قال الحافظ المروذي: سمعت أبا عبد الله الإمام أحمد وذكر قوماً من المترفين
فقال: الدنو منهم فتنة .. والجلوس معهم فتنة
[ الورع للمروذي 100 ]
أقول : يريد الإمام أن الشيطان يدخل على المرء من خلال نظره للمترفين فيجعله يزدري ما به من نعمة الله
وهذا الْيَوْمَ كثير بفعل مواقع التواصل خصوصا ما يسمى بالسناب يجلب الناس أحوال المترفين إلى بيوتهم
وكم من ضعيف عقل أو ضعيفة عقل استصغر ما به من نعمة الله وسخطها بسبب تلك الدقائق اليسيرة التي يظهر فيها بعض المترفين أو المترفات في أسواق أو غيرها
وما علم المسكين أو المسكينة أَن تلك الدقائق اليسيرة لا يمكن أن تعطي صورة حقيقية عن حياة أي إنسان وإنما هو تصنع في غالبه ( بل كثير من ممارسات القوم تدل على مرض نفسي متأصل ونرجسية عميقة )
مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً ۖ وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)
قال عدد من علماء السلف : بالقناعة
قَالَ ابْنُ سِيرِينَ : مَا حَسَدْتُ رَجُلا قَطُّ ، إِنْ كَانَ رَجُلا مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ فَكَيْفَ أَحْسُدُهُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ حُطَامِ الدُّنْيَا ، وَهُوَ يَصِيرُ إِلَى الْجَنَّةِ . رواه أبو نعيم في الحلية
ويعني أنه إن كان من أهل النار فعلى أي شيء يحسد وهو أصلا يستدرج والله أعلم بما فيه صدره وهو بعيد عن الله
وكم من نعمة لا تشترى بالمال ما أعظمها من سكينة القلب ولذة الطاعة والقناعة والأنس بالله والمحبة في الله وتحقق المودة والرحمة مع الأهل والأصحاب والعافية
وأعظم ذلك كله اليقين وإدراك الغاية من الخلق
بعض ذلك خير من كل حطام الدنيا فكيف به كله
هذا غير الأمل بالنعيم المقيم إلى جوار الرحمن الرحيم
وحتى في أمر الدنيا كثير من المتطلعين إلى المترفين حالهم طيبة بالجملة ولو نظروا إلى من هم دونهم لعلموا عظيم نعمة الله عليهم وذلك القليل الذي زوي عنهم هو رحمة بهم لبقايا خير فيهم لئلا تسلب عقولهم البتة وتملأ قلوبهم الغفلة
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” انْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ، وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ، فَإِنَّهُ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللهِ . رواه مسلم
ووالله إن كثيرا ممن يتطلع إليه هو أولى بالشفقة منه بالحسد