الكلام على حديث ( إن عبدا أصححت له جسمه ووسعت عليه في المعيشة تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إلي لمحروم )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : [  إن الله يقول : إن عبدا أصححت له جسمه ، و وسعت عليه
في المعيشة ، تمضي عليه خمسة أعوام لا يفد إلي لمحروم ]

جاء هذا الخبر من حديث صحابيين

الأول : أبو سعيد الخدري وقد روى حديثه أبو يعلى في ” مسنده
” ( 1 / 289 – 290 ) و ابن حبان ( 960 ) و أبو بكر الأنباري في ” الأمالي
” ( 10 / 2 ) و ابن مخلد العطار في ” المنتقى من أحاديثه” ( 2 / 85
/ 2 ) و القاضي الشريف أبو الحسين في ” المشيخة ” ( 1 / 178 / 1 )و البيهقي
في ” السنن ” ( 5 / 262 ) و الخطيب في ” التاريخ : ( 8 / 318 ) كلهم
من طريق خلف بن خليفة عن العلاء بن مسيب عن أبيه به – هذا مستفاد من سلسلة الأحاديث
الصحيحة –

قلت : وهذا الخبر استنكره ابن عدي في الكامل (3/63) على خلف بن خليفة

وقد روي عن العلاء بن مسيب عن أبيه من طريق آخر

أخرجه الطبراني في ” الأوسط ” ( 1 / 110 /1 ) من طريق الدبري
عن عبد الرزاق عن سفيان الثوري عن العلاء بن مسيب به

وفي هذا السند علة ظاهرة وهي الإنقطاع بين المسيب بن رافع وأبي سعيد الخدري

قال الدوري عن ابن معين :” لم يسمع من أحد من الصحابة إلا من البراء
وأبي إياس عامر بن عبدة ” – انظر ترجمة المسيب في التهذيب –

وقد اختلف فيه على العلاء فقد رواه محمد بن فضيل عن العلاء بن

المسيب عن يونس بن خباب عن أبي سعيد به . أخرجه أبو بكر الأنباري و الخطيب
البغدادي و علقه البيهقي ._ مستفاد من الصحيحة _

وهذا منقطع أيضاً فيونس لا يعرف له سماع من أحد من الصحابة

وقال أبو يعلى في مسنده حدثنا أبو عبيدة بن الفضل بن عياض ، ثنا أبو سعيد
، ثنا المسعودي ، عن يونس بن خباب ، عن رجل ، عن خباب بن الأرت ، قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم :

 إن الله عز وجل يقول : إن عبدا
أصححت له جسمه ، وأوسعت عليه في الرزق ، يأتي عليه خمس حجج ، لم يأت إلي فيهن لمحروم
.

قلت : والمسعودي مختلط وفي السند إبهام

الثاني : أبو هريرة فله عنه طريقان :

الأولى : عن صدقة بن يزيد الخراساني قال : حدثنا العلاء بن عبد الرحمن
عن أبيه

عنه مرفوعا به . أخرجه العقيلي في ” الضعفاء ” ( 188 ) و ابن
عدي ( 201 / 2 )

و البيهقي أيضا و الواحدي في ” الوسيط ” ( 1 / 125 / 2 ) و ابن
عساكر ( 8 / 142

/ 2 ) من طريق الوليد بن مسلم حدثنا صدقة بن يزيد به . و قال العقيلي
: ” و فيه

رواية عن أبي سعيد الخدري ، فيها لين أيضا ” . و قال ابن عدي :
” و هذا عن

العلاء منكر كما قاله البخاري ، و لا أعلم يرويه عن العلاء غير صدقة ،
و إنما

يروي هذا خلف بن خليفة – و هو مشهور به و روى عن الثوري أيضا – عن العلاء
بن

المسيب عن أبيه عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم ، فلعل
صدقة

هذا سمع بذكر العلاء فظن أنه العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة
،

و كان هذا الطريق أسهل عليه و إنما هو العلاء بن المسيب عن أبيه عن أبي
سعيد “

. قلت : و صدقة هذا ضعفه جمع ، فهو بمثل هذا النقد حري – هذا كله كلام
الألباني في الصحيحة _

وأما الطريق الثاني فعن قيس بن الربيع عن عباد بن أبي صالح عن أبيه عن
أبي هريرة به .

أخرجه الخطيب في ” الموضح ” ( 1 / 152 )

قلت : قيس بن الربيع ضعفه عددٌ من الأئمة جداً

1- قال ابن معين :” ليس بشيء ” وقال في مكان آخر :” لا
يكتب حديثه ” وهذا تضعيف شديد

2- وضعفه ابن المديني جداً

3- وقال النسائي :” متروك “

4- وقال الجوزجاني :” ساقط “

5- وتركه يحيى بن سعيد

6- وكذا ابن مهدي

7- وذكره يعقوب بن سفيان في باب من يرغب عن الرواية عنهم – انظر تهذيب
التهذيب –

واتفقوا على أن له مناكير وهذا من مناكيره ولا شك فمرويات أبي صالح عن
أبي هريرة معروفة منثورة في الكتب وانفراده بهذا الطريق يستنكر مثله

وقد بين ابن مهدي سبب تركه فقال : “أن قيس بن الربيع وضعوا في كتابه
عن أبي هاشم الرماني حديث أبي هاشم إسماعيل بن كثير عن عاصم بن لقيط في الوضوء فحدث
به فقيل له من أبو هاشم قال صاحب الرمان قال أبي وهذا الحديث لم يروه صاحب الرمان ولم
يسمع قيس من إسماعيل بن كثير شيئا وإنما أهلكه بن له قلب عليه أشياء من حديثه

قلت : فهو يلقن فيتلقن فهذا سبب الضعف الشديد

والآن مع كلام الأئمة في هذا الحديث

قال ابن أبي حاتم في العلل (1/801) :” وسألت أبي عن حديث رواه والد
أبي زرعة الدمشقي ، عمرو بن عبد الله البصري عن الوليد ، عن صدقة بن زيد ، عن العلاء
بن عبد الرحمن ، عن أبيه ، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال إن عبدا
أصححت جسمه ، وأوسعت عليه في الرزق يأتي عليه خمس سنين لا يفد إلي محروم

قال أبي هذا خطأ ، إنما هو العلاء بن المسيب ، عن يونس بن خباب ، عن أبي
سعيد مرسل مرفوع “

وقال الدارقطني في العلل (11/310) :” فقال: يرويه العلاء بن المسيب،
واختلف عنه، فرواه خلف بن خليفة عن العلاء بن المسيب عن أبيه عن أبي سعيد.

وكذلك روي عن عبد الرزاق عن الثوري عن العلاء بن المسيب عن أبيه، وغيره
يرويه عن الثوري عن العلاء بن المسيب من قوله.

ورواه ابن فضيل عن العلاء بن المسيب عن يونس بن خباب عن أبي سعيد وقال
الأخنسي: عن ابن فضيل عن العلاء عن يونس بن خباب عن مجاهدعن أبي سعيد، ولا يصح منها
شئ

وقد ضعف  عبد العزيز بن باز هذا الحديث كما في شريط مجالس فقه الإيمان
وقد ظهر لك قوة هذا القول.

وقال ابن عثيمين كما في مجموع فتاواه [ 21 / ص 30 ] : أظن هذا الحديث
لا يثبت .اهـ

وذكره ابن الجوزي في العلل المتناهية ونقل كلام الدارقطني وأقره [ رقم
929 ]

وفي العلل الحديث لابن ابي حاتم 869 :  وسألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه صدقة بن يزيد الخراساني
نزيل الرملة، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي (ص) قال: قال
الله عز وجل: إن من أصححته، وأوسعت له؛ لم يزرني في كل خمسة أعوام – لمحروم؟

قالا: هذا عندنا منكر من حديث العلاء بن عبد الرحمن، وهو من حديث العلاء
بن المسيب أشبه.

قال أبي: والناس يضطربون في حديث العلاء بن المسيب:

فأما خلف بن خليفة فقال: عن العلاء ابن المسيب، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري،
عن النبي (ص) .

ورواه بعضهم فقال: عن العلاء بن المسيب، عن أبيه ، عن أبي هريرة، موقوف
.

ورواه بعضهم فقال: عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي
(ص) .

قلت لأبي: فأيهما الصحيح منهما ؟

قال: هو مضطرب، فأعدت عليه، فلم يزدني على قوله: هو مضطرب.

ثم قال: العلاء بن المسيب، عن يونس بن خباب، عن أبي سعيد، موقوف مرسل أشبه.

قلت لأبي: لم يسمع يونس من أبي سعيد؟

قال: لا.

قال أبو زرعة: قال بعضهم: العلاء بن المسيب، عن يونس بن خباب، عن أبي سعيد،
موقوف.

قال: وقال أبو زرعة: والصحيح: عن العلاء بن المسيب، عن أبيه، عن أبي سعيد،
عن النبي صلى الله عليه وسلم . انتهى

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم