الشاهد القرآني لحديث: من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

الشاهد القرآني لحديث «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين»

من الأحاديث المشهورة ما روى أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما: «من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين» متفق عليه.

وقد قال الله تعالى: {وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيراً من الناس لفاسقون} [المائدة]

ومن تأمل الآية وجدها مفيدة لمعنى الحديث، فقد جعل سبحانه المعرض عن حكم الله ممن أراد الله أن يصيبه ببعض ذنبه، ومعنى ذلك أنه أريد به الشر.

فيُفهم من دلالة المفهوم أن مَن أقبل على حكم الله عز وجل يتعلم ويتطلبه ليعمل به فهو ممن أراد الله به خيراً.

فطلبُ العلم كأنه استفتاء للنبي صلى الله عليه وسلم في الحوادث والنزاعات، وأمر الدين والدنيا.

وقد ورد في كتب التفسير أن الآية نزلت في اليهود في تركهم لحكم القصاص وكراهيتهم له، وتأمل قوله: {يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم} وهذه عقوبة الدنيا، وإلا ففي الآخرة الكفار يصابون بكل ذنوبهم.

فدلّ ذلك على أن المُعرِض عن حكم الله عز وجل في الدنيا يصيبه سخط، وهو فقدان بركة الوحي وحكم الله، فكما يقع اليوم أنهم لا يريدون القصاص بحجة التنزه عن القتل، فانتشر بينهم القتل، وانتشر الإجهاض، وصاروا يُقِرّون الكيانات اللقيطة التي تقتل الأطفال ويُحامون عنها، ثم يتنزهون عن إعدام القاتل، فتأمل ضياع العقل والحياء الذي هم فيه، فهذه إصابتهم ببعض ذنوبهم وهذا مجرد أنموذج، وإلا فالأمثلة في ذلك لا تنحصر بيسر لمن تأملها.