أرسل لي أحد الأخوة أن الدكتور شافي العجمي غرد قائلاً :
” يجب على كل مسلم أن يعزم على إقامة الدولة الإسلامية وإذا جاهد
مدافعاً عن ماله أو نفسه فهو شهيد ولو لم يعلن عن نيته إقامة الدولة “
أقول : هذا كلام عجب جعل الغاية فيه من الجهاد إقامة الدولة !
وهذا باطل بل الغاية من الجهاد توحيد الله عز وجل
قال الله تعالى : ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ) ، والفتنة الشرك
وقال الله تعالى : ( وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِن اللَّهَ
لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40) الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ
وَآَتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ
عَاقِبَةُ الْأُمُورِ)
وأعظم المعروف التوحيد وأعظم المنكر الشرك فالتمكين في الأرض وسيلة لتحقيق
التوحيد وليس غاية
ولا سبيل إلى تحصيل التمكين إلا بتصحيح العقيدة
قال الله تعالى : ( وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا
الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ
قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ
مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ
كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)
فوعد بالاستخلاف لمن لم يشرك بالله وآمن به إيماناً صحيحاً
فمن علم هذا ، علم أنه من السفه مخاطبة عوام المسلمين بإقامة الدولة المسلمة
مع كل ما يقعون فيه من مخالفات عقدية
وفي يوم أحد خالف الرماة أمراً واحداً فقط للنبي صلى الله عليه وسلم فكانت
النتيجة الهزيمة فما بالك بفشو الشرك والبدع
فكيف يعتنى بالتابع ويترك الأصل أو يهمل وقد علم القاصي والداني جلوس شافي مع الجهمية الأشعرية وثنائه عليهم وعلم الناس عقيدة طالبان وأنهم كثيراً منهم على عقيدة الماتردية
وأما قول شافي ( وإذا جاهد مدافعاً عن ماله أو نفسه فهو شهيد ولو لم يعلن
عن نيته إقامة الدولة) فكلام متناقض
قال البخاري في صحيحه 2480 : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ حَدَّثَنَا
سَعِيدٌ هُوَ ابْنُ أَبِي أَيُّوبَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو الْأَسْوَدِ عَنْ عِكْرِمَةَ
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ
والمدافع عن ماله أو نفسه لا محل للكلام عن نية إقامة الدولة فإن إقامة
الدولة حتى على منهجكم إنما تكون عن طريق جهاد الطلب لا جهاد الدفع فجهاد الطلب من
باب طلب الربح وجهاد الدفع من باب حفظ رأس المال
وفي جهاد الطلب النية ينبغي أن تكون إعلاء كلمة الله لا أي نية أخرى تتعلق
بالمال أو الولد أو الجاه
قال البخاري في صحيحه 2810 : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ حَدَّثَنَا
شُعْبَةُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ الرَّجُلُ
يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى
مَكَانُهُ فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ
هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ
وليعلم أن الإجماع منعقد على أن المسلمين إذا لم يكن عندهم قدرة على مواجهة
العدو أن لهم أن يفروا
قال الكيا هراسي في أحكام القرآن (1/162) :” ولا نعلم خلافاً أن الكفار
أو قطاع الطرق إذا قصدوا وكان لا طاقة لأهلها بهم فلهم أن يتنحوا من بين أيديهم فراراً
وإن كانت الآجال مقدرة “
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم