الرسوم التي تؤخذ من الوافدين هي ( جزية عصرية ) ولكنها لا تستنكر لأنها لا تسمى جزية ولأنها مبنية على عقيدة المواطنة التي صارت مألوفة اليوم بفعل الإعلام والتعليم
بل الجزية أهون منها من عدة أوجه
فالدولة اليوم المبنية على عقيدة مواطنة على أساس حدود رسمها ربما أجنبي المواطن فيها عليه حقوق وواجبات تختلف عن الوافد حتى لو قرر الوافد العيش فيها لآخر عمره بل أحيانا لو ولد فيها وعليه رسوم يكلفها لا يكلفها المواطن
وقديما الدولة مبنية على أساس الدين فالمسلم من أي بلد يدخل في أي بلد تابع لبلد الخلافة فتكون له حقوق وعليه واجبات باعتبار أنه مسلم وأما الكتابي والمجوسي فيعامل بشكل مختلف لأنه غير مسلم
فما الفرق بين شخص يفرق بين الناس على أساس اضطراري كالوطن الحدودي وآخر يفرق بينهم على أساس اختياري وهو الدين لماذا الأول مدني ولا يخالف التحضر والثاني رجعي ومتخلف ؟
والجزية قديما لا تؤخذ الا من الرجال القادرين ولا تؤخذ من امرأة ولا طفل ولا هرم بل الكتابي المحتاج يأخذ من بيت المال ولا يكلف شيئا وجزية الغني تؤخذ أكثر من المتوسط والفقير وكلها بالمقدور وحين يتعلق الأمر بشراء الخدمات الصحية فالكل يشتري بنفس القيمة المسلم والكتابي ولا جزية على الغنم ولا البقر وعلى المسلم زكاة في ذلك
ثم إن الجزية يمكن التخلص منها بإعلان الاسلام بخلاف حال الوافد فلا يتخلص منها بحال ، والرسوم على الوافدين في الغالب لا تفرق بين حالهم الاجتماعي بل هي مع أصحاب الوظائف العليا أكثر محاباة ومنها ما يؤخذ نقدا ومنها ما يتعلق بالخدمات وتؤخذ من الجنسين وحتى الأطفال يحاسب أهلهم عليهم علما أن السفر من بلاد إلى بلاد والتغرب فيها في الغالب يكون فرضه عوز مادي من نتائج النظام الرأسمالي أو حرب حلت بالبلاد ( وان كان القادمين من بلدان الحروب قد يحابون في بعض الدول )
فاليوم لو سافر نصراني من أي بلد إلى بعض بلداننا فأخذنا منه جزية بالشروط التي تكلم عنها الفقهاء وسميناها جزية فستضج كل وسائل الإعلام من هذه العنصرية الدينية التي تعيدنا للقرون الوسطى
فإذا قررنا أن نأخذها منه باسم رسوم على الوافد ونضاعفها عليه أضعافا فسيقبلون ذلك تماما
وهناك مناصب في الدولة لا يمكن أن يتقلدها وافد والأولوية للمواطن في الوظائف المشتركة واذا أوذي الوافد لحساب المواطن فإن كثيرين يرحبون بذلك ويعتبرونه خدمة للوطن مع أن الوافد كما قدمنا في كثير من أحواله مضطر أو محتاج ولكن حاجة المواطن مقدمة على حاجته وربما ضرورته
وأقول لكثير ممن يورد الشبهات على بعض التشريعات الاسلامية جزء كبير من إدراكك يشكله الإعلام ودعاياته وإلفك للأمور فنفرتك من بعض الأمور سببها أنك تحكم على غائب وتم تصويره لك تصويرا مجحفا والا أنت تقبل نظيره وما هو أشد والا ما الذي جعل حدودا رسمها بعض الناس عقيدة يبنى عليها الأحكام بلا مشكلة واعتقاد الناس الديني الذي يشكل نظرتهم للدنيا واعتقادهم في مآلهم أمرا لا يجوز عقد الولاء والبراء عليه ؟