جاء في فتاوى نور على الدرب للشيخ ابن باز :” س: تقول السائلة: إنها زارت قبر النبي صلى الله عليه وسلم فلاحظت أن هناك أناسا أنكروا عليها، ترجو توجيه سماحة الشيخ
ج: زيارة القبور بالنسبة للنساء فيها خلاف بين العلماء، من أهل العلم، منهم من قال: إن النساء يزرن القبور مثل الرجال، والقول الثاني: إنهن لا يزرن القبور، لا قبر النبي ولا غيره – عليه الصلاة والسلام -، وهذا القول أرجح القولين وأصح؛ لأنه – صلى الله عليه وسلم – في الحديث الصحيح: «لعن زائرات القبور » وفي اللفظ الآخر: «زوارات القبور » فدل ذلك على أنهن لا يزرن القبور، وكن أول الأمر مع الرجال يزرن القبور عموما، ثم نهى الله النساء، وبقيت الرخصة للرجال، والسر في ذلك – والله أعلم – لأنهن فتنة، وصبرهن قليل، فشرع الله لهن ترك ذلك لئلا يفتن أو يفتن بزيارة القبور، فيدعون لأمواتهن بالمغفرة والرحمة في البيوت وفي الطرقات وفي المساجد، ولا حاجة لزيارة القبور”
فالشيخ هنا ذكر الخلاف ورجح وللمفتي السابق عليه الشيخ محمد بن إبراهيم رسالة مطولة في الموضوع حكى فيها الخلاف ورجح القول بالمنع
وحتى الشيخ ابن عثيمين بحث هذه المسألة وذكر أدلة المخالفين وناقشها وكان مما قاله كما في مجموع فتاويه :” وأما «حديث عائشة؛ فإنها قالت للرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ماذا أقول؟ فقال: (قولي: السلام عليكم» ؛ فهل المراد أنها تقول ذلك إذا مرت، أو إذا خرجت زائرة؟ فهو محتمل؛ فليس فيه تصريح بأنها إذا خرجت زائرة؛ إذ من الممكن أن يراد به إذا مرت بها من غير خروج للزيارة، وإذا كان ليس صريحا؛ فلا يعارض الصريح.
وأما فعلها مع أخيها رضي الله عنهما؛ فإن فعلها مع أخيها لم يستدل عليها عبد الله بن أبي مليكة بلعن زائرات القبور، وإنما استدل عليها بالنهي عن زيارة القبور مطلقا؛ لأنه لو استدل عليها بالنهي عن زيارة النساء للقبور أو بلعن زائرات القبور؛ لكنا ننظر بماذا ستجيبه.
فهو استدل عليها بالنهي عن زيارة القبور، ومعلوم أن النهي عن زيارة القبور كان عاما، ولهذا أجابته بالنسخ العام، وقالت: إنه قد أمر بذلك، ونحن وإن كنا نقول: إن عائشة رضي الله عنها استدلت بلفظ العموم؛ فهي كغيرها من العلماء لا يعارض بقولها قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، على أنه روي عنها؛ أنها قالت: (لو شهدتك ما زرتك) ، وهذا دليل على أنها رضي الله عنها خرجت لتدعو له؛ لأنها لم تشهد جنازته، لكن هذه الرواية طعن فيها بعض العلماء، وقال: إنها لا تصح عن عائشة رضي الله عنها، لكننا نبقى على الراوية الأولى الصحيحة؛ إذ ليس فيها دليل على أن الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نسخه، وإذا فهمت هي؛ فلا يعارض بقولها قول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ”
وهذا الذي أفتوا به هو نص كلام أحمد في عدد من رواياته
قال أبو داود: سألت أحمد عن زيارة النساء القبر؟
قال: لا.
قلت: فالرجل أيسر؟
قال: نعم، ثُمَّ ذكر حديث ابن عباس: لعن رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- زوَّارات القبور .
“مسائل أبي داود” (1065)
قال ابن هانئ: وسئل عن النساء أيخرجن إلى المقابر؟
قال: لا تخرج المرأة إلى المقابر ولا إلى غيرها.
“مسائل ابن هانئ” (955)
وفي رواية الأثرم عنه الإباحة فهما روايتان في المذهب والمشهور عند المتأخرين الكراهة إلا أن يعلم أنها تفعل محرم فيحرم والمسألة فيها خلاف ونقاش طويلان ولكن من قلة الإنصاف أن تتهم العالم الذي يفتي بما ترجح له بأنه يخفي القول الآخر وأنت كاذب في ذلك بل هو أظهره وناقشه ولا يلزم العالم أن يذكر الأقوال كلها في الفتوى بل يذكر ما ترجح له كما رأيت في فتاوى أحمد أعلاه فكيف إذا علمت أن المشيخة المشار إليهم نقلوا الأقوال الأخرى وناقشوها بهدوء وروية ولا نفهم تارة تنتقد السلفية المعاصرة بأنها غير متمذهبة ومنفلتة وتارة تنتقد لأنها تفتي بقول في المذهب دون غيره !
قال ابن الحاج المالكي الأشعري في المدخل :” وقد اختلف العلماء في خروجهن على ثلاثة أقوال:
قول بالمنع، وقد تقدم.
والثاني بالجواز على ما يعلم في الشرع من الستر، والتحفظ عكس ما يفعل اليوم.
والثالث: الفرق بين المتجالة، والشابة فيجوز للمتجالة ويمنع للشابة، واعلم أن الخلاف المذكور بين العلماء إنما هو في نساء ذلك الزمان وكن على ما يعلم من عادتهن في الاتباع كما تقدم، وأما خروجهن في هذا الزمان فمعاذ الله أن يقول أحد من العلماء، أو من له مروءة، أو غيرة في الدين بجواز ذلك” ثم ذكر خروجهن للضرورة
فإذا كانوا رأوْا ما رأى ابن الحاج ما عليهم ؟
وإن من قلة الدين وقلة المروءة أن تظهر على منابر ليبرالية تدعو للرذيلة وتشيع بينهم انتقاص أهل العلم واتهامهم وأنت تعلم أن أهل البدع وليس أهل العلم الذين يزلون خير من هؤلاء بل والله أهل الكتاب الذين عندهم نوع من التدين بكتابهم أنفر من الرذيلة من الليبراليين