قال محمد إسماعيل المقدم في كتابه المهدي
ص520 :” رفض علماء الحركة السنوسية _ وعلى رأسهم المهدي السنوسي نفسه _ لفكرة
مهدية محمد أحمد السوداني واعتبارهم أياها نوعاً من التخريف وهو موقف ليس بغريب عليهم
كيف لا وهم المضلعون في العلم الشرعي الشريق ، المستوعبون لكتاب وسنة رسوله بفهم السلف
الصالح ! ، الحكماء في دعوتهم البريئون من شطحات الصوفية “
قد كنت أسمع عن تميع القوم ولكنني ما ظننه يصل إلى هذا الحد ، فانظر إليه
يمدح هؤلاء الصوفية وكأنه يتحدث عن بعض التابعين أو أتباع التابعين ، معتمداً على بعض
الدراسات غير النزيهة
والحق أن ما يسمى ب( الحركة السنوسية ) إنما هي ( طريقة سنوسية ) صوفية
حتى النخاع
وإليك بعض نصوص محمد بن علي السنوسي مؤسس هذه الطريقة في كتابه إيقاظ الوسنان
قال محمد بن علي السنوسي في إيقاظ الوسنان ص105 :” أهل علم اليقين
المجدين في النسك والعبادة فاقدين الفتح ، وهؤلاء حسبهم لزوم أمر الشيخ والتزام آدابه
في جميع شئونه معظما له ، مفنيا مراده في مراده كالميت في يد غاسله ، حاذراً أشد الحذر
أن يزن أعمال وشيخه وأحواله وإن كانت مخالفة للشرع وليستعن على ذلك باستحضار حال موسى
والخضر ….”
فهذه صوفية صرفة ، وهؤلاء الذين يرفعون مشايخهم إلى رتبة الأنبياء أشر
ممن يدعي المهدوية في شيخه فالمهدي ليس نبياً ، وهؤلاء يشبهون مشايخهم بالخضر
قال الإمام المجدد في نواقض الإسلام :” التاسع: من اعتقد أن بعض الناس
يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى
عليه السلام، فهو كافر”
فهذه الطامة وحدها تسقط كل ذلك الثناء العجيب
قال السنوسي ص146 من كتابه المذكور:” قال الشيخ الأكبر في الباب الثالث
عشر بعد الثلاثمائة من الفتوحات “
والشيخ الأكبر هو ابن عربي الكافر صاحب وحدة الوجود
وقال السنوسي في ص 143 من كتابه المذكور :” والثالث الراسخون من ذوي
التمكين الراقين ذروة سنام حق اليقين فهؤلاء كفاهم عن طلب الأحكام ما اتاهم ربهم من
العلوم الدافقة على سرائرهم المطابقة لعين ما شرعه على لسان رسوله تنزلاً لا نزولاً
ولا يقتضي شرعاً ولا نبوة فكان بعضهم يقول حدثني قلبي عن ربي وبعضهم يسأل عن الشيء
فيقول حتى أسأل عنه جبريل ! “
فهذا الكفر البواح من دعوى أن جبريل لا زال ينزل على الأولياء أيقال عمن
يقول به أنه استوعب الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة
وقد أول السنوسي هذه الكلمة بأن المقصود بجبريل الملك المصاحب له صاحب
حاله ولا يلزم أن يكون جبريل صاحب الناموس !!
واستمر بكفره حتى قال في ص144 :” وما أحسن ما قيل في هذا المعنى المثيل
ومن يسمع الأخبار من غير واسط *** حرام عليه سمعها بالوسائط “
وهذا الحرام قد وقع فيه عامة الصحابة والتابعين وأتباع التابعين من أولياء
الله حقاً ممن كان يسمعون الحديث بالإسناد ويرحلون في طلبه .
وهذا عمر المحدث الملهم كان يطلب
السنة ولا يدعي ما يدعيه هؤلاء ففي حادثة طاعون عمواس استفاد خبراً من عبد الرحمن بن
عوف .
وعند وفاة النبي صلى الله عليه
وسلم ذكره أبو بكر بآية ، وفي حادثة حروب الردة احتج عليه الصديق ، ولم يكن يعرف سنة
الاستئذان حتى سمعها من أبي موسى ، وفي توريث المرأة من دية زوجها كان له رأي حتى سمع
الخبر بخلافه فترك قوله للحديث
وقال السنوسي في ص142 من كتابه المذكور :” ومنهم المستفتي قلبه ومنهم
من يمد الملك في سره المنير كحال أبي يزيد والسيد محمد بن موسى ومنهم المشاهد الرسول
المستمد منه كل سول وذلك الشاذلي والزولي وأبي السعود والمتبولي والسيوطي والقناوي
وأبي مدين والشعراني والشيخ محيي الدين ونحوهم فكم أثرت عنهم في ذلك أحوال ، وتواترت
أقوال وعدهم بعضهم كالشيخ محيي الدين من الصحابة “!
فهؤلاء كلهم صحابة لأنهم رأوا النبي صلى الله عليه وسلم يقظة ! ، وهكذا
قد نالوا رتبة ما نال كل التابعين وأتباع التابعين وأصحاب القرون الفاضلة خلا الصحابة
!
أقول : وهذه الأقاويل للسنوسي الكبير تكفي إذ هو المؤسس ومن معينه الكدر
يرتوون .
والسبب في دعوى سلفيته تلك النفثة
القومية عند بعض الناس
فلأن بعض الشخصيات يكون لها أثر كبير في تاريخ بلاده ، ويرى لهم بعض الأقوال
الموافقة للسنة فيظهرها ويحاول تصوير هذا الرجل على أنه كالإمام المجدد محمد بن عبد
الوهاب كما يفعل بعضهم مع محمد رشيد رضا ، وكما فعل مشهور حسن مع عز الدين القسام
وقد قال البربهاري في شرح السنة [148] ولا يحل لرجل أن يقول: فلان صاحب
سنة حتى يعلم منه أنه قد اجتمعت فيه خصال السنة، لا يقال له: صاحب سنة حتى تجتمع فيه
السنة كلها.
وهذا السنوسي أشبه ما يكون بعبد الوهاب الشعراني فهو مع كونه موغلاً بالخرافية
، إلا أنه له كلام في كتابه الميزان في محاربة التعصب المذهبي من أحسن الكلام ، فلو
قرأ رجل بعض كلامه في ذلك الكتاب ولم يقرأ طبقات الصوفية لظنه رجلاً صالحاً ، ولكنه
في الحقيقة هدم كل ما دعا إليه من خير بتلك الخرافية السمجة
وهذا السيوطي مع اتساعه في الإطلاع وتصنيفه في ذم المنطق إلا أنه أشعري
صرف ، وعنده خرافات كثيرة
والمدعو محمد رشيد رضا حارب التعصب المذهبي وحارب بعض الخرافات إلا أنه
عنده عقلانية جامحة حملته على إنكار الكثير من الأخبار الغيبية الثابتة أو تأويلها
بتأويلات المعتزلة
وهذا النفس الوطني الذي يحمل البعض على تحريف الحقائق العلمية ليس من السلفية
من شيء ولا من البحث العلمي النزيه
وقد كان للصلابي القدح المعلى في هذه الطريقة السيئة في البحث في بحثه
عن الحركة السنوسية ، حتى أنه ميع الخلاف مع الأشاعرة جداً ليميع الخلاف مع السنوسية
وكتاب السنوسي المذكور منشور في ملتقى أهل الحديث ، وإنني لأعجب منهم مع
تحفظهم الشديد على النشر لبعض من يخالفهم ، ينشرون مثل هذه الكتب والله المستعان
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم