الكلام على حديث ( ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال الحاكم 67 : حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي ، ثنا يوسف بن يعقوب
، ثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، ثنا فضيل بن سليمان ، ثنا موسى بن عقبة ، ثنا عبيد
الله بن سلمان الأغر ، عن أبيه ، عن أبي الدرداء رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :

” ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم :

 الذي إذا تكشف فئة قاتل وراءها
بنفسه لله عز وجل فإما أن يقتل ، وإما أن ينصره الله عز وجل ويكفيه ، فيقول : انظروا
إلى عبدي كيف صبر لي نفسه .

 والذي له امرأة حسناء وفراش لين
حسن ، فيقوم من الليل فيذر شهوته ، فيذكرني ويناجيني ولو شاء لرقد .

 والذي يكون في سفر وكان معه ركب
، فسهروا ونصبوا ثم هجعوا ، فقام في السحر في سراء أو ضراء”

قال الحاكم :” هذا حديث صحيح وقد احتجا بجميع رواته ولم يخرجاه إنما
خرجا في هذا الباب حديث أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي
صلى الله عليه وسلم  يضحك الله إلى رجلين :
الحديث في الجهاد .

أقول : الأغر المدني لا يدرى هل سمع من أبي الدرداء أم لم يسمع ؟

وأغلب أنه لم يسمع منه فإن أبا الدرداء متقدم الوفاة حيث سنة 32 ولم يروِ
الأغر المدني عن أحد من هذه الطبقة من الصحابة

ثم إن أبا الدرداء كان في الشام والأغر في المدينة وهذا يبعد احتمال حصول
السماع

جاء في ترجمة شقيق بن سلمة من تهذيب التهذيب :” وقال ابن أبي حاتم
في المراسيل قال أبو زرعة أبو وائل عن أبي بكر مرسل قال وقلت لأبي سمع من عائشة لا
أدري ربما أدخل بينه وبينهما مسروقا وقلت لأبي سمع من أبي الدرداء قال أدركه ولا يحكي
سماع شيء عنه أبو الدرداء بالشام وأبو وائل بالكوفة قلت كان يدلس قال لا “

أقول : قول أبي حاتم :” أبو الدرداء بالشام وأبو وائل بالكوفة
” ، ينطبق من باب أولى على الأغر المدني إذ أن أبا وائل مخضرم ، والأغر لا يعلم
ميلاده وليس مخضرماً جزماً .

ولبعضه شاهد من حديث ابن مسعود

قال أبو داود 2538 : حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا عطاء بن
السائب عن مرة الهمدانى عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-
:

 عجب ربنا من رجل غزا فى سبيل الله
فانهزم , يعنى أصحابه : فعلم ما عليه فرجع حتى أهريق دمه فيقول الله تعالى لملائكته
: انظروا إلى عبدى رجع رغبة فيما عندى وشفقة مما عندى حتى أهريق دمه.

أقول : ولا يخفى ما بين المتنين من الإختلاف ، وحماد سمع من عطاء بن السائب
قبل الإختلاط وبعده على الصحيح ثم الصواب أنه موقوف

في كتاب العلل للدارقطني : 869- وَسُئِلَ عَنْ حَدِيثِ مُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ،
عَنِ ابْنِ مسعود، عن النبي: عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ رَجُلَيْنِ: رَجُلٌ ثَارَ عَنْ وِطَائِهِ
وَلِحَافِهِ إِلَى صَلَاتِهِ، وَرَجُلٌ غَزَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَانْهَزَمَ النَّاسُ
وَرَجَعَ حَتَّى أُهْرِيقَ دَمُهُ، … الْحَدِيثَ.

فَقَالَ: يَرْوِيهِ عَطَاءُ بْنُ السَّائِبِ، عَنْ مُرَّةَ، وَاخْتُلِفَ
عَنْهُ؛

فَرَفَعَهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ.

وَوَقَفَهُ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ عَطَاءٍ.

وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ،
عَنْ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا.

تَفَرَّدَ بِهِ يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، عَنْ قَيْسٍ.

وَرَوَاهُ إِسْرَائِيلُ وَاخْتُلِفَ عَنْهُ؛

فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ عَنْ إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص،
وَأَبِي الْكَنُودِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَوْقُوفًا.

وَقَالَ يَحْيَى بْنُ آدَمَ: عَنْ إِسْرَائِيلَ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ،
عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ، وَأَبِي الْكَنُودِ مَوْقُوفًا.

وَالصَّحِيحُ هُوَ الْمَوْقُوفُ.انتهى

وللأغر حديثٌ آخر عن أبي الدرداء

قال الحاكم 1899 : حدثنا علي بن حمشاذ العدل، ثنا أبو المثنى العنبري ومحمد
بن أيوب البجلي قالا: ثنا عبد الرحمن بن المبارك العبسي، ثنا فضيل بن سليمان النميري،
ثنا موسى بن عقبة، ثنا عبيد الله بن سلمان الأغر، عن أبي الدرداء – رضي الله تعالى
عنه -:عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: (كل شيء يتكلم به ابن آدم فإنه مكتوب عليه،
فإذا أخطأ خطيئة فأحب أن يتوب إلى الله فليأت رفيعه فليمد يديه إلى الله – عز وجل
– ثم يقول: اللهم إني أتوب إليك منها لا أرجع إليها أبدا، فإنه يغفر له ما لم يرجع
في عمله ذلك).

هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

أقول : وفيه العلة السابقة ومن أجلها تجنب الشيخان إخراج حديث الأغر عن
أبي الدرداء ، والأغر لم يخرج له البخاري أصلاً في الصحيح ، وإنما خرج له في الأدب
المفرد واحتج به مسلم

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم