قول القائل: العلم سيكتشف كيت وكيت! (ويعني العلم التجريبي)
يتضمن عدداً من الاعتقادات التي لا يمكن البرهنة عليها في البحث التجريبي نفسه بل هي إيمانٌ:
1_ أن هناك حقيقة موضوعية وليس الأمر راجعاً إلى أنظار الناس وأذواقهم
2_ أن هذه الحقيقة يمكن اكتشافها
3_ أن هذه الحقيقة يمكن اكتشافها من خلال البحث التجريبي فقط وليس أي وسيلة أخرى كالأدلة العقلية أو النقلية مثلاً .
4_ أن العالم لا يتعلق به سوى سؤال (كيف) الذي يبحث فيه العلم التجريبي وأما سؤال الغائية والحكمة الذي تبحث فيه الأدلة العقلية فلا يتعلق بالعالم (يعني العالم بلا غائية)
5_ أن العلم التجريبي ليس قاصراً بل هو كامل ولهذا اكتشافه للحقيقة سيكون كاملاً غير قابل للنقض
6_ أنه ليس ثمَّت شيء سوى ما يستطيع العلم التعامل معه مِن مادة والمادة لا تفسَّر إلا مِن خلال المادة وأن الشيء يمكن أن يفسِّر نفسه بنفسه دون أن يكون دالاً على غيره ممَّن تقدم عليه وكان سبباً في وجوده
7_ أن التفسير التجريبي سيكون مختلفاً عن نتيجة الأدلة العقلية المجردة لهذا علينا ألَّا نحفل بها وننتظر التفسير التجريبي
8_ أن كل التفسيرات العلمية لكيفية نشوء الأشياء أو العلاقة بينها تفسيرات قطعية لا خلاف فيها ولا مشاكل وغير قابلة للنقض لهذا ننتظر لها نظائر في المستقبل
هذه الثمانية وغيرها يؤمن بها كل من يقول لك (دعنا من الدين أو الأدلة العقلية العلم سيكتشف) بدون أي أدلة علمية تجريبية أو عقلية علماً أن العلم التجريبي نفسه مبني على مقدمات عقلية مثل السببية ومقدمات إيمانية مثل أن الكون مقدور على تفسيره وفق قوانين والقوانين إنما تعمل بعد وجود الأشياء فهي لا تفسِّر أصل نشأة الأشياء ابتداءً وإنما تفسِّر علاقتها ببعضها البعض وهي تَصف ولا تَخلق
وبعض هذه المسلَّمات لو حاول البرهنة عليها سيقوده ذلك إلى الإيمان بالخالق لو أخلص مع نفسه وبعضها سيَظهر له سُخف فكرِه وأي محاولة للبرهنة عليها بطريقة عقلية فذلك سينقُض عليه مسلَّمة انفراد العلم التجريبي بالحقيقة.