الرد على ياسر الحبيب في إلحاده في آيات الله

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد كلمني بعض الناس في أمر دعوى بعض الرافضة كياسر الحبيب أن قوله تعالى : ( عبس وتولى ) نزل في عثمان ! وأن القول بأنه نزل في النبي صلى الله عليه وسلم مخالف للعصمة !

ويقال في جواب هذا : أن المفسرين من أهل السنة اتفقوا على أنها نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم وعلى هذا يدل سياق القرآن الكريم فالله يقول ( كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره ) ولا يخاطب أحد بهذا إلا النبي صلى الله عليه وسلم وهو كان رأس الدعوة في مكة على أن الرافضة أثبتوا فضيلة لعثمان من حيث أرادوا ذمه فأثبتوا أنه كان يدعوا المشركين للإسلام في مكة

والمفاجأة أن عامة مفسري الرافضة القدماء يقولون بأن الآية نزلت في النبي صلى الله عليه وسلم

وهذا تلخيص لأقوالهم جمعه أحد الروافض المهتدين

١ – الطبرسي في (جوامع الجامع) : السورة نازلة في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)

٢ – الطبرسي في (المجمع): العبوس ليس ذنبًا

٣ – ابن أبي جامع العاملي: نزولها في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)

٤ – ابن طاووس: أسلوب (إياك أعني واسمعي يا جارة)

٥ – المجلسي: العتاب على ترك الأولى

٦ – الطريحي: الأعمى لا يعلم تشاغل الرسول

٧ – الفراهيدي: لم يكن عبوس تهاون

٨ – محسن الأمين: القطع بنزولها في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)

٩ – هاشم معروف الحسني: لا يتنافى مع مقام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)

١٠ – مغنية العاملي: نزولها في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أرجح وأقوى

١١ – محمود الطالقاني: القطع بنزولها في النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)

١٢ – نصرت أمين: المقصود هو النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)

١٣ – مكارم الشيرازي: ترك الأولى لا ينافي العصمة

١٤ – كاظم الحائري: لا مانع من توجه الخطاب إلى ال رسول (صلى الله عليه وآله وسلم)

١٥ – محمد الكرمي: الرأي الآخر يتنافى مع السياق

١٦ – شمس الدين: لا مانع من نزولها في ال رسول (صلى الله عليه وآله وسلم)

١٧ – الجويباري: القشريون يمنعون نزولها في ال رسول (صلى الله عليه

وآله وسلم)!!

وهنا وقفة : أهل السنة يقولون بعصمة الأنبياء من الكبائر دون الصغائر ولكن الصغائر لا يقرون عليها وعلى قولهم هذا على إشكال في الآية في باب العصمة

ومن أهل البدع من يقول بعصمة الأنبياء من الصغائر حتى وهؤلاء حملوا الآية على خلاف الأولى وليس ذنباً وقالوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم غير معصوم من زلة العتاب وحسنات الأصاغر ذنوب الأكابر ، وأن عبوس النبي صلى الله عليه وسلم كان عبوساً من باب الحرص على مصلحة المشركين والرغبة في صدقتهم لا من باب احتقار الأعمى وهذا لا يكون ذنبا

وقد حكى ابن حجر -في الفتح- عن الداودي شارح البخاري أن فاعل (عبس) ” هو الكافر ” الذي كان يحدث رسول الله – صلى الله عليه وسلم -.

ولم يرتض ابن حجر هذا القول فوصفه بالغرابة لعدم اختلاف السلف -كما قال- في أن فاعل عبس هو النبي – صلى الله عليه وسلم – “.

وقد نقل القاضي عياض هذا القول -في الشفاء- عن أبي تمام.

وقد رده شارحا الشفاء الشهاب الخفاجي وعلى القاري في شرحيهما فقال الشهاب -في رده-: ” وهو قول -أي القول بأن فاعل عبس هو الكافر- في غاية الضعف بعيد عن السياق، والذي عليه المفسرون أنه النبي – صلى الله عليه وسلم -.

وقال علي القاري في رده هذا القول: ” وهذا التأويل مخالف لظاهر التنزيل بل كاد في مقام النزاع أن يكون مخالفاً للإجماع “.

وظاهر الآيات يرد قول الداودي، لأن سياقها ظاهره الإخبار عن حال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وهو يحدّث بعض عظماء المشركين حين جاءه الأعمى يطلب الهداية والتعليم، ويؤيد هذا أن ضمير الخطاب في قوله تعالى (وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى) متعين لأن يكون لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -.

وليس أبو تمام الشاعر ممن يعرف بين علماء التفسير أو الحديث بشيء وإنما هو رجل شاعر حكيم في شعره، ولا ندري من أين استقى هذا الرأي، ولا يدخل في دائرة العقول أن يكون الداودي شارح صحيح البخاري قد أخذ هذا القول عنه “.

وليس هذا محل تحرير البحث في الآية ولكن الذي أردت قوله أن الجميع متفقون على نزول الآية في النبي صلى الله عليه وسلم وكل خرجها على أصوله

والأمر الذي ينبغي التنبه له أن هذه ليست الآية الوحيدة في عتاب النبي صلى الله عليه وسلم فهناك آيات عديدة في الباب

قال (وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْناكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (74))

وقال تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا (105) وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا (106) وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا (107))

وقال تعالى : (مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْلَا كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ (68))

وقد أخذوا بإقرار النبي صلى الله عليه وسلم لهم كما هو ظاهر الآيات وتواتر النصوص

وقال تعالى : ( يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك )

وقال تعالى : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولًا)

وهذه الآية وقعها أعظم بكثير من وقع ( عبس وتولى ) حتى قالت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان كاتماً من الوحي شيئاً لكتم هذه الآية

الرافضة الذين يتكلمون في عصمة النبي صلى الله عليه وسلم ينسبون للنبي صلى الله عليه وسلم أمراً يتنزه عنه حتى السفلة والكفار وهو أن تكون امرأته بغياً نزه الله أم المؤمنين عن تلك الألسنة الفاجرة

وآيات العتاب من أعظم الأدلة على النبوة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان القرآن من عنده ما كانت لتأتي آيات كهذه وما كان ليحكم بحكم ثم ينزل القرآن بخلاف ما حكم أو مال إليه كما في قصة طعمة بن أبيرق وقصة أسارى بدر

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم