الرد على «عبد الرحمن عبد الخالق» في قوله أن السلف كانوا يصلون خلف الجهمية

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال عبد الرحمن عبد الخالق في كتابه المنهج المعتدل :

 “فهذا علي بن أبي طالب رضي
الله عنه وابن عمر وأصحاب النبي ? لم يكفروا الخوارج مع تكفير الخوارج لعلي والمسلمين

 وهاهم أهل السنة لم يكفروا أهل
التأويل في الصفات من الجهمية، والمعتزلة والأشعرية وفرقوا بين مقالاتهم الكافرة وبين
القائلين بهذه المقالات، والتمسوا العذر بالجهل فيما ذهبوا إليه من التأويل

 ولم يمتنعوا من قبول رواياتهم
والثناء على من رد منهم بدعة أكبر من بدعته، وصلوا خلفهم إلا من استحل الكذب منهم وثبت
عندهم أنه زنديق يقول ما ليس في قلبه، ويتلون ليفسد على المسلمين دينهم”.

هذا كذب على أهل السنة فإن أئمة أهل السنة لا تختلف الرواية عنهم في عدم
جواز الصلاة خلف الجهمية الصرحاء ، والمعتزلة القائلين بخلق القرآن ، بل والإنكار على
من يصلي خلف الجهمي إذا لم يكن الإمام الأعظم ، وإذا كان الإمام الأعظم فأحمد كان يصلي
خلفه ويعيد:

(1) قال حرب الكرماني في مسائله (3/1073) : حدثنا إبراهيم بن عبد الله
الأنصاري، عن أبي عبيد قال: ما أبالي صليت خلف الجهمي والرافضي أم صليت خلف اليهودي
والنصراني، ولا يصلى خلف من لا يقدم أبا بكر على الخلق أجمعين بعد رسول الله – صلى
الله عليه وسلم -، فأما الصلاة خلف القدري، والخارجي والمرجئ فلا أحبها، ولا أراها.

سمعت أحمد بن يونس قال: سمعت زائدة يقول: لو كان رافضيًّا ما صليت وراءه.
حدثنا أحمد بن يونس قال: سمعت رجلًا يقول لسفيان الثوري: الرجل يكذب بالقدر أصلي وراءه؟
قال: لا تقدموه.

حدثنا محمد بن الوزير قال: حدثنا مروان قال: سألتُ مالكًا هل يصلى خلف
القدري؟ قال: لا.

حدثنا عبيد الله بن يوسف قال: حدثني فطر بن حماد قال: سألتُ معتمر بن سليمان
فقلت: إمام لقوم يقول: القرآن مخلوق، أصلي خلفه؟ قال: أصلي خلف مسلم أحب إليّ. قال
فطر: فأتيت يزيد بن زريع فقلت: إمام لقوم يقول: القرآن مخلوق، أصلي خلفه؟ قال: لا،
ولا كرامة.

(2) قال أبو داود في مسائله (1/43) : سمعت أحمد سئل عن رجل تكلم ببدعة
فقيل إن هذا بدعة فرجع عنه، قال فصلوا خلفه إذا كنتم ترضونه ورجع عن الذي تكلم به،
قال أبو داود قلت أيام كان يصلي الجمع الجهمية، قلت له الجمعة قال أنا أعيد ومتى ما
صليت خلف أحد ممن يقول القرآن مخلوق فأعد، قلت وتعرفه؟ قال نعم

(3) قال البخاري في خلق أفعال العباد (2/33) :” مَا أُبَالِي صَلَّيْتُ
خَلْفَ الْجَهْمِيِّ الرَّافِضِيِّ أَمْ صَلَّيْتُ خَلْفَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى
، وَلاَ يُسَلَّمُ عَلَيْهِمْ ، وَلاَ يُعَادُونَ ، وَلاَ يُنَاكَحُونَ ، وَلاَ يُشْهَدُونَ
، وَلاَ تُؤْكَلُ ذَبَائِحُهُمْ.

52- وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ : هُمَا مِلَّتَانِ : الْجَهْمِيَّةُ
، وَالرَّافِضيَّةُ.

(4) قال اللالكائي في السنة 688 – ذكره عبد الرحمن قال : ثنا إسماعيل بن
صالح الحلواني ، قال : سمعت محمد بن سليمان المصيصي لوين قال : قيل لابن عيينة هذه
الأحاديث في الرؤية ترويها ، فقال : « حق نرويها على ما سمعناها ممن نثق به ونرضى به
» روى عنه أبو مروان الطبري ، لا نصلي خلف الجهمي ، والجهمي الذي يقول : « لا يرى ربه
يوم القيامة »

(5) قال ابن شاهين في شرح مذاهب أهل السنة 20 – حدثنا أحمد بن محمد بن
إسماعيل الآدمي ، نا الفضل بن زياد ، نا أبو طالوت ، عن أبي عبد الله ، قال : قلت
: « من صلى خلف جهمي سنة يعيد الصلاة ؟ قال : نعم ، يعيد سنة سنة وسنتين ، كلما صلى
خلفه يعيد »

(6) قال ابن قدامة في الكافي (1/ 368) : ولا تجوز الصلاة على كافر، لقول
الله تعالى: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلا تَقُمْ عَلَى
قَبْرِهِ}[التوبة: 84] ، وقال الله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا
أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى}[التوبة: 113]
. ومن حكمنا بكفره من أهل البدع لم يصل عليه، قال أحمد: لا أشهد الجهمي ولا الرافضي،
ويشهدهما من أحب.

(7) قال ابن عبد الخالق في زوائد الورع (1/89) : سألت عبد الوهاب عمن لا
يكفر الجهمية قلت يا ابا الحسن يصلي خلفه قال لا يصلي خلفه هذا ضال مضل منهم على الاسلام.

ولا تختلف الرواية عن أئمة الإسلام في هذا ، ولم يطلق أحدٌ منهم جواز الصلاة
خلف الجهمية الصرحاء كما ادعى عبد الرحمن عبد الخالق.

وقوله (ولم يمتنعوا من قبول رواياتهم والثناء على من رد منهم بدعة أكبر
من بدعته)، وليس هذا صحيحاً ، فإن عامة الأئمة كان يجتنبون الرواية عن الدعاة إلى البدعة
، وما أثنوا على ردودهم على أهل الباطل لأنها مبنية على منهجية باطلة.

قال شيخ الإسلام في درء التعارض (7/183) :” وأهل الكلام الذين ذمهم
السلف لا يخلو كلام أحد منهم عن مخالفة السنة ورد لبعض ما أخبر به الرسول كالجهمية
والمشبهة والخوارج والروافض والقدرية والمرجئة ، ويقال بأنها لا بد أن تحرس السنة بالحق
والصدق والعدل لا تحرس بكذب ولا ظلم فإذا رد الإنسان باطلا بباطل وقابل بدعة ببدعة
كان هذا مما ذمه السلف والأئمة”.

ولم يصح عن الأئمة أنهم رووا عن الجهمية الصرحاء ، وإن كان قد تجوز بعضهم
بالرواية عن بعض الواقفةوأما اللفظية فقد تركوهم والأشاعرة أضلع في التجهم من كل هؤلاء 

 وقال عبد الحليم ابن تيمية في
المسودة (1/265) :” قال أحمد في رواية الأثرم وقد ذكر له أن فلانا أمرنا بالكتب
عن سعيد العوفي فاستعظم ذلك وقال ذلك جهمى ذلك أمتحن فأجاب قبل أن يكون تهديد فنهى
نهيا مطلقا وعلل بالتجهم”.

فأحمد ينكر الرواية عن الجهمية فأين دعوى عبد الرحمن عبد الخالق ؟

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (7/ 386) :” ولكن لما اشتهر
الكلام فى القدر ودخل فيه كثير من اهل النظر والعباد صار جمهور القدرية يقرون بتقدم
العلم وإنما ينكرون عموم المشيئة والخلق وعن عمرو بن عبيد فى إنكار الكتاب المتقدم
روايتان وقول أولئك كفرهم عليه مالك والشافعى وأحمد وغيرهم وأما هؤلاء فهم مبتدعون
ضالون لكنهم ليسوا بمنزلة أولئك وفى هؤلاء خلق كثير من العلماء والعباد كتب عنهم العلم
وأخرج البخاري ومسلم لجماعة منهم لكن من كان داعية إليه لم يخرجوا له وهذا مذهب فقهاء
أهل الحديث كأحمد وغيره ان من كان داعية الى بدعة فإنه يستحق العقوبة لدفع ضرره عن
الناس وإن كان فى الباطن مجتهدا وأقل عقوبته أن يهجر فلا يكون له مرتبة فى الدين لا
يؤخذ عنه العلم ولا يستقضى ولا تقبل شهادته ونحو ذلك ومذهب مالك قريب من هذا ولهذا
لم يخرج أهل الصحيح لمن كان داعية ولكن رووا هم وسائر أهل العلم عن كثير ممن كان يرى
فى الباطن رأي القدرية والمرجئة والخوارج والشيعة”.

وكلام السلف في تكفير الجهمية أكثر من كلامهم في تكفير أي فرقة أخرى.

قال شيخ الإسلام في بيان تلبيس الجهمية (2/45) :” ولا يقدر أحد ان
ينقل عن أحد من سلف الامة وأئمتها في القرون الثلاثة حرفا واحدا يخالف ذلك لم يقولوا
شيئا من عبارات النافية أن الله ليس في السماء والله ليس فوق العرش ولا انه لا داخل
العالم ولا خارجه ولا ان جميع الامكنة بالنسبة اليه سواء ولا انه في كل مكان او انه
لا تجوز الاشارة الحسية اليه ولا نحو ذلك من العبارات التي تطلقها النفاة لان يكون
فوق العرش لا نصا ولا ظاهرا بل هم مطبقون متفقون على أنه نفسه فوق العرش وعلى ذم من
ينكر ذلك بأعظم مما يذم به غيره من أهل البدع مثل القدرية والخوارج والروافض ونحوهم،
وإذا كان كذلك فليعلم ان الرازي ونحوه من الجاحدين لان يكون الله نفسه فوق العالم هم
مخالفون لجميع سلف الأمة وأئمتها الذين لهم في الامة لسان صدق ومخالفون لعامة من يثبت
الصفات من الفقهاء وأهل الحديث والصوفية والمتكلمين مثل الكرامية والكلابية والأشعرية
الذين هم الأشعري وأئمة اصحابه ولكن الذين يوافقونه على ذلك هم المعتزلة والمتفلسفة
المنكرون للصفات وطائفة من الأشعرية وهم في المتأخرين منهم اكثر منهم في المتقدمين
وكذلك من اتبع هؤلاء من الفقهاء والصوفية وطائفة من أهل الحديث”.

قال شيخ الإسلام في درء التعارض (5/257) :” ولهذا كان السلف والأئمة
يتكلمون في تكفير الجهمية النفاة بما لا يتكلمون به في تكفير غيرهم من أهل الأهواء
والبدع”
 وهذا ينسحب على الإباضية والزيدية والرافضة وهم يقولون بخلق القرآن صراحةً
، وينكرون الرؤية وعلو الله عز وجل.

ومثلهم الأشاعرة وإياهم قصد ابن تيمية في كلامه 

وبهذا يعلم افتراء عبد الرحمن عبد الخالق على السلف في زعمه أن السلف كانوا
يصلون خلف أصحاب البدع المكفرة ، ويقبلون روايتهم ويثنون عليهم

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم