فقد ذهب عدد المالكية والحنفية والشافعية إلى تحريمه
قال محمد الأمير المالكي في ضوء الشموع شرح المجموع :” (والبحرى، وإن ميتًا)، ولو فى بطن حيوان؛ إلا أن تغوص فيه النجاسة كالمملح بدمه المسفوح”
فعلق العدوي المالكي في حاشيته على كلامه :” (قوله: كالمملح بدمه) هو الفسيخ، فنجاسته تتوقف على أن النازل منه دم مسفوح، وأنه يغوص فيه، لا دهن، ولا غير مسفوح”
وجاء في حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح من كتب الحنفية :” ويتفرع على حرمة أكل اللحم إذا أنتن للإيذاء لا للنجاسة حرمة أكل الفسيخ المعروف في الديار المصرية”
وجاء في حاشية البجيرمي الشافعي على منهج الطلاب :” قَالَ فِي الْجَوَاهِرِ كُلُّ سَمَكٍ مُمَلَّحٍ وَلَمْ يُنْزَعْ مَا فِي جَوْفِهِ فَهُوَ نَجِسٌ. اهـ. وَبِهِ يُعْلَمُ حُرْمَةَ أَكْلِ الْفَسِيخِ الْمَعْرُوفِ خِلَافًا لِمَا اُشْتُهِرَ عَلَى الْأَلْسِنَةِ”
وجاء في الدين الخالص لمحمود خطاب السبكي :” سئل العلامة الشيخ محمد عليش المالكي: ما قولكم في حكم أكل الفسيخ المعروف (فأجاب) بقوله: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله. حكمه الحرمة لنجاسته بشربه من الدم المسفوح الذي يسيل منه حال وضع بعضه على بعض (قال) في المجموع: ودم مسفوح وإن من سمك فما شربه من المملح بعد انفصاله نجس
(وقال) العلامة أحمد الحلواني الشافعي: قد أجمع المسلمون على طهارة ميتة السمك. نعم الفسيخ المعروف متنجس لختلاطه بدمه وصديده وما في جوفه فلو أخرج ما في جوفه قبل تفسيخه وغسل ثم فسخ فمتنجس، إذ مجرد اختلاطه بصديد نفسه المنبث فيه كاف في التنجس، فلا يجوز أكله ولا بيعه ولا التصرف فيه لا فرق بين الفسيخة الواحدة تفسخ وحدها وبين الأكثر ولا بين الطبقة العليا والطباق السفلى. فألف سيخ في عين من يحلل الفسيخ عندنا (وكذا) عند الحنفية فإنهم حرموه لكونه يضر. وقيل: إذا اشتد تغيره تنجس وعليه فحرمة الفسيخ عندهم للضرر والنجاسة فإنه شديد التغير والنتن. وظاهر قولهم لكونه يضر أن المعتبر فيه الشأن فيحرم ولو على من لا يضره مس اعتاده كالأصحاء الأقوياء الذين لا يظهر لهم ضرره. وهذه العلة وحدها ناهضة بالتحريم عندنا (وأما) المالكية فقد ذكروا أنه إن تحقق ضرر ميتة البحر حرمت للضرر. وأما مذهبهم في خصوص الفسيخ فالمشهور أنه نجس (وأما) بطارخ الفسيخ فالمعتمد عندنا فيها الحل لأن غلافها ولو رقيقاً يمنع الصديد والدم وهو مذهب المالكية أيضاً كما نص عليه العلامة الأمير”
وقد أفتت اللجنة الدائمة بإباحته والأورع عندي تركه والعلة التي ذكرها الأحناف في شدة التغير والنتن تنطبق على ما يسمونه الجبنة القديمة أيضاً والله أعلم.