الكلام على أحاديث قراءة المعوذات كل صباح ومساء ثلاثاً

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال النسائي في سننه 5428 :  قَالَ
أَنْبَأَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِي قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ
أَبِى ذِئْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَسِيدُ بْنُ أَبِى أَسِيدٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ عَبْدِ
اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:

أَصَابَنَا طَشٌّ وَظُلْمَةٌ فَانْتَظَرْنَا رَسُولَ اللَّهِ ( لِيُصَلِّىَ
بِنَاثُمَّ ذَكَرَ كَلاَماً مَعْنَاهُ : فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ  لِيُصَلِّىَ بِنَا فَقَالَ   قُلْ  .

 فَقُلْتُ مَا أَقُولُ قَالَ   ( قُلْ هُوَ
اللَّهُ أَحَدٌ) وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُمْسِى وَحِينَ تُصْبِحُ ثَلاَثاً يَكْفِيكَ
كُلَّشَيءٍ .

أقول : أسيد بن أبي أسيد البراد لم يوثقه معتبر إلا أنه روى عنه جمع من
الثقات وقال الذهبي:” صدوق ” ، ولكنه قد خولف في السند والمتن فلم يذكر غيره التثليث
، ولم يذكروا الصباح والمساء ، وأذكار المساء تبدأ بعد العصر فلا وجه لتقييد هذا الذكر
بما بعد صلاة المغرب كما في كثير من النشرات المنتشرة في المساجد

قال النسائي في سننه 5429 : أخبرنا يونس بن عبد الأعلى قال حدثنا ابن وهب
قال أخبرني حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم عن معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه قال
:

كنت مع رسول الله صلى الله عليه و سلم في طريق مكة فأصبت خلوة من رسول
الله صلى الله عليه و سلم فدنوت منه فقال قل فقلت ما أقول قال قل قلت ما أقول قال
:

قل أعوذ برب الفلق حتى ختمها ثم قال قل أعوذ برب الناس حتى ختمها ثم قال
ما تعوذ الناس بأفضل منهما وكذا رواه من طريق أسيد أبو داود (5082) والترمذي
(3646)

أقول : فجعل المعوذات سورتين فقط ، ولم يذكر في السند عقبة بن عامر(وسيأتي
ذكره في رواية أخرى ) ، ولم يذكر قوله ( ثلاثاً ) ولا التقييد في الصباح والمساء ،
وقد أشار المزي إلى هذه المخالفة في تهذيب الكمال

وقال النسائي 5430 : أخبرنا محمد بن علي قال حدثني القعنبي عن عبد العزيز
عن عبد الله بن سليمان عن معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه عن عقبة بن عامر الجهني
قال :

بينا أنا أقود برسول الله صلى الله عليه و سلم راحلته في غزوة إذ قال يا
عقبة قل فاستمعت ثم قال يا عقبة قل فاستمعت فقالها الثالثة فقلت ما أقول فقال قل هو
الله أحد فقرأ السورة حتى ختمها ثم قرأ قل أعوذ برب الفلق وقرأت معه حتى ختمها ثم قرأ
قل أعوذ برب الناس فقرأت معه حتى ختمها ثم قال ما تعوذ بمثلهن أحد”

أقول : وهنا مخالفة بين زيد بن أسلم ، وعبد الله بن سليمان فزاد ابن سليمان
في السند عقبة بن عامر ، وزاد في المتن ذكر سورة الإخلاص ، وعبد الله بن سليمان ثقة
إلا أن ابن حبان نص على أنه يخطيء ، وزيد بن أسلم ثقة ثبت ، فلا تقبل زيادة عبد الله
عليه في السند والمتن فإن قلت : إن حفص بن ميسرة فيه كلامٌ يسير

قيل : إن روايته عن زيد بن أسلم قوية احتج بها الشيخان ، ورواية عقبة بن
عامر لهذا الخبر معروفة من طرق كثيرة سردها النسائي ولم يذكر أحدٌ منهم سورة الإخلاص
، وحفص بن ميسرة تابعه محمد بن جعفر بن أبي كثير عند أبي عبيد القاسم بن سلام في فضائل
القرآن برقم (435)

قال النسائي 5433: أخبرني عمرو بن عثمان قال حدثنا بقية قال حدثنا بحير
بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن عقبة بن عامر قال :

أهديت للنبي صلى الله عليه و سلم بغلة شهباء فركبها وأخذ عقبة يقودها به
فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لعقبة اقرأ قال وماأقرأ يا رسول الله قال اقرأ
قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق فأعادها علي حتى قرأته افعرف أني لم أفرح بها جدا قال
لعلك تهاونت بها فما قمت يعني بمثلها.

وقال أيضاً 5436 : أخبرنا أحمد بن عمرو قال أنبأنا بن وهب قال أخبرني معاوية
بن صالح عن بن الحارث وهو العلاء عن القاسم مولى معاوية عن عقبة بن عامر قال:

كنت أقود برسول الله صلى الله عليه و سلم في السفر فقال رسول الله صلى
الله عليه و سلم :

يا عقبة ألا أعلمك خير سورتين قرئتا فعلمني قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ
برب الناس فلم يرني سررت بهما جدا فلما نزل لصلاة الصبح صلى بهما صلاة الصبح للناس
فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه و سلم من الصلاة التفت إلي فقال يا عقبة كيف رأيت

أقول : وهذه الأخبار كلها فيها تنصيص على التثنية فتخالف ذكر سورة ثالثة
، وتكون زيادة سورة الإخلاص زيادة شاذة من أسيد في حديث خبيب ، وزيادة شاذة من عبد
الله بن سليمان في حديث عقبة ، ولا يقوي الشاذ , الشاذ .

وقال النسائي أيضاً [ 1336 ] أخبرنا محمدبن سلمة قال حدثنا بن وهب عن الليث
عن حنين بن أبي حكيم عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر قال:

أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ المعوذات دبر كل صلاة .

أقول : وهذا الخبر أخذ منه بعض أهل العلم قراءة سورة الإخلاص دبر كل صلاة
،لأنهم اعتبروا سورة الإخلاص من المعوذات ، اعتماداً على الرواية الشاذة .

والروايات الكثيرة المشهورة تحصر المعوذات بسورتين فقط ، ولا دليل على
قراءة سورة الإخلاص دبركل صلاة إلا هذا الحديث ، وعليه المعتمد في النشرات التي توضع
في المساجد .

ولذكر سورة الإخلاص في المعوذات شاهدٌ في مسند الحارث بن أبي أسامة

قال البوصيري في إتحاف الخيرة المهرة :” 5915- وَقَالَ الْحَارِثُ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبَانٍ ، عَنْ
صَالِحِ بْنِ حَسَّانٍ ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ أَبِي إِيَاسٍ , رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ :

كُنْتُ رَدِيفَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عَلَيه وسَلَّم فَقَالَ لِي : قُلْ
، فَقُلْتُ : مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَقَرَأْتُهَا ، ثُمَّ
قَالَ : قُلْ قُلْتُ : مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ، فَقَرَأْتُهَا
، ثُمَّ قَالَ : قُلْ قُلْتُ : مَا أَقُولُ ؟قَالَ : قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ
، فَقَرَأْتُهَا ، ثُمَّ قَالَ : مَاتَعَوَّذَ الْمُتَعَوِّذُونَ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ
مِنْهَا.هَذَا إِسْنَادٌ ضَعِيفٌ لِضَعْفِ صَالِحِ بْنِ حَسَّانٍ.

أقول : صالح بن حسان هذا ضعيفٌ جداً قال فيه أحمد :” ليس بشيء ” وكذا قال
ابن معين وقال البخاري وأبو حاتم :” منكر الحديث”وقال النسائي :” متروك”

والخلاصة في نقاط :

الأولى : أنه لم يثبت تقييد تلاوة المعوذتين بالصباح والمساء.

الثاني : أنه لم يصح ذكر سورة الإخلاص مع المعوذتين.

الثالث : أنه لم يصح ذكر التثليث في قرائتها.

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم