قال ابن الجوزي في الموضوعات (3/240) :” باب تزاور الموتى في أكفانهم
فيه عن أبى هريرة وأنس: فأما حديث أبى هريرة: أنبأنا أبو القاسم بن السمرقندى أنبأنا
إسماعيل بن أبى الفضل أنبأنا حمزة السهمى أنبأنا أبو أحمد بن عدى حدثنا عبدالرحمن بن
عبدالمؤمن حدثنا أحمد بن صالح المكى حدثنا على بن عباس الحمصى حدثنا سليمان ابن أرقم
عن ابن سيرين عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” حسنوا أكفان
موتاكم فإنهم يتزاورون في أكفانهم “.
وأما حديث أنس: أنبأنا القزاز أنبأنا أبو بكر أحمد بن على أنبأنا الحسن
بن أبى بكر أنبأنا عبد الخالق بن الحسن المعدل حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث حدثنا
سعيد بن سلام العطار حدثنا أبو ميسرة عن قتادة عن أنس قال قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إذا ولى أحدكم أخاه فليحسن كفنه،
فإنهم يبعثون في أكفانهم ويتزاورون في أكفانهم “.
هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم”
ما قاله ابن الجوزي صحيح ، أما الطريق الأول ففيه سليمان بن أرقم متروك
، وأما الطريق الثاني ففيه سعيد بن سلام العطار متروك
وقد ضعفه المعلمي في تعليقه على الفوائد المجموعة وبين نكارة متنه حيث
قال في ص270 :” الخبر ذكره ابن الجوزي منسوباً إلى أبي هريرة مرفوعاً، وبين أن
في سنده سليمان بن أرقم، وهو متروك، أقول: وفيه أحمد بن صالح المكي، أحسبه الشمومي،
وهو تالف، ثم ذكره من طريق (سعيد بن سلام العطار، ثنا أبو ميسرة، عن قتادة، عن أنس)
رفعه (إذا ولى أحدكم أخاه فليحسن كفنه، فإنهم يبعثون في أكفانهم، ويتزاورون في أكفانهم)
وأعله بأن سعيد بن سلام متروك، فأما السيوطي فساقه في اللآلىء، عن أبي الزبير مرسلاً،
ثم ذكر خبراً للديلمي بسند فيه نظر إلى ابن ناجية، حدثنا يوسف بن محمد بن عبيد الله،
عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ) رفعه، (حسنوا كفن موتاكم، فإنهم يتباهون، ويتزاورون
بها في قبورهم) بين ابن ناجية، وابي والزبير مسافة شاسعة لا يكفي لها واسطة واحدة،
ولم أجد من يقال له يوسف بن محمد بن عبيد الله، فأحسب الصواب، (يوسف بن……………..
عن محمد بن عبيد الله) ، ولعل محمد بن عبيد الله هذا هو العرزمي، فإنه قديروي عن أبي
الزبير، والعرزمي متروك، والصحيح عن أبي الزبير مافي صحيح مسلم، من طريق ابن جريج
(أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم. أنه
خطب يوماً فذكر رجلاً من أصحابه قبض، فكفن في كفن غير طائل…………… وقال النبي
صلى الله عليه وسلم (إذا كفن أحدكم أخاه، فليحسن كفنه) هذا هو الصحيح من حديث أبي الزبير،
ثم ذكر صاحب اللآلىء عن شعب البيهقي بسند فيه نظر، عن مسلم بن إبراهيم الوراق، ثنا
عكرمة بن عمار، ثنا هشام بن حسان، عن ابن سيرين عن أبي قتادة مرفوعاً (من ولى أخاه
فليحسن كفنه، فإنهم يتزاورون فيها) وقد أخرجه الترمذي عن بندار، عن عمر بن يونس، عن
عكرمة بن عمار بسنده، وقال (إذا ولى أحدكم أخاه، فليحسن كفنه) ليس فيه ما في رواية
مسلم الوراق، من الزيادة، ومسلم الوراق تالف، كذبه ابن معين، ثم قال في اللآلىء (ورواه
ابن أبي الدنيا في كتاب القبور. من طريق إسحاق بن يسار ابن نصرة، عن الوليد بن أبي
مروان، عن ابن عباس قال: (تحشر الموتى في أكفانهم) أقول: إسحاق، والوليد لم أجدهما،
والثابت عن ابن عباس مافي الصحيحين عنه، قال (قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم يخطب،
فقال (إنكم تحشرون حفاة، عراة غرلاً، [كما بدأنا أول خلق نعيده] ، الآية، وأن أول الخلائق
يكسى يوم القيامة إبراهيم الخليل) وفي الصحيحين، وغيرهما من حديث عائشة (قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم: يحشرون حفاة عراة غرلاً، فقلت يا رسول الله: الرجال،
والنساء ينظر بعضهم إلى بعض؟ فقال: الأمر أشد من أن يهمهم ذلك) وثم أحاديث أخرى في
المعنى، فأما ما روي عن أبي سعيد الخدري، وفيه (أن الميت يبعث في ثيابه التي مات فيها)
فأحسبه تفرد به يحيى بن أيوب الغافقي، وهو ممن يكثر خطؤه، ومنهم من تأوله، راجع فتح
الباري، وكذا ما روي عن معاذ ابن جبل من قوله (حسنوا أكفان موتاكم فإنهم يحشرون فيها)
وقد ذكر الحافظ في الفتح أن سنده حسن، وتوهيم بعض الرواة أقرب من تغليط معاذ، وأبي
سعيد، والله أعلم، وفي صحيح البخاري أن ابا بكر الصديق أمر أن يكون في كفنة ثوب له
خلق، وقال (ان الحي أحق بالجديد من الميت، إنما هو للمهلة) وفي الفتح أن في رواية
(إنما هو لما يخرج من أنفه وفيه) وفي أخرى (إنما هو لمهل والتراب) وروي عن علي مرفوعاً
(لا تغالو في الكفن، فانه يسلبه سلباً سريعاً) والله موفق”
وللخبر طرق أخرى
قال الألباني في الصحيحة :” فقال ابن السماك في ” حديثه
” ( 2 / 95 /
2 ) : حدثنا عبد الملك حدثنا إسماعيل بن سنان أبو عبيدة العصفري حدثنا
عكرمة بن
عمار قال : حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي قتادة مرفوعا به
.
و هكذا أخرجه أبو عمرو بن منده في ” المنتخب من الفوائد ” (
ق 254 / 1 ) عن أبي
قلابة الرقاشي حدثنا إسماعيل بن سنان أبو عبيدة العصفري به .
قلت : و هذا إسناد جيد في الشواهد و المتابعات , رجاله رجال مسلم غير العصفري
قال أبو حاتم : ما بحديثه بأس و غير أبي قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي
قال
الحافظ : ” صدوق يخطىء , تغير حفظه لما سكن بغداد “
قلت : الرقاشي هذا صدوق يخطيء وقد خالفه من هو أوثق منه فلم يذكر هذه الزيادة
( زيادة التزاور ) عن هشام بن حسان
وقال الترمذي في جامعه 995 – حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ قَالَ: حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، عَنْ
هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا وَلِيَ أَحَدُكُمْ
أَخَاهُ، فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ»
وقال عبد الرزاق في المصنف 6208 – عَنِ الثَّوْرِيِّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ
ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: كَانَ يُقَالُ «مَنْ وَلِيَ أَخَاهُ فَلْيُحْسِنْ كَفَنَهُ وَإِنَّهُ
بَلَغَنِي أَنَّهُمْ يَتَزَاوَرُونَ فِي أَكْفَانِهِمْ»
فقوله ( كان يقال ) في التزاور يدل على أنه ليس بمرفوع عنده ، ثم إنه ليس
فيه جملة البعث في أكفانهم
وقال ابن رجب في أهوال القبور :” ويروى من حديث محمد بن مصفى حدثنا
معاوية عن أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: “حسنوا أكفان موتاكم
فإنهم يتباهون ويتزاورون في قبورهم”
معاوية بن صالح له أوهام ، والحديث في صحيح مسلم بدون زيادة التزاور فدل
على شذوذها ، وليس فيه جملة البعث في أكفانهم
قال مسلم في صحيحه 2141- [49-943] حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللهِ
، وَحَجَّاجُ بْنُ الشَّاعِرِ ، قَالاَ : حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ
: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ : أَخْبَرَنِي أَبُو الزُّبَيْرِ ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ
بْنَ عَبْدِ اللهِ ، يُحَدِّثُ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
خَطَبَ يَوْمًا ، فَذَكَرَ رَجُلاً مِنْ أَصْحَابِهِ قُبِضَ فَكُفِّنَ فِي كَفَنٍ غَيْرِ
طَائِلٍ ، وَقُبِرَ لَيْلاً ، فَزَجَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَنْ يُقْبَرَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهِ ، إِلاَّ أَنْ يُضْطَرَّ
إِنْسَانٌ إِلَى ذَلِكَ ، وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
إِذَا كَفَّنَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ ، فَلْيُحَسِّنْ كَفَنَهُ.
وعليه فإيراد ابن الجوزي لهذا الحديث في الموضوعات هو الصواب لنكارة متنه
، وشدة ضعف أسانيده
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم