الكلام على حديث : ( إن الله يبغض كل جعظري جواظ )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال ابن حبان 72 : أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن قال : حدثنا أحمد بن يوسف
السلمي قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

 إن الله يبغض كل جعظري جواظ سخاب
بالأسواق جيفة بالليل حمار بالنهار عالم بأمر الدنيا جاهل بأمر الأخرة .

قلت : هذا السند ظاهره الصحة ولكن فيه علة وهي الإنقطاع بين سعيد بن أبي
هند وأبي هريرة

قال ابن أبي حاتم في المراسيل ص16 ” سمعت أبي يقول سعيد بن أبي هند
لم يلق أبا هُرَيرة “

وقد كان الألباني قد صحح هذا الحديث في صحيح الجامع 1878ثم ضعفه
في ضعيف الترغيب (378)، الضعيفة (2304)، ضعيف الموارد (239/1975) ( مستفاد من كتاب
تراجعات الألباني )

، والألباني في كتبه الأخيرة صار يعل رواية سعيد عن أبي هريرة بالإنقطاع بدليل
أنه ضعف حديث :” تَكُونُ إِبِلٌ لِلشَّيَاطِينِ وَبُيُوتٌ لِلشَّيَاطِينِ فَأَمَّا
إِبِلُ الشَّيَاطِينِ فَقَدْ رَأَيْتُهَا يَخْرُجُ أَحَدُكُمْ بِجَنِيبَاتٍ مَعَهُ
قَدْ أَسْمَنَهَا فَلاَ يَعْلُو بَعِيرًا مِنْهَا وَيَمُرُّ بِأَخِيهِ قَدِ انْقَطَعَ
بِهِ فَلاَ يَحْمِلُهُ وَأَمَّا بُيُوتُ الشَّيَاطِينِ فَلَمْ أَرَهَا “

 في ضعيف سنن أبي داود بعد أن كان
حسنه في «المشكاة» في 3919، و«الصحيحة»: 93.

 ثم حذفه من الطبعة الجديدة ولا
علة له إلا هذه والله أعلم.

 بل إنه قد صرح بأن هذه العلة التي
دفعته إلى تضعيف هذا الخبر في سلسلة الأحاديث الضعيفة حديث رقم 2303 والذي بعده أيضاً.

 ومن هذا تعلم غلط شعيب الأرناؤوطي
في تصحيحه لهذا الحديث على شرط مسلم في تعليقه على صحيح ابن حبان ، وغلط أبي إسحاق
الحويني حيث حسن هذا الحديث كما في فتاويه الحديثية ص4

وقال أبو الشيخ الأصبهاني في أمثال الحديث 205 : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ
بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُسَيْدٍ ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ ، ثَنَا
هَاشِمُ بْنُ عَبْدِ الْوَاحِدِ ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ بْنِ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ
: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” إِنَّ اللَّهَ
عَزَّ وَجَلَّ يُبْغِضُ كُلَّ جَعْظَرِيٍّ جَوَّاظٍ سَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ جِيفَةُ
اللَّيْلِ ، حِمَارُ النَّهَارِ ، عَالِمٌ بِالدُّنْيَا ، جَاهِلٌ بِالْآخِرَةِ .

قلت : عبد الله بن سعيد المقبري متروك

قال المزي في تهذيب الكمال (15/32) :” قال عَمْرو بن علي : كان يحيى
بن سَعِيد وعبد الرحمن بن مهدي لا يحدثان عنه.

وَقَال أبو قدامة ، عن يحيى بن سَعِيد : جلست إلى عبدالله بن سَعِيد بن
أَبي سَعِيد مجلسا ، فعرفت فيه ، يعني : الكذب .

وَقَال أبو طالب ، عن أحمد بن حنبل : منكر الحديث ، متروك وكذلك قال عَمْرو
بن علي.

وَقَال عَباس الدُّورِيُّ ، عن يحيى بن مَعِين : ضعيف.

وَقَال عثمان بن سَعِيد الدارمي ، عن يحيى : ليس بشيءٍ.

وَقَال محمد بن عثمان بن أَبي شَيْبَة ، عن يحيى : لا يكتب حديثه.

وَقَال أبو زُرْعَة : ضعيف الحديث ، لا يوقف منه على شئ.

وَقَال أبو حاتم : ليس بقوي.

وقَال البُخارِيُّ : تركوه.

وَقَال النَّسَائي : ليس بثقة ، تركه يحيى بن سَعِيد ، وعبد الرحمن بن
مهدي .”

وفي هذه الأقوال كفاية لطالب الحق

ولبعض معنى الحديث شاهد من حديث سراقة بن مالك ولفظه :” يا سراقة
الا أخبرك بأهل الجنة وأهل النار قال بلى يا رسول الله قال أما أهل النار فكل جعظري
جواظ مستكبر وأما أهل الجنة الضعفاء المغلوبون” رواه أحمد [  17621 ] وليس فيه شاهدٌ لقوله (جيفة بالليل حمار
بالنهار عالم بأمر الدنيا جاهل بأمر الأخرة)

وروى أبو نعيم في الحلية عن الحكم بن عمير حديث لفظه :” جيفة بالليل
حمار بالنهار عالم بأمر الدنيا جاهل بأمر الأخرة” وإسناده ضعيف جداً

ولسعيد بن أبي هند عن أبي هريرة حديثٌ آخر

قال البخاري في الأدب المفرد 777 : حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا
بن أبي فديك عن عبد الله بن أبي يحيى عن سعيد بن أبي هند عن أبي هريرة قال قال رسول
الله صلى الله عليه و سلم :

 لا تقوم الساعة حتى يبني الناس
بيوتا يوشونها وشي المراحيل قال إبراهيم يعني الثياب المخططة.

قلت : وله علة الخبر السابقة ، وقد صححه الألباني بناءً على مذهبه القديم
في تمشية رواية سعيد بن أبي هند عن أبي هريرة .

 والذي ينبغي أن ينسب له تضعيفه
لأنه صار يضعف رواية سعيد بن أبي هند عن أبي هريرة في كتبه الأخيرة ولما خرج الحديث
في الصحيحة لم يذكر له طريقاً إلا هذا .

والله أعلم.

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم