قال ابن القيم في زاد المعاد بعد أن تكلم عن تلبس الجني بالانسي
(4/60) :
” وَبِالْجُمْلَةِ فَهَذَا النّوْعُ مِنْ الصّرْعِ وَعِلَاجِهِ لَا
يُنْكِرُهُ إلّا قَلِيلُ الْحَظّ مِنْ الْعِلْمِ وَالْعَقْلِ وَالْمَعْرِفَةِ وَأَكْثَرُ
تَسَلّطِ الْأَرْوَاحِ الْخَبِيثَةِ عَلَى أَهْلِهِ تَكُونُ مِنْ جِهَةِ قِلّةِ دِينِهِمْ
وَخَرَابِ قُلُوبِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ مِنْ حَقَائِقِ الذّكْرِ وَالتّعَاوِيذِ وَالتّحَصّنَاتِ
النّبَوِيّةِ وَالْإِيمَانِيّةِ
فَتَلْقَى الرّوحُ الْخَبِيثَةُ
الرّجُلَ أَعْزَلَ لَا سِلَاحَ مَعَهُ وَرُبّمَا كَانَ عُرْيَانًا فَيُؤَثّرُ فِيهِ
هَذَا .
وَلَوْ كُشِفَ الْغِطَاءُ لَرَأَيْت أَكْثَرَ النّفُوسِ الْبَشَرِيّةِ
صَرْعَى هَذِهِ الْأَرْوَاحُ الْخَبِيثَةُ وَهِيَ فِي أَسْرِهَا وَقَبْضَتِهَا تَسُوقُهَا
حَيْثُ شَاءَتْ وَلَا يُمْكِنُهَا الِامْتِنَاعُ عَنْهَا وَلَا مُخَالَفَتُهَا وَبِهَا
الصّرْعُ الْأَعْظَمُ الّذِي لَا يُفِيقُ صَاحِبُهُ إلّا عِنْدَ الْمُفَارَقَةِ وَالْمُعَايَنَةِ
فَهُنَاكَ يَتَحَقّقُ أَنّهُ كَانَ هُوَ الْمَصْرُوعَ حَقِيقَةً وَبِاَللّهِ الْمُسْتَعَانُ
.
الْإِيمَانِ بِمَا جَاءَتْ بِهِ
الرّسُلُ وَأَنْ تَكُونَ الْجَنّةُ وَالنّارُ نُصْبَ عَيْنَيْهِ وَقِبْلَةَ قَلْبِهِ
وَيَسْتَحْضِرُ أَهْلَ الدّنْيَا وَحُلُولَ الْمَثُلَاتِ وَالْآفَاتِ بِهِمْ وَوُقُوعَهَا
خِلَالَ دِيَارِهِمْ كَمَوَاقِعِ الْقَطْرِ وَهُمْ صَرْعَى لَا يُفِيقُونَ وَمَا أَشَدّ
دَاءَ هَذَا الصّرْعِ وَلَكِنْ لَمّا عَمّتْ الْبَلِيّةُ بِهِ بِحَيْثُ لَا يَرَى إلّا
مَصْرُوعًا لَمْ يَصِرْ مُسْتَغْرَبًا وَلَا مُسْتَنْكَرًا
بَلْ صَارَ لِكَثْرَةِ الْمَصْرُوعِينَ
عَيْنَ الْمُسْتَنْكَرِ الْمُسْتَغْرَبِ خِلَافَهُ . فَإِذَا أَرَادَ اللّهُ بِعَبْدٍ
خَيْرًا أَفَاقَ مِنْ هَذِهِ الصّرْعَةِ وَنَظَرَ إلَى أَبْنَاءِ الدّنْيَا مَصْرُوعِينَ
حَوْلَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا عَلَى اخْتِلَافِ طَبَقَاتِهِمْ
فَمِنْهُمْ مَنْ أَطْبَقَ بِهِ
الْجُنُونُ وَمِنْهُمْ مَنْ يُفِيقُ أَحْيَانًا قَلِيلَةً وَيَعُودُ إلَى جُنُونِهِ
وَمِنْهُمْ مَنْ يُفِيقُ مَرّةً وَيُجَنّ أُخْرَى فَإِذَا أَفَاقَ عَمِلَ عَمَلَ أَهْلِ
الْإِفَاقَةِ وَالْعَقْلِ ثُمّ يُعَاوِدُهُ الصّرْعُ فَيَقَعُ فِي التّخَبّطِ
“
أقول : يريد الشيخ أن الصرع هو صرع الغفلة عن ذكر الله !
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم