الذب عن أهل البدع من إيواء المحدثين يا أهل التمييع

في

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

قال البخاري في صحيحه 1870 : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيِّ
عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :

 مَا عِنْدَنَا شَيْءٌ إِلَّا كِتَابُ
اللَّهِ وَهَذِهِ الصَّحِيفَةُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
:

 الْمَدِينَةُ حَرَمٌ مَا بَيْنَ
عَائِرٍ إِلَى كَذَا مَنْ أَحْدَثَ فِيهَا حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ
لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ
وَلَا عَدْلٌ .

وَقَالَ ذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ
لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ
وَلَا عَدْلٌ .

وَمَنْ تَوَلَّى قَوْمًا بِغَيْرِ إِذْنِ مَوَالِيهِ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ
اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ صَرْفٌ وَلَا
عَدْلٌ.

قال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب في تيسير العزيز الحميد
(1/156) :

” وأما “محدثًا” فقال أبو السعادات: يروى بكسر الدال وفتحها
على الفاعل والمفعول، فمعنى الكسر: من نصر جانيًا وآواه وأجاره من خصمه، وحال بينه
وبين أن يقتص منه.

 والفتح: هو الأمر المبتدع نفسه،
ويكون معنى الإيواء فيه الرضى به والصبر عليه، فإنه إذا رضي بالبدعة وأقر عليها فاعلها،
ولم ينكر عليه، فقد آواه.

قلت: الظاهر أنه على الرواية الأولى يعم المعنيين، لأن المحدث أعم من أن
يكون بجناية أو ببدعة في الدين، بل المحدث بالبدعة في الدين شر من المحدث بالجناية،
فإيواؤه أعظم إثمًا.

 ولهذا عده ابن القيم في كتاب
“الكبائر” وقال: هذه الكبيرة تختلف مراتبها باختلاف مراتب الحدث في نفسه،
فكلما كان الحدث في نفسه أكبر، كانت الكبيرة أعظم “

أقول : فالمؤوي لأهل البدع والذاب عنهم مستوجب لهذا الوعيد

وقال الشيخ ابن عثيمين في القول المفيد (1/226) :” وقد سبق أنه يشمل
الإحداث في الدين والجرائم، فمن آوى محدثا ببدعة، فهو داخل في ذلك، ومن آوى محدثا بجريمة،
فهو داخل في ذلك”

وقال الشاطبي في الاعتصام :” وأما أن صاحبها ملعون على لسان الشريعة
– يعني البدعة – ؛ فلقوله عليه الصلاة والسلام: (( من أحدث حدثاً أو آوى محدثاً فعليه
لعنة اللّه والملائكة والناس أجمعين))، وعد من الإحداث، الاستنان بسنة سوء”

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم