قال الإمام أحمد 5650: ثنا أبو عبيدة الحداد عن عاصم بن محمد عن أبيه عن
بن عمر :
” أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن الوحدة أن يبيت الرجل وحده
أو يسافر وحده “
أقول : هذا الخبر أصله في الصحيح ، دون زيادة ( وأن يبيت الرجل وحده )
وهذه الزيادة شاذة
قال الوادعي في أحاديث معلة ظاهرة الصحة ص249:” قال الإمام أحمد رحمه
الله (ج2ص91): حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ الْحَدَّادُ عَنْ عَاصِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ
عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَىَ
آلِهِ وَسَلَّمَ نَهَى عَنْ الْوَحْدَةِ أَنْ يَبِيتَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ أَوْ يُسَافِرَ
وَحْدَهُ.
أبو عبيدة اسمه عبدالواحد بن واصل، وهو من رجال البخاري كما في “تهذيب
التهذيب” فرجاله رجال الصحيح، ، ولكنه شاذ .
فقد خالف أبا عبيدة هاشم بن القاسم
عند أحمد (ج2ص120) و محمد بن عبيد وه الطنافسي عند أحمد (ج2ص24) و(ص60) وسفيان بن عيينة
عند أحمد (ج2ص86) وأبو الوليد وهو هشام بن عبدالملك الطيالسي عند البخاري(ج6ص137) وأبو
نعيم وهو الفضل بن دكين عند البخاري أيضاً (ج6ص137) و الهيثم بن جميل عند الدارمي
(ج2ص289) و بشر بن المفضل عند الحاكم(ج2ص101) ووكيع كما في “الموارد”(ص484).
فهولاء ثمانية منهم من هو بمفرده أرجح من أبي عبيدة عبدالرحمن بن واصل.
ثم أيضاً عمر بن محمد يتابع أخاه عاصماً كمتا عند أحمد (ج2ص112) وعند النسائي
في “الكبرى” كما في “تحفة الأشراف” ، والراوي عنه عند أحمد مؤمل
بن إسماعيل وهو ضعيف و لكنه تابعه محمد بن ربيعة عند النسائي .
ففي “التحفة” وعن المغيرة بن عبدالرحمن الحزامي ، عن محمد بن
ربيعة، عن عمر بن محمد بن زيد العمري عن أبيه به.
سند المتابعة عند النسائي كمافي “تحفة الأشراف” .
المغيرة بن عبدالرحمن : وثقه النسائي و مسلمة كما في “تهذيب التهذيب”.
ومحمد بن ربيعة وثقه ابن معين والنسائي و الدارقطني كما في “تهذيب
التهذيب” .
وعمر بن محمد بن زيد من رجال الشيخين كما في “تهذيب التهذيب”.
فالمتابعة صحيحة والحمد لله “
أقول : الزيادة من هذا الطريق شاذة كما حقق الوادعي ، ولكن لعل الحمل ليس على أبي عبيدة الحداد فهو ثقة ثبت ، وإنما
على بعض رواة المسند
قال الذهبي في ترجمة الحسن بن علي بن محمد ، أبو علي ابن المذهب التميمي
البغدادي الواعظ راوية المسند عن القطيعي من ميزان الاعتدال :” قلت : الظاهر من
ابن المذهب أنه شيخ ليس بالمتقن ، وكذلك شيخه ابن مالك ، ومن ثم وقع في المسند أشياء
غير محكمة المتن ولا الاسناد “
أقول : فتكون هذه الزيادة من أغلاط ابن المذهب التي أشار إليها الذهبي
وقد وردت شواهد لهذه الزيادة
قال ابن أبي شيبة في المصنف 26915: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ ، عَن سُفْيَانَ
، عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ قَالَ : لاَ تَبِتْ فِي بَيْتٍ وَحْدَك ، فَإِنَّ
الشَّيْطَانَ أَشَدُّ مَا يَكُونُ وَلَعًا.
أقول : أبو جعفر هو محمد الباقر ، وكلامه في هذا الأمر الغيبي ، يوحي بأن
هذا الخبر من مراسيله ، وفي السند إليه جابر الجعفي وهو متروك
وقال أيضاً 26916: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ
، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يُسَافِرَ الرَّجُلُ
وَحْدَهُ ، أَوْ يَبِيتَ فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ.
أقول : وهذا مرسل ومراسيل عطاء من أوهى المراسيل
قال ابن أبي حاتم في المراسيل حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل حدثنا علي بن
المديني قال مرسلات مجاهد أحب إلي من مرسلات عطاء بكثير كان عطاء يأخذ عن كل ضرب”
كذا نسب الكلام إلى علي بن المديني هنا ، وقد رأيته في مصادر عدة منسوباً
إلى يحيى بن سعيد وهو أصح
قال عبد الرزاق (19607) عن معمر عن عاصم بن سليمان وغيره عن عمر بن الخطاب
قال : لا يسافرن رجل وحده ، ولا ينامن في بيت وحده .
أقول : وهذا موقوف على عمر فلا يعضد المرفوع مع وهاء الخبر المرفوع ، وهذا
الموقوف منقطع فعاصم بن سليمان الأحول لم يسمع عمر ، بل لم يسمع من صحابي غير أنس ،
بل المتتبع لشيوخه يجد أكثرهم لم يسمع من عمر
وهذا وقد ورد هذا الخبر عن عمر
من طريقٍ مرسلة أخرى دون ذكر المبيت مما يدل على شذوذ هذه الزيادة
قال ابن أبي شيبة 34331: حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنِ ابْنِ أَبِي
نَجِيحٍ ، قَالَ : قَالَ رَجُلٌ عِنْدَ مُجَاهِدٍ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه
وسلم : الْوَاحِدُ شَيْطَانٌ , وَالاِثْنَانِ شَيْطَانَانِ .
فَقَالَ : مُجَاهِدٌ : قَدْ بَعَثَ
رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم دِحْيَةَ وَحْدَهُ , وَبَعَثَ عَبْدَ اللهِ وَخَبَّابًا
سَرِيَّةً , وَلَكِنْ ، قَالَ عُمَرُ : كُونُوا فِي أَسْفَارِكُمْ ثَلاَثَةً ، فَإِنْ
مَاتَ وَاحِدٌ وَلِيَهُ اثْنَانِ , الْوَاحِدُ شَيْطَانٌ ، وَالاِثْنَانِ شَيْطَانَانِ.
وقال الطبراني في مسند الشاميين 499 : حدثنا أحمد بن مطير الرملي القاضي
ثنا محمد بن أبي السري العسقلاني ثنا الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد عن عطاء عن ابن
عمر قال :
جاء رجل إلى عمر بن الخطاب فقال إني كنت في موضع كذا وكذا فمررت بمقبرة
فخرج علي من قبر طالب ومطلوب في يد الطالب مطرقة أو مرزبة من حديد وفي عنق المطلوب
سلسلة فضربه الطالب على رأسه بمطرقته فدخل في الأرض ثم نجم من مكان آخر فعاد شعر رأس
الرجل ولحيته بعد سواد أبيض فقال عمر لهذا نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يسافر
الرجل وحده أو ببيت في بيت وحده .
أقول : هذا الخبر له علل
الأولى : شيخ الطبراني أحمد بن مطير الرملي لم يوثقه معتبر
الثانية : ابن أبي السري الحافظ له أغلاط لينه لأجلها أبو حاتم وقال ابن
عدي :” كان كثير الغلط ” ، وقال الذهبي في الميزان :” : ولمحمد هذا
أحاديث تستنكر ” وانفراد أهل الشام بسنة عن ابن عمر من طريق عطاء بن أبي رباح
المكي ، مما يستبعد أن يكون محفوظاً
الثالثة : تدليس الوليد بن مسلم عند من يعل بتدليسه مطلقاً
الرابعة : عطاء هو ابن أبي رباح كما صرح به الطبراني في مسند الشاميين
، وعطاء مكي وثور شامي ولا أدري إن كان سمعه فشبهة الإرسال قوية
ثم إن ثوراً خالفه أثبت أصحاب عطاء ابن جريج فرواه عن عطاء مرسلاً
قال ابن أبي شيبة في المصنف 26916: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ ، عَنِ
ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ قَالَ : نَهَى رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ
يُسَافِرَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ ، أَوْ يَبِيتَ فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ.
وقد جاء خبر النهي عن مبيت الرجل وحده في حديث جابر بن عبد الله وإسناده
ضعيفٌ جداً
قال الطبراني في الأوسط 2058 : حدثنا أحمد بن زهير قال نا إسحاق بن وهب
العلاف الواسطي قال نا محمد بن القاسم الأسدي قال نا زهير عن أبي الزبير عن جابر قال
قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لو يعلم الناس ما في الوحدة ما سار راكب بليل أبدا
ولا نام رجل في بيت وحده .
أقول : محمد بن القاسم الأسدي قال في التقريب :” كذبوه ” فحديثه
شبه لا شيء
فخلاصة الأمر أن الخبر المرفوع مداره على زيادة شاذة ومرسل واهي ، والخبر
الموقوف منقطع وقد ورد من طريقٍ أخرى بدون ذكر زيادة ( المبيت ) .
فدل على ضعف حديث النهي عن المبيت
وحيداً مرفوعاً وموقوفاً
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم