الكلام على حديث ( انتسب رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

وقال عبد الله بن أحمد في زوائد المسند 21216 : حدثني أبو بكر بن أبي
شيبة ثنا ابن نمير ثنا يزيد بن أبي زياد بن أبي الجعد عن عبد الملك بن عمير عن عبد
الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بن كعب قال :” انتسب رجلان على عهد رسول الله صلى الله
عليه و سلم فقال أحدهما أنا فلان بن فلان فمن أنت لا أم لك.

 فقال رسول الله صلى الله عليه
و سلم انتسب رجلان على عهد موسى عليه السلام فقال أحدهما أنا فلان بن فلان حتى عد تسعة
فمن أنت لا أم لك

قال أنا فلان ابن فلان بن الإسلام

قال فأوحى الله إلى موسى عليه السلام أن هذين المنتسبين أما أنت أيها
المنتمي أو المنتسب إلى تسعة في النار فأنت عاشرهم وأما أنت يا هذا المنتسب إلى اثنين
في الجنة فأنت ثالثهما في الجنة ” .

ورواه ابن أبي شيبة في مسنده كما في إتحاف الخيرة (1/151) ، وهو من
زوائد عبد الله ومن عزاه إلى أحمد ونسب إليه روايته من حديث أبي بن كعب فقد غلط .

أقول : وهذا إسنادٌ ظاهره السلامة ، ولكن عبد الملك بن عمير قد اختلف
عليه فيه

وقال أحمد 22142 : ثنا أحمد بن عبد الملك الحراني ثنا عبيد الله يعنى
بن عمرو عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل قال :

 انتسب رجلان من بني إسرائيل
على عهد موسى عليه السلام أحدهما مسلم والآخر مشرك فانتسب المشرك فقال أنا فلان بن
فلان حتى بلغ تسعة آباء ثم قال لصاحبه انتسب لا أم لك قال أنا فلان بن فلان وأنا بريء
مما وراء ذلك فنادى موسى عليه السلام الناس فجمعهم ثم قال قد قضى بينكما أما الذي انتسب
إلى تسعة آباء فأنت فوقهم العاشر في النار وأما الذي انتسب إلى أبويه فأنت امرؤ من
أهل الإسلام “

وقال الطبراني في الكبير 284 : حدثنا ابو يزيد القراطيسي ثنا علي بن
معبد ( ح ) وحدثنا أبو الزنباع روح بن الفرح المصري ثنا عمرو بن خالد الحرانى قالا
ثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن
جبل :

 عن النبي صلى الله عليه و سلم
قال : انتسب رجلان من بني اسرائيل على عهد موسى صلى الله عليه و سلم أحدهما مسلم والآخر
مشرك فانتسب المشرك فقال : انا فلان بن فلان حتى عد تسعة آباء ثم قال لصاحبه : انتسب
لا أم لك فقال : أنا فلان بن فلان وأنا بريء مما وراء ذلك فنادى موسى في الناس فجمعهم
ثم قال : قد قضى بينكما أما أنت الذي انتسبت الى تسعة آباء فأنت توفيهم العاشر في النار
وأما الذي انتسبت الى أبويك فأنت امرؤ من أهل الاسلام “

أقول : فخالف عبيد الله بن عمرو الرقي يزيدَ بن أبي زياد ، فجعله من
مسند معاذ ، وعبيد الله بن عمرو أشهر ، وعبد الملك بن عمير كان قد تغير في آخره ، ورواية
عبيد الله بن عمرو عنه موجودة في صحيح مسلم كما نبه على ذلك المزي ، بيد أن يزيد روايته
عن عبد الملك بن عمير ليست في شيء من الكتب الستة إلا في سنن النسائي الكبرى ، ثم إن
جرير بن عبد الحميد قد تابع عبيدَ الله بن عمرو الرقي

قال الطبراني في الكبير 285 : حدثنا الحسين بن اسحاق التستري ثنا عثمان
بن أبى شيبة ثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل
قال :”قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : انتسب رجلان من بني اسرائيل أحدهما
مسلم والآخر كافر فقال الكافر : انتسب أنت قال : فانتسب الكافر الى تسعة آباء وقال
المسلم : انا فلان بن فلان و برئت ممن فوقهم فخرج منادي موسى صلى الله عليه و سلم أيها
المنتسبان قد قضيت بينكما أما أنت أيها الكافر فانتسبت الى تسعة آباء فأنت عاشرهم في
النار وأما انت أيها المسلم فقصرت على أبوين مسلمين فأنت من أهل الاسلام وبرئت ممن
سواهم “

أقول : والحسين بن إسحاق التستري حافظٌ كبير ترجم له الذهبي في سير
أعلام النبلاء ( 14/ 57) ، ونقل ابن أبي يعلى الحنبلي (1/142) عن أبي بكر الخلال أنه
قال عنه :” شيخ جليل سمعت منه ” وذكر تاريخ سماعه

وعثمان بن أبي شيبة ثقةٌ معروف فصح السند إلى جرير والحمد لله

وكذا روى هذه المتابعة البيهقي في شعب الإيمان (5134)

والخلاصة : أن المحفوظ في الحديث من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عن
معاذ بن جبل ، ورواية ابن أبي ليلى عن معاذ منقطعة كما نص عليه غير واحد

قال ابن أبي حاتم في المراسيل 454 حدثنا علي بن الحسن حدثنا أحمد بن
سعيد الدارمي حدثنا النضر حدثنا شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى قال ولدت لست بقين من
خلافة عمر رضي الله عنه.

ومعاذ متقدم الوفاة جداً فقد مات في طاعون عمواس بالشام سنة 17 أو
18 ، أي أنه مات قبل عمر بن الخطاب بست أو سبع سنوات ، وعليه يكون عبد الرحمن ولد في
عام وفاة معاذ فيتحقق الإنقطاع

فيصير الخبر معلولاً بعلةٍ قادحة

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم