الدفاع عن الصحابي عيينة بن حصن الفزاري رضي الله عنه

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فهذا بحث في الصحابي عيينة بن حصن الفزاري -رضي الله عنه- ويتركز هذا البحث في عدة نقاط:

أولها : دعوى أنه من قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم (بئس أخو العشيرة).

الثانية : دعوى أنه نزل فيه قوله تعالى ( ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا ).

الثالثة : دعوى أنه ارتد بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولحق بطلحة بن خويلد الأسدي.

الرابعة : في أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيه ( هذا الأحمق المطاع ).

الخامسة : في دعوى أنه أشار على أهل الطائف أن يبقوا على كفرهم ويقاتلوا النبي صلى الله عليه وسلم.

وقد تبين لي بعد البحث أن هذه كلها لا تثبت.

قال إسحاق في مسنده 725 – أخبرنا سفيان ، عن ابن المنكدر ، أنه سمع عروة بن الزبير يحدث عن عائشة ، قالت استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ائذنوا له فبئس ابن العشيرة أو بئس أخو العشيرة فلما دخل ألان له القول قالت عائشة فقلت : يا رسول الله قلت ما قلت فلما دخل ألنت له القول فقال يا عائشة : « إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه الناس اتقاء شره » أخبرنا عبد الرزاق ، نا معمر ، عن ابن المنكدر ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة ، قالت استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله وقال من تركه الناس اتقاء شره أو فحشه . قال معمر وبلغني أن الرجل كان عيينة بن حصن أخبرنا جرير ، عن ليث ، عن مجاهد ، عن عائشة ، نحوه وقال إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة الذين يكرمون اتقاء شرهم.

بلاغ معمر في أنه عيينة بن حصن لا يصح بل هو معضل.

وقال ابن حجر في شرح البخاري (17/ 180) :” قَالَ اِبْن بَطَّال هُوَ عُيَيْنَة بْن حِصْن بْن حُذَيْفَة بْن بَدْر الْفَزَارِيُّ ، وَكَانَ يُقَال لَهُ الْأَحْمَق الْمُطَاع ، وَرَجَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِإِقْبَالِهِ عَلَيْهِ تَأَلُّفه لِيُسْلِم قَوْمه لِأَنَّهُ كَانَ رَئِيسهمْ ، وَكَذَا فَسَّرَهُ بِهِ عِيَاض ثُمَّ الْقُرْطُبِيّ وَالنَّوَوِيّ جَازِمِينَ بِذَلِكَ ، وَنَقَلَهُ اِبْن التِّين عَنْ الدَّاوُدِيِّ لَكِنْ اِحْتِمَالًا لَا جَزْمًا ، وَقَدْ أَخْرَجَهُ عَبْد الْغَنِيّ بْن سَعِيد فِي ” الْمُبْهَمَات ” مِنْ طَرِيق عَبْد اللَّه بْن عَبْد الْحَكَم عَنْ مَالِك أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ عَائِشَة ” اِسْتَأْذَنَ عُيَيْنَة بْن حِصْن عَلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : بِئْسَ اِبْن الْعَشِيرَة ” الْحَدِيث ، وَأَخْرَجَهُ اِبْن بَشْكُوَال فِي ” الْمُبْهَمَات ” مِنْ طَرِيق الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير أَنَّ عُيَيْنَةَ اِسْتَأْذَنَ فَذَكَرَهُ مُرْسَلًا ، وَأَخْرَجَ عَبْد الْغَنِيّ أَيْضًا مِنْ طَرِيق أَبِي عَامِر الْخَرَّاز عَنْ أَبِي يَزِيد الْمَدَنِيّ عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : ” جَاءَ مَخْرَمَةُ بْن نَوْفَل يَسْتَأْذِن ، فَلَمَّا سَمِعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَوْته قَالَ : بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَة ” الْحَدِيث وَهَكَذَا وَقَعَ لَنَا فِي أَوَاخِر الْجُزْء الْأَوَّل مِنْ ” فَوَائِد أَبِي إِسْحَاق الْهَاشِمِيّ ” وَأَخْرَجَهُ الْخَطِيب ، فَيُحْمَل عَلَى التَّعَدُّد . وَقَدْ حَكَى الْمُنْذِر فِي مُخْتَصَره الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ : هُوَ عُيَيْنَة ، وَقِيلَ مَخْرَمَةُ . وَأَمَّا شَيْخنَا اِبْن الْمُلَقِّن فَاقْتَصَرَ عَلَى أَنَّهُ مَخْرَمَةُ وَذَكَرَ أَنَّهُ نَقَلَهُ مِنْ حَاشِيَة بِخَطِّ الدِّمْيَاطِيّ فَقَصَّرَ ، لَكِنَّهُ حَكَى بَعْد ذَلِكَ عَنْ اِبْن التِّين أَنَّهُ جَوَّزَ أَنَّهُ عُيَيْنَة قَالَ : وَصَرَّحَ بِهِ اِبْن بَطَّال”.

أما رواية عبد الغني في المبهمات فلا يعلم سندها إلى مالك وهي بلاغ معضل ، ومثل هذا يقال في رواية يحيى بن أبي كثير فهي أيضاً معضلة فلا تتقوى هذه الروايات لاحتمال عودها إلى مخرج واحد ، ثم أنها عارضت روايات أخرى.

والخلاصة أن ما بناه القاضي عياض والقرطبي من قصور على هذه الواهيات شبه لا شيء ، وفرعوه أيضاً على خبر ردة عيينة وسيأتيك أنه ضعيفٌ جداً.

قال الطبراني في الكبير 3693 – حدثنا عبيد بن غنام ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ( ح ) وحدثنا أحمد بن عمرو القطراني ثنا يوسف بن موسى القطان قالا ثنا أحمد بن الفضل ثنا أسباط بن نصر عن السدي عن أبي سعد الأزدي عن أبي الكنود : عن خباب بن الأرت في قوله عز وجل: ﴿وَلَا تَطْرُ‌دِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَ‌بَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِ‌يدُونَ وَجْهَهُ﴾[الأنعام: ٥٢]، قال : جاء يعني النبي صلى الله عليه و سلم الأقرع بن حابس التميمي و عيينة بن حصن الفزاري فوجدوا النبي صلى الله عليه و سلم قاعدا مع بلال و عمار بن ياسر و صهيب و خباب بن الأرت رضي الله عنهم في أناس من الضعفاء من المؤمنين فلما رأوهم حوله حقروهم فأتوه فخلوا به فقالوا : إنا نحب أن تجعل لنا منك مجلسا تعرف به العرب فضلنا فإن وفود العرب تأتيك فنستحبي أن ترانا العرب قعودا مع هؤلاء العبيد أو إذا نحن جئناك فأقمهم عنا وإذا نحن فرغنا فأقعدهم إن شئت فقال : نعم فقالوا : فاكتب لنا عليك كتابا فدعا بالصحيفة ليكتب لهم ودعا عليا ليكتب فلما أراد ذلك ونحن قعود في ناحية إذ نزل جبريل عليه السلام ﴿وَلَا تَطْرُ‌دِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَ‌بَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾[الأنعام: ٥٢] الآية، ثم ذكر الأقرع بن حابس وصاحبه قال :﴿وَكَذَٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولُوا أَهَـٰؤُلَاءِ مَنَّ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللَّـهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِ‌ينَ﴾[الأنعام: ٥٣] ثم ذكره فقال : ﴿وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَ‌بُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ الرَّ‌حْمَةَ﴾[الأنعام: ٥٤] فرمى رسول الله صلى الله عليه و سلم بالصحيفة فدعانا فأتيناه وهو يقول : سلام عليكم فدنونا منه حتى وضعنا ركبنا على ركبته وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يجلس معنا فإذا أراد أن يقوم قام وتركنا فأنزل الله عز و جل ﴿وَاصْبِرْ‌ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَ‌بَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِ‌يدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِ‌يدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾[الكهف: ٢٨]، يقول : لا تجالس الأشراف ﴿وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِ‌نَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُ‌هُ فُرُ‌طًا﴾[الكهف: ٢٨]، أما الذي أغفل قلبه فهو عيينة و الأقرع بن حابس وأما فرطا فهلاكا ثم ضرب مثل رجلين ومثل الحياة الدنيا قال : فكنا بعد ذلك نقعد مع النبي صلى الله عليه و سلم فإذا بلغنا الساعة التي كان يقوم فيها قمنا وتركناه حتى يقوم وإلا صبر حتى تقوم

أسباط بن نصر صدوق كثير الخطأ وهذا المتن فيه نكارة إذ أن الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن ، إنما أسلما والنبي صلى الله عليه وسلم في المدينة وقول الله تعالى (واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ) في سورة الكهف وهي مكية أي قبل إسلام هذين الرجلين

وقد أورد البزار هذا الخبر في مسنده المعلل ثم قال : “وَهَذَا الْحَدِيثُ بِهَذَا الْكَلامِ لاَ نَعْلَمُ رَوَاهُ إِلاَّ خَبَّابٌ وَلاَ نَعْلَمُ لَهُ طَرِيقًا عَنْ خَبَّابٍ إِلاَّ هَذَا الطَّرِيقَ”، وهذا استنكار فيما يبدو.

وقال عبد الرزاق في تفسيره 797 – عَنْ مَعْمَرٍ , عَنِ الْكَلْبِيِّ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾[الأنعام: 52]، قَالَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنْ سَرَّكَ أَنْ نَتَّبِعَكَ فَاطْرُدْ عَنْكَ فُلَانًا وَفُلَانًا , فَإِنَّهُ قَدْ آذَانِي رِيحُهُمْ , يَعْنِي بِلَالًا , وَسَلْمَانَ , وَصُهَيْبًا , وَنَاسًا مِنْ ضُعَفَاءِ الْمُسْلِمِينَ , فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ﴿وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ﴾[الأنعام: 52].

الكلبي كذاب.

وقال الواحدي في أسباب النزول حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْحِيرِيُّ إِمْلَاءً فِي “دَارِ السُّنَّةِ” يَوْمَ الْجُمُعَةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ فِي شُهُورِ سَنَةِ عَشْرٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ عِيسَى بْنِ عَبْدَوَيْهِ الْحِيرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْبُوشَنْجِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مِسْرَحٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ الْحَرَّانِيُّ، عَنْ مَسْلَمَةَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ، عَنْ عَمِّهِ ابْنِ مَشْجَعَةَ بْنِ رِبْعِيٍّ الْجُهَنِيِّ، عَنْ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ، قَالَ: جَاءَ الْمُؤَلَّفَةُ قُلُوبُهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ وَالْأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ وَذَوُوهُمْ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ لَوْ جَلَسْتَ فِي صَدْرِ الْمَجْلِسِ وَنَحَّيْتَ عَنَّا هَؤُلَاءِ وَأَرْوَاحَ جِبَابِهِمْ – يَعْنُونَ سَلْمَانَ وَأَبَا ذَرٍّ وَفُقَرَاءَ الْمُسْلِمِينَ، وَكَانَتْ عَلَيْهِمْ جِبَابُ الصُّوفِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ غَيْرُهَا – جَلَسْنَا إِلَيْكَ وَحَادَثْنَاكَ وَأَخَذْنَا عَنْكَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَ‌بِّكَ ۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَدًا * وَاصْبِرْ‌ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَ‌بَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِ‌يدُونَ وَجْهَهُ ۖ﴾[ألكهف:27-28]،حَتَّى بَلَغَ ﴿إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا﴾[ألكهف:29] يَتَهَدَّدُهُمْ بِالنَّارِ، فَقَامَ النَّبِيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – يَلْتَمِسُهُمْ حَتَّى إِذَا أَصَابَهُمْ فِي مُؤَخَّرِ.

أقول : سليمان بن عطاء ضعيف جداً قال أبو زرعة :” منكر الحديث ” وقال البخاري في حديثه مناكير.

وقال ابن حبان :” شيخ يروى عن مسلمة بن عبد الله الجهنى ، عن عمه أبى مشجعة بن ربعى أشياء موضوعة لا تشبه حديث الثقات .

قلت : لا أدرى التخليط فيها منه أو من مسلمة “.

وقد جاء نحواً من هذا الخبر في تفسير مقاتل بن سليمان وهو كذاب.

وقال الطبري في تفسيره (18/8) : حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: ثني حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرت أن عيينة بن حصن قال للنبيّ صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلم: لقد آذاني ريح سلمان الفارسي، فاجعل لنا مجلسا منك لا يجامعوننا فيه، واجعل لهم مجلسا لا نجامعهم فيه، فنزلت الآية.

وهذا معضل وابن جريج إذا ( أخبرت ) يأتي بالمناكير.

وقال الدارقطني في سننه 3 – نا أبو بكر النيسابوري نا محمد بن يحيى النيسابوري نا أبو غسان مالك بن إسماعيل نا عبد السلام بن حرب عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال :كان البدل في الجاهلية أن يقول الرجل للرجل تنزل عن امرأتك وأنزل لك عن امرأتي وأزيدك قال فأنزل الله تعالى ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن قال فدخل عيينة بن حصن الفزاري على رسول الله صلى الله عليه و سلم وعنده عائشة فدخل بغير إذن فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم يا عيينة فأين الاستئذان فقال يا رسول الله ما استأذنت على رجل من مضر منذ أدركت قال من هذه الحميرا التي إلى جنبك قال رسول الله صلى الله عليه و سلم هذه عائشة أم المؤمنين قال أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق فقال يا عيينة إن الله حرم ذلك قال فلما أن خرج قالت عائشة يا رسول الله من هذا قال أحمق مطاع وإنه على ما ترين لسيد قومه

إسحاق متروك.

وقال الطبراني في الأوسط 5325 – حدثنا محمد بن الحسين الأنماطي قال : نا عبد الله بن الرومي قال : نا عمر بن يونس اليمامي قال : نا هلال بن الجهم قال : نا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة ، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إذا سركم أن تنظروا إلى الرجل الضفيط المطاع في قومه ، فانظروا إلى هذا » يعني : عيينة بن حصن « لم يرو هذا الحديث عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة إلا هلال بن الجهم ، تفرد به : عمر بن يونس »

هلال بن الجهم قال الذهبي في الميزان :” لا يعرف ” وهو مجهول عين وانفراد مجهول عين عن إسحاق عن أنس يقرب من أن يكون منكراً.

وقال  ابن حجر في الإصابة (2/ 324) :” قال إبراهيم النخعي: جاء عيينة بن حصن إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده عائشة فقال: من هذه وذلك قبل أن ينزل الحجاب فقال: ” هذه عائشة ” فقال: ألا أنزل لك عن أم البنين فغضبت عائشة وقالت: من هذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ” هذا الأحمق المطاع ” يعني في قومه رواه سعيد بن منصور عن أبي معاوية عن الأعمش عنه مرسلا ورجاله ثقات”.

وقد بين الذهبي نكارة هذا الخبر في سير أعلام النبلاء (3/ 447) فقال :” وأبو الحَسَنِ المَدَائِنِيُّ، عَنْ يَزِيْدَ بنِ عِيَاضٍ، عَنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيْهِ قَالَ: دَخَلَ عُيَيْنَةُ بنُ حِصْنٍ عَلَى رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَعِنْدَهُ عَائِشَةُ وَذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَ الحِجَابُ فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ الحُمَيْرَاءُ يَا رَسُوْلَ اللهِ? قَالَ: “هَذِهِ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ” قَالَ: أَفَلاَ أَنْزِلُ لَكَ، عَنْ أَجْمَلِ النِّسَاءِ? قَالَ: “لاَ” فَلَمَّا خَرَجَ قَالَتْ عَائِشَةُ: مَنْ هَذَا يَا رَسُوْلَ اللهِ قَالَ: “هَذَا الأَحْمَقُ المُطَاعُ فِي قَوْمِهِ”.

هَذَا حَدِيْثٌ مُرْسَلٌ وَيَزِيْدُ مَتْرُوكٌ وَمَا أَسْلَمَ عُيَيْنَةُ إلَّا بَعْدَ نُزُولِ الحِجَابِ. وَقَدْ قِيْلَ: إِنَّ كُلَّ حَدِيْثٍ فِيْهِ: يَا حُمَيْرَاءُ لَمْ يَصِحَّ”.

قال الطبري في تاريخه (2/ 262) : حدثنا عبيدالله بن سعد قال أخبرني عمي قال أخبرني سيف وحدثني السري قال حدثنا شعيب عن سيف عن طلحة بن الأعلم عن حبيب بن ربيعة الأسدي عن عمارة بن فلان الأسدي قال ارتد طليحة في حياة رسول الله صلى الله عليه و سلم فادعى النبوة فوجه النبي صلى الله عليه و سلم ضرار بن الأزور إلى عماله على بني أسد في ذلك وأمرهم بالقيام في ذلك على كل من ارتد فأشجوا طليحة وأخافوه ونزل المسلمون بواردات ونزل المشركون بسميراء فما زال المسلمون في نماء والمشركون في نقصان حتى هم ضرار بالمسير إلى طليحة فلم يبق أحد إلا أخذه سلما إلا ضربة كان ضربها بالجراز فنبا عنه فشاعت في الناس فأتى المسلمون وهم على ذلك بخبر موت نبيهم صلى الله عليه و سلم وقال ناس من الناس لتلك الضربة إن السلاح لا يحيك في طليحة فما أمسى المسلمون من ذلك اليوم حتى عرفوا النقصان وارفض الناس إلى طليحة واستطار أمره وأقبل ذو الخمارين عوف الجذمي حتى نزل بإزائنا وأرسل إليه ثمامة بن أوس بن لأم الطائي إن معي من جديلة خمسمائة فإن دهمكم أمر فنحن بالقردودة والأنسر دوين الرمل وأرسل إليه مهلهل بن زيد إن معي حد الغوث فإن دهمكم أمر فنحن بالأكناف بحيال فيد وإنما تحدبت طيء على ذي الخمارين عوف أنه كان بين أسد وغطفان وطيء حلف في الجاهلية فلما كان قبل مبعث النبي صلى الله عليه و سلم اجتمعت غطفان وأسد على طيء فأزاحوها عن دارها في الجاهلية غوثها وجديلتها فكره ذلك عوف فقطع ما بينه وبين غطفان وتتابع الحيان على الجلاء وأرسل عوف إلى الحيين من طيء فأعاد حلفهم وقام بنصرتهم فرجعوا إلى دورهم واشتد ذلك على غطفان فلما مات رسول الله صلى الله عليه و سلم قام عيينة بن حصن في غطفان فقال ما أعرف حدود غطفان منذ انقطع ما بيننا وبين بني أسد وإني لمجدد الحلف الذي كان بيننا في القديم ومتابع طليحة والله لأن نتبع نبيا من الحليفين أحب إلينا من أن نتبع نبيا من قريش وقد مات محمد وبقي طليحة فطابقوه على رأيه ففعل وفعلوا فلما اجتمعت غطفان على المطابقة لطليحة هرب ضرار وقضاعي وسنان ومن كان قام بشيء من أمر النبي صلى الله عليه و سلم في بني أسد إلى أبي بكر وارفض من كان معهم فأخبروا ابا بكر الخبر.

في سنده سيف بن عمر التميمي كذاب متهم بالزندقة وقد روى سيف أخباراً أخرى في ردة عيينة اكتفيت بهذا منها.

وقال البيهقي في سننه 16728 – أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، بِبَغْدَادَ , أَنْبَأَ عَبْدُ اللهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، ثَنَا الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ، ثَنَا جَدِّي، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا اسْتَخْلَفَ اللهُ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , وَارْتَدَّ مَنِ ارْتَدَّ مِنَ الْعَرَبِ عَنِ الْإِسْلَامِ , خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ غَازِيًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ نَقْعًا مِنْ نَحْوِ الْبَقِيعِ خَافَ عَلَى الْمَدِينَةِ فَرَجَعَ , وَأَمَّرَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ سَيْفَ اللهِ , وَنَدَبَ مَعَهُ النَّاسَ , وَأَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ فِي ضَاحِيَةِ مُضَرَ فَيُقَاتِلَ مَنِ ارْتَدَّ مِنْهُمْ عَنِ الْإِسْلَامِ , ثُمَّ يَسِيرَ إِلَى الْيَمَامَةِ فَيُقَاتِلَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ , فَسَارَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَقَاتَلَ طُلَيْحَةَ الْكَذَّابَ الْأَسَدِيَّ فَهَزَمَهُ اللهُ , وَكَانَ قَدِ اتَّبَعَهُ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ يَعْنِي الْفَزَارِيَّ , فَلَمَّا رَأَى طُلَيْحَةُ كَثْرَةَ انْهِزَامِ أَصْحَابِهِ قَالَ: وَيْلَكُمْ مَا يَهْزِمُكُمْ؟ قَالَ رَجُلٌ مِنْهُمْ: وَأَنَا أُحَدِّثُكَ مَا يَهْزِمُنَا , إِنَّهُ لَيْسَ مِنَّا رَجُلٌ إِلَّا وَهُوَ يُحِبُّ أَنْ يَمُوتَ صَاحِبُهُ قَبْلَهُ , وَإِنَّا لَنَلْقَى قَوْمًا كُلُّهُمْ يُحِبُّ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ صَاحِبِهِ , وَكَانَ طُلَيْحَةُ شَدِيدَ الْبَأْسِ فِي الْقِتَالِ , فَقَتَلَ طُلَيْحَةُ يَوْمَئِذٍ عُكَّاشَةَ بْنَ مِحْصَنٍ وَابْنَ أَقْرَمَ , فَلَمَّا غَلَبَ الْحَقُّ طُلَيْحَةَ تَرَجَّلَ , ثُمَّ أَسْلَمَ [ص:305] وَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ , فَرَكِبَ يَسِيرُ فِي النَّاسِ آمِنًّا حَتَّى مَرَّ بِأَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بِالْمَدِينَةِ , ثُمَّ نَفَذَ إِلَى مَكَّةَ فَقَضَى عُمْرَتَهُ , وَمَضَى خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ قِبَلَ الْيَمَامَةِ حَتَّى دَنَا مِنْ حَيٍّ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ فِيهِمْ مَالِكُ بْنُ نُوَيْرَةَ , وَكَانَ قَدْ صَدَّقَ قَوْمُهُ , فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْسَكَ الصَّدَقَةَ , فَبَعَثَ إِلَيْهِ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ سَرِيَّةً , فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فِي قَتْلِ مَالِكِ بْنِ نُوَيْرَةَ قَالَ: وَمَضَى خَالِدٌ قِبَلَ الْيَمَامَةِ حَتَّى قَاتَلَ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابَ وَمَنْ مَعَهُ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ , فَاسْتَشْهَدَ اللهُ مِنْ أَصْحَابِ خَالِدٍ أُنَاسًا كَثِيرًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ , وَهَزَمَ اللهُ مُسَيْلِمَةَ وَمَنْ مَعَهُ , وَقَتَلَ مُسَيْلِمَةَ يَوْمَئِذٍ مَوْلًى مِنْ مَوَالِي قُرَيْشٍ.

وهذا مرسل ومراسيل الزهري من أوهى المراسيل ومراسيله في السيرة يحتملونها غير أن هذا باب تشديد

وقال الطبري في تاريخه (2/362) : حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة عن ابن إسحاق قال لما فرغ خالد من أمر بني عامر وبيعتهم على ما بايعهم عليه أوثق عيينة بن حصن وقرة بن هبيرة فبعث بهما إلى أبي بكر فلما قدما عليه قال له قرة يا خليفة رسول الله إني قد كنت مسلما ولي من ذلك على إسلامي عند عمرو بن العاص شهادة قد مر بي فأكرمته وقربته ومنعته قال فدعا أبو بكر عمرو بن العاص فقال ما تعلم من أمر هذا فقص عليه الخبر حتى انتهى إلى ما قال له من أمر الصدقة قال له قرة حسبك رحمك الله قال لا والله حتى أبلغ له كل ما قلت فبلغ له فتجاوز عنه أبو بكر وحقن دمه.

حدثنا ابن حميد قال حدثنا سلمة قال حدثني محمد بن إسحاق عن محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن عبيدالله بن عبدالله بن عتبة قال أخبرني من نظر إلى عيينة بن حصن مجموعة يداه إلى عنقه بحبل ينخسه غلمان المدينة بالجريد يقولون أي عدو الله أكفرت بعد إيمانك فيقول والله ما كنت آمنت.

محمد بن حميد الرازي متهم بالكذب وقد حقق ذلك أخونا حمود الكثيري في بحث مستقل.

وقال ابن سعد في الطبقات 245 – أخبرنا محمد بن عمر قال : حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي ، عن أبيه ، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ، عن عائشة قالت : دخل عيينة بن حصن على النبي صلى الله عليه وسلم وأنا عنده ، فقال عيينة : من هذه الحميراء يا محمد ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هذه عائشة بنت أبي بكر » ، فقال : ألا أنزل لك عن أحسن الناس ، عن ابنة جمرة فتنكحها ؟ ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا » قالت : فلما خرج قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم : من هذا ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « هذا الحمق المطاع » قالوا : وكان عيينة قد ارتد حين ارتدت العرب ، ولحق بطليحة بن خويلد حين تنبأ ، فآمن به وصدقه على ما ادعى من النبوة ، فلما هزم طليحة وهرب أخذ خالد بن الوليد عيينة بن حصن ، فبعث به إلى أبي بكر الصديق في وثاق فقدم به المدينة ، قال ابن عباس : فنظرت إلى عيينة مجموعة يداه إلى عنقه بحبل ينخسه غلمان المدينة بالجريد ، ويضربونه ، ويقولون : أي عدو الله ، كفرت بالله بعد إيمانك ، فيقول : والله ما كنت آمنت . ووقف عليه عبد الله بن مسعود فقال : خبت وخسرت ، إنك لموضع في الباطل قديما ، فقال عيينة : أقصر أيها الرجل ، فلولا ما أنا فيه لم تكلمني بما تكلمني به ، فانصرف عنه ابن مسعود ، فلما كلمه أبو بكر رجع إلى الإسلام فقبل منه وعفا عنه وكتب له أمانا.

محمد بن عمر الواقدي كذاب.

وقال أبو نعيم في دلائل النبوة 460 – حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ خَالِدٍ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: ثنا أَبِي قَالَ: ثنا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ: لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ حَاصَرُوا ثَقِيفًا أَنْ يَقْطَعَ كُلُّ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَمْسَ نَخَلَاتٍ مِنْ دُومِهِمْ فَأَتَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهَا عَفَاءٌ لَمْ تُؤْكَلْ ثِمَارُهَا. فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقْطَعُوا مَا أُكِلَتْ ثَمَرَتُهُ الْأَوَّلَ فَالْأَوَّلَ. قَالَ: وَأَقْبَلَ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ائْذَنْ لِي أَنْ أُكَلِّمَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ لَعَلَّ اللَّهَ يَهْدِيهُمْ. فَأَذِنَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عَلَيْهِمُ الْحِصْنَ فَقَالَ: بِأَبِي أَنْتُمْ تُمْسِكُوا بِمَكَانِكُمُ، وَاللَّهِ لَنَحْنُ أَذَلُّ مِنَ الْعَبِيدِ، وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ، لَئِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثٌ لَتَمْلِكَنَّ الْعَرَبُ عِزًّا وَمَنَعَةً، فَتَمَسَّكُوا بِحِصْنِكُمْ، وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُعْطُوا بِأَيْدِيكُمْ، وَلَا يَتَكَابَرَنَّ عَلَيْكُمْ قَطْعُ هَذِهِ الشَّجَرِ. ثُمَّ رَجَعَ عُيَيْنَةُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَاذَا قُلْتَ لَهُمْ يَا عُيَيْنَةُ؟ قَالَ: قُلْتُ لَهُمْ وَأَمَرْتُهُمْ بِالْإِسْلَامِ وَدَعْوَتَهُمْ إِلَيْهِ وَحَذَّرْتُهُمُ النَّارَ وَدَلَلْتُهُمْ عَلَى الْجَنَّةِ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَذَبْتَ بَلْ قُلْتَ لَهُمْ كَذَا وَكَذَا فَقَصَّ عَلَيْهِ حَدِيثَهُ فَقَالَ: صَدَقْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَتُوبُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَيْكَ مِنْ ذَلِكَ.

ابن لهيعة ضعيف وكان يلقن وهذا مرسل.

وقال ابن سعد في الطبقات 244 – أخبرنا علي بن محمد القرشي ، عن علي بن سليم ، عن الزبير بن خبيب قال : « أقبل عيينة بن حصن إلى المدينة قبل إسلامه ، فتلقاه ركب خارجين من المدينة ، فقال : أخبروني عن هذا الرجل ، قالوا : الناس فيه ثلاثة ، رجل أسلم فهو معه يقاتل قريشا والعرب ، ورجل لم يسلم فهو يقاتله ، فبينهم التذابح ، ورجل يظهر له الإسلام ويظهر لقريش أنه معهم ، قال : ما يسمى هؤلاء القوم ، قالوا : يسمون المنافقين ، قال : ما في ما وصفتم أحزم من هؤلاء ، اشهدوا أني منهم » . قال : وشهد عيينة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الطائف ، فقال : يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ائذن لي حتى آتي حصن الطائف فأكلمهم . فأذن له ، فجاءهم ، فقال : أدنو منكم وأنا آمن ؟ ، قالوا : نعم . وعرفه أبو محجن فقال : أدنوه . قال : فدنا فدخل عليهم الحصن ، فقال : فداكم أبي وأمي ، لقد سرني ما رأيت منكم ، والله إن في العرب أحد غيركم ، وما لاقى محمد مثلكم قط ، ولقد مل المقام ، فاثبتوا في حصنكم ، فإن حصنكم حصين وسلاحكم كثير ، ونبلكم حاضرة ، وطعامكم كثير ، وماءكم واتن ، لا تخافون قطعه . فلما خرج قالت ثقيف لأبي محجن : فإنا كرهنا دخوله علينا وخشينا أن يخبر محمدا بخلل إن رآه منا ، أو في حصننا . فقال أبو محجن : أنا كنت أعرف به ، ليس منا أحد أشد على محمد منه وإن كان معه « . فلما رجع عيينة إلى النبي قال له : » ما قلت لهم ؟ « قال : قلت : ادخلوا في الإسلام ، فوالله لا يبرح محمد عقر داركم حتى تنزلوا فخذوا لأنفسكم أمانا ، قد نزل بساحة أهل الحصون قبلكم : قينقاع والنضير وقريظة وخيبر ، أهل الحلقة والعدة والأطام . فخذلتهم ما استطعت ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكت ، حتى إذا فرغ من حديثه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : » كذبت ، قلت لهم كذا وكذا ، للذي قال « ، قال : فقال عيينة : أستغفر الله ، فقال عمر : يا رسول الله ، دعني أقدمه فأضرب عنقه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » لا يتحدث الناس أني أقتل أصحابي « ، ويقال : إن أبا بكر أغلظ له يومئذ وقال له : ويحك يا عيينة ، إنما أنت أبدا موضع في الباطل ، كم لنا منك من يوم : يوم الخندق ، ويوم بني قريظة ، والنضير ، وخيبر ، تجلبت وتقاتلنا بسيفك ، ثم أسلمت ، زعمت ، فتحرض علينا عدونا . فقال : أستغفر الله يا أبا بكر وأتوب إليه ولا أعود أبدا . فلما أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر فأذن الناس بالرحيل ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : » إنا قافلون إن شاء الله « ، فلما استقل الناس لوجههم نادى سعيد بن عبيد بن أسيد بن عمرو بن علاج الثقفي ، فقال : ألا إن الحي مقيم ، قال : ويقول عيينة بن حصن : أجل والله مجد كرام . فقال له عمرو بن العاص : قاتلك الله ، تمدح قوما مشركين بالامتناع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جئت تنصره ؟ ، فقال : إني والله ما جئت معكم أقاتل ثقيفا ، ولكني أردت إن افتتح محمد الطائف ، أصبت جارية من ثقيف فأتطيها ، لعلها تلد لي غلاما ، فإن ثقيفا قوم مناكير ، فأخبر عمرو بن العاص النبي صلى الله عليه وسلم بمقالته ، فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم وقال :» هذا الحمق المطاع «ولما قدم وفد هوازن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم السبي ، كان عيينة قد أخذ رأسا منهم ، نظر إلى عجوز كبيرة فقال : هذه أم الحي ، لعلهم أن يغلوا بفدائها ، وعسى أن يكون لها في الحي نسب ، فجاء ابنها إلى عيينة فقال : هل لك في مائة من الإبل ؟ قال : لا . فرجع عنه فتركه ساعة ، وجعلت العجوز تقول لابنها : ما أربك في بعد مائة ناقة ؟ اتركه ، فما أسرع ما يتركني بغير فداء . فلما سمعها عيينة قال : ما رأيت كاليوم خدعة ، والله ما أنا من هذه العجوز إلا في غرور ، لا جرم والله لأباعدن أثرك مني . قال : ثم مر به ابنها ، فقال عيينة : هل لك فيما دعوتني إليه . فقال : لا أزيدك على خمسين . فقال عيينة : لا أفعل ، ثم لبث ساعة فمر به وهو معرض عنه ، فقال له عيينة : هل لك في الذي بذلت لي ؟ قال له الفتى : لا أزيدك على خمس وعشرين فريضة . قال عيينة : والله لا أفعل ، فلما تخوف عيينة أن يتفرق الناس ويرتحلوا قال : هل لك إلى ما دعوتني إليه ؟ قال الفتى : هل لك في عشر فرائض ؟ قال : لا أفعل . فلما رحل الناس ناداه عيينة : هل لك إلى ما دعوتني إليه إن شئت ؟ قال الفتى : أرسلها وأحمدك . قال : لا والله ما لي حاجة بحمدك . فأقبل عيينة على نفسه لائما لها يقول : ما رأيت كاليوم امرءا أنكد ، قال الفتى : أنت صنعت هذا بنفسك ، عمدت إلى عجوز كبيرة ، والله ما ثديها بناهد ، ولا بطنها بوالد ، ، ولا فوها ببارد ، ولا صاحبها بواجد ، فأخذتها من بين من ترى ؟ . فقال له عيينة : خذها ، لا بارك الله لك فيها . قال : يقول الفتى : يا عيينة ، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كسا السبي فأخطأها من بينهم الكسوة ، فهل أنت كاسيها ثوبا ؟ قال : لا والله ، ما لها ذاك عندي . قال : لا تفعل . فما فارقه حتى أخذ منه شمل ثوب ، ثم ولى الفتى وهو يقول : إنك لغير بصير بالفرص . وشكا عيينة إلى الأقرع ما لقي ، فقال له الأقرع : إنك والله ما أخذتها بكرا غريرة ، ولا نصفا وثيرة ، ولا عجوزا ميلة ، عمدت إلى أحوج شيخ في هوازن فسبيت امرأته . قال عيينة : هو ذاك . قال : وأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم عيينة بن حصن من غنائم حنين مائة من الإبل . وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية في خمسين رجلا من العرب ليس فيهم مهاجري ولا أنصاري إلى بني تميم ، فوجدهم قد عدلوا من السقيا يؤمون أرض بني سليم في صحراء قد حلوا وسرحوا مواشيهم ، والبيوت خلوف ليس فيها أحد إلا الناس ، فلما رأوا الجمع ولوا ، فأغار عليهم وأخذ منهم أحد عشر رجلا وإحدى عشرة امرأة وثلاثين صبيا ، فجلبهم إلى المدينة ، فأمر بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحبسوا في دار رملة بنت الحارث ، فقدم فيهم عشرة من رؤسائهم وفدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأنزل الله فيهم القرآن إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ورد رسول الله صلى الله عليه وسلم الأسرى والسبي ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم للوفد بجوائز.

علي بن محمد مجهول والخبر مرسل فالزبير من صغار التابعين.

والخلاصة أن هذه الأخبار لا تثبت وأن الرجل ثبتت صحبته وأنه ممن تألفهم النبي صلى الله عليه وسلم فلا ينبغي الحط عليه بالروايات الواهية ، بل لو صحت رواية في ثلبه لاقتضت المصلحة كتمها خصوصاً في أزمنة الفتن هذه ، وإني لأعجب كيف احمرت أنوف لبعض أهل الرأي والمرجئة ، وتولد عن ذلك الدعوة إلى التصرف في كتب السلف ، حتى صار من يقول بقول السلف في مرجيء يرى السيف إمام في الرأي متهماً في دينه ، ولا نرى نصف هذه الحمية على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر في ترجمة الوليد بن عقبة وعبد الرحمن بن عديس ومعاوية وعيينة في عدد من الكتب ترى مصداق ما قلت لك والله المستعان.

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم