الكلام على حديث : ( بين يدي الساعة تسليم الخاصة وفشو التجارة ….الحديث )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال البخاري في الأدب المفرد 1049: حَدثنا أَبُو نُعَيْمٍ، عَنْ بَشِيرِ
بْنِ سَلْمَانَ، عَنْ سَيَّارٍ أَبِي الْحَكَمِ، عَنْ طَارِقٍ قَالَ:

 كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ جُلُوسًا،
فَجَاءَ آذِنُهُ فَقَالَ: قَدْ قَامَتِ الصَّلاَةُ، فَقَامَ وَقُمْنَا مَعَهُ، فَدَخَلْنَا
الْمَسْجِدَ، فَرَأَى النَّاسَ رُكُوعًا فِي مُقَدَّمِ الْمَسْجِدِ، فَكَبَّرَ وَرَكَعَ،
وَمَشَيْنَا وَفَعَلْنَا مِثْلَ مَا فَعَلَ.

 فَمَرَّ رَجُلٌ مُسْرِعٌ فَقَالَ:
عَلَيْكُمُ السَّلاَمُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، فَقَالَ: صَدَقَ اللَّهُ، وَبَلَّغَ
رَسُولُهُ، فَلَمَّا صَلَّيْنَا رَجَعَ، فَوَلَجَ عَلَى أَهْلِهِ، وَجَلَسْنَا فِي
مَكَانِنَا نَنْتَظِرُهُ حَتَّى يَخْرُجَ، فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: أَيُّكُمْ يَسْأَلُهُ؟ط

 قَالَ طَارِقٌ: أَنَا أَسْأَلُهُ،
فَسَأَلَهُ، فَقَالَ: عَنِ النَّبِيِّ صَلى الله عَلَيهِ وسَلم قَالَ: بَيْنَ يَدَيِ
السَّاعَةِ: تَسْلِيمُ الْخَاصَّةِ، وَفُشُوُّ التِّجَارَةِ حَتَّى تُعِينَ الْمَرْأَةُ
زَوْجَهَا عَلَى التِّجَارَةِ، وَقَطْعُ الأَرْحَامِ، وَفُشُوُّ الْقَلَمِ، وَظُهُورُ
الشَّهَادَةِ بِالزُّورِ، وَكِتْمَانُ شَهَادَةِ الْحَق

هذا الحديث ظاهر إسناده أنه على شرط مسلم وليس كذلك ، فإن سياراً هذا هو
أبو حمزة وليس أبو الحكم كما نبه عليه الإمام أحمد والإمام الدارقطني

قال عبد الله بن أحمد في العلل :” [ 588 ] قلت لأبي حديث بشير أبي
إسماعيل عن سيار أبي الحكم عن طارق عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم من نزلت
به فاقة قال أبي إنما هو سيار أبو حمزة وليس هو سيار أبو الحكم أبو الحكم لم يحدث عن
طارق بشيء حدثني أبي قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا سفيان قال أبي أملاه عليهم باليمن
سفيان عن بشير أبي إسماعيل عن سيار أبي حمزة فذكر هذا الحديث بعينه”

وجاء في علل الدارقطني :” س 762- وسُئِل عَن حَدِيثِ طارِقِ بنِ شِهابٍ
، عَنِ ابنِ مَسعُودٍ ، قال النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم : اقتَرَبَتِ السّاعَةُ
ولا يَزداد النّاسُ عَلَى الدُّنيا إِلاّ حِرصًا ولا يَزداد مِنهُم إِلاّ بُعدًا وبَين
يَدَيِ السّاعَةِ تَسلِيم الخاصَّةِ ، ويَفشُو التِّجارَةُ حَتَّى تَعِين المَرأَةُ
زَوجَها ومَن أَصابَتُهُ فاقَةٌ فَأَنزَلَها بِالنّاسِ لَم يُسَدّ فاقَتُهُ ، ومَن
أَنزَلَها بِالله أَوشَك الله لَهُ بالغِنا.

فَقال : يَروِيهِ بَشِيرُ بن سَلمان ، عَن سَيّارٍ واختُلِف عَنهُ ؛ فَرَواهُ
جَماعَةٌ ، مِنهُم : مَخلَد بن يَزِيد ، ووَكِيعٌ ، ويَحيَى بن آدَم ، وعَبد الله بن
داوُد الخُرَيبِيُّ ، وأَبُو أَحمد الزُّبَيرِيُّ ، فَقالُوا كُلُّهُم : عَن سَيّارٍ
أَبِي الحَكَمِ.

وَقَولُهُم : سَيّارٌ أَبُو الحَكَمِ وهمٌ ، وإِنَّما هُو سَيّارٌ أَبُو
حَمزَة الكُوفِيُّ.

كَذَلِك رَواهُ عَبد الرَّزّاقِ ، عَنِ الثَّورِيِّ ، عَن بَشِيرٍ ، عَن
سَيّارٍ أَبِي حَمزَةَ , وَهُو الصَّوابُ.

وَسَيّارٌ أَبُو الحَكَمِ لَم يَسمَع مِن طارِقِ بنِ شِهابٍ شَيئًا ولَم
يَروِ عَنهُ”

أقول : وسيار أبو حمزة روى عنه أربعة من الثقات وذكره ابن حبان في ثقاته
، وعند بعض أهل العلم أن  كان هذا حاله أن حديثه
يمشى إن لم يوجد في حديثه ما يستنكر وقد وجدت الذهبي استنكر عليه حديثاً

قال الحاكم في المستدرك 7917 : أخبرني محمد بن المؤمل بن الحسين ثنا الفضل
بن محمد الشعراني ثنا النفيلي ثنا مخالد بن يزيد ثنا بشير بن زاذان عن سيار أبي الحكم
عن طارق بن شهاب عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه
و سلم : اقتربت الساعة و لا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصا و لا يزدادون من الله
إلا بعدا

هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه

تعليق الذهبي قي التلخيص : هذا منكر

ولا يعزب عن ذهنك أن سياراً هذا هو أبو حمزة وقول الراوي ( أبي الحكم
) خطأ ، وعلى هذا لا يرتقي حديثه للحجية بسبب وجود ما يستنكر في حديثه وقد اختار هذا
الوادعي

قال في أحاديث معلة ظاهرها الصحة :” قال الإمام الدولابي رحمه الله
في” الكنى”(ج1ص155): أخبرني أحمد بن شعيب قال : أنبأ عبد الحميد بن محمد
قال : حدثنا مخلد قال : حدثنا بشير أبو إسماعيل ، عن سيار أبي الحكم ، عن طارق عن ابن
مسعود قال : قال رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ آلِهِ وَسَلَّمَ :
” اقتربت الساعة ، ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصاً “

هذا الحديث إذا نظرت إلى سنده حكمت له بالحسن، و بشير هو ابن سليمان أبو
إسماعيل، وأما سيار فالصحيح أنه أبو حمزة، وليس بأبي الحكم، وقد كان بشير بن سلمان
يهم فيه ويقول : أبو الحكم. وأبو الحكم من رجال الجماعة ، وأما سيار أبو حمزة فمستور
الحال.

وإن كنت تريد المزيد راجعت ترجمة سيار أبي الحكم من “تهذيب التهذيب”
وترجمة سيار أبي حمزة من “تهذيب الكمال”

فالحديث ضعيف لأن سياراً أبا حمزة لا يرتقي إلى الحجية، ولكن يصلح في الشواهد”

والحديث الأصل لعامته شواهد إلا فقرة إعانة المرأة لزوجها

قال النسائي في سننه  4456 : أخبرنا
عمرو بن علي قال أنبأنا وهب بن جرير قال حدثني أبي عن يونس عن الحسن عن عمرو بن تغلب
قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن من أشراط الساعة أن يفشو المال ويكثر وتفشو
التجارة ويظهر العلم ويبيع الرجل البيع فيقول لا حتى أستأمر تاجر بنى فلان ويلتمس في
الحي العظيم الكاتب فلا يوجد

وهذا صحيح والحسن سماعه ثابت من عمرو بن تغلب في صحيح البخاري ، وأما التدليس
فلا يضر لأنه مذكور في المرتبة الثانية من مراتب المدلسين

قال ابن حجر في طبقات المدلسين :” من احتمل الائمة تدليسه وأخرجوا
له في الصحيح لامامته وقلة تدليسه في جنب ما روى”

وذكر الحسن في الثانية

وقوله ( يظهر العلم ) تصحيف قال العسكري في تصحيفات المحدثين :” قوله
القلم القاف مفتوحة واللام مفتوحة ومن لا يميز يصحفه بالعلم فيقلب المعنى واللفظ وإنما
أراد صلى الله عليه وسلم القلم الذي يكتب به قال عمرو ابن تغلب ان كان الرجل ليبيع
البيع فيقول حتى أستأمر تاجر بني فلان ويلتمس في الحواء رسول العظيم الكاتب فلا يوجد
ولا وفي

حديث آخر ويرفع العلم ويوضع الجهل لم وليس من هذا في شئ”

وحديث النسائي فيه علة خفية فإن آخر الحديث (ويبيع الرجل البيع فيقول لا
حتى أستأمر تاجر بنى فلان ويلتمس في الحي العظيم الكاتب فلا يوجد) من نظر فيه رأى أنه
يعارض فشو القلم وفشو التجارة  في آخر الزمان
والصواب أن آخر الحديث من كلام عمرو بن تغلب يصف فيه أهل عصره أو أهل الجاهلية ويبين
بعد وصفهم عن الوصف الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم

قال ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني 1477 : حدثنا محمد بن مسكين ، نا
وهب بن جرير ، نا أبي ، نا يونس بن عبيد ، عن الحسن ، عن عمرو بن تغلب ، رضي الله عنه
قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أشراط الساعة أن يفيض المال وتفشو التجارة
ويظهر العلم أو القلم .

 قال : قال عمرو فإن كان الرجل
يبيع البيع فيقول : حتى أستأمر تاجر بني فلان ويلتمس في الجو العظيم الكاتب فلا يوجد.

والحمد لله الذي وفقني لإدراك هذه العلة بعد طول نظر واستشكال .

 ومع ذلك لا يفتأ بعض الظلمة يرمينا
بالعجلة ، وربما لو تكلف ما تكلفناه من البحث لم يخرج بنصف هذا والحمد لله على توفيقه

وقد ذكرت لسيار أبي حمزة  هنا حديثين
:  حديث المقال الأصلي و الحديث الذي ضعفه الذهبي
والوادعي (اقتربت الساعة ، ولا يزداد الناس على الدنيا إلا حرصاً)  وله حديث ثالث في مسند أحمد

قال أحمد في مسنده 3869 : حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا
بَشِيرُ بْنُ سَلْمَانَ – كَانَ يَنْزِلُ فِي مَسْجِدِ الْمَطْمُورَةِ – عَنْ سَيَّارٍ
أَبِي حَمْزَةَ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ، فَأَنْزَلَهَا
بِالنَّاسِ، لَمْ تُسَدَّ فَاقَتُهُ، وَمَنْ أَنْزَلَهَا بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ،
أَوْشَكَ اللَّهُ لَهُ بِالْغِنَى، إِمَّا أَجَلٌ عَاجِلٌ، أَوْ غِنًى عَاجِلٌ.

وقد أباح الله عز وجل المسألة لمن نزلت به فاقة ، حى يصيب قواماً من العيش

قال مسلم في صحيحه 2368- [109-1044] حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى ،
وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ ، كِلاَهُمَا عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، قَالَ يَحْيَى
: أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ هَارُونَ بْنِ رِيَابٍ ، حَدَّثَنِي كِنَانَةُ
بْنُ نُعَيْمٍ الْعَدَوِيُّ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ مُخَارِقٍ الْهِلاَلِيِّ ، قَالَ
: تَحَمَّلْتُ حَمَالَةً ، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَسْأَلُهُ فِيهَا ، فَقَالَ : أَقِمْ حَتَّى تَأْتِيَنَا الصَّدَقَةُ ، فَنَأْمُرَ
لَكَ بِهَا ، قَالَ : ثُمَّ قَالَ : يَا قَبِيصَةُ إِنَّ الْمَسْأَلَةَ لاَ تَحِلُّ
إِلاَّ لأَحَدِ ثَلاَثَةٍ : رَجُلٍ تَحَمَّلَ حَمَالَةً ، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ
حَتَّى يُصِيبَهَا ، ثُمَّ يُمْسِكُ ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ جَائِحَةٌ اجْتَاحَتْ مَالَهُ
، فَحَلَّتْ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ، أَوْ قَالَ
سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ ، وَرَجُلٌ أَصَابَتْهُ فَاقَةٌ حَتَّى يَقُومَ ثَلاَثَةٌ مِنْ
ذَوِي الْحِجَا مِنْ قَوْمِهِ : لَقَدْ أَصَابَتْ فُلاَنًا فَاقَةٌ ، فَحَلَّتْ لَهُ
الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يُصِيبَ قِوَامًا مِنْ عَيْشٍ ، أَوْ قَالَ سِدَادًا مِنْ عَيْشٍ
، فَمَا سِوَاهُنَّ مِنَ الْمَسْأَلَةِ يَا قَبِيصَةُ سُحْتًا يَأْكُلُهَا صَاحِبُهَا
سُحْتًا.

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم