فقد سمعت أحد الخطباء الفضلاء يدعو للأخوة في سوريا – فرج الله عنهم-
قائلاً : اللهم قو ضعفهم.
وقد سمعت غيره يدعو بهذا الدعاء
وقد كان الإمام الشافعي -رحمه الله- ينكر هذا اللفظ ويعتبره دعاء على المرء
لا دعاء له لأن الضعف هو المرض أو الآفة وإذا قويت أهلكت من قامت به.
قال أبو نعيم في الحلية
(9/120): حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي
رَجَاءٍ، قَالَ: سَمِعْتُ الرَّبِيعَ، يَقُولُ: مَرِضَ الشَّافِعِيُّ فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ
فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، قَوَّى اللَّهُ ضَعْفَكَ.
فَقَالَ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ لَوْ قَوَّى اللَّهُ ضَعْفِي
عَلَى قُوَّتِي أَهْلَكَنِي .
قُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا أَرَدْتُ إِلَّا الْخَيْرَ.
فَقَالَ: لَوْ دَعَوْتَ اللَّهَ عَلِيَّ لَعَلِمْتُ أَنَّكَ
لَمْ تُرَدْ إِلَّا الْخَيْرَ .
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحٍ الْخَوْلَانِيُّ، ثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ
سُلَيْمَانَ، قَالَ: رَكِبَ الشَّافِعِيُّ الْمَرْكَبَ فَقَالَ: أَنَا بِاللَّهِ، ضَعِيفٌ.
فَقُلْتُ: قَوَّى اللَّهُ ضَعْفَكَ.
فَذَكَرَ نَحْوَهُ.
فإن قيل : أن هذا الداعي قصده حسن، فيقال : حسن القصد لا بد له من الاتباع
أيضاً.
قال البخاري في صحيحه [ 212 ]:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ
يُوسُفَ قَالَ أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ
وَهُوَ يُصَلِّي فَلْيَرْقُدْ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ النَّوْمُ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ
إِذَا صَلَّى وَهُوَ نَاعِسٌ لَا يَدْرِي لَعَلَّهُ يَسْتَغْفِرُ فَيَسُبُّ نَفْسَهُ.
ومن يسب نفسه في الدعاء لا شك أنه لا يقصد ومع ذلك أمر باجتناب هذه الحال.
وقد احتج من جوز هذا اللفظ بما روى الطحاوي في بيان مشكل الآثار [ 180 ]:
حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْمَعْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا مِنْدَلُ
بْنُ عَلِيٍّ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ الْهَمْدَانِيِّ،
عَنْ بُرَيْدَةَ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
أَلَا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ مَنْ أَرَادَ اللهُ بِهِ خَيْرًا عَلَّمَهُ
إيَّاهَا , ثُمَّ لَمْ يَنْسَهُنَّ أَبَدًا اللهُمَّ إنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّ فِي رِضَاكَ
ضَعْفِي وَخُذْ إلَى الْخَيْرِ بِنَاصِيَتِي وَاجْعَلِ الْإِسْلَامَ مُنْتَهَى رِضَايَ
اللهُمَّ إنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّنِي وَإِنِّي ذَلِيلٌ فَأَعِزَّنِي وَإِنِّي فَقِيرٌ
فَأَغْنِنِي.
وأبو داود الهمداني متروك وقد ورد في بعض الطرق أنه الأودي وهذا أصح أنه
الهمداني فهو من شيوخ العلاء وتلاميذ بريدة.
وقال معمر في جامعه [ 19651 ]:
عَنْ أَبَانَ، عَنِ الْحَكَمِ
بْنِ عُتَيْبَةَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ:
ثَلَاثٌ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ الْخَيْرَ يُحَفِّظُهُنَّ، ثُمَّ لَا
يُنَسِّيهُنَّ: اللَّهُمَّ إِنِّي ضَعِيفٌ فَقَوِّ فِي رِضَاكَ ضَعْفِي، وَخُذْ إِلَى
الْخَيْرِ بِنَاصِيَتِي، وَاجْعَلِ الْإِسْلَامَ مُنْتَهَى رِضَائِي
وهذا مقطوع على الحكم ، وأبان
بن أبي عياش متروك.
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم