قال محمد نجيب المطيعي في تكملة المجموع (18/77) :” جرت بعض الدول على أن تعزو فقرها وانحطاطها وتخلفها عن اللحاق بالأمم القوية إلى كثرة النسل وما يسمى ( انفجاراً سكانيا ) وقد عقدوا مؤتمرات للنظر في علاج هذه المشكلة واقترحت بعض الوفود إصدار قرار عالمي بوجوب تحديد النسل أو تنظيمه وفوجيء العالم بأن وفد الصين الشعبية وهم الشيوعيون الملاحدة وقفوا يعارضون هذا المشروع وقالوا إننا أحوج ما نكون إلى تحديد النسل لو أنه علاج لكثافة عددنا وكثرة سكاننا لكن السبب هو في سوء توزيع السكان ، والحق ما قاله هؤلاء إذ أننا في ديارنا المصرية ينادي بعضهم وأكثرهم بتحديد النسل ، والشكوى من كثرة المواليد مع أن الجزء المعمور من أرض مصر لا يساوي خمسها وأكثر من أربعة أخماسها فارغاً ، مع لو أنفق على إسكان بعضه ما ينفق على الدعاية لتحديد النسل وما ينفق على ثمن العقاقير التي يتعاطاها النساء لمنع الحمل لكان ذلك أنفع وأجدى
وما درى أولئك أن الله تبارك وتعالى أودع سر الحياة في الكائنات مع توجيه العناية الإلهية لنوع الأجنة حسب حاجة البشر ، فإذا كثر إقبال الناس على أكل ذكر من الدجاج الرومي كثرت فقسها من الذكران ، وكذلك إذا كثر إقبالهم على إناث الدجاج البلدية كثر فقسها من الإناث وكذلك إذا تأملنا مواليد الأغنام والماشية فنجد توازناً بين معدل الاستهلاك وبين المواليد وما ينتج هذه الحيوانات حفظاً للنوع وإبقاء على الأجناس فتبارك الله أحسن الخالقين “
يقول فريد ماغدوف في «The Monthly Review» إنه لا توجد أي علاقة بين مئات ملايين الجياع في العالم ونموّ عدد السكان. فالسبب الفعلي يكمن في النظام الرأسمالي وفي آلية عمله والعلاقات الإنتاجية – الإجتماعية في داخله. ويؤكّد بأن ما يُنتج في الولايات المتحدة من مواد غذائية يفيض عن حاجة سكانها، ومع ذلك يبقى الجوع مشكلة خطيرة. ولو تقلّص عدد سكان الولايات المتحدة إلى النصف، فإن الفائض في المواد الغذائية سيزيد، ولكن الجوع لن يزول، وسيبقى من يعاني الجوع وسوء التغذية حتى في الولايات المتحدة. والأمر ينطبق على البلدان الأخرى. فالفقراء في الهند يعانون الجوع، فيما يتعفّن فائض القمح في مخازنه. العوز وسط الرفاه: محاصيل هائلة وجوع متفاقم
ويرى عدد من كبار الاقتصاديين أن السبب في هذا كما رآه فريد السياسات النيوليبرالية التي حررت رأس المال مطلقاً تحريراً كارثياً على الطبقات الفقيرة
يقول الأستاذ دكتور محمد ذياب وهو خبير اقتصادي في مقال له عن مشكلة الجوع في العالم :” والعامل الآخر الذي لا يقل أهمية في ظهور المشكلة الغذائية وتفاقمها، والذي هو في الواقع نتيجة طبيعية للعاملين السابقين، يتمثّل في الدور الذي تضطلع به الشركات العابرة للقوميات في الإقتصاد العالمي، وفي اقتصادات البلدان النامية تحديدًا. فهذه الشركات فرضت نفسها كلاعب رئيس في أسواق المواد الغذائية، إنتاجًا وتسويقًا، حيث تمارس احتكار المواد الغذائية وتستخدمها في حالات عديدة كسلعة للمضاربة في أسواق أخضعت كل شيء للتسليع ولمنطق الربح: الأرض والمياه والغذاء والدواء. وربما الهواء. فشركة “كارغيل” الأميركية، مثلاً، التي تصل مبيعاتها إلى 71 مليار دولار، تسيطر على 45 % من تجارة الحبوب في العالم.
وتتسم أنشطة الشركات العابرة للقوميات في هذا المجال بسمتين أساسيتين، هما الاحتكار والتركّز. فهي تتحكّم بإنتاج البذور والأسمدة والمبيدات وتسويقها، وتسيطر على شبكة توزيع ومبيعات المواد الغذائية على النطاق العالمي. وتتجلّى ممارسات هذه الشركات في بيع كميات كبيرة بهوامش صغيرة والتزوّد من المنتجين مباشرة. وتسعى شركات التصنيع الزراعي وشركات التوزيع العالمية الكبرى إلى تعميق سيطرتها على كامل السلسلة الإنتاجية، ولاسيما من خلال الإتجار المباشر بالمنتوج الزراعي بهدف تخفيض تكاليف الشراء وتعظيم الأرباح”
وبالعكس كثرة عدد السكان من أقوى عوامل قوة الاقتصاد إذا استخدمت بشكل جيد فالهند مثلاً من أكبر عوامل قوتها الاقتصادية كثرة الأيدي العاملة ووفرتها
وهكذا يموت الملايين جوعاً بسبب سياساتهم ثم يتباكون على المرتدين والمرجومين في نوع لإلهاء الناس عن جرائمهم وجعلهم يتقبلون هذا البلاء الذي أتوا به