الرد على زعم كون الإمام أحمد لا يفهم مذاهب المعتزلة

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

أرسل لي أحد الأخوة كلام لرجل جهمي يحاول الانتصار للقول بخلق القرآن ويزعم أن أحمد ما كان يفهم مذاهب الجهمية والمعتزلة ويخلط بينهما

ونشر كلامه شخص منتسب للسلفية تقاليعه صارت مثيرة للغثيان

يقول أن المعتزلة يعتبرون القرآن صفة فعلية !

ويا ليت شعري أين ذهبت شبهة حلول الحوادث وكيف يثبتون لله صفات فعلية وفي هذه الحال ما الفرق بينهم وبين أهل الحديث القوم يصرحون أن القرآن ( مخلوق ) ونحن ( مخلوقات ) فهل يصح أن يقال أننا صفات فعلية لله عز وجل تعالى الله عما يقول الجاهلون

حجة أهل الحديث الدامغة عليهم أنهم خلطوا بين فعل الله ومفعوله والقرآن فرق فقال تعالى : ( إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ) قوله ( كن ) هو فعله ( فيكون ) مفعوله ( ألا له الخلق والأمر ) الخلق مفعوله والأمر فعله ( ولو كانت كن مخلوقة للزمت كن أخرى تخلق بها وهكذا يلزم التسلسل في المؤثرات وهو ممتنع وهذه حجة دامغة ولا أظن المعترض يفهمها ولا الناقل عنه بحسب خبرتي بمستواه في الفهم )

بهذه العقلية يريد التعقب على الإمام أحمد وكل أئمة أهل الحديث ومن أدلته أن أحمد يخلط بين المعتزلة والجهمية ما جاء في كتاب المحنة لعبد الغني المقدسي من قول أحمد : (إنما كان يعتمد على أولئك البصريين المعتزلة، برغوث وأصحابه)

فقال أن برغوثاً نجاري وليس معتزلياً

ولا تختلف كتب الفرق أن النجارية موافقين للمعتزلة في القرآن والرؤية والصفات فأحمد نسبه إليهم بهذا الاعتبار لأن المناظرة كانت في هذه الأبواب وكانت أقوالهم مطابقة لأقوال المعتزلة فلا خلط هنا كما أنه من البصرة وفيها يكثر الاعتزال

علما أن رواية عبد الغني في المحنة طويلة الإسناد وفيها من لا يعرف فتوهيم الراوي أيسر من توهيم الإمام وخصوصاً وأن الراوي هنا حنبل وله أغلاط معروفة علماً أن كلمة الإمام تخريجها ما ذكرت

ومما دلل به الجهمي على جهل الإمام أحمد بعقائد المعتزلة ما ورد في عقيدة التميمي منسوباً لأحمد بلا إسناد :” وأجمعت المعتزلة أن من سَرق حَبَّةٌ فهو كافر، تَبين منه امرأتُه، ويستأنف الحج إن كان حج”
وعقيدة التميمي نسب فيها أموراً إلى أحمد لا يقول بها البتة وقرب عقيدته من عقيدة الكلابية التي كان يميل إليها التميمي بحكم صحبته للباقلاني الأشعري

قال في مجموع الفتاوى (12/367): “وسلك طريقة ابن كلاب في الفرق بين الصفات اللازمة كالحياة و الصفات الاختيارية وان الرب يقوم به الأول دون الثاني كثير من المتأخرين من أصحاب مالك والشافعي وأحمد كالتميميين أبى الحسن التميمي وابنه أبى الفضل التميمي وابن ابنه رزق الله التميمي وعلى عقيدة الفضل التي ذكر أنها عقيدة أحمد أعتمد أبو بكر البيهقي فيما ذكره من مناقب أحمد من الاعتقاد”اهـ

وللشيخ كلام كثير في نقد هذا الاعتقاد المروي وبيان أنه أخذ من البيهقي وغيره لا من أصحاب الإمام الذين يروون عنه بالأسانيد الصحيحة المتصلة ولعل الباحث النحرير غره غلط مدخل الشاملة التي جعل عقيدة التميمي ( عقيدة الإمام أحمد رواية الخلال ) وهذا غلط من مدخل الشاملة نفق على كثيرين.