الرد على الصادق الغرياني في قوله بوجوب ترك الانتساب للسلفية

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:


فقد استمعت لمقطع للمفتي الليبي الصادق الغرياني
بعنوان ( توضيح سماحة المفتي بعدم انتسابة للاخوان و وجوب توحيد صف الاحزاب الاسلامية)

تكلم فيه كلاماً طويلاً ومن ضمن أنه ذكر أنه كتب كتاباً بعنوان مراجعات
في المنهج دعا فيه إلى ترك هذه التسميات والتحزبات ( سلفيين ) و ( إخوان ) و ( تكفير
)

وهذه تسوية بين الحق والباطل فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بأن الأمة
ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة وأن هناك واحدة ناجية والبقية هالكة ، وأن هناك طائفة
منصورة

وإنكار هذا اللقب ( السلفية ) بدعة عصرية

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (4/149) :” فيقال له لا عيب
على من أظهر مذهب السلف وانتسب إليه واعتزى إليه بل يجب قبول ذلك منه بالاتفاق فإن
مذهب السلف لا يكون إلا حقا”

وشيخ الإسلام هنا يبين علة عدم النهي عن الانتساب لمذهب وهو أنه لا يكون
إلا حقاً في الوقت الذي كان كثير الأمة ينسب إلى غير المعصومين في المذاهب الفقهية
وغيرها

وقال ابن حجر في الدرر الكامنة (1/15) في ترجمة إبراهيم الجعبري
:” وقال ابن رافع كان عارفاً بفنون من العلم محبوب الصورة بشوشاً وكان يكتب بخطه
السلفي فسألته عن ذلك فقال بالفتح نسبة إلى طريقة السلف”

وقال الذهبي في السير (13/183) :” وَمَا عَلِمْتُ يَعْقُوْبَ الفَسَوِيَّ
إِلاَّ سَلَفِيّاً، وَقَدْ صَنَّفَ كِتَاباً صَغِيْراً فِي السُّنَّةِ”

وقال الذهبي أيضاً (16/ 457) :” لَمْ يَدْخلِ الرَّجُلُ أَبداً فِي
علمِ الكَلاَمِ وَلاَ الجِدَالِ، وَلاَ خَاضَ فِي ذَلِكَ، بَلْ كَانَ سلفيّاً، سَمِعَ
هَذَا القَوْلَ مِنْهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ”

وللمزيد في هذا الباب ليراجع كتاب ( إرشاد البرية إلى مشروعية الانتساب
للسلفية )

وتعليله بأن الله سمانا المسلمين لا ينافي التسمي باسم آخر فلا زال أهل
العلم على مدى القرون يسمون أنفسهم ( أهل السنة ) و ( وأهل الحديث ) وما أنكر هذا أحد
ممن يعتد به

وكلامه في الحقيقة متناقض فهو يقول ( عدم انتسابي للإخوان لا يعني القدح
فيهم ) ثم هو يذم الحزبية فهذا معناه أنه قدح فيهم !

وقوله الغرياني أن قول بعض الناس (يا إخواني ) ما ينبغي أن يكون تعييراً
وسباً ، فالإخوانية بدعة والنسبة إلى البدعة قدح ولا شك

والإخوان كلهم عندهم بدعة التجميع والتحزب

قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (15/ 286):” لأن المعصية إذا
كانت ظاهرة كانت عقوبتها ظاهرة كما في الأثر (من أذنب سرا فليتب سرا ومن أذنب علانية
فليتب علانية) وليس من الستر الذي يحبه الله تعالى كما في الحديث (من ستر مسلما ستره
الله) بل ذلك إذا ستر كان ذلك إقرارا لمنكر ظاهر وفى الحديث (إن الخطيئة إذا خفيت لم
تضر إلا صاحبها وإذا أعلنت فلم تنكر ضرت العامة) فإذا أعلنت عقوبتها بحسب العدل الممكن

ولهذا لم يكن للمعلن بالبدع والفجور غيبة كما روى ذلك عن الحسن البصري
وغيره لأنه لما أعلن ذلك استحق عقوبة المسلمين له وأدنى ذلك أن يذم عليه لينزجر ويكف
الناس عنه وعن مخالطته ولو لم يذم ويذكر بما فيه من الفجور والمعصية أو البدعة لاغتر
به الناس وربما حمل بعضهم على أن يرتكب ما هو عليه ويزداد أيضا هو جرأة وفجور ومعاصي
فإذا ذكر بما فيه إنكف وإنكف غيره عن ذلك وعن صحبته ومخالطته قال الحسن البصري: اترغبون
عن ذكر الفاجر اذكروه بما فيه كي يحذره الناس وقد روى مرفوعا و (الفجور) اسم جامع لكل
متجاهر بمعصية أو كلام قبيح يدل السامع له على فجور قلب قائله

ولهذا كان مستحقا للهجر إذا أعلن بدعة أو معصية أو فجورا أو تهتكا أو مخالطة
لمن هذا حاله بحيث لا يبالى بطعن الناس عليه فإن هجره نوع تعزير له، فإذا السيئات أعلن
هجره، وإذا أسر , أسر هجره ” ا هـ

قلت: في نص شيخ الإسلام هذا عدة فوائد

أهمها بالنسبة لي: إلحاق مجالس الداعي للبدعة به، فكيف إذا كان مدافعاً
منافحاً عنه مؤذياً لأهل السنة من أجله؟

ثم إن شيخ الإسلام لم يجعل شرط الإلحاق انعقاد الإجماع على كون هذا الرجل
مبتدعاً أو داعياً إلى بدعة فهذا الذي قرره شيخ الإسلام (منهج إقصائيٌ) عند بعضهم نسأل
الله السلامة ولم يعتبر في هذا الحكم كون المعلن بالبدعة أو المخالط له لهما حسنات
كثيرة فتأمل

قال أبو داود كما في طبقات الحنابلة (1/ 160): قلت لأبي عبدالله أحمد بن
حنبل: أرى رجلاً من أهل السنة مع رجل من أهل البدعة أترك كلامه؟

قال: لا، أو تُعلَمهُ أنَّ الرجل الذي رأيته معه صاحب بدعة , فإن ترك كلامه
فكلّمه، وإلاّ فألحقه به.

قال ابن مسعود ((المرء بخدنه)).

وقال مسلم في صحيحه 7347- [8-2884] وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي
شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْفَضْلِ
الْحُدَّانِيُّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ
، أَنَّ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : عَبَثَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فِي مَنَامِهِ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، صَنَعْتَ شَيْئًا فِي مَنَامِكَ لَمْ
تَكُنْ تَفْعَلُهُ ، فَقَالَ : الْعَجَبُ إِنَّ نَاسًا مِنْ أُمَّتِي يَؤُمُّونَ بِالْبَيْتِ
بِرَجُلٍ مِنْ قُرَيْشٍ ، قَدْ لَجَأَ بِالْبَيْتِ ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْبَيْدَاءِ
خُسِفَ بِهِمْ ، فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ الطَّرِيقَ قَدْ يَجْمَعُ النَّاسَ
، قَالَ : نَعَمْ ، فِيهِمُ الْمُسْتَبْصِرُ وَالْمَجْبُورُ وَابْنُ السَّبِيلِ ، يَهْلِكُونَ
مَهْلَكًا وَاحِدًا ، وَيَصْدُرُونَ مَصَادِرَ شَتَّى ، يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ عَلَى
نِيَّاتِهِمْ.

قال النووي في شرح مسلم :” وَفِي هَذَا الْحَدِيث مِنْ الْفِقْه التَّبَاعُد
مِنْ أَهْل الظُّلْم ، وَالتَّحْذِير مِنْ مُجَالَسَتهمْ ، وَمُجَالَسَة الْبُغَاة
وَنَحْوهمْ مِنْ الْمُبْطِلِينَ ؛ لِئَلَّا يَنَالهُ مَا يُعَاقَبُونَ بِهِ .

وَفِيهِ أَنَّ مَنْ كَثُرَ سَوَاد قَوْم جَرَى عَلَيْهِ حُكْمهمْ فِي ظَاهِر
عُقُوبَات الدُّنْيَا “

ومن العقوبات الالحاق به في باب التبديع والتحذير

قال الخطيب في تاريخ بغداد (8/611)أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَر بن
بكير الْمُقْرِئ، قَالَ: أَخْبَرَنَا حمزة بن أَحْمَدَ بْنِ مخلد الْقَطَّان، قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بن الْحَسَن بن هَارُون الموصلي، قَالَ: سألت أبا
عَبْد اللَّهِ أَحْمَد بن مُحَمَّدِ بْنِ حنبل، فقلت: يا أبا عَبْد اللَّهِ أنا رجل
من أهل الموصل والغالب عَلَى أهل بلدنا الجهمية، وفيهم أهل سنة نفر يسير يحبونك، وقد
وقعت مسألة الكرابيسي نطقي بالقرآن مخلوق؟ فَقَالَ لِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: إياك
إياك وهذا الكرابيسي لا تكلمه ولا تكلم من يكلمه، أربع مرات أو خمس مرات.

وهذا إسناد صحيح ، فكيف بمن تحزب مع أهل البدع

وقال اللالكائي في السنة 915 : أخبرنا الحسن بن عثمان قال : أخبرنا أحمد
بن حمدان قال : ثنا أحمد بن الحسن قال : ثنا عبد الصمد مردويه قال : سمعت الفضيل يعني
ابن عياض يقول : من جلس مع صاحب بدعة فاحذره ، ومن جلس مع صاحب البدعة لم يعط الحكمة
، وأحب أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حصن من حديد ، آكل عند اليهودي والنصراني أحب إلي
من أن آكل عند صاحب بدعة

وهذا إسناد قوي إلى الفضيل وتأمل قوله : (من جلس مع صاحب بدعة فاحذره)
فكيف بمن تحزب معهم وجمعه معهم اسم واحد ، بل وتبرأ من غيرهم ممن هو أعظم استقامة منهم
على السنة أو خصهم بمزيد ولاء مع بدعتهم لمجرد أنه معه في الحزب ، ولا يواليهم ولاء
أهل السنة إذا كانوا خارج الحزب

والتحزب بحد ذاتها بدعة مخالفة لأصول أهل السنة فقد قال ابن بطة في الإبانة
:” والولاية بدعة والبراءة بدعة “

وأراد الولاء والبراء الضيق الذي عند أهل التحزب

قال ابن بطة في الشرح والإبانة :” وَالْوِلَايَةُ أَنْ يَتَوَلَّى
قَوْمًا وَيَتَبَرَّأَ مِنْ آخَرِينَ وَالْبَرَاءَةُ أَنْ يَبْرَأَ مِنْ قَوْمٍ هُمْ
عَلَى دِينِ اَلْإِسْلَامِ وَالسُّنَّةِ “

وهذا حال القوم

والإخوان لا يمثلون الإسلام حتى يزعم الغرياني أن الطعن فيهم يؤدي للطعن
في الإسلام بل هم ينسبون للدين ما ليس منه بل فالواجب نصحاً للإسلام والمسلمين بيان
غلطهم وإنزال العقوبة المناسبة فيهم وهذا دأب أهل السنة مع أهل البدع من لدن الصحابة
إلى يومنا هذا

بل الرد عليهم آكد من الرد على الكفار الذين أمرهم واضح

وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية (1/323) :” فَصْلٌ ( فِي الِاسْتِعَانَةِ
بِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَأَهْلِ الْكِتَابِ فِي الدَّوْلَةِ ) .

قَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْفَضْلِ الْبَلْخِيّ
دَخَلْتُ عَلَى أَحْمَدَ ابْنِ حَنْبَلٍ ، فَجَاءَهُ رَسُولُ الْخَلِيفَةِ يَسْأَلُهُ
عَنْ الِاسْتِعَانَةِ بِأَهْلِ الْأَهْوَاءِ .

فَقَالَ أَحْمَدُ : لَا يُسْتَعَانُ بِهِمْ قَالَ : يُسْتَعَانُ بِالْيَهُودِ
وَالنَّصَارَى وَلَا يُسْتَعَانُ بِهِمْ قَالَ : إنَّ النَّصَارَى وَالْيَهُودَ لَا
يَدْعُونَ إلَى أَدْيَانِهِمْ ، وَأَصْحَابُ الْأَهْوَاءِ دَاعِيَةٌ .

عَزَاهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ إلَى مَنَاقِبِ الْبَيْهَقِيّ وَابْنِ
الْجَوْزِيِّ يَعْنِي لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ ، وَقَالَ : فَالنَّهْيُ عَنْ الِاسْتِعَانَةِ
بِالدَّاعِيَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ الضَّرَرِ عَلَى الْأُمَّةِ انْتَهَى كَلَامُهُ ،
وَهُوَ كَمَا ذَكَرَ .

وَفِي جَامِعِ الْخِلَالِ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ أَصْحَابَ بِشْرٍ
الْمَرِيسِيِّ ، وَأَهْلُ الْبِدَع وَالْأَهْوَاءِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَعَانَ
بِهِمْ فِي شَيْءٍ مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ .

فَإِنَّ فِي ذَلِكَ أَعْظَمَ الضَّرَرِ عَلَى الدِّينِ وَالْمُسْلِمِينَ
وَرَوَى الْبَيْهَقِيّ فِي مَنَاقِبِ أَحْمَدَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ مَنْصُورٍ
الْمَرُّوذِيِّ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، فَأَذِنَ فَجَاءَ
أَرْبَعَةُ رُسُلِ الْمُتَوَكِّلَ يَسْأَلُونَهُ فَقَالُوا : الْجَهْمِيَّةُ يُسْتَعَانُ
بِهِمْ عَلَى أُمُورِ السُّلْطَانِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا أَوْلَى أَمْ الْيَهُودُ
وَالنَّصَارَى ؟ فَقَالَ أَحْمَدُ : أَمَّا الْجَهْمِيَّةُ فَلَا يُسْتَعَانُ بِهِمْ
عَلَى أُمُورِ السُّلْطَانِ قَلِيلِهَا وَكَثِيرِهَا ، وَأَمَّا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى
فَلَا بَأْسَ أَنْ يُسْتَعَانَ بِهِمْ فِي بَعْضِ الْأُمُورِ الَّتِي لَا يُسَلَّطُونَ
فِيهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ حَتَّى لَا يَكُونُوا تَحْتِ أَيْدِيهمْ ، قَدْ اسْتَعَانَ
بِهِمْ السَّلَفُ .

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ الْمَرُّوذِيُّ أَيُسْتَعَانُ بِالْيَهُودِ
وَالنَّصَارَى وَهُمَا مُشْرِكَانِ ، وَلَا يُسْتَعَانُ بِالْجَهْمِيِّ ؟ قَالَ : يَا
بُنَيَّ يَغْتَرُّ بِهِمْ الْمُسْلِمُونَ وَأُولَئِكَ لَا يَغْتَرُّ بِهِمْ الْمُسْلِمُونَ

قال ابن حجر في فتح الباري (19/ 389) :” قَالَ اِبْن هُبَيْرَة :
وَفِي الْحَدِيث أَنَّ قِتَال الْخَوَارِج أَوْلَى مِنْ قِتَال الْمُشْرِكِينَ ، وَالْحِكْمَة
فِيهِ أَنَّ فِي قِتَالهمْ حِفْظ رَأْس مَال الْإِسْلَام ، وَفِي قِتَال أَهْل الشِّرْك
طَلَب الرِّبْح ، وَحِفْظ رَأْس الْمَال أَوْلَى “

وقال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (28/ 232) :” وَمِثْلُ أَئِمَّةِ
الْبِدَعِ مِنْ أَهْلِ الْمَقَالَاتِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ أَوْ
الْعِبَادَاتِ الْمُخَالِفَةِ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ؛ فَإِنَّ بَيَانَ حَالِهِمْ
وَتَحْذِيرَ الْأُمَّةِ مِنْهُمْ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى قِيلَ
لِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ : الرَّجُلُ يَصُومُ وَيُصَلِّي وَيَعْتَكِفُ أَحَبُّ إلَيْك
أَوْ يَتَكَلَّمُ فِي أَهْلِ الْبِدَعِ ؟ فَقَالَ : إذَا قَامَ وَصَلَّى وَاعْتَكَفَ
فَإِنَّمَا هُوَ لِنَفْسِهِ وَإِذَا تَكَلَّمَ فِي أَهْلِ الْبِدَعِ فَإِنَّمَا هُوَ
لِلْمُسْلِمِينَ هَذَا أَفْضَلُ . فَبَيَّنَ أَنَّ نَفْعَ هَذَا عَامٌّ لِلْمُسْلِمِينَ
فِي دِينِهِمْ مِنْ جِنْسِ الْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ؛ إذْ تَطْهِيرُ سَبِيلِ
اللَّهِ وَدِينِهِ وَمِنْهَاجِهِ وَشِرْعَتِهِ وَدَفْعِ بَغْيِ هَؤُلَاءِ وَعُدْوَانِهِمْ
عَلَى ذَلِكَ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْلَا مَنْ
يُقِيمُهُ اللَّهُ لِدَفْعِ ضَرَرِ هَؤُلَاءِ لَفَسَدَ الدِّينُ وَكَانَ فَسَادُهُ
أَعْظَمَ مِنْ فَسَادِ اسْتِيلَاءِ الْعَدُوِّ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ ؛ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ
إذَا اسْتَوْلَوْا لَمْ يُفْسِدُوا الْقُلُوبَ وَمَا فِيهَا مِنْ الدِّينِ إلَّا تَبَعًا
وَأَمَّا أُولَئِكَ فَهُمْ يُفْسِدُونَ الْقُلُوبَ ابْتِدَاءً “

ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم