الرد على عيد الدويهيس في قوله ( الإسلام لا يناقض الديمقراطية )

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه

أما بعد :

فإن من الكتاب الناشطين في نقد العلمانية الكاتب الكويتي عيد الدويهيس
، غير أنه كغيره من المتحمسين للدفاع عن الإسلام مع عدم المعرفة التامة بالإسلام الحقيقي
، كحال الكثيرين من المشتغلين بالرد على النصارى والرافضة والعلمانيين تجد أنهم أعلم
بالمذاهب التي يردون عليها منهم بمذهب السلف لذا يقع لهم ما لا يحمد أثناء الرد

قال عيد الدويهيس في كتابه العلمانية في ميزان العقل :” يتهم الإسلام
بأنه يناقض الديمقراطية، وهذا الاتهام ليس صحيحا، فمن المعروف أن الشورى واجبة، ومن
المعروف أن الرسول صلى الله عليه وسلم، وكل حاكم مسلم عادل يشاور المسلمين، واختلف
فقهاؤنا هل الشورى ملزمة للحاكم أم لا؟ ومن قال بأنها ملزمة للحاكم اقترب كثيراً من
الديمقراطية الغربية، وعموماً واقع كثير من الدول الإسلامية الملتزمة بالإسلام ليس
سيئاً في جانب الشورى حتى ولو حدث استبداد في فترات من تاريخنا. وإذا أضفنا إلى ذلك
أن الديمقراطية الغربية ليست الصورة الأفضل للشورى لما فيها من سلبيات جعلت” تشرشل
” يصفها بأنها أحسن الأنظمة السيئة. فإن محاكمة الإسلام بناء على المقاييس الغربية
للديمقراطية خطأ، كما أن محاكمته بناء على ضعف المسلمين وعدم التزامهم بالشورى خطأ”

بل الإسلام يناقض الديمقراطية فإن الديمقراطية من حكم الجاهلية

قال الله تعالى : ( أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ
مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)

فجعل حكم الجاهلية مقابلاً لحكم الله عز وجل

والشورى في الإسلام تناقض الديمقراطية تمام المناقضة

فالشورى تكون لأهل الرأي أو لأهل الحل والعقد ، وفي الديمقراطية تكون للدهماء
بل وللفساق بل والمبتدعة والكفار

والشورى لا تكون في الأمر الذي فيه نص واضح ، وفي الديمقراطية تكون في
كل شيء

وأما كون الشورى ملزمة ، وإيجابها على الحاكم لم يقل به أحد من الفقهاء
وإنما قال به بعض الحركيين السفهاء

قال البخاري في الأدب المفرد 257: حَدثنا صَدَقَةُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا
ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عُمَرَ بْنِ حَبِيبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: قَرَأَ
ابْنُ عَبَّاسٍ: وَشَاوِرْهُمْ فِي بَعْضِ الامْرِ.

وهذه قراءة تفسيرية ، فهذا ما فهمه السلف أنه لا يلزم المشورة في كل شيء

والصديق في حروب الردة لم يقبل مشورة عمر بل ناظره حتى أقنعه ، ولما عارضه
بعض الناس في تولية عمر قال (أَقُولُ : اللَّهُمَّ أَمَّرْت عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِك)

وإذا قسنا هذه المسألة على اختلاف الفقهاء فقلنا أن إمام المسلمين يعتبر
كنفسه إماماً مجتهداً ويعتبر الذين يشورهم أئمة مجتهدين فلم يلزم أحد من الناس الفقيه
المجتهد أن يأخذ بقول بقية الفقهاء إذا انفرد عنهم

وما فيه مصالح المسلمين ينقسم إلى قسمين

منه ما فيه نص واضح فهذا لا يحتاج إلى مشورة

ومنه ما تتجاذب فيه الاجتهادات فهذا يشور فيه ويكون المعول على الحجة

قال أحمد بن محمد بن شاكر في عمدة التفسير (5/89) عند حديثه عن قول الله
عز وجل: {أفغير الله أبتغي حكما…} إلى قوله: {وهو أعلم بالمهتدين} : “هذه الآيات
وما في معناها تدمغ بالبطلان نوع الحكم الذي يخدعون به الناس ويسمونه الديمقراطية إذ
هي حكم الأكثرية الموسومة بالضلال هي حكم الدهماء والغوغاء”.

وقال أيضاً في (1/ 383) من عمدة التفسير ط دار الوفاء :” وهذه الآية
( وشاورهم في الأمر ) ، والآية الأخرى ( وأمرهم شورى بينهم ) ، اتخذها اللاعبون بالدين
في هذا العصر من العلماء وغيرهم عدتهم في التضليل بالتأويل ليواطئوا ، صنع الإفرنج
في النظام الدستوري الذي يزعمونه ويخدعون الناس بتسميته ( النظام الديمقراطي ) ، فاصطنع
هؤلاء اللاعبون شعاراً من هاتين الآيتين يخدعون به الشعوب الإسلامية أو المنتسبة للإسلام
، يقولون كلمة حق يراد بها الباطل ، يقولون : الإسلام يأمر بالشورى ، ونحو ذلك من الألفاظ
، وحقاً إن الإسلام يأمر بالشورى ، ولكن أي شورى يأمر بها الإسلام ؟

إن الله يقول لرسوله صلى الله عليه وسلم ( وشاورهم في الأمر فإذا عزمت
فتوكل على الله ) ومعنى الآية واضحٌ صريح لا يحتاج إلى تفسير ، ولا يحتمل التأويل ،
فهو أمرٌ للرسول صلى الله عليه وسلم ، ثم لمن يكون ولي الأمر من بعده ، أن يستعرض آراء
أصحابه الذين يراهم موضع الرأي ، الذين هم أولو الأحلام والنهى في المسائل التي تكون
موضع تبادل الآراء وموضع الاجتهاد في التطبيق ، ثم يختار من بينها ما يراه حقاً أو
صواباً أو مصلحة فيعزم على إنفاذه غير متقيد برأي فريق معين ولا برأي عدد محدود ، لا
برأي أكثرية ولا برأي أقلية ، فإذا عزم توكل على الله وأنفذ العزم على ما ارتآه.

ومن المفهوم البديهي الذي لا يحتاج إلى دليل أن الذين أمر الرسول صلى الله
عليه وسلم بمشاروتهم _ ويأتسي به من يلي الأمر من بعده _ هم الرجال الصالحون القائمون
على حدود الله المتقون المقيمون الصلاة ، المؤدون الزكاة المجاهدون في سبيل الله الذي
قال فيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ليلني منكم أولو الأحلام والنهى ) ، ليسوا
هم الملحدين ولا المحاربين لدين الله ولا الفجار الذين لا يتورعون عن منكر ولا الذين
يزعمون أن لهم أن يضعوا شرائع وقوانين تخالف دين الله وتهدم شريعة الإسلام وأولئك
_ من بين كافر وفاسق _ موضعهم الصحيح تحت السيف أو السوط لا موضع الاستشارة وتبادل
الآراء “.

وهذا الكلام حسن غاية في بيان مناقضة الديمقراطية للشورى في الإسلام

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم