الفضيلة التي اشترك بها علي ومعاوية ورواها عمر وشركهم بها…

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال ابن سعد في «الطبقات»: “أخبرنا أنس بن عياض الليثي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب خطب إلى علي بن أبي طالب ابنته أم كلثوم، فقال علي: إنما حبست بناتي على بني جعفر، فقال عمر: أنكحنيها يا علي فوالله ما على ظهر الأرض رجل يرصد من حسن صحابتها ما أرصد، فقال علي: قد فعلت فجاء عمر إلى مجلس المهاجرين بين القبر والمنبر وكانوا يجلسون ثم علي وعثمان والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف فإذا كان الشيء يأتي عمر من الآفاق جاءهم فأخبرهم ذلك واستشارهم فيه فجاء عمر، فقال: رفئوني فرفئوه وقالوا: بمن يا أمير المؤمنين، قال: بابنة علي بن أبي طالب ثم أنشأ يخبرهم، فقال: إن النبي ﷺ، قال: «كل نسب وسبب منقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي» وكنت قد صحبته فأحببت أن يكون هذا أيضا”.

أقول: هذا الخبر رواه غير واحد عن جعفر بن محمد الملقب بالصادق، عن أبيه الملقب بالباقر، واللَّذَين يعتقد فيهما الرافضة العصمة.

ومحمد بن علي لم يدرك القصة، ولكنه يروي قصة عن أهل بيته، فمثل هذا يقبله العلماء، كما قبِل مالك والشافعي وأحمد خبره عن جدته فاطمة بحلق شعر المولود والتصدق بوزنه فضة.

وللخبر طريق آخر فيه جهالة قد ترتفع باحتجاج أحمد بالحديث.

الخبر فيه أن نسب النبي ﷺ ينفع الإنسان يوم القيامة، لهذا عمر رغب بالتزوج بابنة فاطمة، وهذه فضيلة لعثمان الذي تزوج ابنتي النبي ﷺ، وفضيلة لعلي الذي تزوج فاطمة.

وفضيلة أيضاً لمعاوية!

وبه استدل أحمد على فضل معاوية، فإن النبي ﷺ تزوج أخته، فكان بينهما صهر ونسب.

قال الخلال في «السنة»: “654- وأخبرني عبد الملك بن عبد الحميد الم‍يموني، قال: قلت لأحمد بن حنبل: أليس قال النبي ﷺ: «كل صهر ونسب ينقطع إلا صهري ونسبي»؟ قال: “بلى، قلت: وهذه لمعاوية؟ قال: نعم، له صهر ونسب. قال: وسمعت ابن حنبل يقول: «ما لهم ولمعاوية، نسأل الله العافية».

655- وأخبرني محمد بن علي، قال: ثنا أبو بكر الأثرم، قال: ثنا إسحاق بن محمد المدني، عن عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة، عن أم بكر بنت المسور بن مخرمة، عن المسور بن مخرمة، قال: قال رسول الله ﷺ: «ينقطع كل نسب إلا نسبي وسببي وصهري»”.

أقول: وهذا مقام الرسوخ في العلم أن تستدل بفضيلة لأهل البيت -ويرويها أهل البيت- على فضل معاوية، ومِن قبل هي فضيلة لعثمان.

فإن قيل: أليس في القرآن {ولا تزر وازرةٌ وزر أخرى}؟

فيقال: هذا في الوزر والإثم وأما الانتفاع بالآخرين فالأمر أوسع، فالناس ينتفعون بدعاء بعضهم البعض، ودل القرآن على الانتفاع بالقرابة في رفعة الدرجات، وهذا يدل على أمر النجاة أيضاً ضمناً.

قال تعالى: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء كل امرئ بما كسب رهين} [الطور].

فتأمَّل هذه الفضيلة التي اشترك بها شيخا صفين والناس منها في غفلة.