الرد على محمد حسان في تمجيده للصوفية وتشبيهه لهم بالصحابة

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد استمعت لمقطع صوتي لمحمد حسان – منشور في الشابكة –  يمجد فيه الصوفية ويقول أن فيهم مقتصد وفيهم ظالمٌ
وفيهم سابق بالخيرات !

ثم قال أن هذا التقسيم موجود حتى في الصحابة وفي كل الطوائف

والتعليق على كلامه من وجوه

الأول : أن كلام شيخ الإسلام الذي في مجموع الفتاوى واحتج به محمد حسان
ونصه (11/18) :

” وَلِأَجْلِ مَا وَقَعَ فِي كَثِيرٍ مِنْهُمْ مِنْ الِاجْتِهَادِ
وَالتَّنَازُعِ فِيهِ تَنَازَعَ النَّاسُ فِي طَرِيقِهِمْ ؛ فَطَائِفَةٌ ذَمَّتْ
” الصُّوفِيَّةَ وَالتَّصَوُّفَ ” .

 وَقَالُوا : إنَّهُمْ مُبْتَدِعُونَ
خَارِجُونَ عَنْ السُّنَّةِ وَنُقِلَ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِي ذَلِكَ
مِنْ الْكَلَامِ مَا هُوَ مَعْرُوفٌ وَتَبِعَهُمْ عَلَى ذَلِكَ طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ
الْفِقْهِ وَالْكَلَامِ .

 وَطَائِفَةٌ غَلَتْ فِيهِمْ وَادَّعَوْا
أَنَّهُمْ أَفْضَلُ الْخَلْقِ وَأَكْمَلُهُمْ بَعْدَ الْأَنْبِيَاءِ وَكِلَا طَرَفَيْ
هَذِهِ الْأُمُورِ ذَمِيمٌ .

وَ ” الصَّوَابُ ” أَنَّهُمْ مُجْتَهِدُونَ فِي طَاعَةِ اللَّهِ
كَمَا اجْتَهَدَ غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ طَاعَةِ اللَّهِ فَفِيهِمْ السَّابِقُ الْمُقَرَّبُ
بِحَسَبِ اجْتِهَادِهِ وَفِيهِمْ الْمُقْتَصِدُ الَّذِي هُوَ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ
وَفِي كُلٍّ مِنْ الصِّنْفَيْنِ مَنْ قَدْ يَجْتَهِدُ فَيُخْطِئُ وَفِيهِمْ مَنْ يُذْنِبُ
فَيَتُوبُ أَوْ لَا يَتُوبُ . وَمِنْ الْمُنْتَسِبِينَ إلَيْهِمْ مَنْ هُوَ ظَالِمٌ
لِنَفْسِهِ عَاصٍ لِرَبِّهِ”

الذي يريده شيخ الإسلام أن مسمى الصوفية صار يشمل أناساً عرفوا بالعلم
والفقه ولا تؤثر عنهم بدع ثابتة ، وإنما أخذ عليهم بعض الأمور التي تروى وقد لا تثبت
مثل الجنيد ، وأناس زنادقة مثل الحلاج فلا يشملون بالمدح أو الذم إلا عند تمييز هذا
عن ذاك ، لأن في ذلك العصر هناك خلط عظيم بين الصنفين

وهذا يدل عليه بقية كلام شيخ الإسلام الذي ما أورده محمد حسان :

”  وَقَدْ انْتَسَبَ إلَيْهِمْ
طَوَائِفُ مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ وَالزَّنْدَقَةِ ؛ وَلَكِنْ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ
مِنْ أَهْلِ التَّصَوُّفِ لَيْسُوا مِنْهُمْ : كَالْحَلَّاجِ مَثَلًا ؛ فَإِنَّ أَكْثَرَ
مَشَايِخِ الطَّرِيقِ أَنْكَرُوهُ وَأَخْرَجُوهُ عَنْ الطَّرِيقِ . مِثْلُ : الْجُنَيْد
بْنِ مُحَمَّدٍ سَيِّدِ الطَّائِفَةِ وَغَيْرِهِ “

وأما في عصرنا فعامة الصوفية قبورية جهمية ولا يتناولهم هذا النص بحال
فما ذكره محمد حسان تغرير بالعامة

الثاني : أن شيخ الإسلام ابن تيمية من أعظم الناس جهاداً للصوفية ورداً
عليهم وتجد وافراً من ذلك في الاستقامة والفرقان وقاعدة جليلة والعبودية وغيرها كثير
فيترك محمد حسان هذا كله ويتشبث بهذا النص

الثالث : أن نصوص شيخ الإسلام واضحة في أن الصوفية أصحاب الموالد والمشاهد
ومجالس السماع مبتدعة ضلال بل أهل إشراك

قال شيخ الإسلام في اقتضاء الصراط المستقيم (2/372) :” كما لا تغلظ
بالتحليف عند المشاهد ومقامات الأنبياء ، ونحو ذلك . ومن فعل ذلك فهو مبتدع ضال ، مخالف
للشريعة “

أقول : فكيف بمن حلف بالأولياء وشد الرحال إلى قبورهم وتمسح بها كما يصنع
عامة الصوفية اليوم

قال شيخ الإسلام في قاعدة جليلة ص178 :” الدعاء من جملة العبادات
فمن دعا المخلوقين من الموتى والغائبين واستغاث بهم مع أن هذا أمر لم يأمر به الله
ولا رسوله أمر إيجاب ولا استحباب كان مبتدعا فى الدين مشركا برب العالمين متبعا غير
سبيل المؤمنين ومن سأل الله تعالى بالمخلوقين أو أقسم عليه بالمخلوقين كان مبتدعا بدعة
ما أنزل الله بها من سلطان فإن ذم من خالفه وسعى فى عقوبته كان ظالما جاهلا معتديا

وهذه الاشتغاثة الشركية والتوسل البدعي هو حال عامة الصوفية اليوم ، ومن
كان مبتدعاً أو مشركاً فليس سابقاً بالخيرات ولا مقتصد قطعاً بل هم ينكرون على من يفعل
هذا ويقولون وهابي وينتقص الأولياء

فينطبق عليهم قول شيخ الإسلام في الاستقامة (2/294) :” واذا كان الامر
والنهي من لوازم وجود بني آدم فمن لم يأمر بالمعروف الذي امر الله به ورسوله وينه عن
المنكر الذي نهى الله عنه ورسوله ويؤمر بالمعروف الذي امر الله به ورسوله وينه عن المنكر
الذي نهى الله عنه ورسوله وإلا فلا بد من ان يأمر وينهى ويؤمر وينهى اما بما يضاد ذلك
واما بما يشترك فيه الحق الذي انزله الله بالباطل الذي لم ينزله الله واذا اتخذ ذلك
دينا كان دينا مبتدعا ضالا باطلا”

وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (22/ 233) :” الجهر بالنية
فى الصلاة من البدع السيئة ليس من البدع الحسنة وهذا متفق عليه بين المسلمين لم يقل
أحد منهم أن الجهر بالنية مستحب ولا هو بدعة حسنة فمن قال ذلك فقد خالف سنة رسول الله
وإجماع الأئمة الأربعة وغيرهم وقائل هذا يستتاب فإن تاب وإلا عوقب بما يستحقه”

فهذا فيمن قال الجهر بالنية مستحب يفتي شيخ الإسلام بعقوبته وعامة بدع
الصوفية اليوم أشد من هذه البدعة من إحياء الموالد والرقص ، بل وما يصل إلى الشرك من
عبادة غير الله عز وجل

وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (23/ 133) :” وهكذا القول
فى ليلة المولد وغيرها والبدع المكروهة ما لم تكن مستحبة فى الشريعة وهى أن يشرع ما
لم يأذن به الله فمن جعل شيئا دينا وقربة بلا شرع من الله فهو مبتدع ضال وهو الذى عناه
النبى بقوله كل بدعة ضلالة فالبدعة ضد الشرعة”

فهذا قوله في مقيم المولد مبتدع ضال

وأما السماع والرقص

فقال شيخ الإسلام في الاستقامة (1/238) :” فهذا لا يحفظ عن أحد من
سلف الأمة وأئمتها – يعني إباحة السماع البدعي – بل المحفوظ عنهم أنهم رأوا هذا من
ابتداع الزنادقة كما قال الحسن بن عبد العزيز الجروي سمعت الشافعي يقول خلفت ببغداد
شيئا أحدثته الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن”

وقال شيخ الإسلام في الاستقامة (1/ 279) :” لم يختلف قول الشافعي
في كراهته والنهى عنه للعوام والخواص لكن هل هي كراهة تحريم أو تنزيه أو تفضيل بين
بعض وبعض هذا مما يتنازع فيه أصحابه وهذا قوله في سماع العامة وأما السماع الديني الذي
جعله أبو القاسم للخاصة فهو عند الشافعي من فعل الزنادقة كما قال خلفت ببغداد شيئا
أحدثته الزنادقة يسمونه التغبير يصدون به الناس عن القرآن

فعنده أن هذا السماع اعظم من ان يقال فيه مكروه أو حرام بل هو عنده مضاد
للإيمان وشرع دين لم يأذن الله به ولم ينزل به سلطان”

هنا لفتة طيبة وهي أن الإمام الشافعي قال في الغناء الذي يفعله الفسقة
( مكروه ) ، وأما السماع البدعي الذي يتعبد به لله ، فهذا شدد القول فيه ورآه صداً
عن القرآن لأن البدعة أشد من المعصية .

 وبالله عليك أيها المنصف أليست
علة الصد عن القرآن بأمر تعبدي ما عرفه السلف منطبقة على ما يسمى اليوم ب( الأناشيد
)

وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (11/599) :” وَإِنَّمَا عِبَادَةُ
الْمُسْلِمِينَ الرُّكُوعُ وَالسُّجُودُ؛ بَلْ الدُّفُّ وَالرَّقْصُ فِي الطَّابَقِ
لَمْ يَأْمُرْ اللَّهُ بِهِ وَلَا رَسُولُهُ وَلَا أَحَدٌ مِنْ سَلَفِ الْأُمَّةِ؛
بَلْ أَمَرُوا بِالْقُرْآنِ فِي الصَّلَاةِ وَالسَّكِينَةِ. وَلَوْ وَرَدَ عَلَى الْإِنْسَانِ
حَالٌ يَغْلِبُ فِيهَا حَتَّى يَخْرُجَ إلَى حَالَةٍ خَارِجَةٍ عَنْ الْمَشْرُوعِ وَكَانَ
ذَلِكَ الْحَالُ بِسَبَبِ مَشْرُوعٍ. كَسَمَاعِ الْقُرْآنِ وَنَحْوِهِ سَلِمَ إلَيْهِ
ذَلِكَ الْحَالُ كَمَا تَقَدَّمَ فَأَمَّا إذَا تَكَلَّفَ مِنْ الْأَسْبَابِ مَا لَمْ
يُؤْمَرْ بِهِ مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ يُوقِعُهُ فِيمَا لَا يَصْلُحُ لَهُ: مِثْلُ
شُرْبِ الْخَمْرِ مَعَ عِلْمِهِ أَنَّهَا تُسْكِرُهُ وَإِذَا قَالَ: وَرَدَ عَلَيَّ
الْحَالُ وَأَنَا سَكْرَانُ قِيلَ لَهُ: إذَا كَانَ السَّبَبُ مَحْظُورًا لَمْ يَكُنْ
السَّكْرَانُ مَعْذُورًا. فَهَذِهِ الْأَحْوَالُ الْفَاسِدَةُ مَنْ كَانَ فِيهَا صَادِقًا
فَهُوَ مُبْتَدِعٌ ضَالٌّ مِنْ جِنْسِ خُفَرَاءِ الْعَدُوِّ وَأَعْوَانِ الظَّلَمَةِ
مِنْ ذَوِي الْأَحْوَالِ الْفَاسِدَةِ الَّذِينَ ضَارَعُوا عُبَّادَ النَّصَارَى وَالْمُشْرِكِينَ
وَالصَّابِئِينَ”

وأما الطرق الصوفية كالطريقة القادرية والرفاعية والشاذلية وغيرها فيرى
شيخ الإسلام أنها تسميات جاهلية تفرق المسلمين

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (3/ 343) :” ” الْأَخَصُّ
مُطْلَقًا “: الِانْتِسَابُ إلَى جِنْسٍ مُعَيَّنٍ مِنْ أَجْنَاسِ بَعْضِ شَرَائِعِ
الدِّينِ كَالتَّجَنُّدِ لِلْمُجَاهِدِينَ وَالْفِقْهِ لِلْعُلَمَاءِ وَالْفَقْرِ وَالتَّصَوُّفِ
لِلْعِبَادِ.

 أَوْ الِانْتِسَابِ إلَى بَعْضِ
فِرَقِ هَذِهِ الطَّوَائِفِ كَإِمَامِ مُعَيَّنٍ أَوْ شَيْخٍ أَوْ مَلِكٍ أَوْ مُتَكَلِّمٍ
مِنْ رُءُوسِ الْمُتَكَلِّمِينَ أَوْ مَقَالَةٍ أَوْ فِعْلٍ تَتَمَيَّزُ بِهِ طَائِفَةٌ
أَوْ شِعَارُ هَذِهِ الْفِرَقِ مِنْ اللِّبَاسِ مِنْ عَمَائِمَ أَوْ غَيْرِهَا

كَمَا يَتَعَصَّبُ قَوْمٌ لِلْخِرْقَةِ أَوْ اللُّبْسَةِ يَعْنُونَ الْخِرْقَةَ
الشَّامِلَةَ لِلْفُقَهَاءِ وَالْفُقَرَاءِ أَوْ الْمُخْتَصَّةِ بِأَحَدِ هَذَيْنِ
أَوْ بَعْضِ طَوَائِفِ أَحَدِ هَؤُلَاءِ أَوْ لِبَاسِ التَّجَنُّدِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ.

 كُلُّ ذَلِكَ مِنْ أُمُورِ الْجَاهِلِيَّةِ
الْمُفَرِّقَةِ بَيْنَ الْأُمَّةِ؛ وَأَهْلُهَا خَارِجُونَ عَنْ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ
دَاخِلُونَ فِي الْبِدَعِ وَالْفُرْقَةِ”

فتأمل قول شيخ الإسلام (وَأَهْلُهَا خَارِجُونَ عَنْ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ
دَاخِلُونَ فِي الْبِدَعِ وَالْفُرْقَةِ ) وكيف أخرجهم من السنة ببدعة التحزب والتعصب
تأمل هذا واحفظه جيداً

وأما لبس الخرقة التي ينسبها البعض إلى شيخ الإسلام

فقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (11/ 510) :” وَأَمَّا لِبَاسُ
الْخِرْقَةِ الَّتِي يُلْبِسُهَا بَعْضُ الْمَشَايِخِ الْمُرِيدِينَ: فَهَذِهِ لَيْسَ
لَهَا أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَيْهَا الدَّلَالَةَ الْمُعْتَبَرَةَ مِنْ جِهَةِ الْكِتَابِ
وَالسُّنَّةِ وَلَا كَانَ الْمَشَايِخُ الْمُتَقَدِّمُونَ وَأَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ
يُلْبِسُونَهَا الْمُرِيدِينَ”

وقد ألبسوا الخرقة لشيخ الإسلام لما كان صغيراً ، وقد بين بطلان أسانيدها
في منهاج السنة

فقال بعدما بين بطلان هذه الأسانيد في (8/47) :” وقد كتبت أسانيد
الخرقة لأنه كان لنا فيها أسانيد فبينتها ليعرف الحق من الباطل

ولهم إسناد آخر بالخرقة المنسوبة إلى جابر وهو منطقع جدا

وقد عقل بالنقل المتواتر أن الصحابة لم يكونوا يلبسون مريديهم خرقة ولا
يقصون شعورهم ولا التابعون ولكن هذا فعله بعض مشايخ المشرق من المتأخرين

وأخبار الحسن مذكورة بالأسانيد الثابتة من كتب كثيرة يعلم منها ما ذكرنا
وقد أفرد أبو الفرج بن الجوزي له كتابا في مناقبه وأخباره”

الوجه الثالث : قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (2/ 132)
:” وَيَجِبُ عُقُوبَةُ كُلِّ مَنْ انْتَسَبَ إلَيْهِمْ أَوْ ذَبَّ عَنْهُمْ أَوْ
أَثْنَى عَلَيْهِمْ أَوْ عَظَّمَ كُتُبَهُمْ أَوْ عُرِفَ بِمُسَاعَدَتِهِمْ وَمُعَاوَنَتِهِمْ
أَوْ كَرِهَ الْكَلَامَ فِيهِمْ أَوْ أَخَذَ يَعْتَذِرُ لَهُمْ بِأَنَّ هَذَا الْكَلَامَ
لَا يَدْرِي مَا هُوَ أَوْ مَنْ قَالَ إنَّهُ صَنَّفَ هَذَا الْكِتَابَ وَأَمْثَالَ
هَذِهِ الْمَعَاذِيرِ الَّتِي لَا يَقُولُهَا إلَّا جَاهِلٌ أَوْ مُنَافِقٌ؛ بَلْ تَجِبُ
عُقُوبَةُ كُلِّ مَنْ عَرَفَ حَالَهُمْ وَلَمْ يُعَاوِنْ عَلَى الْقِيَامِ عَلَيْهِمْ
فَإِنَّ الْقِيَامَ عَلَى هَؤُلَاءِ مِنْ أَعْظَمِ الْوَاجِبَاتِ؛ لِأَنَّهُمْ أَفْسَدُوا
الْعُقُولَ وَالْأَدْيَانَ عَلَى خَلْقٍ مِنْ الْمَشَايِخِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْمُلُوكِ
وَالْأُمَرَاءِ وَهُمْ يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا”

هذه الكلمة قالها شيخ الإسلام في أصحاب وحدة الوجود وعامة الصوفية اليوم
يمجدون ابن عربي ويسمونه الشيخ الأكبر

الوجه الرابع : بعد أن علمت تبديع شيخ الإسلام للصوفية إليك شيئاً من موقفه
من أهل البدع في باب التعامل

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى :” ومن كان مبتدعا ظاهر البدعة،
وجب الإنكار عليه . ومن الإنكار المشروع أن يهجر حتى يتوب، ومن الهجر امتناع أهل الدين
من الصلاة عليه لينزجر من يتشبه بطريقته، ويدعوإليه . وقد أمر بمثل هذا مالك بن أنس،
وأحمد بن حنبل، وغيرهما من الأئمة”

وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (10 / 376) :” وَعَلَى هَذَا
فَمَا أَمَرَ بِهِ آخِرُ أَهْلِ السُّنَّةِ مِنْ أَنَّ دَاعِيَةَ أَهْلِ الْبِدَعِ
يُهْجَرُ فَلَا يُسْتَشْهَدُ وَلَا يُرْوَى عَنْهُ وَلَا يُسْتَفْتَى وَلَا يُصَلَّى
خَلْفَهُ قَدْ يَكُونُ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ فَإِنَّ هَجْرَهُ تَعْزِيرٌ لَهُ وَعُقُوبَةٌ
لَهُ جَزَاءً لِمَنْعِ النَّاسِ مِنْ ذَلِكَ الذَّنْبِ الَّذِي هُوَ بِدْعَةٌ أَوْ
غَيْرُهَا وَإِنْ كَانَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ تَائِبًا أَوْ مَعْذُورًا”

وقال في السياسة الشرعية ص106 :” وجوز طائفة من أصحاب الشافعي وأحمد
وغيرهما : قتل الداعية إلى البدع المخالفة للكتاب والسنة ، وكذلك كثير من أصحاب مالك
، وقالوا : إنما جوز مالك وغيره قتل القدرية لأجل الفساد في الأرض”

الوجه الخامس : قول محمد حسان أن الصحابة كان فيهم ظالم لنفسه ومقتصد وسابق
بالخيرات ، كالصوفية

فهذا كلامٌ قبيح جمع فيه بين الحط على الصحابة ومدح أهل البدع ، والصحابة
عدول ولا يذكرون إلا بالجميل

ولا يجوز أن يقارن بأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الأولياء والصالحين
ممن جاء بعدهم فكيف بأهل البدع

قال الخلال في السنة 660: وَأَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الْمَرُّوذِيُّ
, قَالَ :

 قُلْتُ لأَبِي عَبْدِ اللَّهِ
: أَيُّهُمَا أَفْضَلُ : مُعَاوِيَةُ أَوْ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ؟

فَقَالَ : مُعَاوِيَةُ أَفْضَلُ , لَسْنَا نَقِيسُ بِأَصْحَابِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحَدًا . قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِيَ الَّذِينَ بُعِثْتُ فِيهِمْ).

وقال الخلال أيضاً 666: أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ سَعِيدٍ
النَّهْرَوَانِيُّ , قَالَ : وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّهِ قَالَ : حَدَّثَنِي
الْفَضْلُ بْنُ جَعْفَرٍ , قَالَ : يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ , أَيْشِ تَقُولُ فِي
حَدِيثِ قَبِيصَةَ ، عَنْ عَبَّادٍ السَّمَّاكِ ، عَنْ سُفْيَانَ : أَئِمَّةُ الْعَدْلِ
خَمْسَةٌ : أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ
.

 فَقَالَ : هَذَا بَاطِلٌ . يَعْنِي
مَا ادَّعَى عَلَى سُفْيَانَ , ثُمَّ قَالَ : أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يُدَانِيهِمْ أَحَدٌ , أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لاَ يُقَارِبُهُمْ أَحَدٌ .

بل نص أحمد على تبديع وهجر من فضل عمر بن عبد العزيز على معاوية

قال ابن رجب في ترجمة يحيى بن عبد الوهاب ابن مندة في ذيل طبقات الحنابلة
(1/53) :” ووجدتُ في كتب الإمام عمِّي بخطَه: قال القاسم بن محمد أبو الحارث:
حدثنا يعقوب بن إسحاق البغدادي، سمعتُ هارون الحمال يقول: سمعت أحمد بن حنبل، وأتاه
رجل فقال: يا أبا عبد اللّه: إن ههنا رجل يُفضِّلُ عمر بن عبد العزيز على معاوية بن
أبي سفيان، فقال أحمد: لا تجالسه، ولا تؤاكله ولا تشاربه، وإذا مرض فلا تعُده”

ولا أدري إذا سئل محمد حسان أيهما أفضل السابق بالخيرات من الصوفية أم
الظالم لنفسه من الصحابة ؟

بماذا سيجيب ؟

وقد فسر ابن عباس الظالم لنفسه بالكافر

قال ابن أبي حاتم في تفسيره حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ
هَاشِمِ بْنِ مَرْزُوقٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرٍو، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ،
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا،” ” فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ ” ، قَالَ:
هُوَ الْكَافِرُ”

فهل في الصحابة كافر يا محمد حسان

وقال الطبري في تفسيره (20/ 467) : حدثنا أَبو عمار الحسين بن حريث المروزي
قال: ثنا الفضل بن موسى عن حسين بن واقد عن يزيد عن عكرمة عن عبد الله( فَمِنْهُمْ
ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ ) قال:
اثنان في الجنة وواحد في النار.

وفسر الحسن وقتادة ( الظالم لنفسه ) ب ( المنافق )

قال البخاري في صحيحه 3673 : حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ عَنْ الْأَعْمَشِ قَالَ سَمِعْتُ ذَكْوَانَ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ
الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي فَلَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ
ذَهَبًا مَا بَلَغَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ

وأي سبٍ أبلغ من قولك ( فيهم ظالم لنفسه ) والظالم لنفسه التارك للواجبات
أو الفاعل للكبائر على أخف التفاسير

الوجه السادس : قوله أن هذا موجود في كل الطوائف

يجاب عليه بأن يقال أن الظالم لنفسه من أهل السنة إنما يظلم نفسه بالمعاصي
لا البدع ، والفاسق السني خير من المبتدع

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (20/ 103) :” الْوَجْهُ السَّابِعُ:
إنَّ أَهْلَ الْبِدَعِ شَرٌّ مِنْ أَهْلِ الْمَعَاصِي الشَّهْوَانِيَّةِ بِالسُّنَّةِ
وَالْإِجْمَاعِ

 فَإِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقِتَالِ الْخَوَارِجِ وَنَهَى عَنْ قِتَالِ أَئِمَّةِ
الظُّلْمِ

وَقَالَ فِي الَّذِي يَشْرَبُ الْخَمْرَ: لَا تَلْعَنْهُ فَإِنَّهُ يُحِبُّ
اللَّهَ وَرَسُولَهُ.

وَقَالَ فِي ذِي الخويصرة: يَخْرُجُ مِنْ ضئضئ هَذَا أَقْوَامٌ يَقْرَءُونَ
الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ – وَفِي رِوَايَةٍ
مِنْ الْإِسْلَامِ – كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِنْ الرَّمْيَةِ يُحَقِّرُ أَحَدُكُمْ
صَلَاتَهُ مَعَ صَلَاتِهِمْ وَصِيَامَهُ مَعَ صِيَامِهِمْ وَقِرَاءَتَهُ مَعَ قِرَاءَتِهِمْ
أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فَإِنَّ فِي قَتْلِهِمْ أَجْرًا عِنْدَ اللَّهِ
لِمَنْ قَتَلَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ  “

وقوله أن هذا موجود في كل الطوائف يقتضي وجود سابق بالخيرات في الرافضة
والجهمية والمعتزلة والمرجئة والخوارج والقدرية والجبرية

فكل هؤلاء فيهم مقتصدون وسابقون بالخيرات عند محمد حسان !

والحق أن هذه الفرق كلها – عدا الرافضة والجهمية فقد أخرجوهم من فرق المسلمين –  متوعدة بحديث الافتراق المعروف ووجود بعض الأفراد
ممن يتخلف عنه الوعيد لمانع التأويل أو الجهل فذلك لا يبيح مثل هذه الإطلاقات أو الجزم
بها

ومن أحسن ما يقال في الصوفية اليوم ما قاله الصوفي الشيعي أحمد الغماري
في ( الأجوبة الصارفة ) ص61 :” وأما من قال المراد بهم الصوفية _ يعني الطائفة
المنصورة _ فقوله باطل من جهة ، وإن كان حقا من جهة أخرى لأن لفظ الصوفية على الحقيقة
، والصوفية المتشبهة بهم والكذابين المدعين ، بل الزنادقة الملحدين الذين بتصوفهم الكاذب
مرقوا من كل الأديان ، وحتى من الإنسانية وصاروا حيوانات لا دينية ، وما كان كذلك فلا
يصح أن يريدهم النبي صلى الله عليه وسلم ، ويخبر أنهم لا يزالون على الحق إلى قيام
الساعة ، وفيهم الزنادقة والملاحدة والكذابون الذين ليس منهم في الواقع ، مع عدم وجود
ما يميزهم ويفرق بين أهل الصدق وأهل الكذب منهم “

أهل الصدق الذين يتحدث عنهم لا وجود لهم اليوم

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم