الفلاح في الشريعة غير الفلاح في الرأسمالية

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة». رواه البخاري.

هذا الحديث من الأخبار التي طالتها يد التشغيب بفعل تأثير الثقافة العصرية، وتجدهم يوردون أمثلة عصرية على الحديث، وكان جواب الشريعة أن الفلاح المقصود في الحديث ليس هو الفلاح في عرفهم.

وقد تفكرت في الأمر فوجدت مبدأ حل الإشكال من نداء الصلاة (حي على الفلاح).

تأمل (الفلاح) وفي الحديث (يفلح).

قول المؤذن (حي على الفلاح) يجيبه أقوام وُصفوا في القرآن بقوله تعالى: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال (36) رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يومًا تتقلب فيه القلوب والأبصار}.

{لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله} أي أنهم لا يقدِّمون طلب المال على أمر الآخرة، وجوهر الرأسمالية قائمٌ على تقديم المال على الدين والعرض، لهذا ارتبطت بالانحلال الأخلاقي، ودعوة النساء للتبرج والخروج ومخالطة الرجال، لأن كل ذلك يحقق ربحاً للمؤسسة الرأسمالية، فالتجارة بالغرائز هي النخاسة المقنَّعة.

ولهذا يقرُّون المنكرات السياحية من خمور وزنا لأنها تدر الأرباح، واليوم تمدح دول بهذا لأن ذلك يزيد في دخلهم، وهذا الفلاح الرأسمالي ليس هو الفلاح الشرعي.

فالقوم الذين يجيبون (حي على الفلاح) يعتقدون أن أمر الدين (ومنه الحفاظ على العقائد والأعراض) مقدم على طلب المال (ولا يعني هذا عدم طلبه، ولكن لا يُجعل على رأس الأولويات، بل هو وسيلة وليس غاية).

وهكذا ليرتبط بذهنك هذا الفلاح كلما سمعت (حي الفلاح) بخبر «لن يفلح قوم ولَّوا أمرهم امرأة» لكي لا تظن أن دولة الدعارة فيها مقننة رئيسة وزراءها أصابت الفلاح المقصود في الحديث.