الكلام على حديث : ( الدِّينارُ كنزٌ ، والدِّرهمُ كنزٌ ، والقِيراطُ كنزٌ )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال الطحاوي في بيان مشكل الآثار 1272 : فَإِنَّهُ قَدْ حَدَّثَنَا مُوسَى
بْنُ النُّعْمَانِ الْمَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ،
قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنِ ابْنِ هُبَيْرَةَ، عَنْ أَبِي تَمِيمٍ الْجَيَشَانِيِّ،
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 الدِّينَارُ كَنْزٌ، وَالدِّرْهَمُ
كَنْزٌ، وَالْقِيرَاطُ كَنْزٌ ” قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ: أَمَّا الدِّينَارُ
وَالدِّرْهَمُ فَقَدْ عَرَفْنَاهُمَا فَمَا الْقِيرَاطُ ؟ قَالَ: ” نِصْفُ دِرْهَمٍ،
نِصْفُ دِرْهَمٍ .

أقول : قد استنكر أبو حاتم هذا الحديث وضعفه المناوي في فيض القدير

قال ابن أبي حاتم في العلل :” 637: وسألتُ أبِي عَن حدِيثٍ ؛ رواهُ
ابنُ وهبٍ ، قال : أخبرنِي ابنُ لهِيعة ، عنِ ابن هُبيرة ، عنِ أبي تمِيمٍ ، عن أبِي
هُريرة ، عن رسُولِ اللهِ صَلَّى الله عَلَيهِ وَسَلَّمَ ، أنّهُ قال : الدِّينارُ
كنزٌ ، والدِّرهمُ كنزٌ ، والقِيراطُ كنزٌ فقِيل : يا رسُول اللهِ ، أمّا الدِّينارُ
والدِّرهمُ قد عرِفناهُ ، فما القِيراطُ ؟ قال : نِصفُ دِرهمٍ ، نِصفُ دِرهمٍ ، نِصفُ
دِرهمٍ.

قال أبِي : هذا حدِيثٌ مُنكرٌ”

فإن قلت : إذا كان الراوي له عن ابن لهيعة ابن وهب فلماذا يستنكره ؟

فالجواب : أن من أهل العلم من يذهب على تضعيف ابن لهيعة مطلقاً ، وربما
كان السبب في الاستنكار تدليس ابن لهيعة

قَال ابن حبان في [المجروحين]:” كان شيخا صالحا ولكنه كان يدلس عن
الضعفاء قبل احتراق كتبه. وَقَال أيضا: قد سبرت أخبار ابن لَهِيعَة من رواية المتقدمين
والمتأخرين عنه فرأيت التخليط في رواية المتأخرين عنه موجودا وما لا أصل له من رواية
المتقدمين كثيرا “

وقد كان عدد من المشتغلين يعلون الأخبار بتدليس ابن لهيعة

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (4/446) وهو يتكلم على بعض الأحاديث
:” رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وهو مدلس وفيه ضعف”

قال ابن كثير في تفسيره (5/404) :” رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ،
مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ لَهِيعَةَ، بِهِ . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ:
“لَيْسَ بِقَوِيٍّ ” وَفِي هَذَا نَظَرٌ؛ فَإِنَّ ابْنَ لَهِيعة قَدْ صَرح
فِيهِ بِالسَّمَاعِ، وَأَكْثَرُ مَا نَقَموا عَلَيْهِ تدليسه “

وذكره ابن حجر في المرتبة الخامسة من مراتب المدلسين 

وقال في نتائج الأفكار (4/ 458 :” ومتابعة ابن لهيعة له فيها نظر،
لأنه مدلس وقد عنعنه”

وقد عنعن هنا .

 وفي السند غرابة فالجيشاني لا
يعرف بالرواية عن أبي هريرة ، ويستبعد ان ينفرد أهل مصر بسنة عن أبي هريرة من دون أهل
المدينة.

  ثم إن هناك إشكالاً في متن الحديث
، فقد روى البخاري في صحيحه :” بَابٌ مَا أُدِّيَ زَكَاتُهُ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ
لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسَةِ
أَوَاقٍ صَدَقَة “

والدرهم والدينار لا يصلان إلى خمس أواق فكيف يكون فيها زكاة ، وإذا لم
يكن فيها زكاة فكيف يقع عليه مسمى الكنز وقد صح عن جمع من الصحابة أنهم قالوا
:”ما أدي زكاته فليس بكنز ” ، فدل على أن مسمى الكنز لا يقع إلا على المال
الذي حقت فيه الزكاة والدينار والدرهم لا تحق فيما الزكاة

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم