قال الأنبا شنودة رأس الكنيسة المصرية السابق في كتابه تأملات في سفر النبي يونان :” أن الله الحنون لا مانع عنده من استخدام طرق العقوبة والتخويف،أن كانت نافعة لخلاص الإنسان. وفى سفر يونان نجد ثلاثة أمثلة وهى:
1 – مثال تهديد من بعيد:
مثلما حدث مع أهل نينوى.. مجرد إنذار. سأحرق المدينة بعد أربعين يومًا.. “بعد أربعين يوما تنقلب نينوى”… تهديد، مع إعطاء فرصة، وفرصة طويلة.. ولم تنقلب المدينة، لأنها خافت من الغضب الآتي ومن العقوبة المنتظرة فتابت.
2- مثال أخر أشد وهو لطمة من الخارج:
مثلما حدث مع بحارة السفينة وركابها، ومنهم يونان. هنا لم يكن الأمر مجرد تهديد وإنما بدأ التنفيذ العملي إلى حد ما. أوامر أصدرها الله إلى الزوابع أن تلطم السفينة حتى تكاد تغرق. ولكن نلاحظ أن الله وضع للأمواج حدودًا في الضرب: اضربوا السفينة من الخارج، ولكن لا تدخلي أيتها المياه إلى داخلها. اضربي السفينة، زعزعي السفينة، ولكن لا تَمِسي أحدًا من ركابها بسوء….
نلاحظ هنا أن الضربة سببت بعض الخسائر، إذ أضطر الناس أن “يطرحوا الأمتعة التي في السفينة إلى البحر، ليخففوا عنها”…
هذان مثالان من عقوبة الله. أما الثالث فأشد منهما:
3- في النوع الثالث، دخلت العقوبة في جدية خطيرة..
صدر الأمر إلى الحوت أن يبتلع يونان، نظر إلى ذاته، فوجد نفسه في بطن الحوت….
هذه هي الطرق الثلاث في العقوبة، والله يريدكم أن تصلوا إليه بأية طريقة تروقكم أو تناسبكم..
لو أدى الأمر، لا مانع لدى الله من أن يبتهج الزوابع ضد سفينة حياتكم، ويضطركم أن تلقوا بعض المهمات العالمية خارج السفينة. من الجائز أن تكون سفينة حياتكم محملة بالبر الذاتي، أو محملة بالعناد، أو بمحبة العالم. وعندما تهزها الموجة تتزعزع (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). خففوا سفينتكم أيها الأخوة. ربما سمح الله أن يضرب السفينة لكي نلقى منها حقيبة البر الذاتي، وزكيبة الشهوات، ومقطف العناد… ارموا كل ما يعطلكم، ولا تبقوا داخلكم سوى محبة الله….
أن لم تصلح معك هذه الطريقة، ربما يرسل لك الرب حوتا ليبتلعك! وأنت تصرخ إلى الله وتقول:
أنا يا رب لا أحتمل الحوت ولا الزوابع. أقل شيء يوصلني إليك. لتكن يدك علي، يدك لا عصاك..
الناس يختلفون في مدى حساسيتهم وفي مدى استجابتهم لصوت الله. منهم من يشير إليه الله من بعيد، مجرد إشارة فيحن ويستجيب.منهم من أصابته أقل إصابة أو أقل لطمة، يتذكر خطاياه ويتوب، ويرجع إلى الله قبل أن يتطور الأمر إلى أسوأ. ومن الناس نوع لا يأتي ألا بالعنف وبالضربة الشديدة”
لو تأمل النصارى ومن تأثر بثقافتهم من الليبراليين هذا الكلام لوجدوا جواباً على ما يعترضون عليه من أمر الحدود والجهاد وأنها في حقيقتها رحمة وأنها مفيدة جداً في إعادة الكثيرين إلى الله تبارك وتعالى بعدما استولت عليهم الشياطين ولو تركوا لبقي هذا الاستيلاء مستمراً ولكان فيه من المفسدة ما هو أعظم بكثير من الضرر العارض التي يحصل في الأمور المعترض عليها وفي هذا المعنى حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم : إِنِّي لَأَرَى أُمَمًا تُقَادُ بِالسَّلَاسِلِ مِنَ النَّارِ إِلَى الْجَنَّةِ.
وأصله في الصحيح بلفظ آخر