيحة
)

أقول : عقبة بن عبد الله الأصم ضعفه جمعٌ من الأئمة جداً فقد قال النسائي
:” ليس بثقة ” وكذا قال ابن معين وقال ابن حبان :” يتفرد عن المشاهير
بالمناكير حتى يشهد لها بالوضع “

وضعفه جمعٌ فقط ، وحتى لو كان ضعيفاً فقط لما كانت روايته صالحةً لعضد
رواية قتادة .

 فإن عقبة يروي عن عبد الله بن
بريدة أيضاً ، وقد يكون هو الساقط في رواية قتادة ، وقتادة واسع الرواية جداً حتى إن
كثيراً من شيوخه لم يروِ عنهم إلا حديثاً أو حديثين فلا يبعد أن يكون أخذ هذا الحديث
من عقبة وإن لم يكن من شيوخه المشهورين ، وعليه فإن الخبر لا يثبت .

ولقتادة عن عبد الله بن بريدة حديثٌ آخر

قال الترمذي

904 : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ
عَنْ الْمُثَنَّى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ
عَنْ أَبِيهِ

عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُؤْمِنُ
يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ

قَالَ :” وَفِي الْبَاب عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ أَبُو عِيسَى
هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ لَا نَعْرِفُ لِقَتَادَةَ
سَمَاعًا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ “

أقول : ولهذا الخبر علة الخبر السابق ، غير أن له شاهداً موقوفاً و
لعله من أجله حسن الترمذي الخبر

قال عبد الرزاق 6772 : عن الثوري عن الاعمش عن إبراهيم عن علقمة قال :
كان عند أخ له وهو يسوق ، فجعل يرشح جبينه فضحك علقمة ، فقال له يزيد ين أوس : ما يضحكك
يا أبا شبل ؟

 قال : إني سمعت عبد الله بن مسعود
يقول : إن نفس المؤمن تخرج رشحا ، وان نفس الكافر تخرج من شدقه كما تخرج نفس الحمار
، إن المؤمن ليشدد عليه عند موته بالسيئة قد عملها لتكون بها ، وإن الكافر ليهون عليه
عند موته بالحسنة قد عملها لتكون بها

وكذا رواه ابن أبي شيبة (175) من طريق أبي معاوية عن الأعمش به

وهذا وإن كان موقوفاً إلى أن له حكم الرفع والسند صحيح .

ولقتادة عن عبد الله بن بريدة خبرٌ ثالث

قال أبو داود

3419 – حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ
قَتَادَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ

أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ لَا يَتَطَيَّرُ
مِنْ شَيْءٍ وَكَانَ إِذَا بَعَثَ عَامِلًا سَأَلَ عَنْ اسْمِهِ فَإِذَا أَعْجَبَهُ
اسْمُهُ فَرِحَ بِهِ وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهُ رُئِيَ
كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَإِذَا دَخَلَ قَرْيَةً سَأَلَ عَنْ اسْمِهَا فَإِنْ
أَعْجَبَهُ اسْمُهَا فَرِحَ وَرُئِيَ بِشْرُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ وَإِنْ كَرِهَ اسْمَهَا
رُئِيَ كَرَاهِيَةُ ذَلِكَ فِي وَجْهِهِ

أقول : وله العلة السابقة

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم