قال الذهبي في سير أعلام النبلاء : قَالَ يَزِيْدُ بنُ هَارُوْنَ: سَمِعْتُ شُعْبَةَ يَقُوْلُ: كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُدَلِّسُ .
قُلْتُ: تَدْلِيْسُ الصَّحَابَةِ كَثِيْرٌ، وَلاَ عَيْبَ فِيْهِ، فَإِنَّ تَدْلِيْسَهُمْ عَنْ صَاحِبٍ أَكْبَرَ مِنْهُمْ، وَالصَّحَابَةُ كُلُّهُمْ عُدُوْلٌ .
أقول : هذا الكلام استشهد به ذلك الشاب المدعوم من الكونغرس الأمريكي للطعن في أبي هريرة وبتر تعليق الذهبي
فمعنى يدلس أنه كان يروى أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسمعها منه مباشرة وإنما سمعها من صحابي آخر في العادة يكون من أكابرهم وهذا أمر لا يضر وفعله كثير من الصحابة فمثلا ابن عباس كان يسمع من عمر والأنصار ثم لما كبر واحتاج لهذا العلم بعد ذهاب العلماء حدث به
فهذه الرواية أصلا تحل إشكال قلة رواية بعض المتقدمين من الصحابة وكثرة رواية من مات متأخرا منهم وهي أن رواية المتأخرين مأخوذة من المتقدمين ولكن في وقت المتقدمين لم يكن هناك للتحديث بها لأنها معروفة عند معظم الجيل وأما من تأخر احتاج لبيانها للجيل الجديد ولهدا تجد عامة الأحاديث التي تصف شكل النبي صلى الله عليه وسلم إنما يرويها صغار الصحابة أو المعمرين منهم وقد لاحظ هذا بعض المستشرقين وعده بينة صدق
ولهذا مرويات أبي هريرة ليست مأخوذة من سنوات صحبته للنبي فحسب بل تعلم بعدها أيضا
ولكن المفاجأة أن هذه الرواية عن شعبة في سندها كذاب اسمه الحسن بن عثمان التستري فالخبر رواه ابن عدي من طريقه عن يزيد بن هارون عن شعبة قال كان أبو هريرة يدلس
قال الذهبي نفسه في سير أعلام النبلاء :546- الحَسَن بْن عثمان بْن زياد .
أبو سَعِيد التُّسْتَريّ.
عَنْ: محمد بن سهل بْن عسكر، ونصر بْن عليّ الْجَهْضميّ، ومحمد بن يحيى القطيعيّ، وجماعة.
وعنه: الطَّبَرانيّ، وابن عديّ، وآخرون.
وكان كذّابا.
قَالَ ابن عديّ : كَانَ عندي أنّه يضع الحديث. سألت عبدان الأهوازيّ عَنْهُ، فقال: كذّاب.
فتأمل كيف وقع مدعوم الكونجرس بتصديق رواية كذاب من حقده على السنة
ولا يغرك كلام القوم عن أبي هريرة فمشكلتهم مع السنة فهم لا يقبلون ما تروي عائشة أو أنس أو جابر أو ابن عمر أو ابن عمرو أو أبو سعيد الخدري وهؤلاء فقط لو جمعت حديث اثنين منهم كعائشة وأنس لكان بقدر حديث أبي هريرة
وبرهان ذلك أن أحاديث الرجم والرِّدة عامتها من غير طريق أبي هريرة وهم ينكرونها
ويرددون أن أبا هريرة روى خمسة آلاف حديث ( وهذا غير حقيقي فهذا عدد أحاديثه بالمكرر في مسند بقي بن مخلد والا أحاديث أبي هريرة لا تبلغ الألف ) ومع ذلك تجدهم يعترضون على أحاديث معدودة على الأصابع تخالف الثقافة الغربية فحسب فما داعي الثرثرة عن كثرة حديثه وأنتم لم تجدوا مشكلة إلا في قلة
وعدد أحاديث أبي هريرة في الصحيحين ٣٧٤ حديثا تقريبا
وبل هم يحتجون بأحاديثه حين توافق هواهم مثل حديث ( إن لصاحب الحق مقالا) الذي يستدلون به على التعايش مع الكافر وحديث ( أمك ثم أمك ثم أمك ثم أبوك )
وبعضهم ممن يشتغل بدلائل النبوة يورد أحاديث أبي هريرة في أشراط الساعة والتي تحقق كثير منها بشكل مذهل وعدد من أحاديث أبي هريرة التي لا تعجبهم هي في كتب الرافضة والزيدية والإباضية وهم يطرحون التقريب فهل التقريب بمخالفة ما اتفق عليه الكل
والعجيب أن صاحب المقطع طبل وزمر حول الخلاف في اسم أبي هريرة ومعلوم أنه اشتهر بكنيته ولم يعد اسمه يذكر مع معرفة كنيته وقبيلته فصار اسمه محطا لوهم بعض الضعفاء أو حتى الكذابين ولا يهتم العلماء كثيرا بالقول الفصل فيها فَلَو اختلفنا في الاسم الحقيقي لفرعون أو ذي القرنين أو ذي الكفل أو النجاشي الذي أسلم أو كسرى الذي راسله نبينا فلا يؤثر ذلك في أصل القصة
والذين عرفوا بكناهم واختلفوا في أسماءهم في الصحابة ومن بعدهم كثير كأبصرة وأبي محذورة وأبي واقد وأبي جحيفة وفيمن بعدهم أبو بردة وأبو بكر بن عياش وأبو عمرو البصري وكلهم أعلام