قال الرازي في تفسيره :” السُّؤَالُ
الثَّالِثُ: كُلُّ مَا يَتَوَقَّفُ صِحَّةُ كَوْنِ الْقُرْآنِ حُجَّةً عَلَى صِحَّتِهِ
لَمْ يَكُنِ الْقُرْآنُ هُدًى فِيهِ، فَإِذَنِ اسْتَحَالَ كَوْنُ الْقُرْآنِ هُدًى
فِي مَعْرِفَةِ ذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ، وَفِي مَعْرِفَةِ النُّبُوَّةِ،
وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ الْمَطَالِبَ أَشْرَفُ الْمَطَالِبِ، فَإِذَا لَمْ يَكُنِ
الْقُرْآنُ هُدًى فِيهَا فَكَيْفَ جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى هُدًى عَلَى الْإِطْلَاقِ؟.
الْجَوَابُ: لَيْسَ مِنْ شَرْطِ كَوْنِهِ
هُدًى أَنْ يَكُونَ هُدًى فِي كُلِّ شَيْءٍ، بَلْ يَكْفِي فِيهِ أَنْ يَكُونَ هُدًى
فِي بَعْضِ الْأَشْيَاءِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ هُدًى فِي تَعْرِيفِ الشَّرَائِعِ،
أَوْ يَكُونَ هُدًى فِي تَأْكِيدِ مَا فِي الْعُقُولِ، وَهَذِهِ الْآيَةُ مِنْ أَقْوَى
الدَّلَائِلِ عَلَى أَنَّ الْمُطْلَقَ لَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى
وَصَفَهُ بِكَوْنِهِ هُدًى مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ فِي اللَّفْظِ، مع أَنَّهُ يَسْتَحِيلُ
أَنْ يَكُونَ هُدًى فِي إِثْبَاتِ الصَّانِعِ وَصِفَاتِهِ وَإِثْبَاتِ النُّبُوَّةِ،
فَثَبَتَ أَنَّ الْمُطْلَقَ لَا يُفِيدُ الْعُمُومَ.”
فتأمل هذا الذي يصفه السيوطي والمناوي
بالتجديد كيف يجزم أن القرآن ليس بهدى في الأسماء والصفات والنبوات
وهذا من سخف الفهم فلو كان هذا الرجل
يعقل لعلم أن القرآن خاطب أول ما خاطب قوماً مشركين كانوا معترضين على النبوات وعلى
بعض مسائل التوحيد
وخلاصة الأدلة العقلية في القرآن الكريم
وهذا أمر بسطه ابن تيمية وتلميذه ابن
القيم وأن أدلة القرآن كافية في باب الإلهيات والنبوات والمعاد وخلاصة الأدلة العقلية
الصحيحة التي تكلم بها النظار في القرآن وزيادة
وإليك كلام ابن القيم النفيس جداً في
هذا الباب وهو كلام شيخه وقد زاد عليه
قال ابن القيم في الصواعق المرسلة
:” فحججه سبحانه العقلية التي بينها في كتابه جمعت بين كونها عقلية سمعية ظاهرة
واضحة قليلة المقدمات سهلة الفهم قريبة التناول قاطعة للشكوك والشبه ملزمة للمعاند
والجاحد ولهذا كانت المعارف التي استنبطت منها في القلوب أرسخ ولعموم الخلق أنفع.
وإذا تتبع المتتبع ما في كتاب الله مما
حاج به عباده في إقامة التوحيد وإثبات الصفات وإثبات الرسالة والنبوة وإثبات المعاد
وحشر الأجساد وطرق إثبات علمه بكل خفي وظاهر وعموم قدرته ومشيئته وتفرده بالملك والتدبير
وأنه لا يستحق العبادة سواه وجد الأمر في ذلك على ما ذكرناه من تصرف المخاطبة منه سبحانه
في ذلك على أجل وجوه الحجاج وأسبقها إلى القلوب وأعظمها ملاءمة للعقول وأبعدها من الشكوك
والشبه في أوجز لفظ وأبينه وأعذبه وأحسنه وأرشقه وأدله على المراد وذلك مثل قوله تعالى
فيما حاج به عباده من إقامة التوحيد وبطلان الشرك وقطع أسبابه وحسم مواده كلها:
{قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ
دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ
وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ وَلا تَنْفَعُ
الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ23 , 22] فتأمل كيف أخذت هذه
الآية على المشركين بمجامع الطرق التي دخلوا منها إلى الشرك وسدتها عليهم أحكم سد وأبلغه
فإن العابد إنما يتعلق بالمعبود لما يرجو من نفعه وإلا فلو لم يرج منه منفعة لم يتعلق
قلبه به وحينئذ فلا بد أن يكون المعبود مالكا للأسباب التي ينفع بها عابده أو شريكا
لمالكها أو ظهيرا أو وزيرا ومعاونا له أو وجيها ذا حرمة وقدر يشفع عنده فإذا انتفت
هذه الأمور الأربعة من كل وجه وبطلت انتفت أسباب الشرك وانقطعت مواده فنفى سبحانه عن
آلهتهم أن تملك مثقال ذرة في السموات والأرض فقد يقول المشرك هي شريكة لمالك الحق فنفى
شركتها له فيقول المشرك قد تكون ظهيرا ووزيرا ومعاونا فقال {وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ
ظَهِيرٍ}فلم يبق إلا الشفاعة فنفاها عن آلهتهم وأخبر أنه لا يشفع عنده أحد إلا بإذنه
فهو الذي يأذن للشافع فإن لم يأذن له لم يتقدم بالشفاعة بين يديه كما يكون في حق المخلوقين
فإن المشفوع عنده يحتاج إلى الشافع ومعاونته له فيقبل شفاعته وإن لم يأذن له فيها.
وأما من كل ما سواه فقير إليه بذاته وهو
الغني بذاته عن كل ما سواه فكيف يشفع عنده أحد بدون إذنه.
وكذلك قوله سبحانه مقررا لبرهان التوحيد
أحسن تقرير وأوجزه وأبلغه: {قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً
لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً} [الإسراء42] فإن الآلهة التي كانوا يثبتونها
معه سبحانه كانوا يعترفون بأنها عبيده ومماليكه ومحتاجة إليه فلو كانوا آلهة كما يقولون
لعبدوه وتقربوا إليه وحده دون غيره فكيف يعبدونهم من دونه وقد أفصح سبحانه بهذا يعينه
في قوله: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ
أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الإسراء57] .
أي هؤلاء الذين يعبدونهم من دوني هم عبيدي
كما أنتم عبيدي يرجون رحمتي ويخافون عذابي كما ترجون أنتم رحمتي وتخافوني عذابي فلماذا
تعبدونهم من دوني. وقال تعالى {مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ
مِنْ إِلَهٍ إِذاً لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ
سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} [المؤمنون91] فتأمل هذا البرهان الباهر بهذا اللفظ
الوجيز البين فإن الإله الحق لا بد أن يكون خالقا فاعلا يوصل إلى عابده النفع ويدفع
عنه الضر فلو كان معه سبحانه إله لكان له خلق وفعل وحينئذ فلا يرضى بشركة الإله الآخر
معه بل إن قدر على قهره وتفرده بالإلهية دونه فعل وإن لم يقدر على ذلك انفرد بخلقه
وذهب به كما ينفرد ملوك الدنيا عن بعضهم بعضا بممالكهم.
إذا لم يقدر المنفرد على قهر الآخر والعلو
عليه فلا بد من أحد أمور ثلاثة: إما أن يذهب كل إله بخلقه وسلطانه.
وإما أن يعلو بعضهم على بعض.
وإما أن يكون كلهم تحت قهر إله واحد وملك
واحد يتصرف فيهم ولا يتصرفون فيه ويمتنع من حكمهم عليه ولا يمتنعون من حكمه عليهم فيكون
وحده هو الإله الحق وهم العبيد المربوبون المقهورون.
وانتظام أمر العالم العلوي والسفلي وارتباط
بعضه ببعض وجريانه على نظام محكم لا يختلف ولا يفسد من أدل دليل على أن مدبره واحد
لا إله غيره كما دل دليل التمانع على أن خالقه واحد لا رب له غيره فذاك تمانع في الفعل
والإيجاد وهذا تمانع في العبادة والإلهية فكما يستحيل أن يكون للعالم ربان خالقان متكافئان
يستحيل أن يكون له إلهان معبودان. ومن ذلك قوله تعالى {هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي
مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ} [لقمان11] فلله ما أحلى هذا اللفظ وأوجزه وأدله
على بطلان الشرك فإنهم إن زعموا أن آلهتهم خلقت شيئا مع الله طولبوا بأن يروه إياه
وإن اعترفوا بأنها أعجز وأضعف واقل من ذلك كانت آلهيتها باطلا ومحالا.
ومن ذلك قوله تعالى {قُلْ أَرَأَيْتُمْ
مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِي مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرْضِ أَمْ لَهُمْ
شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ
عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأحقاف4] فطالبهم بالدليل العقلي والسمعي. وقال
تعالى {قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ قُلِ اللَّهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ
مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ لا يَمْلِكُونَ لأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرّاً قُلْ هَلْ
يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ أَمْ
جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشَابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ
قُلِ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [الرعد16] .
فاحتج على تفرده بالإلهية بتفرده بالخلق
وعلى بطلان إلهية ما سواه بعجزهم عن الخلق وعلى أنه واحد بأنه قهار والقهر التام يستلزم
الوحدة فإن الشركة تنافي تمام القهر.
وقال تعالى {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ
مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا
ذُبَاباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ
مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ
اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحج74 , 73] فتأمل هذا المثل الذي أمر الناس كلهم باستماعه
فمن لم يستمعه فقد عصى أمره كيف تضمن إبطال الشرك وأسبابه بأصح برهان في أوجز عبارة
وأحسنها وأحلاها وأسجل على جميع آلهة المشركين أنهم لو اجتمعوا كلهم في صعيد واحد وساعد
بعضهم بعضا وعاونه بأبلغ المعاونة لعجزوا عن خلق ذباب واحد ثم بين ضعفهم وعجزهم عن
استنقاذ ما يسلبهم الذباب إياه حين يسقط عليهم فأي إله أضعف من هذا الإله المطلوب ومن
عابده الطالب نفعه وخيره فهل قدر القوي العزيز حق قدره من أشرك معه آلهة هذا شأنها.
فأقام سبحانه حجة التوحيد وبين إفك أهل
الشرك والإلحاد بأعذب ألفاظ وأحسنها لم يستكرهها غموض ولم يشنها تطويل ولم يعبها تقصير
ولم تزر بها زيادة ولا نقص بل بلغت في الحسن والفصاحة والبيان والإيجاز مالا يتوهم
متوهم ولا يظن ظان أن يكون أبلغ في معناها منها وتحتها من المعنى الجليل القدر العظيم
الشرف البالغ في النفع ما هو أجل من الألفاظ.
ومن ذلك احتجاجه سبحانه على نبوة رسوله
وصحة ما جاء به من الكتاب وأنه من عنده وكلامه الذي يتكلم به وأنه ليس من صنعة البشر
ولا من كلامهم بقوله: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا
فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ
كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة23] .
فأمر من ارتاب في هذا القرآن الذي نزله
على عبده وأنه كلامه أن يأتي بسورة واحدة مثله وهذا يتناول أقصر سورة من سوره ثم فسح
له إن عجز عن ذلك أن يستعين بمن أمكنه الاستعانة به من المخلوقين.
وقال تعالى {أم يقولون افتراه قل فأتوا
بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين} [يونس38] وقال {أَمْ يَقُولُونَ
افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ
مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [هود13] وقال {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ
بَلْ لا يُؤْمِنُونَ فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} [الطور34-33]
ثم أسجل سبحانه عليهم إسجالا عاما في كل زمان ومكان بعجزهم عن ذلك ولو تظاهر عليه الثقلان
فقال {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الأِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا
الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} [الإسراء88]
فانظر أي موقع يقع من الأسماع والقلوب هذا الحجاج القاطع الجليل الواضح الذي لا يجد
طالب الحق ومؤثره ومريده عنه محيدا ولا فوقه مزيدا ولا وراءه غاية ولا أظهر منه آية
ولا أصح منه برهانا ولا أبلغ منه بيانا.
وقال في إثبات نبوة رسوله باعتبار التأمل
لأحواله وتأمل دعوته وما جاء به {أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ أَمْ جَاءَهُمْ مَا
لَمْ يَأْتِ آبَاءَهُمُ الأَوَّلِينَ أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ
مُنْكِرُونَ أم يقولون به جنة بل جاءهم بالحق وأكثرهم للحق كارهون} [المؤمنون70-68]
فدعاهم سبحانه إلى تدبر القول وتأمل حال القائل فإن كون القول للشيء كذبا وزورا يعلم
من نفس القول تارة وتناقضه واضطرابه وظهور شواهد الكذب عليه فالكذب باد على صفحاته
وباد على ظاهره وباطنه ويعرف من حال القائل تارة فإن المعروف بالكذب والفجور والمكر
والخداع لا تكون أقواله إلا مناسبة لأفعاله ولا يتأتى منه من القول والفعل ما يتأتى
من البار الصادق المبرأ من كل فاحشة وغدر وكذب وفجور بل قلب هذا وقصده وقوله وعمله
يشبه بعضه بعضا وقلب ذلك وقوله وعمله وقصده يشبه بعضه بعضا فدعاهم سبحانه إلى تدبر
القول وتأمل سيرة القائل وأحواله وحينئذ تتبين لهم حقيقة الأمر وأن ما جاء به في أعلى
مراتب الصدق.
وقال تعالى {قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ
مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً
مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} [يونس16] فتأمل هاتين الحجتين القاطعتين تحت هذا
اللفظ الوجيز إحداهما أن هذا من الله لا من قبلي ولا هو مقدور لي ولا من جنس مقدور
البشر وأن الله سبحانه وتعالى لو شاء لأمسك عنه قلبي ولساني وأسماعكم وأفهامكم فلم
أتمكن من تلاوته عليكم ولم تتمكنوا من درايته وفهمه.
الحجة الثانية: أني قد لبثت فيكم عمري
إلى حين أتيتكم به وأنتم تشاهدوني وتعرفون حالي وتصحبوني حضرا وسفرا وتعرفون دقيق أمري
وجليله وتتحققون سيرتي هل كانت سيرة من هو من أكذب الخلق وأفجرهم وأظلمهم فإنه لا أكذب
ولا أظلم ولا أقبح سيرة ممن جاهر ربه وخالفه بالكذب والفرية عليه وطلب إفساد العالم
وظلم النفوس والبغي في الأرض بغير الحق.
هذا وأنتم تعلمون أني لم أكن أقرأ كتابا
ولا أخطه بيميني ولا صاحبت من أتعلم منه بل صحبتكم أنتم في أسفاركم لمن تتعلمون منه
وتسألونه عن أخبار الأمم والملوك وغيرها ما لم أشارككم فيه بوجه ثم جئتكم بهذا النبأ
العظيم الذي فيه علم الأولين والآخرين وعلم ما كان وما سيكون على التفصيل فأي برهان
أوضح من هذا وأي عبارة أفصح وأوجز من هذه العبارة المتضمنة له. وقال تعالى {إِنَّمَا
أَعِظُكُمْ بِوَاحِدَةٍ أَنْ تَقُومُوا لِلَّهِ مَثْنَى وَفُرَادَى ثُمَّ تَتَفَكَّرُوا
مَا بِصَاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذَابٍ
شَدِيدٍ} [سبأ46] ولما كان للإنسان الذي يطلب معرفة الحق والصواب حالتان: أحدهما: أن
يكون ناظرا مع نفسه.
والثانية: أن يكون مناظرا لغيره.
أمرهم بخصلة واحدة وهي أن يقوموا لله
إثنين إثنين فيتناظران ويتساءلان بينهما وواحدا واحدا يقوم كل واحد مع نفسه فيتفكر
في أمر هذا الداعي وما يدعو إليه ويستدعي أدلة الصدق والكذب ويعرض ما جاء به عليها
ليتبين له حقيقة الحال. فهذا هو الحجاج الجليل والإنصاف البين والنصح التام.
وقال سبحانه في تثبيت أمر البعث {وَضَرَبَ
لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ
يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ} [يس79
, 78] إلى آخر السورة.
فلو رام أعلم البشر وأفصحهم وأقدرهم على
البيان أن يأتي بأحسن من هذه الحجة أو بمثلها في ألفاظ تشابه هذه الألفاظ في الإيجاز
والاختصار ووضوح الدلالة وصحة البرهان لألفى نفسه ظاهر العجز منقطع الطمع يستحي الناس
من ذلك.
فإنه سبحانه افتتح هذه الحجة بسؤال أورده
الملحد اقتضى جوابا فكان في قوله سبحانه {وَنَسِيَ خَلْقَهُ} ما وفى بالجواب وأقام
الحجة وأزال الشبهة لولا ما أراد سبحانه من تأكيد حجته وزيادة تقريرها وذلك أنه سبحانه
أخبر أن هذا الملحد السائل عن هذه المسألة لو لم ينس خلق نفسه وبدأ كونه وذكر خلقه
لكانت فكرته فيه كافية في جوابه مسكتة له عن هذا السؤال ثم أوضح سبحانه ما تضمنه قوله
{وَنَسِيَ خَلْقَهُ} وصرح به جوابا له عن مسألته فقال: {قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا
أَوَّلَ مَرَّةٍ} [يس79] .
فاحتج بالإبداء على الإعادة وبالنشأة
الأولى على النشأة الأخرى إذ كل عاقل يعلم علما ضروريا أن من قدر على هذه قدر على هذه
وأنه لو كان عاجزا عن الثانية لكان عن الأولى أعجز وأعجز. ولما كان الخلق يستلزم قدرة
الخالق على مخلوقه وعلمه بتفاصيل خلقه اتبع ذلك بقوله {وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ}
[يس79] فهو عليم بالخلق الأول وتفاصيله وجزئياته ومواده وصورته وعلله الأربع.
وكذلك هو عليم بالخلق الثاني وتفاصيله
ومواده وكيفية إنشائه فإن كان تام العلم كامل القدرة كيف يتعذر عليه أن يحيي العظام
وهي رميم ثم أكد الأمر بحجة قاهرة وبرهان
ظاهر يتضمن جوابا عن سؤال ملحد آخر يقول
العظام إذا صارت رميما عادت طبيعتها باردة يابسة والحياة لا بد أن تكون مادتها وحاملها
طبيعته حارة رطبة لتقبل صورة الحياة فتولى سبحانه جواب هذا السؤال بما يدل على أمر
البعث ففيه الدليل والجواب معا فقال: {الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الأَخْضَرِ
نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ} [يس80] فأخبر سبحانه بإخراج هذا العنصر
الذي هو في غاية الحرارة واليبوسة من الشجر الأخضر الممتلئ بالرطوبة والبرودة فالذي
يخرج الشيء من ضده وتنقاد له مواد المخلوقات وعناصرها ولا تستعصي عليه هو الذي يفعل
ما أنكره الملحد ودفعه من إحياء العظام وهي رميم. ثم أكد هذا بأخذ الدلالة من الشيء
الأجل الأعظم على الأيسر الأصغر وأن كل عاقل يعلم أن من قدر على العظيم الجليل فهو
على ما دونه بكثير أقدر وأقدر.
فمن قدر على حمل قنطار فهو على حمل أوقية
أشد اقتدارا فقال {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى
أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ} [يس81] فأخبر سبحانه أن الذي أبدع السموات والأرض على جلالتهما
وعظم شأنهماوكبر أجسامهما وسعتهما وعجيب خلقتهما أقدر على أن يحيي عظاما قد صارت رميما
فيردها إلى حالتها الأولى كما قال في موضع آخر: {لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ
أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [غافر57]
وقال {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ
يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى بَلَى إِنَّهُ عَلَى
كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الأحقاف33] . ثم أخذ سبحانه ذلك وبينه بيانا آخر يتضمن مع إقامة
الحجة دفع شبهة كل ملحد وجاحد وهو أنه ليس في فعله بمنزلة غيره الذي يفعل بالآلات والكلفة
والتعب والمشقة ولا يمكنه الاستقلال بالفعل بل لا بد معه من آلة
ومشارك ومعين بل يكفي في خلقه لما يريد
أن يخلقه ويكونه نفس إرادته وقوله للمكون كن فإذا هو كائن كما شاءه وأراده.
فأخبر عن نفاذ مشيئته وإرادته وسرعة تكوينه
وانقياد المكون له وعدم استعصائه عليه.
ثم ختم هذه الحجة بإخباره أن ملكوت كل
شيء بيده فيتصرف فيه بفعله وهوقوله: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يس83] فتبارك الذي تكلم
بهذا الكلام الذي جمع في نفسه بوجازته وبيانه وفصاحته وصحة برهانه كل ما تلزم الحاجة
إليه من تقرير الدليل وجواب الشبهة ودحض حجة الملحد وإسكات المعاند بألفاظ لا أعذب
منها عند السمع ولا أحلى منها ومن معانيها للقلب ولا أنفع من ثمرتها للعبد.
ومن هذا قوله سبحانه: {وَقَالُوا أَإِذَا
كُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً قُلْ كُونُوا
حِجَارَةً أَوْ حَدِيداً أَوْ خَلْقاً مِمَّا يَكْبُرُ فِي صُدُورِكُمْ فَسَيَقُولُونَ
مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَسَيُنْغِضُونَ إِلَيْكَ
رُؤُوسَهُمْ وَيَقُولُونَ مَتَى هُوَ قُلْ عَسَى أَنْ يَكُونَ قَرِيباً يَوْمَ يَدْعُوكُمْ
فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً} [الإسراء52-49]
فتأمل ما أجيبوا به عن كل سؤال على التفصيل فإنهم قالوا أولا إذا كنا عظاما ورفاتا
أئنا لمبعوثون خلقا جديدا فقيل لهم في جواب هذا السؤال إن كنتم تزعمون أنه لا خالق
لكم ولا رب فهلا كنتم خلقا جديدا لا يفنيه الموت كالحجارة والحديد أو ما هو أكبر في
صدوركم من ذلك فإن قلتم لنا رب خالق خلقنا على هذه الصفة وأنشأنا هذه النشأة التي لا
تقبل البقاء ولم يجعلنا حجارة ولا حديدا فقد قامت عليكم الحجة بإقراركم فما الذي يحول
بين خالقكم ومنشئكم وبين إعادتكم خلقا جديدا.
وللحجة تقرير آخر وهو أنكم لو كنتم من
حجارة أو حديد أو خلق أكبر منهما لكان قادرا على أن يفنيكم ويحيل ذواتكم وينقلها من
حال إلى حال.
ومن قدر على التصرف في هذه الأجسام مع
شدتها وصلابتها بالإفناء والإحالة ونقلها من حال إلى حال فما يعجزه عن التصرف فيما
هو دونها بإفنائه وإحالته ونقله من حال إلى حال.
فأخبر سبحانه أنهم يسألون سؤالا آخر بقولهم
من يعيدنا إذا استحالت أجسامنا وفنيت فأجابهم بقوله {قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ
مَرَّة} [الإسراء51] وهذا الجواب نظير جواب قول السائل {مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ
رَمِيمٌ} [يس78] فلما أخذتهم الحجة ولزمهم حكمها ولم يجدوا عنها معدلا انتقلوا إلى
سؤال آخر يتعللون به كما يتعلل المقطوع بالحجاج بمثل ذلك وهو قولهم متى هو فأجيبوا
بقوله: {عسى أن يكون قريبا يوم يدعوكم فتستجيبون بحمده وتظنون إن لبثتم إلا قليلا}
[الإسراء52 , 51] ومن هذا قوله سبحانه {أَيَحْسَبُ الْأِنْسَانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً
أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى
فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى}
[القيامة40-36] فاحتج سبحانه على أنه لا يترك الإنسان مهملا معطلا عن الأمر والنهي
والثواب والعقاب وأن حكمته وقدرته تأبى ذلك فإن من نقله من نطفة مني إلى العلقة ثم
إلى المضغة ثم خلقه وشق سمعه وبصره وركب فيه الحواس والقوى والعظام والمنافع والأعصاب
والرباطات التي هي أسره وأتقن خلقه وأحكمه غاية الإحكام وأخرجه على هذا الشكل والصورة
التي هي أتم الصور وأحسن الأشكال كيف يعجز عن إعادته وإنشائه مرة ثانية أم كيف تقتضي
حكمته وعنايته به أن يتركه سدى فلا يليق ذلك بحكمته ولا تعجز عنه قدرته
فانظر إلى هذاالحجاج العجيب بالقول الوجيز
الذي لا يكون أوجز منه والبيان الجليل الذي لا يتوهم أوضح منه ومأخذه القريب الذي لا
تقع الظنون على أقرب منه.
وكذلك ما احتج به سبحانه على النصارى
مبطلا لدعوى إلهية المسيح كقوله {لَوْ أَرَدْنَا أَنْ نَتَّخِذَ لَهْواً لاتَّخَذْنَاهُ
مِنْ لَدُنَّا إِنْ كُنَّا فَاعِلِينَ} [الأنبياء17] فأخبر أن هذا الذي أضافه من نسبة
الولد إلى الله من مشركي العرب والنصارى غير سائغ في العقول إذا تأمله المتأمل ولو
أراد الله أن يفعل هذا لكان يصطفي لنفسه ويجعل هذا الولد المتخذ من الجوهر الأعلى السماوي
الموصوف بالخلوص والنقاء من عوارض البشر المجبول على الثبات والبقاء لا من جوهر هذا
العالم الفاني الدائر الكثير الأوساخ والأدناس والأقذار ولما كان هذا الحجاج كما ترى
في هذه القوة والجلالة أتبعه بقول {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ
فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ} [الأنبياء18]”
إلى آخر كلامه النفيس وقد نقلته هذا النقل
الطويل لأنه من أنفس ما يقرأ المرء في حياته في الحقيقة وتأمل هذا الكلام الذي ينضح
باليقين وقارنه بكلام الرازي الفج ، ولكلام ابن القيم تتمة رائعة لا تهملها
ومن تناقض الرازي قوله :” أَنَّ الْآيَاتِ الْوَارِدَةَ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ أَقَلُّ مِنْ سِتِّمِائَةِ آيَةٍ، وَأَمَّا الْبَوَاقِي فَفِي بَيَانِ التَّوْحِيدِ وَالنُّبُوَّةِ وَالرَّدِّ عَلَى عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَأَصْنَافِ الْمُشْرِكِينَ، وَأَمَّا الْآيَاتُ الْوَارِدَةُ فِي الْقَصَصِ فَالْمَقْصُودُ مِنْهَا مَعْرِفَةُ حِكْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَقُدْرَتِهِ عَلَى مَا قَالَ: لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ [يُوسُفَ: 111] فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ هَذَا الْعِلْمَ أَفْضَلُ”
وقد اعترف الرازي على إمامه الأشعري بمخالفة
مذهب السلف في الإيمان
فقال :” الْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ
الْإِيمَانَ هُوَ التَّصْدِيقُ بِالْقَلْبِ وَاللِّسَانِ مَعًا، وَهُوَ قَوْلُ بِشْرِ
بْنِ عَتَّابٍ الْمَرِيسِيِّ، وَأَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ، وَالْمُرَادُ مِنَ
التَّصْدِيقِ بِالْقَلْبِ الْكَلَامُ الْقَائِمُ بِالنَّفْسِ”
وقال قبلها :” الْفِرْقَةُ الْأُولَى:
الَّذِينَ قَالُوا: الْإِيمَانُ اسْمٌ لِأَفْعَالِ الْقُلُوبِ وَالْجَوَارِحِ وَالْإِقْرَارِ
بِاللِّسَانِ، وَهُمُ الْمُعْتَزِلَةُ وَالْخَوَارِجُ وَالزَّيْدِيَّةُ، وَأَهْلُ الْحَدِيثِ”
فاعترف بمخالفة الأشعري لأهل الحديث
وانتصر لمذهب جهم بالإيمان بل حكم على الذي لا ينطق بالشهادتين مع التصديق القلبي بأنه مسلم
قال الرازي :” وَلَا يَنْتَفِي الْإِيمَانُ مِنَ الْقَلْبِ بِالسُّكُوتِ عَنِ النُّطْقِ.
وَالْجَوَابُ: أَنَّ الْغَزَالِيَّ مَنَعَ مِنْ هَذَا الْإِجْمَاعِ فِي الصُّورَتَيْنِ، وَحَكَمَ بِكَوْنِهِمَا مُؤْمِنَيْنِ، وَأَنَّ الِامْتِنَاعَ عَنِ النُّطْقِ يَجْرِي مَجْرَى الْمَعَاصِي الَّتِي يُؤْتَى بِهَا مَعَ الْإِيمَانِ”
وهذا القول الذي كفر به السلف والله المستعان وهو إرجاء غال جداً يكفر به حتى المرجئة الأولى
قال ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل
:” وأما الرازي وأمثاله، فقد زادوا في
ذلك على المعتزلة، فإن المعتزلة لا تقول: إن الأدلة السمعية لا تفيد اليقين، بل يقولون:
إنها تفيد اليقين، ويستدلون بها أعظم مما يستدل بها هؤلاء.”
هذا وصل اللهم على محمد
وعلى آله وصحبه وسلم