الكلام على حديث ( أَبْشِرْ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: نَارِي أُسَلِّطُهَا عَلَى عَبْدِي الْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال أحمد في مسنده 22165 : حَدَّثَنَا يَزِيدُ هُوَ ابْنُ هَارُونَ، أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ، عَنْ أَبِي الْحَصِينِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْأَشْعَرِيِّ،
عَنْ أَبِي أُمَامَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

 الْحُمَّى مِنْ كِيرٍ مِنْ جَهَنَّمَ،
فَمَا أَصَابَ الْمُؤْمِنَ مِنْهَا كَانَ حَظَّهُ مِنَ النَّارِ .

وقال أحمد في مسنده 9676 : حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ،
عَنْ أَبِي صَالِحٍ الْأَشْعَرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 أَنَّهُ عَادَ مَرِيضًا وَمَعَهُ
أَبُو هُرَيْرَةَ مِنْ وَعْكٍ كَانَ بِهِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 أَبْشِرْ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ
يَقُولُ: نَارِي أُسَلِّطُهَا عَلَى عَبْدِي الْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا، لِتَكُونَ
حَظَّهُ مِنَ النَّارِ فِي الْآخِرَةِ .

هذا خلاف على أبي صالح الأشعري

قال يعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (2/ 278) : حدثني أبو سعيد عبد
الرحمن بن إبراهيم حدثنا أبو حفص عن سعيد عن إسماعيل قال: مرضت فعادني أبو صالح الأشعري
فحدثني عن كعب قال: الحمى كير من النار يبعثه الله على عبده المؤمن في الدنيا فيكون
حطة من نار جهنم.

وهذا هو الصواب الذي رجحه الدارقطني

جاء في علل الدارقطني :” س 1987 :  وسُئِل عَن حَدِيثِ أَبِي صالِحٍ الأَشعَرِيِّ ،
واسمُهُ مَعرُوفٌ لا يَحضُرُنِي ، عَن أَبِي هُرَيرة : خَرَج النَّبِيُّ صَلَّى الله
عَلَيه وسَلم يَعُود رَجُلاً مِن أَصحابِهِ بِهِ وعَكٌ وأَنا مَعَهُ فَقُبِض عَلَى
يَدِهِ ، ووَضَع يَدَهُ عَلَى جَبهَتِهِ ، وكان يَرَى ذَلِك مِن تَمامِ عِيادَةِ المَرِيضِ
، ثُمّ قال : إِنّ الله عَزّ وجَلّ ، يَقُولُ : هِي نارِي أُسَلِّطُها عَلَى عَبدِي
المُؤمِنِ لِتَكُون حَظَّهُ مِن النّارِ.

فَقال : يَروِيهِ إِسماعِيلُ بن عُبَيدِ الله بنِ أَبِي مُهاجِرٍ المَخزُومِيُّ
، واختُلِف عَنهُ ؛ فَرَواهُ أَبُو المُغِيرَةِ عَن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ يَزِيد بنِ
تَمِيمٍ ، عَن إِسماعِيل ، عَن أَبِي صالِحٍ الأَشعَرِيِّ ، عَن أَبِي هُرَيرةَ

وَرَواهُ أَبُو أُسامَة ، فَقال : عَن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ يَزِيد بنِ
جابِرٍ ووَهِم فِي نَسَبِهِ ، وإِنَّما هُو عَبد الرَّحمَنِ بن يَزِيد بنِ تَمِيمٍ
، وتابَع أَبا المُغِيرَةِ عَلَى الإِسنادِ.

وَرَواهُ أَبُو غَسّان مُحَمد بن مُطَرِّفٍ ، عَن أَبِي الحُصَينِ ، عَن
أَبِي صالِحٍ ، عَن أَبِي هُرَيرة ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم ، قال
: الحُمَّى حَظُّ المُؤمِنِ مِن جَهَنَّم ، وما أَصابَهُ مِن ذَلِك فَهُو حَظُّهُ مِن
النّارِ.

قال شَبابَةُ عَن أَبِي غَسّان.

وقِيل : عَن يَزِيد بنِ هارُون ، عَن أَبِي غَسّان ، عَن أَبِي الحُصَينِ
، عَن أَبِي صالِحٍ ، عَن أَبِي أُمامَةَ.

وَرَواهُ سَعِيد بن عَبدِ العَزِيزِ التَّنُوخِيُّ ، عَن إِسماعِيل بنِ
عُبَيدِ الله ، عَن أَبِي صالِحٍ الأَشعَرِيِّ ، عَن كَعبٍ قَولُهُ ، وهُو الصَّوابُ

فالصواب أن هذا من كلام كعب الأحبار كما رجح الدارقطني رحمه الله

وقال الطبراني في الأوسط 3446 : حدثني تميم بن محمد الفارسي قال : نا يعقوب
بن سفيان قال : نا عمر بن راشد المديني ، مولى عبد الرحمن بن أبان بن عثمان قال : نا
محمد بن عجلان ، عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة قالت : فقد النبي صلى الله عليه
وسلم فتى كان يجالسه ، فقال :

 مالي فقدت فلانا ؟   فقالوا
: اعتبط ، وكانوا يسمون الوعك الاعتباط ، فقال :

 قوموا بنا حتى نعوده , فلما دخل
عليه بكى الغلام ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم :

 لا تبك ، فإن جبريل عليه السلام
أخبرني أن الحمى حظ أمتي من جهنم .

عمر بن راشد قال ابن عدي في الكامل :” شيخ مجهول كَانَ بمصر يحدث
عَنْهُ مطرف أَبُو مصعب المديني وأحمد بْن عَبد المؤمن المصري ويعقوب بْن سُفْيَان
الفارسي” وقد استنكر عليه هذا الحديث بعينه

وهو مع ذلك معلول بالوقف

جاء في علل الدارقطني :” 3604 : وسُئِل عَن حَدِيثِ الأَسوَدِ ، عَن
عائِشَة ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم : الحُمَّى حَظُّ كُلِّ مُؤمِنٍ
مِن النّارِ فَقال : رَواهُ عُثمانُ بن مَخلَدٍ التَّمّارُ الواسِطِيُّ ، لا بَأس بِهِ
، عَن هُشَيمٍ ، عَن مُغِيرَة ، عَن إِبراهِيم ، عَنِ الأَسوَدِ ، عَن عائِشَة ، عَن
النَّبِيّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلم ، وخالفه مندل بن علي ، رَواهُ ، عَن مُغِيرَة
، عَن إِبراهِيم ، عَن عائِشَة ، مَوقُوفًا ، وهُو المَحفُوظُ

والموقوف مع كونه أصح فالظهر أنه إبراهيم عن عائشة مباشرة ولم يسمعها

وقال الطبراني في الأوسط 7753 : حدثنا محمد بن إبراهيم العسال ، نا سليمان
بن داود الشاذكوني ، نا عبيس بن ميمون ، حدثني قتادة ، عن أنس قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : « الحمى حظ المؤمن من النار . لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا
عبيس بن ميمون ، تفرد به : الشاذكوني .

الشاذكوني كذاب وعبيس متروك

وقال أبو يعلى في مسنده 3457 : حدثنا إسحاق بن أبي اسرائيل حدثنا زهير
بن إسحاق حدثنا أبو خلف عن ثابت : عن أنس يرفع الحديث قال :

 إن الحمى كور من كؤور جهنم من
ابتلي بشيء منها كانت حظه من النار .

قال الداراني في تعليقه على المسند : إسناده ضعيف جدا

والداراني متساهل فإذا حكم بهذا الحكم فلا محيص عنه !

وقال القضاعي في مسند الشهاب 61 : أخبرنا محمد بن الحسين الموصلي ، ثنا
أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن شاذان ، ثنا صالح بن أحمد الهروي ، ثنا أحمد بن راشد الهلالي
، ثنا حميد بن عبد الرحمن الرواسي ، عن الحسن بن صالح ، عن الحسن بن عمرو ، عن إبراهيم
، عن الأسود ، عن عبد الله بن مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :

 الحمى حظ كل مؤمن من النار ، وحمى
ليلة يكفر خطايا سنة مجرمة .

أحمد بن راشد الهلالي اتهمه الذهبي بالوضع

وقال العقيلي في الضعفاء (1499) الفضل بن حماد الواسطي عن عبد الله بن
عمران في إسناده نظر حدثنا الحسين بن إسحاق التستري حدثنا على بن بحر القطان حدثنا
الفضل بن حماد الواسطي حدثنا عبد الله بن عمران القرشي حدثنا مالك بن دينار عن معبد
الجهني عن عثمان بن عفان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمى حظ المؤمن في
الدنيا من النار يوم القيامة هذا يروي من غير هذا الوجه بإسناد أصلح من هذا

وقال العقيلي في مكان آخر : إسناد غير محفوظ

وهذا استنكار

وقال ابن قانع في معجم الصحابة 666 : حدثنا الحسن بن المثنى ، نا مسلم
بن إبراهيم ، نا عصمة بن سالم ، نا أشعث الحداني ، عن شهر بن حوشب ، عن أبي ريحانة
الأنصاري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :   الحمى من
كير جهنم وهي حظ المؤمن من النار .

وهذا سند ضعيف من أجل شهر والله اعلم بسماعه من أبي ريحانة

وقد ورد هذا الخبر موقوفاً على مجاهد عند ابن أبي الدنيا في المرض والكفارات

والخلاصة

أن الخبر ورد موقوفاً على عائشة بلفظ (الحُمَّى حَظُّ كُلِّ مُؤمِنٍ مِن
النّارِ) ، وفيه وما ذكره الدارقطني أنه إبراهيم عن عائشة وفيه أيضاً تدليس مغيرة وقد
يحتمل في الموقوف ، وطرقه المرفوعة لا تخلو من ضعف شديد في عامتها

وأما لفظ (أَبْشِرْ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: نَارِي أُسَلِّطُهَا
عَلَى عَبْدِي الْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا، لِتَكُونَ حَظَّهُ مِنَ النَّارِ فِي الْآخِرَةِ)
فمنكر لا يصح بحال

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم