الذكرى المؤلمة قد تكون نافعة لك جداً…

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

لماذا يجبرك عقلك على إحياء أسوأ ذكرياتك؟

بقلم سكاشي كول.

 ربما هذا سؤال طرحه كثير منا على نفسه: لماذا الذكريات الحزينة والمغضبة والمحرجة عسيرة النسيان؟

في الواقع هذا أمر فاش في البشر، حتى بحثه علماء الأعصاب وظهر فيه حكمة إلهية بالغة، أرجعوها هم لهراء التطور. 

خلاصة ما قالوه: إن العقل يحتفط بالذكريات السيئة لأنها عبرة، فيحتفظ بها حتى لا تُكرر.

جاء في المقال المشار إليه: “من منظور التطور، من المهم جدا البقاء على قيد الحياة. إذا عاملك الناس بشكل سيئ، فإنك تتذكر ذلك لبقية حياتك. لقد كانت إحدى الوظائف التطورية الرئيسية لإبقائنا على قيد الحياة”، كما قال مينغ تشو، أستاذ في قسم علم وظائف الأعضاء بجامعة تورنتو ورئيس قسم علم الأعصاب والصحة العقلية في مايكل سميث: “نتذكر من لا يحسن إلينا، بهذه الطريقة ننجو. أولئك الأشخاص الطيبون معك، الذين لا يزعجون بقاءك، تميل إلى عدم تذكرهم”، كما أوضح تشو”. 

أقول: كان الناس قبل ظهور نظرية التطور يُرجعون الأمر للحكمة الإلهية، فيقولون: خلق الله كذا وكذا، لحكمة كذا وكذا، كما ترى في شرح تشريح ابن سينا لابن النفيس، وبعد نظرية التطور تراهم يقولون: (طوَّر الدماغ الآلة الفلانية للحصول على النتيجة الفلانية)! 

وهذه فلسفة وليست علماً، والذكريات المؤلمة لا تتعلق بالبقاء فحسب، وإن كان لا يبعد في الحكمة الإلهية أن يُنعم الله عز وجل علينا بما يضمن بقاءنا، بل هذا المتعين {ربُّنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى}، ولكن البشر يتأذون من أمور أخرى تتعلق بالأخلاق والسمعة والتدين. 

هذا الذي يذكرونه هنا في شأن تذكر الذكريات السيئة يشبه إلى حد كبير تلك الموعظة عن رجل عمل بحسنة فدخل بها النار، وذلك أنها غرَّته وآخر عمل سيئة فدخل بها الجنة، وذلك أنه بقي يتذكرها ويستغفر الله ويعمل الأعمال الصالحة ليكفِّرها. 

فهذا الإنسان نفعه تذكُّر الأمر السوء. 

على أننا ينبغي أن نفهم أن ذلك لا ينبغي أن يكون باباً للقنوط وإغراق النفس باليأس والحزن وترك الفرح بالحسنة وبفضل الله، بل هذه الفائدة لتعلم أن الذكرى المؤلمة قد تكون نافعة لك جداً، وأن من رحمة الله عز وجل في كثير من الأحيان أن يحصل لك موقف مؤلم تعتبر به، فيقيك مما هو أكثر إيلاماً وفتكاً.