الكلام على حديث ( إِذَا أَصْبَحَ إِبْلِيسُ بَثَّ جُنُودَهُ، فَيَقُولُ: مَنْ أَضَلَّ الْيَوْمَ مُسْلِمًا أَلْبَسْتُهُ التَّاجَ )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال الروياني في مسنده 552 : نا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، نا أَبُو أَحْمَدَ،
نا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، عَنْ أَبِي
مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

 إِذَا أَصْبَحَ إِبْلِيسُ بَثَّ
جُنُودَهُ فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَضَلَّ الْيَوْمَ مُسْلِمًا أَلْبَسْتُهُ التَّاجَ؟

 قَالَ: فَيَجِيئُونَ فَيَقُولُ
هَذَا: لَمْ أَزَلْ بِهِ حَتَّى عَقَّ وَالِدَيْهِ، قَالَ: يُوشِكُ أَنْ يَبَرَّهُمَا.

 وَيَجِيئُ هَذَا فَيَقُولُ: لَمْ
أَزَلْ بِهِ حَتَّى طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، قَالَ: يُوشِكُ أَنْ يَتَزَوجَ.

 وَيَجِيئُ هَذَا فَيَقُولُ: لَمْ
أَزَلْ بِهِ حَتَّى شَرِبَ الْخَمْرَ، فَيَقُولُ: أَنْتَ أَنْتَ.

 وَيَجِيئُ هَذَا فَيَقُولُ: لَمْ
أَزَلْ بِهِ حَتَّى قَتَلَ، فَيَقُولُ أَنْتَ أَنْتَ، ويُلْبِسُهُ التَّاجَ “

ومن هذا الوجه أخرجه ابن حبان في صحيحه

أبو أحمد هو الزبيري قال في التقريب :” ثقة ثبت ، إلا أنه قد يخطىء
فى حديث الثورى “

وكلمة ابن حجر  هذه أخذها من قول
أحمد :” كان كثير الخطأ فى حديث سفيان “

وقد خالفه من هو أوثق منه في الثوري فروى الخبر عن الثوري موقوفاً على
أبي موسى

قال ابن أبي الدنيا في كتابه مكائد الشيطان 36 : وأخبرني أَحْمَدُ بْنُ
جَمِيلٍ الْمَرْوَزِيُّ، نا ابْنُ الْمُبَارَكِ، نا سُفْيَانُ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ،
عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ:

: إِذَا أَصْبَحَ إِبْلِيسُ بَثَّ جُنُودَهُ فِي الأَرْضِ فَيَقُولُ: مَنْ
أَضَلَّ مُسْلِمًا أَلْبَسْتُهُ التَّاجَ.

فَيَقُولُ لَهُ الْقَائِلُ: لَمْ أَزَلْ بِفُلانٍ حَتَّى طَلَّقَ امْرَأَتَهُ،
قَالَ: يُوشِكُ أَنْ يَتَزَوَّجَ.

وَيَقُولُ آخَرُ: لَمْ أَزَلْ بِفُلانٍ حَتَّى عَقَّ، قَالَ: يُوشِكُ أَنْ
يَبَرَّ.

وَيَقُولُ آخَرُ: لَمْ أَزَلْ بِفُلانٍ حَتَّى زَنَى، قَالَ: أَنْتَ.

وَيَقُولُ آخَرُ: لَمْ أَزَلْ بِفُلانٍ حَتَّى شَرِبَ الْخَمْرَ. قَالَ:
أَنْتَ.

قَالَ: وَيَقُولُ آخَرُ لَمْ أَزَلْ بِفُلانٍ حتى قتل. فيقول: أنت أنت.

وهذا هو الصواب موقوف على أبي موسى وهو ثابت عنه لأن سفيان روى عن عطاء
بن السائب قبل الاختلاط

وقد قال قوام السنة الأصبهاني في الترغيب والترهيب 1495: أخبرنا أبو عمرو:
عبد الوهاب، أنبأ والدي أبو عبد الله، أنبأ محمد بن عمر بن حفص النيسابوري، ثنا إسحاق
بن عبد الله بن رزين، ثنا حفص بن عبد الله السلمي، ثنا إبراهيم، عن عطاء بن السائب،
عن أبي موسى -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

 إن إبليس يبعث جنوده إلى المسلمين
فقال: أيكم أضل رجلاً ألبسته التاج، فإذا رجعوا قال لبعضهم: ما صنعت؟ قال: ألقيت بينه
وبين أخيه عداوةً، قال: ما صنعت شيئاً سوف يصالحه

 ثم يقول للآخر: ما صنعت؟ قال:
ما زلت به حتى طلق امرأته، قال: ما صنعت شيئاً سوف يتزوج أخرى

 فقال للآخر: ما صنعت؟ قال: لم
أزل به حتى شرب الخمر، قال: أنت أنت

 ثم يقول للآخر: ما صنعت؟ فيقول:
ما زلت به حتى زنى، قال: أنت أنت

 ثم يقول للآخر: فأنت ما صنعت؟
قال: ما زلت به حتى قتل، فيقول: أنت أنت .

وإبراهيم هذا ابن طهمان ولا يقاوم مخالفة سفيان ولعل الرفع من آثار اختلاط
عطاء بن السائب

فالصواب أنه موقوف و له حكم الرفع

فإن قلت : قال أحمد في مسنده 14377 : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا
الْأَعْمَشُ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ
عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ
فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا
صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: وَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى
فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَهْلِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ – أَوْ قَالَ: فَيَلْتَزِمُهُ
– وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ أَنْتَ .

 قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ مَرَّةً:
فَيُدْنِيهِ مِنْهُ

فظاهر الخبرين التعارض ففي خبر أبي موسى الموقوف أنه لا يأبه بالطلاق ،
وفي هذا أنه يقربه ويدنيه

فيقال : لعل خبر أبي موسى متعلق بالموسر الذي إذا طلق أمكنه الزواج ، وخبر
جابر متعلق بالمعسر الذي إذا طلق لم يمكنه الزواج وإعفاف نفسه

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم