الكلام على حديث : ( أجعل لك شطر صلاتي )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال البزار في مسنده 8911: حَدَّثنا مُحَمد بن يحيى القطعي حَدَّثنا مُحَمد
بن بكر حَدَّثنا عُمَر بن مُحَمد بن صهبان ، عَن زَيد بن أسلم ، عَن أبي صالح ، عَن
أبي هُرَيرة ، قال :

 جاء رجل إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقال : يا رسول الله أجعل شطر صلاتي دعاء لك قال : ما شئت قال : فأجعل ثلثي
صلاتي دعاء لك قال : نعم قال : فأجعل صلاتي كلها دعاء لك قال : إذا يكفيك الله هم الدنيا
والآخرة.

وهذا الحديث لاَ نعلمُهُ يُرْوَى عَن أبي هُرَيرة إلاَّ يهذا الإسناد ولا
نعلم حدث به ، عَن زَيد إلاَّ عُمَر بن مُحَمد بن صهبان ولم يكن بالحافظ.

أقول : عمر هذا ضعيفٌ جداً

قال في تهذيب التهذيب :” قال أحمد لم يكن بشيء أدركته ولم أسمع منه
وقال الدوري عن بن معين لا يسوى حديثه فلسا وقال معاوية بن صالح عن بن معين ليس بذاك
وقال بن أبي مريم عن بن معين ضعيف الحديث وقال البخاري منكر الحديث وقال النسائي ضعيف
وقال في موضع آخر متروك الحديث وقال أبو زرعة ضعيف الحديث واهي الحديث وقال أبو حاتم
ضعيف الحديث منكر الحديث متروك الحديث وقال الأزدي والدارقطني متروك الحديث وقال ابن
عدي عامة أحاديثه مما لا يتابعه الثقات عليه وغلبت على حديثه المناكير “

وبهذا كفاية

وقال الجهضمي في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 14 : حدثنا سعيد
بن سلام العطار قال ثنا سفيان يعني الثوري عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن
أبي بن كعب عن أبيه قال كان رسول الله يخرج في ثلثي الليل فيقول جاءت الراجفة تتبعها
الرادفة جاء الموت بما فيه وقال أبي يا رسول الله إني أصلي من الليل أفأجعل لك ثلث
صلاتي قال رسول الله….

أقول : سعيد بن سلام كذاب

قال الذهبي في ميزان الاعتدال :” 3195 – سعيد بن سلام العطار . من
جيل عبد الرزاق . روى عن ثور بن يزيد وغيره . وعنه أبو مسلم الكجي ، والكديمي ، والطبقة
. كذبه ابن نمير . وقال البخاري : يذكر بوضع الحديث . وقال النسائي وغيره : بصري ضعيف
. وقال أحمد بن حنبل : كذاب . ومن منكراته : عن ثور ، عن خالد بن معدان ، عن معاذ حديث
: استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان ، فإن كل ذي نعمة محسود . قال أحمد بن عبد الله
العجلي : سعيد بن سلام بصري ، لا بأس به “

أقول : وهذا تساهل من العجلي

وزاد في لسان الميزان :” وقال العقيلي في الحديث المذكور لا يتابع
عليه ولا يعرف إلا به وقال أحمد اضرب على حديثه وقال أبو حاتم منكر الحديث جداً وقال
النسائي في التمييز ضعيف لا يكتب حديثه وقال د ضعيف وقال الحربي وغيره أوثق منه وذكره
الدولابي والساجي و العقيلي وابن السكن وابن الجارود في الضعفاء وقال ابن عدى يكنى
أبا الحسن ونقل ابن نمير أنه قال كذاب كذاب مرتين قال بن عدى ويتبين على حديثه الضعف”

وقد توبع سعيد

قال الترمذي في الجامع 2457 : حدثنا هناد حدثنا قبيصة عن سفيان عن عبد
الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال :” كان رسول الله صلى
الله عليه و سلم إذا ذهب ثلثا الليل قام فقال يا أيها الناس أذكروا الله اذكروا الله
جاءت الراجفة تتبعها الرادفة جاء الموت بما فيه جاء الموت بما فيه قال أبي قلت يا رسول
الله إني أكثر الصلاة عليك فكم أجعل لك من صلاتي ؟ فقال ما شئت قال قلت الربع قال ما
شئت فإن زدت فهو خير لك قلت النصف قال ما شئت فإن زدت فهو خير لك قال قلت فالثلثين
قال ما شئت فإن زدت فهو خير لك قلت أجعل لك صلاتي كلها قال إذا تكفى همك ويغفر لك ذنبك

أقول : وقبيصة بن عقبة في روايته عن سفيان الثوري كلام

قال المزي في تهذيب الكمال :” قال حنبل بن إسحاق : قال أبو عبد الله
: كان يحيى بن آدم أصغر من سمع من سفيان عندنا. قال : وَقَال يحيى : قبيصة أصغر مني
بسنتين. قلت له : فما قصة قبيصة في سفيان ؟ فقال أبو عبد الله : كان كثير الغلط. قلت
له : فغير هذا ؟ قال : كان صغيراً لا يضبط”

وقال أيضاً :” وَقَال أبو بكر بن أَبي خيثمة ، عن يحيى بن مَعِين
: قبيصة ثقة في كل شيء إلا في حديث سفيان ليس بذاك القوي ، فإنه سمع منه وهو صغير”

وقال النسائي في الكبرى (2/235) :” هذا خطأ لا نعلم أحداً رواه عن
سفيان غير قبيصة ، وقبيصة كثير الخطأ “

وقد خالفه وكيع فروى الخبر بلفظٍ مختصر ليس فيه تلك الزيادة كلها

قال الإمام أحمد 21280 : ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل
عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال قال رجل :” يا رسول الله أرأيت ان جعلت صلاتي
كلها عليك قال إذا يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من دنياك وأخرتك “

أقول : فدلت هذه الرواية على شذوذ تلك الزيادة الطويلة في حديث قبيصة ،
وقوله (جَاءَتْ الرَّاجِفَةُ تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ جَاءَ الْمَوْتُ بِمَا فِيهِ
) جاء في مسند أحمد بهذا السند (21241) ، وفي رواية قبيصة ( يغفر ذنبك ) وإن كان هم
الآخرة يزول بالمغفرة ، ولم ترد هذه اللفظة في رواية وكيع

وقال أيضاً 13 : حدثنا علي بن عبد الله قال ثنا سفيان عن يعقوب بن زيد
بن طلحة التيمي قال : قال رسول الله أتاني آت من ربي فقال ما من عبد يصلي عليك صلاة
إلا صلى الله عليه بها عشرا فقام إليه رجل فقال يا رسول الله أجعل نصف دعائي لك إن
شئت قال ألا أجعل ثلثي دعائي لك قال إن شئت قال ألا أجعل دعائي لك كله قال إذن يكفيك
الله هم الدنيا وهم الآخرة

قال شيخ كان بمكة يقال له منيع لسفيان عمن أسنده قال : لا أدري .

أقول : هذا معضل ، يعقوب بن زيد بن طلحة من صغار التابعين وليس فيه قوله
( يغفر ذنبك ) .

وبهذا يعلم أن الحديث الطويل ضعيف من جميع طرقه ، فطريقان له واهيان ،
وآخر زيادة منكرة ، والأخير معضل فلا يرتقي إلى درجة الحسن .

ويبقى النظر في الرواية المختصرة

قال الإمام أحمد

21280 : ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن
أبي بن كعب عن أبيه قال قال رجل :” يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك
قال إذا يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من دنياك وآخرتك “

فهذا الجزء القوي من الحديث ، وللنظر فيه ، فإنه يمكن تحسينه أو تضعيفه
، وذلك عائدٌ إلى الخلاف في عبد الله بن محمد بن عقيل

والراجح فيه الضعف وإليك تفصيل حاله

قال المزي في تهذيب الكمال :” ذكره محمد بن سعد في الطبقة الرابعة
من أهل المدينة ، وَقَال : وكان منكر الحديث ، لا يحتجون بحديثه ، وكان كثير العلم.

وَقَال الحسن بن علي الحلواني ، عن علي بن المديني ، عن بشر بن عُمَر الزهراني
: كان مالك لا يروي عنه.

قال علي : وكان يحيى بن سَعِيد لا يروي عنه.

وَقَال يعقوب بن شَيْبَة ، عن علي بن المديني : لم يدخل مالك في كتبه ابن
عقيل ، ولا ابن أَبي فروة.

وَقَال في موضع آخر ، عن علي بن المديني : قال : سفيان بن عُيَيْنَة :
رأيته يحدث نفسه ، فحملته على أنه قد تغير.

قال علي : ولم يرو عنه مالك بن أنس ، ولا يحيى بن سَعِيد القطان. قال يعقوب
: وهذان ممن ينتقي الرجال.

قال يعقوب : وابن عقيل صدوق ، وفي حديثه ضعف شديد جدا.

وَقَال سَعِيد بن نصير: قلت ليحيى بن مَعِين : إن ابن عُيَيْنَة كان يقول
: أربعة من قريش ، يمسك عن حديثهم. قال : من هم ؟ قلت : فلان ، وعلي بن زيد ، ويزيد
بن أَبي زياد ، وابن عقيل وهو الرابع. فقال يحيى : نعم. قلت : فأيهم أعجب إليك ؟ قال
: فلان ، ثم علي بن زيد ، ثم يزيد بن أَبي زياد ، ثم ابن عقيل.

وَقَال عَمْرو بن علي : سمعت يحيى وعبد الرحمن جميعا يحدثان عن عَبد الله
بن مُحَمد بن عَقِيل ، والناس يختلفون عليه.

وَقَال أبو معمر القَطِيعِيّ : كان ابن عُيَيْنَة لا يحمد حفظه.

وَقَال الحميدي عن سفيان : كان ابن عقيل في حفظه شيء ، فكرهت أن ألقه.

وَقَال صالح بن أحمد بن حنبل ، عن علي بن المديني : ذكرنا عند يحيى بن
سَعِيد ضعف عاصم بن عُبَيد الله ، فقال يحيى : هو عندي نحو ابن عقيل.

وَقَال حنبل بن إسحاق ، عن أحمد بن حنبل : ابن عقيل منكر الحديث.

وَقَال عَبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن يحيى بن مَعِين : هؤلاء الأربعة
، ليس حديثهم حجة : سهيل بن أَبي صالح ، والعلاء بن عبد الرحمن ، وعاصم بن عُبَيد الله
، وابن عقيل. قيل : فمحمد بن عَمْرو ؟ قال : فوقهم.

وَقَال عَباس الدُّورِيُّ ، عن يحيى بن مَعِين : ابن عقيل لا يحتج بحديثه.

وَقَال معاوية بن صالح ، وأحمد بن سعد بن أَبي مريم ، عن يحيى : ضعيف الحديث.

وَقَال مسلم بن الحجاج : قلت ليحيى بن مَعِين : عَبد الله بْن

محمد بن عقيل أحب إليك أو عاصم بن عُبَيد الله ؟ فقال : ما أحب واحدًا
منهما ، يعني : في الحديث.

وَقَال أبو بكر بن أَبي خيثمة ، عن يحيى بن مَعِين : ليس بذاك.

وَقَال المفضل بن غسان الغلابي ، وعن يحيى بن مَعِين : ابن عقيل وعاصم
بن عُبَيد الله متشابهان في ضعف الحديث.

وَقَال محمد بن عثمان بن أَبي شَيْبَة عن علي بن المديني : كان ضعيفا.

وَقَال أحمد بن عَبد الله العجلي : مدني تابعي ، جائز الحديث.

وَقَال إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني : توقف عنه ، عامة ما يرويه غريب

وَقَال أبو زُرْعَة : يختلف عنه في الأسانيد.

وَقَال أبو حاتم : لين الحديث ، ليس بالقوي ، ولا بمن يحتج بحديثه ، يكتب
حديثه ، وهو أحب إلي من تمام بن نجيح.

وَقَال النَّسَائي : ضعيف.

وَقَال أبو بكر بن خزيمة : لا أحتج به لسوء حفظه.

وَقَال الحاكم أبو أحمد : كان أحمد بن حنبل وإسحاق بن إبراهيم يحتجان بحديثه
، ليس بذاك المتين المعتمد.

وَقَال التِّرْمِذِيّ : صدوق ، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم من قبل حفظه
، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول : كان أحمد بن حنبل ، وإسحاق بن إبراهيم ، والحميدي يحتجون
بحديث ابن عقيل. قال محمد بن إسماعيل : وهو مقارب الحديث”

وَقَال أبو أحمد بن عدي : روى عنه جماعة من المعروفين الثقات ، وهو خير
من ابن سمعان ، ويكتب حديثه “

أقول : فها أنت ترى أن الذين ضعفوه هم

1- ابن سعد ( وهذا ضعفه جداً )

2- ابن المديني

3- يحيى بن معين

4- أبو زرعة الرازي

5- أبو حاتم الرازي

6- ابن خزيمة

7- سفيان بن عيينة

8- مالك بن أنس

9- يعقوب بن شيبة ( وهذا ضعفه جداً )

10- الجوزجاني

11- أبو أحمد الحاكم

12- الإمام أحمد فيما رواه حنبل عنه

هؤلاء الذين ذكرهم المزي ، وأزيد عليه

12- الدارقطني حيث قال في سننه (1/ 83) :” ليس بقوي “

13- ابن حبان حيث قال في(المجروحين : 2 / 3) : ” كان ردئ الحفظ ،
كان يحدث على التوهم فيجئ بالخبر على غير سننه ، فلما كثر ذلك في أخباره وجب مجانبتها
والاحتجاج بضدها “

وزاد ابن حجر ابن خراش

وأما الذين عدلوه فهم

1- عبد الرحمن بن مهدي حيث روى عنه

2- الحميدي حيث احتج به فيما ذكر البخاري

3- البخاري وقال :” مقارب الحديث “

4- إسحاق بن راهوية حيث احتج به كما نقل البخاري

5- العجلي وقال :” جائز الحديث “

6- الترمذي وقال :” صدوق “

وأما أحمد فاختلفت الرواية عنه فذكر البخاري أنه احتج بحديثه ، وحنبل نقل
تضعيف أحمد له كما تقدم

وقال أبو داود في سؤالاته ص 361 :” عن أحمد قال : حديث ابن عقيل في
نفسي منه شيء “

وقال عبد الله بن أحمد في العلل (2/210 ) :” سئل أبي عن عاصم بن عبيد
الله وعبد الله بن محمد بن عقيل فقال ما أقربهما وكان ابن عيينة يقول كان الأشياخ يتقون
حديث عاصم بن عبيد الله “

وعليه ينبغي أن يذكر أحمد في المضعفين لعبد الله بن محمد بن عقيل

والآن بعض استعراض أقوال الأئمة في هذا الراوي أخلص إلى ترجيح ضعفه وذلك
لعدة أسباب

الأول : أن عامة من عدله ، عدله تعديلاً منخفضاً فقالوا ( مقارب الحديث
) ، ( وجائز الحديث ) ، وعدد ممن ضعفه ، ضعفه جداً .

الثاني : أن الذين جرحوه هم الأكثر ، وعددٌ منهم جرحه جرحاً مفسراً فذكر
سوء حفظه .

الثالث : أن أحمد وابن معين وابن المديني قد اتفقوا على تضعيفه ، واتفاق
هؤلاء الثلاثة ، وهم أحذق أهل الفن ، يجعل القول بتضعيفه هو الأرجح ، وقد كان ابن شاهين
في كتابه الذين صنفه في الرواة المختلف فيهم ، ينظر إلى ما قاله أحمد وابن معين فإذا
اتفقا رجح قولهما

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم