فقد غرد «عائض القرني» في صفحته في تويتر رابطاً وضع مقطعاً صوتياً عنون
له بقصة «قصة النبي سليمان مع المزارع»
وهذا تفريغها «من أحد محبي القرني»: روى ان سيدنا سليمان عليه السلام الذي
أكرمه الله بالعديد من النعم والمعجزات ومن هذا المعجزات ان الله قد سخر له الريح تجري
بامره فقد كان سيدنا سليمان حين يريد ان ان ينتقل الى اي مكان في العالم يامر الريح
فتاتيه طوعا وتعمل عاصفية ترابيه ثم تستقر ثم يصعد سيدنا سليمان وحاشيته ووزرائه على
بساط الريح ثم يامر الريح ويقول لها اذهب الى المكان الفلاني فتذهب به على وجه السرعة.
وفي ذات يوم اراد سيدنا سليمان ان يذهب من فلسطين الى الهند فامر الريح
ان تاتي واتت طائعة لامره باذن الله وبعد ان عملت عاصفة واستقرت صعد سيدنا سليمان ومن
معه من الحاشية والوزراء والجيش والخيول والخدم ووووو ثم امره ان تنطلق بهم الى الهند
وقد اوتي سليمان وال داوود عليهم السلام ملكما عظيما من الله وبينما كان سيدنا سليمان
ومن معه على بساط الريح في السماء متوجهين الى الهند جائت غمامة سوداء وحجبت ضوء الشمس
وكان هنالك مزارع بسيط يعمل بارضه فلما راى ضوء الشمس قد حجب نظر الى السماء فراى سيدنا
سليمان ومن معه على بساط الريح فقال المزارع يتكلم مع نفسه سبحان الله وبحمده لقد اوتي
ال داوود ملكا عظيما عندها نزل جبريل عليه السلام على سيدنا سليمان وقال له رب العزة
يقول قل لهذا المزارع وعزتي وجلالي لقلولك سبحان الله وبحمده خير مما اوتي ال داوود
حينها امر سيدنا سليمان الريح ان تهبط عند ذلك المزارع وذهب عليه السلام الى المزارع
وقال لهو ماذا قلت قال المزارع حين رايتك على بساط اريح قلت سبحان الله وبحمده لقد
اوتي ال داوود ملكا عظيما فقال سليمان عليه السلام لقد سمعك رب العزة وامرني ان اخبرك
ان رب العزة يقول ان قولك سبحان الله وبحمده خير مما اوتي ال داوود من الملك.
أقول : هذا هو السياق الذي ذكره عائض القرني ، وهو سياق مخترع حبكه من
عنده والقصة لا أصل لها بهذا اللفظ وهذا المضمون ، وهو في تأليفه لهذه القصة من رأسه
لا يستحي من نشرها بين الناس، وإنما هناك قصص أخرى تشترك معها في بعض الأمور وتخالفها
في الكثير.
قال عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد 216: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ
بْنِ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ ، عَنْ إِدْرِيسَ
بْنِ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ : كَانَ لِسُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ
عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَلْفُ بَيْتٍ ؛ أَعْلاَهَا قَوَارِيرُ ، وَأَسْفَلُهَا حَدِيدٌ
، فَرَكِبَ الرِّيحَ يَوْمًا ، فَمَرَّ بِحَرَّاثٍ ، فَنَظَرَ إِلَيْهِ الْحَرَّاثُ
، فَقَالَ : لَقَدْ أُوتِيَ آلُ دَاوُدَ مُلْكًا عَظِيمًا ، فَحَمَلَتِ الرِّيحُ كَلاَمَهُ
، فَأَلْقَتْهُ فِي أُذُنِ سُلَيْمَانَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ : فَنَزَلَ حَتَّى
أَتَى الْحَرَّاثَ ، فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ قَوْلَكَ ، وَإِنَّمَا مَشَيْتُ إِلَيْكَ
لِئَلاَّ تَتَمَنَّى مَا لاَ تَقْدِرُ عَلَيْهِ ، لَتَسْبِيحَةٌ وَاحِدَةٌ يَقْبَلُهَا
اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ خَيْرٌ مِمَّا أُوتِيَ آلُ دَاوُدَ ، فَقَالَ الْحَرَّاثُ :
أَذْهَبَ اللَّهُ هَمَّكَ ، كَمَا أَذْهَبْتَ هَمِّي.
وهذا إسناد ضعيف لجهالة إدريس بن وهب وهو من كلام وهب وليس فيه عامة التفاصيل
التي ذكرها القرني من كلام رب العزة
وتحديد سفر سليمان من فلسطين إلى
الهند ، وذكر تسبيح الراعي وحجب الشمس ، وحتى صيغة التسبيح ليست ( سبحان الله وبحمده
) ، ولا ذكر نزول العلماء والوزراء والصولجان وغيرها من الأمور التي ذكرها القرني.
وقال ابن عساكر في تاريخ دمشق (22/267) : أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين
نا أبو الحسين بن المهتدي أنا أبو أحمد الفرضي أنا عثمان بن أحمد بن السماك نا إسحاق
بن إبراهيم بن سفيان نا علي بن مسلم نا شيبان نا جعفر نا أبوعمران الجوني قال مر سليمان
بن داود في مركبه والطير تظله والجن والإنس عن يمينه وعن شماله فمر بعابد من عباد بني
إسرائيل قال فقال لقد اتاك الله يا ابن داود ملكا عظيما فسمع كلامه فقال تسبيحة في
صحيفة مؤمن أفضل مما أوتي إلى داود وما أوتي ابن داود يذهب وتسبيحته تبقى.
فهذه قصة مختلفة تماماً ، فهو مر بعابد وليس راعياً والسياقة مختلفة تماماً
، وأبو عمران الجوني تابعي
قال ابن عساكر في تاريخ دمشق
(22/275) : أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك أنا إبراهيم بن منصور أنا أبو
بكر بن القرئ أنا المفضل بن محمد نا صامت قال قرأنا على أبي قرة نا عبد العزيز بن أبي
رواد قال بلغنا أن سليمان بن داود خرج يسير وهو جالس على كرسيه وأصحابه جلوس معه على
الكرسي عن يمينه وعن شماله الريح تدف بهم والطير تظلهم فأشرف وهم كذلك على امرأتين
من بني إسرائيل قال فعجبتا مما رأتا من ذلك فقالتا سبحان الله لقد أوتي ال داود ملكا
عظيما فسمع قولهما سليمان فلما حاذى بهما قال للريح قفي فوقفت فقال لهما ما قلتما انفا
حين طلعت عليكما قالتا ما قلنا إلا خيرا يا نبي الله قلنا سبحان الله لقد أوتي آل داود
ملكا عظيما فقال لهما سليمان فقولكما سبحان الله أفضل من جميع ما أوتي آل داود.
صامت بن معاذ مجروح وهذه قصة أخرى مختلفة تماماً بذكر المرأتين ، وليس
فيها ذكر كلام رب العزة ، ولا ذكر الغمام ولا صيغة التسبيح.
فالخلاصة أنّ القصة بالسياقة التي ذكرها القرني محض افتراء وكذب ، اخترعها
من عقله، فليتق الله ربه في تلك الجماهير التي تتبعه وتسمع ما يقول ظناً منها أن دكتور
الحديث لا يذكر إلا الصحيح والله المستعان.
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم