الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال أحمد في مسنده 26316 : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: 

 لَقَدْ أُنْزِلَتْ آيَةُ الرَّجْمِ وَرَضَعَاتُ الْكَبِيرِ عَشْرًا، فَكَانَتْ فِي وَرَقَةٍ تَحْتَ سَرِيرٍ فِي بَيْتِي، فَلَمَّا اشْتَكَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَشَاغَلْنَا بِأَمْرِهِ، وَدَخَلَتْ دُوَيْبَةٌ لَنَا فَأَكَلَتْهَا .

أقول : هذه الرواية يستدل بها الروافض والمستشرقون والنصارى وغيرهم ، على الطعن في القرآن

 ولو صح لم يكن حجةً لهم ، ولكن ذكر الدويبة وهو موطن الشاهد عندهم منكر

 فقد انفرد به ابن إسحاق وهو صدوق من دون الإمام مالك

قال الإمام مالك في الموطأ 1270 : عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه و سلم أنها قالت كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو فيما يقرأ من القرآن

 قال يحيى قال مالك وليس على هذا العمل.

أقول : فلم يذكر مالك قصة الدويبة وشيخه وشيخ ابن إسحاق واحد ورواه سليمان بن بلال عن يحيى بن سعيد عن عمرة بدون قصة الدويبة

قال الإمام مسلم 3588- [25-…] حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ ، عَنْ يَحْيَى ، وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ، أَنَّهَا سَمِعَتْ عَائِشَةَ ، تَقُولُ : وَهِيَ تَذْكُرُ الَّذِي يُحَرِّمُ مِنَ الرَّضَاعَةِ قَالَتْ عَمْرَةُ : فَقَالَتْ : عَائِشَةُ ، نَزَلَ فِي الْقُرْآنِ عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ ، ثُمَّ نَزَلَ أَيْضًا خَمْسٌ مَعْلُومَاتٌ.

وإليك بعض كلام الأئمة في ابن إسحاق لتعلم أنه لا يحتمل منه هذا التفرد من دون هؤلاء الأئمة

قال المزي في تهذيب الكمال :” و قال حنبل بن إسحاق : سمعت أبا عبد الله يقول : ابن إسحاق ليس بحجة .

و قال أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد : سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل و سأله رجل عن محمد بن إسحاق ، فقال له :

كان أبى يتبع حديثه فيكتبه كثيرا بالعلو و النزول و يخرجه فى ” المسند ” ، و ما رأيته أنفى حديثه قط .

قيل له : يحتج به ؟ قال : لم يكن يحتج به فى السنن .

و قال أيوب بن إسحاق بن سافرى : سألت أحمد بن حنبل ، فقلت : يا أبا عبد الله ابن إسحاق إذا تفرد بحديث تقبله ؟

قال : لا ، و الله إنى رأيته يحدث عن جماعة بالحديث الواحد ، و لا يفصل كلام ذا من ذا .

قال : و أما على ابن المدينى فكان يثنى عليه و يقدمه .

و قال محمد بن عثمان بن أبى شيبة : سألت عليا عن محمد بن إسحاق ، فقال : هو صالح وسط .

و قال أحمد بن أبى خيثمة : سمعت يحيى بن معين يقول : محمد بن إسحاق ليس به

بأس .

قال : و سئل يحيى بن معين عنه مرة أخرى فقال : ليس بذاك ، ضعيف “

وضعفه أيضاً النسائي وقال الدارقطني :”: اختلف الأئمة فيه ، و ليس بحجة ، إنما يعتبر به

ولذا قال الذهبي :” الإمام كان صدوقا من بحور العلم ، و له غرائب فى سعة ما روى تستنكر ، و اختلف فى الاحتجاج به ، و حديثه حسن و قد صححه جماعة”

فقصة الدويبة من مناكيره فلا حجة لأعداء الله ورسوله فيها ، ولو صحت فلا حجة فيها لهم فلا يعقل ألا يوجد القرآن إلا عند عائشة والنبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم أصحابه القرآن ويكتبونه ويتلى في الصلوات 

وسبب وهم ابن إسحاق أنه دخل عليه حديث الإفك وفيه أن الداجن كانت تأكل عجين عائشة ، مع حديث الرضعات فحصل له الوهم 

 يقول ابن قتيبة الدينوري رحمه الله :
” ألفاظ حديث مالك خلاف ألفاظ حديث محمد بن إسحاق ، ومالك أثبت عند أصحاب الحديث من محمد بن إسحاق ” انتهى من ” تأويل مختلف الحديث ” (ص/443)

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم