الكلام على حديث ( كُلُّ أَهْلِ النَّارِ يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال أحمد في مسنده 10652 : حَدَّثَنَا أَسْوَدُ، أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ،
عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 كُلُّ أَهْلِ النَّارِ يَرَى مَقْعَدَهُ
مِنَ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي. فَيَكُونُ عَلَيْهِ حَسْرَةً

 قَالَ: ” وَكُلُّ أَهْلِ
الْجَنَّةِ يَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ، فَيَقُولُ: لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي.
قَالَ: فَيَكُونُ لَهُ شُكْرًا “

هذا الحديث انفرد به عن الأعمش أبو بكر بن عياش والحق أنه لا يحتمل تفرده

قال صالح عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه : صدوق ، صاحب قرآن و خير
.

و قال عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أبيه : ثقة ، و ربما غلط .

و قال عثمان بن سعيد الدارمى : قلت ليحيى بن معين : فأبو الأحوص أحب إليك
فى أبى إسحاق أو أبو بكر بن عياش ؟ قال : ما أقربهما . قلت : الحسن بن عياش أخو أبى
بكر بن عياش ، كيف حديثه ؟ قال : ثقة . قلت : هو أحب إليك أو أبو بكر ؟

قال : هو ثقة و أبو بكر ثقة . قال عثمان بن سعيد : أبو بكر و الحسن ابنا
عياش ليسا بذاك فى الحديث ، و هما من أهل الصدق و الأمانة .

قال : و سمعت محمد بن عبد الله بن نمير يضعف أبا بكر بن عياش فى الحديث
. قلت : كيف حاله فى الأعمش ؟ قال : هو ضعيف فى الأعمش و غيره .

و قال عبد الرحمن بن أبى حاتم : سألت أبى عن أبى بكر بن عياش و أبى الأحوص

فقال : ما أقربهما ، لا أبالى بأيهما بدأت . قال : و سئل أبى عن شريك و
أبى بكر ابن عياش أيهما أحفظ ؟ فقال : هما فى الحفظ سواء ، غير أن أبا بكر أصح كتابا
. قلت لأبى : أبو بكر بن عياش ، و عبد الله بن بشر الرقى ؟ قال : أبو بكر أحفظ منه
و أوثق .

و ذكره ابن حبان فى كتاب ” الثقات ” .

و قال أبو أحمد بن عدى : أبو بكر بن عياش هذا كوفى مشهور ، و هو يروى عن
أجلة الناس ، و حديثه فيه كثرة . و قد روى عنه من الكبار جماعة ، و حديثه مسنده

و مقطوعه يكثر ، و هو من مشهورى مشايخ الكوفة و من المختصين بالرواية عن
جملة

مشايخهم ، و هو من قراء أهل الكوفة ، و عن عاصم أخذ القراءة و عليه قرأ
، و هو فى رواياته عن كل من روى عنه لا بأس به ، و ذلك أنى لم أجد له حديثا منكرا إذا
روى عنه ثقة إلا أن يروى عنه ضعيف .

هذا نقله المزي في تهذيب الكمال وزاد في التهذيب :” قال العجلى :
كان ثقة قديما صاحب سنة و عبادة ، و كان يخطىء بعض الخطأ ، تعبد سبعين سنة .

و قال ابن سعد : عمر حتى كتب عنه الأحداث ، و كان من العباد ، نزل بالكوفة
فى جمادى الأولى فى الشهر الذى مات فيه الرشيد ، و كان ثقة صدوقا عارفا بالحديث

و العلم ، إلا أنه كثير الغلط .

و قال الحاكم أبو أحمد : ليس بالحافظ عندهم .

و قال مهنا : سألت أحمد : أبو بكر بن عياش أحب إليك أو إسرائيل ؟ قال
: إسرائيل قلت : لم ؟ قال : لأن أبا بكر كثير الخطأ جدا ، قلت : كان فى كتبه خطأ ؟

قال : لا ، كان إذا حدث من حفظه .

و قال يعقوب بن شيبة : شيخ قديم معروف بالصلاح البارع ، و كان له فقه كثير
، و قال على ابن المدينى عن يحيى بن سعيد : لو كان أبو بكر بن عياش حاضرا ما سألته
عن شىء ، ثم قال : إسرائيل فوق أبى بكر ، و كان يحيى بن سعيد إذا ذكر عنده كلح وجهه
.

و قال أبو نعيم : لم يكن فى شيوخنا أحد أكثر غلطا منه .

و قال البزار : لم يكن بالحافظ ، و قد حدث عنه أهل العلم و أحتملوا حديثه

ولخص حاله في التقريب :” ثقة عابد إلا أنه لما كبر ساء حفظه و كتابه
صحيح” ولو قال ( صدوق ) لكان أفضل

فمثله لا يحتمل منه التفرد والله أعلم خصوصاً مع تفرده بهذا الخبر مسند
أبي هريرة ، وأبو هريرة رضي الله عنه كثير الأصحاب جداً الانفراد بخبر من طريق في طبقة
أبي بكر بن عياش محل استغراب شديد ، ثم إنه قد خولف

قال ابن أبي الدنيا في صفة النار 255 : حدثنا إسحاق بن إسماعيل ، قال
: حدثنا أحمد بن يونس ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن
أبي هريرة ، قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :   كل أهل الجنة
يرى مقعده من النار ، فيقول : لولا أن الله هداني ، فيكون له شكرا ، وكل أهل النار
يرى مقعده من الجنة ، فيكون عليه حسرة .

 حدثنا إسحاق ، قال : حدثنا جرير
، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، مثله ، ولم يقل : عن أبي هريرة

ورواية جرير المرسلة لا شك أنها أصح ، وإسحاق الطالقاني شيخ ابن أبي الدنيا
وإن كان في روايته عن جرير بحث طويل إلا أنه هنا حفظ والله أعلم فإن السند المرسل لا
يحفظ إلا حافظ ، وأما أبو بكر بن عياش فسلك الجادة فذكر أبا هريرة فسلسلة ( الأعمش
عن أبي صالح عن أبي هريرة ) جادة مطروقة لذا غلط أبو بكر بن عياش إليها ، وعليه فإن
الخبر لا يثبت

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم