الكلام على حديث : ( ثلاث جدهن جد وهزلهن جد )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد روى أبو داود (2196 ) ، وابن ماجه (2037 ) ، والترمذي (1184 ) والدارقطني
(3678 )من طريق عبد الرحمن بن حبيب بن أردك عن عطاء بن أبي رباح عن يوسف بن ماهك عن
أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ثلاث جدهن جد ، وهزلهن جد
: النكاح ، والطلاق ، والرجعة ] .

قال الترمذي : حديث حسن غريب ، ورواه الحاكم في ” المستدرك
“(2800 )، وقال : صحيح الإسناد ، وابن أردك من ثقات المدنيين انتهى .

قلت : ابن أردك هذا قال فيه النسائي :” منكر الحديث ” وهذا تضعيفٌ
شديد وقد أورد له الذهبي هذا الحديث غي الميزان على أنه قد استنكر عليه

وقال الحارث بن أبي أسامة في  مسنده
 كما في المطالب العالية :

 حدثنا بشر بن عمر ثنا ابن لهيعة
عن عبيد الله بن أبي جعفر عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
: [ لا يجوز اللعب في ثلاث : الطلاق ، والنكاح ، والعتاق ، فمن قالهن فقد وجبن ] –
أفاده الزيلعي في نصب الراية –

قلت : عبيد الله بن أبي جعفر لم يسمع من عبادة بن الصامت يقيناً وابن لهيعة
ضعيف مدلس وقد اختلط ولا يذكر بشر بن عمر فيمن روى عنه قبل الإختلاط

وروى ابن عدي في ” الكامل ” من طريق غالب بن عبيد الله الجزري
عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [ ثلاث ليس فيهن لعب ، من
تكلم بشيء منهن لاعبا فقد وجب عليه : الطلاق ، والعتاق ، والنكاح ، ]  – أفاده الزيلعي في نصب الراية –

قلت : غالب هذا متروك له ترجمة حافلة في الميزان

وقد خولف فرواه عبد الرزاق (10245) من طريق قتادة عن الحسن عن أبي الدرداء
موقوفاً عليه بلفظ :[  ثلاث اللاعب فيهن كالجاد
: النكاح ، والطلاق والعتاقة ]

قلت : والحسن لم يسمع من أبي الدرداء كما نص عليه أبو زرعة

وقال عبد الرزاق (10249) عن إبراهيم بن محمد عن صفوان بن سليم ، أن أبا
ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ من طلق وهو لاعب فطلاقه جائز ، ومن
أعتق وهو لاعب فعتاقه جائز ، ومن أنكح وهو لاعب فنكاحه جائز ]

قلت : وصفوان بن سليم نص أبو داود – كما في التهذيب – على أنه لم يرَ أحداً
من الصحابة إلا أبا أمامة و عبدالله بن بسر وعليه فإنه لم يسمع من أبي ذر

وقال عبد الرزاق ( 10250) عن ابن جريج قال : أخبرت عن النبي صلى الله عليه
وسلم أنه قال : من طلق أو نكح لاعبا ، فقد أجاز

قلت : وهذا معضل

وهناك آثار عن الصحابة في هذا المعنى

قال عبد الرزاق (10247) عن الثوري عن جابر عن عبد الله بن نجي عن علي قال
: ثلاث لا لعب فيهن : النكاح ، والطلاق ، والعتاقة ، والصدقة

قلت : جابر هنا هو الجعفي وهو متهم

وقال عبد الرزاق ( 10248) عن إبراهيم بن عمر عن عبد الكريم أبي أمية عن
جعدة بن هبيرة ، أن عمر بن الخطاب قال : ثلاث اللاعب فيهن والجاد سواء : الطلاق ، والصدقة
، والعتاقة

قلت : عبد الكريم هذا هو ابن أبي مخارق وهو متروك

وقال عبد الرزاق ( 10244) عن ابن جريج قال : أخبرني عبد الكريم أن ابن
مسعود قال : من طلق لاعبا ، أو نكح لاعبا ، فقد جاز

قلت : عبد الكريم هذا عن كان هو ابن أبي مخارق فهو متروك و إن كان الجزري
فلم يدرك ابن مسعود وقد نص ابن عبد البر في الإستذكار (5/ 543) على أن هذا الأثر منقطع

وهنا فوائد :

الفائدة الأولى : بين ابن عبد البر وجه استنكار هذا الحديث على ابن أردك

قال في الإستذكار (5/542):” قال أبو عمر لا يستند هذا الحديث إلا
من هذا الوجه

وقد ذكر عبد الرزاق عن بن جريج عن عطاء قال يقال من نكح لاعبا أو طلق لاعبا
فقد جاز

ولو كان – والله أعلم – صحيحا عن عطاء لما خفي فإنه أقعد الناس بعطاء وأثبتهم
فيه “

قلت : وهذا إعلال دقيق وهو أن ابن جريج قد روى هذا الخبر عن عطاء مقطوعاً
عليه ولو كان عنده مرفوعاً لذكره

الفائدة الثانية : وقال الحارث بن أبي أسامة في ” مسنده ” حدثنا
بشر بن عمر ثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن عبادة بن الصامت أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال : { لا يجوز اللعب في ثلاث : الطلاق ، والنكاح ، والعتاق ،
فمن قالهن فقد وجبن } _ أفاده الزيلعي في نصب الراية _

قلت : قد ذكرت هذا السند سابقاً ثم تبين لي أن ابن لهيعة قد اختلف عليه

قال الطبراني في المعجم الكبير حدثنا يحيى بن عثمان بن صالح حدثني أبي
ثنا بن لهيعة حدثني عبد الله بن أبي جعفر عن حنش بن عبد الله السبأي عن فضالة بن عبيد
الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاث لا يجوز اللعب فيهن الطلاق والنكاح
والعتق

قلت : هذا اختلاف على ابن لهيعة في السند ، كما أن المتن قد يخالف الأخبار
الأخرى لأن فيه ( لا يجوز فيهن ) وعدم الجواز من ألفاظ عدم الوقوع كما أن ( يجوز )
من ألفاظ الوقوع

الفائدة الثالثة : وجدت أثراً موقوفاً على علي يفيد أن مذهبه وقوع طلاق
الهازل

قال ابن أبي شيبة(4/25) نا وكيع عن الاعمش عن إبراهيم عن عابس بن ربيعة
عن علي قال : كل طلاق جائز إلا طلاق المعتوه.

قلت : قوله ( كل ) يشمل طلاق الهازل

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم