الرد على سعيد الكملي في صفة الحياء …

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فقد استمعت لمقطع للداعية المغربي سعيد الكملي وهو يشرح الموطأ بعنوان
(سعيد الكملي وصفات رب العزة) يتكلم فيه عن صفة الحياء فخلط وخبط ونقل شبهات الجهمية
وما أجاب عليها ، ثم ذكر قول السلف ( أمروها كما جاءت ) وقال ( وهذا أسلم ) فالظاهر
أنه يرى التفويض وطريقة الأشاعرة أنهم ينسبون السلف إلى التفويض ويقولون طريقتهم (
أسلم ) والخلف إلى التحريف الذي يسمونه تأويلاً ويقولون ( هذا أعلم وأحكم)

والكملي ميع المسألة تماماً وصار يقول ( اختلف العلماء )! والمسألة سنة
وبدعة

والشبهة التي اعتمدها في دعواه أن ظاهر النص يوهم المماثلة أن الحياء تعريفه
( انقباض النفس لخشية مكروه ) وهذا ممتنع في الله عز وجل

وهذه شبهة معروفة عند المعطلة فهم تأولوا صفة الغضب بحجة أن الغضب غليان
الدم في القلب

وقد نقض هذه الشبهة شيخ الإسلام ابن تيمية بما مفاده أنهم يثبتون صفة الإرادة
والإرادة تعريفها في بني آدم ميل القلب ، فإذا أثبتوا الله إرادة ليست كإرادة المخلوقين
، فليثبتوا غضباً ومحبة وحياءً

قال شيخ الإسلام كما في جامع المسائل (3/175) :” فإن قال: لأن الغضب
هو غَلَيَانُ دمِ القلب لطلبِ الانتقام، وذلك لا يليق بالله.

قيل له: هذا غَضَبُنا، وغضبُ الله ليس مثل غَضَبنا، بل يقال له:

هذا هو مقتضى الغضب فينا أو موجبه، ليس هو نفس الغضب، والله تعالى لا يوصف
بما نحتاج إليه نحن في ثبوت الصفات، فإنه عليم، ولا يحتاج في علمه إلى النظر والاستدلال
الذي يُحصِّلُ لنا العلمَ، وهو قدير ولا يحتاج إلى مزاج وعلاج يُحصَّل له القوة، وهو
بصير ولا يحتاج إلى شحمة، وهو متكلم ولا يحتاج إلى لسانٍ وشفتين.

فكذلك غضبُه لا يَفتقِرُ إلى ما يفتقر إليه غَضبُنا.

فإن قال: أنا لا أعرِفُ الغضبَ إلا هكذا.

قيل له: فتأوَّلِ الإرادةَ، فإن الإرادة فينا هي مَيلُ القلب إلى جَلْب
ما ينفعُه أو دفعِ ما يَضرُّه، والله تعالى لا يُوصَف بذلك.

فإن قال: إرادتُه ليست كإرادتنا.

قيل له: فقُلْ في الغضب كذلك، وهكذا في سائر الصفات”

بل صفة الحياة لله عز وجل يلزمهم إنكارها لهذه الشبهة فإن الحياة في بني
آدم اتصال الروح بالجسد فإذا فارقت الروح الجسد كلياً مات المرء

فيقال لهم انفوا صفة الحياة أيضاً بناءً على هذه الوسوسة الشيطانية

وقال شيخ الإسلام في شرح حديث النزول ص24 :” فإذا قال : لا يعقل في
الشاهد غضب إلا غليان دم القلب لطلب الانتقام، ولا يعقل نزول إلا الانتقال، والانتقال
يقتضى تفريغ حيز وشغل آخر، فلو كان ينزل، لم يبق فوق العرش رب .

قيل : ولا يعقل في الشاهد إرادة إلا ميل القلب إلى جلب ما يحتاج إليه وينفعه،
ويفتقر فيه إلى ما سواه ودفع ما يضره، واللّه ـ سبحانه وتعالى ـ كما أخبر عن نفسه المقدسة
في حديثه الإلهي : “يا عبادي، إنكم لن تبلغوا نَفْعِي فتنفعوني، ولن تبلغوا ضُرِّي
فتضروني ” ؛ فهو منزه عن الإرادة التي لا يعقل في الشاهد إلا هي .

وكذلك السمع لا يعقل في الشاهد إلا بدخول صوت في الصًّمَاخ [ الصِّماخ
: خَرْق الأذن، ويطلق على الأذن نفسها ] ، وذلك لا يكون إلا في أجوف؛ واللّه ـ سبحانه
ـ أحد صمد منزه عن مثل ذلك، بل وكذلك البصر والكلام لا يعقل في الشاهد إلا في محل أجوف،
واللّه ـ سبحانه ـ أحد صمد منزه عن ذلك “

الله أكبر قد جعل الشيخ شبهتهم رماداً .

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم