فقد جاء في عدد مجلة الفرقان العدد رقم(561) :
سؤالاً موجهاً الى عبدالله السبت هذا نصه ونص الإجابة عليه :
ما حكم بيعة زعيم الحزب أو الجماعة أو طاعته كما يدعيه بعضهم؟
جماعة الدعوة وجماعة السفر طاعتها مقيدة، يعني أنت تدخل فيها مختاراً وتخرج
منها مختاراً، فلو أن واحداً من هذه الجماعة بدا له رأي بعدم السفر فهو حر، لكن في
أثناء السفر لا يستطيع أن يقف ويعطل جماعته، ما دام قَبِل فعليه أن يتم، لكن إذا وصلوا
إلى البلاد انتهى كل شيء.
جماعة الدعوة: «كالجمعيات الخيرية» الطاعة فيها اختيارية، لكن من دخل وجبت
عليه الطاعة، فلو أن شخصاً أراد عمل درس ديني أو توزيع كتاب فلا يصح ذلك، بل يجب اتباع
نظامهم.
فالسلفيون يدعون إلى التنظيم العام العلني، ليس التنظيم السري الذي تحت
الطاولة، وأنا فصلت هذا بوضوح في كتابي «حكم العمل الجماعي» بينت فيه هذه المسألة بتفصيل
أننا نرى ذلك، ويختلف الترتيب الإداري أو التنظيم عند السلفيين عن غيرهم من الجماعات
الأخرى؛ فهو قائم على الوضوح والبيان ولا يقوم على المؤامرة والخيانة. اهـ الإجابة
على السؤال .
قلت : هذا الكلام تفوح منه رائحة
التحزب المقيت والاستدلال له
والحمد لله الذي أظهر ماكان خافياً ليعلم من خفيت عليه الحقيقة حقيقة الأمر
.
والجواب على هذا الكلام من وجوه:
أولها : أن يقال ظاهر في كلام السبت قياسه لطاعة الجماعة على طاعة الأمير
في السفر فكلاهما يجب بمجرد الدخول فيه فالدخول في السفر يوجب طاعة الامير
والدخول في الجماعة يوجب طاعتها وهذا قياس فاسد اذ انه قياس مع الفارق
وذلك من اوجه
أ) أن إمارة السفر مؤقتة وإمارة الجماعة دائمة .
ب) أن إمارة السفر لاتكون في الإقامة حيث يكون الإمام الذي تجب طاعته وإمارة
الجماعة تكون مزاحمةً لإمارة الإمام .
ثانيها : أن يقال أليس جماعة المسلمين واحدة ؟
فلا يحتاج المسلم للقيام بأمور
معينة لكي يدخل في الجماعة فجماعة المسلمين مع الأمير وجماعة أهل السنة يدخل فيها من
يعتقد اعتقادهم .
فقول السبت ( الدخول في الجماعة ) إقرار منه لتعدد الجماعات في الاسلام
وذلك لأن من أقام لنفسه جمعية
أو جماعة وأوجب على الناس أن يطيعوه لمجرد الدخول فيها لن يكون قادراً على أن يمنع
الآخرين من أن يفعلوا مثل فعله
فإذا جاء زيد وأقام جماعة دعا فيها الى وجوب طاعته بمجرد الدخول فيها فكذلك
سيأتي عمرو ويقول أنا أيضاً أقيم جماعة ولن يكون زيد قادراً على منع عمرو اذ ما فضله
عليه
وبهذا تشتت الأمه وتتمزق ، وهذا
يخالف مقصود الشرع في إقامة الإمام فالإمام انما يقام لكي يجتمع عليه الناس ويكون هو
الآمر الناهي وتستقيم بذلك أمورهم الدينية والدنيوية .
وأما هذه الطاعة الحزبية فمآلها الى عكس هذا المقصد العظيم إذ إنها ستقضي
على الأمة بالشتات والتفرق.
وينبغي هنا التنبية على امر مهم قبل الدخول في الوجه الثالث :
وهو أن إيجاب السبت لطاعة الجماعة لمجرد الدخول فيها يدل على وجود البيعة
والإمارة عندهم إذ أن المقصود من البيعة والإمارة الزام الفرد بطاعة الجماعة
فإذا الزموه بدون بيعة ولا إمارة كان البحث في اثبات البيعة والإمارة عندهم
من فضول الكلام
اذ ان المقصود منهما ( أعني البيعة
والامارة ) وهو الزام الفرد بطاعة الجماعة حاصل بمجرد انتسابه لهم كما يقرر السبت.
ثالثها : أن يقال ان ايجاب طاعة اي شخص ينبغي ان يكون بدليل
فطاعة الله ورسوله واجبة على كل
مسلم وطاعة المأمورين للأمير واجبة بإيجاب الشارع لذلك
وطاعة الولد لوالديه واجبة بإيجاب الشارع لذلك وطاعة الزوجة لزوجها واجبة
بإيجاب الشارع لذلك
فما وجه إيجاب طاعة الجماعة ؟
وتأمل معي السبت إذ أنه يشمل طاعة
الجماعة في داخل محيط العمل وخارجه وفي كل شيء
فإذا أمرتك الجماعة بأن لا توزع
شريطاً إلا بإذن .
فليس لك أن توزع شريطاً لعبدالعزيز بن باز – مثلا – إلا بإذنوإن فعلت فأنت آثم على فتوى السبت.
وهل يوجد هذا عند مخالفيكم يا من
تتهمون مخالفيكم بالتحزب وبانهم حزب اللاحزب.
فإن أكبر مشايخ مخالفيكم لو طلب
من أحد الشباب طلباً في أصله مباح أو مستحب لم يجب ذلك الأمر عليه
وإن فعله محتسباً توقيراً لذي الشيبة وكان في أصله مباحا فهو مأجور وإن
فعله محتسبا وكان في أصله مستحباً فهو مأجور كذلك
ولكن لا يجب عليه ذلك الأمر كما هو الشأن عند أهل التحزب الذين يوجبون
طاعة الجماعة كما هو مفاد فتوى السبت.
غير أنه ظهر فيمن يدعي السلفية من يلزم بما يراه مصلحة ويعتبر المخالفة ابتداعاً أو تهوراً أو شقاً لعصا الجماعة
وبناءً على فتوى السبت اذا أمرك
( مسؤولك ) في الجماعة الا تحضر عند شيخ إلا بعد الإستئذان فليس لك أن تحضر عنده مهما
بلغ في العلم والفضل
وهنا نقطة تفريق مهمة بين التكتل الحزبي والتعاون الشرعي:
وهي أن هناك فرقاً بين أن آتي الى مسؤولي في الحزب لأستئذنه بالحضور عند
فلان فإن أذن لي حضرت وإن لم يأذن لي لم يجز لي شرعاً الحضور .
وأن يأتي السلفي الى شيخ سلفي
يوثق بعلمه وإطلاعه ليسأله عن حال شخص يريد الحضور عنده
فإن هذا السلفي إن لم يقدم بينة
على كون هذا الشخص مجروحاً لم يلزم هذا الشاب السلفي السائل أن يأخذ بهذا الجرح المبهم
اذا ما عارضه تعديل من معتبر .
غير أن هذا العالم إذا جرح جرحاً مفسراً لزم الشاب السلفي أن يأخذ بهذا
الجرح إعمالاً لقاعدة الجرح المفسر من معتبر مقدم على التعديل المجمل .
وليس الإلزام بالأخذ بالأدلة والبراهين من الحزبية في شيء وتسمية ذلك بالحزبية
خلل في فهم التحزب عند قائله .
فهل عقلتم الآن يا من تزعمون أنكم
لا تعرفون معنى التحزب فهذا هو التحزب الذي نذم؟
ثم إن من المعلوم أن جمعية احياء التراث فيها من يتبع عبدالرحمن عبدالخالق
وفيها من يتبع عبدالله السبت فإذا وجدنا شخصاً منتسباً في جماعة جمعية احياء التراث
قد سلم من قطبية عبدالرحمن عبدالخالق فمن أين أين لنا أنه قد سلم من حزبية عبدالله
السبت.
وإني لأعجب من بعض المنتسبين في جمعية احياء التراث ممن لا يريدون أن تحسب
عليهم أخطاء مسؤوليهم في الجماعة .
فإذا انتقدنا الجمعية قال :”هلا استثنيتموني”، وليته قال عند
توزيع الرواتب على كوادر الجميعة :”هلا استثنيتموني” !
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم