قال سليمان اللهيميد في شرح منهج السالكين ص6 :
” · اختلف العلماء
في حكم بيع الوقف على أقوال ثلاثة ؟
القول الأول : أنه لا يجوز بيعه بحال .
وهذا مذهب مالك والشافعي .
لحديث الباب ( غير أنه لا يباع أصلها ) .
القول الثاني : أنه يجوز بيع الوقف والرجوع فيه .
وهذا مذهب أبي حنيفة . وهو قول ضعيف .
القول الثالث : أنه لا يجوز بيعه ولا إبداله إلا إذا تعطلت منافعه بالكلية
ولم يمكن الانتفاع به ولا تعميره أو إصلاحه .
وهذا قول الإمام أحمد وهو اختيار ابن تيمية وتلميذه ابن القيم .
لو كان الوقف بيتاً فانهدمت ، أو كان مسجداً ورحل عنه أهل القرية فعلى
هذا القول أنه يجوز بيعه وإبداله بشيء آخر يستمر فيه نفعه للواقف .
لما ورد عن عمر ( كتب إلى سعد – لما بلغه أن بيت المال الذي في الكوفة
قد نَقَب – تهدم – قال عمر : انقل المسجد الذي بالتمّارين ، واجعل بيت المال في قِبلة
المسجد ، فإنه لا يزال في المسجد مصلٍّ ) أخرجه الطبراني ، وكان هذا بمشهد من الصحابة
ولم يظهر خلافه فكان إجماعاً [ قاله في المغني ] .
ويؤيد هذا أن بقاء العين بلا منفعة لا فائدة فيه ، وحرمان له من ثوابه
“
أقول : هذا المذهب الذي نسبه لشيخ الإسلام كان شيخ الإسلام يرد عليه وينكر
نسبته لأحمد بل شيخ الإسلام يرى جواز إبدال الوقف بالأنفع ولو لم تتعطل منافعه
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (31/222) :” قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ:
وَمَا ذَكَرُوهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ لَوْ صَحَّ لَكَانَ يَقْتَضِي تَرْجِيحَ غَيْرِ
هَذَا الْقَوْلِ فَيَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ. وَقَدْ رَجَّحُوا أَحَدَهُمَا.
فَكَيْفَ وَهِيَ حُجَجٌ ضَعِيفَةٌ أَمَّا قَوْلُ الْقَائِلِ: لَا يَجُوزُ
النَّقْلُ وَالْإِبْدَالُ إلَّا عِنْدَ تَعَذُّرِ الِانْتِفَاعِ: فَمَمْنُوعٌ وَلَمْ
يَذْكُرُوا عَلَى ذَلِكَ حُجَّةً لَا شَرْعِيَّةً وَلَا مَذْهَبِيَّةً.
فَلَيْسَ عَنْ الشَّارِعِ وَلَا
عَنْ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ هَذَا النَّفْيُ الَّذِي احْتَجُّوا بِهِ؛ بَلْ قَدْ دَلَّتْ
الْأَدِلَّةُ الشَّرْعِيَّةُ وَأَقْوَالُ صَاحِبِ الْمَذْهَبِ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ
وَقَدْ قَالَ أَحْمَدُ: إذَا كَانَ الْمَسْجِدُ يَضِيقُ بِأَهْلِهِ فَلَا
بَأْسَ أَنْ يُحَوَّلَ إلَى مَوْضِعٍ أَوْسَعَ مِنْهُ.
وَضِيقُهُ بِأَهْلِهِ لَمْ يُعَطِّلْ
نَفْعَهُ؛ بَلْ نَفْعُهُ بَاقٍ كَمَا كَانَ؛ وَلَكِنْ النَّاسُ زَادُوا وَقَدْ أَمْكَنَ
أَنْ يُبْنَى لَهُمْ مَسْجِدٌ آخَرُ وَلَيْسَ مِنْ شَرْطِ الْمَسْجِدِ أَنْ يَسَعَ
جَمِيعَ النَّاسِ.
وَمَعَ هَذَا جَوَّزَ تَحْوِيلَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ؛ لِأَنَّ اجْتِمَاعَ
النَّاسِ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ أَفْضَلُ مِنْ تَفْرِيقِهِمْ فِي مَسْجِدَيْنِ؛ لِأَنَّ
الْجَمْعَ كُلَّمَا كَثُرَ كَانَ أَفْضَلَ؛ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ ” {صَلَاةُ الرَّجُلِ مَعَ الرَّجُلِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ وَحْدَهُ
وَصَلَاتُهُ مَعَ الرَّجُلَيْنِ أَزْكَى مِنْ صَلَاتِهِ مَعَ الرَّجُلِ وَمَا كَانَ
أَكْثَرَ فَهُوَ أَحَبُّ إلَى اللَّهِ تَعَالَى} ” رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ.
وَهَذَا مَعَ أَنَّهُ يَجُوزُ بِنَاءُ مَسْجِدٍ آخَرَ إذَا كَثُرَ النَّاسُ وَإِنْ
كَانَ قَرِيبًا مَعَ مَنْعِهِ لِبِنَاءِ مَسْجِدٍ ضِرَارًا.
قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ
صَالِحٍ: لَا يُبْنَى مَسْجِدٌ يُرَادُ بِهِ الضِّرَارُ لِمَسْجِدِ إلَى جَانِبِهِ
فَإِنْ كَثُرَ النَّاسُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُبْنَى وَإِنْ قَرُبَ.
فَمَعَ تَجْوِيزِهِ بِنَاءَ مَسْجِدٍ آخَرَ عِنْدَ كَثْرَةِ النَّاسِ وَإِنْ
قَرُبَ أَجَازَ تَحْوِيلَ الْمَسْجِدِ إذَا ضَاقَ بِأَهْلِهِ إلَى أَوْسَعَ مِنْهُ؛
لِأَنَّ ذَلِكَ أَصْلَحُ وَأَنْفَعُ؛ لَا لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ؛ وَلِأَنَّ الْخُلَفَاءَ
الرَّاشِدِينَ: عُمَرَ وَعُثْمَانَ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا – غَيَّرَا مَسْجِدَ
النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَرَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بِنَقْلِ
مَسْجِدِ الْكُوفَةِ إلَى مَكَانٍ آخَرَ
وَصَارَ الْأَوَّلُ سُوقَ التَّمَارِينِ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ؛
لَا لِأَجْلِ تَعَطُّلِ مَنْفَعَةِ تِلْكَ الْمَسَاجِدِ؛ فَإِنَّهُ لَمْ يَتَعَطَّلْ
نَفْعُهَا؛ بَلْ مَا زَالَ بَاقِيًا.
وَكَذَلِكَ خُلَفَاءُ الْمُسْلِمِينَ
بَعْدَهُمْ: كَالْوَلِيدِ وَالْمَنْصُورِ وَالْمُهْدِي: فَعَلُوا مِثْلَ ذَلِكَ بِمَسْجِدَيْ
الْحَرَمَيْنِ وَفَعَلَ ذَلِكَ الوليد بِمَسْجِدِ دِمَشْقَ وَغَيْرِهَا مَعَ مَشُورَةِ
الْعُلَمَاءِ فِي ذَلِكَ وَإِقْرَارِهِمْ حَتَّى أَفْتَى مَالِكٍ وَغَيْرُهُ بِأَنْ
يُشْتَرَى الْوَقْفُ الْمُجَاوِرُ لِلْمَسْجِدِ وَيُعَوَّضُ أَهْلُهُ عَنْهُ.
فَجَوَّزُوا بَيْعَ الْوَقْفِ وَالتَّعْوِيضَ عَنْهُ لِمَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ؛
لَا لِمَصْلَحَةِ أَهْلِهِ.
فَإِذَا بِيعَ وَعُوِّضَ عَنْهُ
لِمَصْلَحَةِ أَهْلِهِ كَانَ أَوْلَى بِالْجِوَارِ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ: لَوْ جَازَ
جَعْلُ أَسْفَلِ الْمَسْجِدِ سِقَايَةً وَحَوَانِيتَ لِهَذِهِ الْحَاجَةِ لَجَازَ تَخْرِيبُ
الْمَسْجِدِ وَجَعْلُهُ سِقَايَةً وَحَوَانِيتَ وَيُجْعَلُ بَدَلَهُ مَسْجِدٌ فِي مَوْضِعٍ
آخَرَ.
قِيلَ نَقُولُ بِمُوجَبِ ذَلِكَ
وَهَذَا هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ أَحْمَدُ وَرَوَاهُ عَنْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ وَعَلَيْهِ بَنَى مَذْهَبَهُ. فَإِنَّ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ خَرَّبَ
الْمَسْجِدَ الْأَوَّلَ – مَسْجِدَ الْجَامِعِ الَّذِي كَانَ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ
– وَجَعَلَ بَدَلَهُ مَسْجِدًا فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ الْمَدِينَةِ وَصَارَ مَوْضِعُ
الْمَسْجِدِ الْأَوَّلِ سُوقَ التَّمَارِينِ.
فَهَذِهِ الصُّورَةُ الَّتِي جَعَلُوهَا نَقْضًا فِي الْمُعَارَضَةِ وَأَصْلًا
فِي قِيَاسِهِمْ هِيَ الصُّورَةُ الَّتِي نَقَلَهَا أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ عَنْ الصَّحَابَةِ
وَبِهَا احْتَجَّ هُوَ وَأَصْحَابُهُ عَلَى مَنْ خَالَفَهُمْ
وَقَالَ أَصْحَابُ أَحْمَدَ: هَذَا يَقْتَضِي إجْمَاعَ الصَّحَابَةِ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُمْ عَلَيْهَا. فَقَالُوا – وَهَذَا لَفْظُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْمُفْرَدَاتِ
فِي مَسْأَلَةِ إبْدَالِ الْمَسْجِدِ – وَأَيْضًا رَوَى يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ:
ثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ الْقَاسِمِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ
عَلَى بَيْتِ الْمَالِ كَانَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ قَدْ بَنَى الْقَصْرَ وَاِتَّخَذَ
مَسْجِدًا عِنْدَ أَصْحَابِ التَّمْرِ فَنُقِبَ بَيْتُ الْمَالِ وَأُخِذَ الرَّجُلُ
الَّذِي نَقَبَهُ
فَكَتَبَ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَكَتَبَ عُمَرَ: لَا تَقْطَعْ الرَّجُلَ وَانْقُلْ الْمَسْجِدَ
وَاجْعَلْ بَيْتَ الْمَالِ فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ؛ فَإِنَّهُ لَنْ يَزَالَ فِي الْمَسْجِدِ
مُصَلٍّ.
فَنَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ فَخَطَّ
لَهُ هَذِهِ الْخُطَّةَ. قَالَ أَحْمَدُ: يُقَالُ إنَّ بَيْتَ الْمَالِ نُقِبَ فِي
مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فَحَوَّلَ عَبْدُ اللَّهِ الْمَسْجِدَ وَمَوْضِعُ التَّمَارِينِ
الْيَوْمَ فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الْعَتِيقِ.
قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَهَذَا
كَانَ مَعَ تَوَفُّرِ الصَّحَابَةِ: فَهُوَ كَالْإِجْمَاعِ إذَا لَمْ يُنْكِرْ أَحَدٌ
ذَلِكَ مَعَ كَوْنِهِمْ لَا يَسْكُتُونَ عَنْ إنْكَارِ مَا يَعُدُّونَهُ خَطَأً
لِأَنَّهُمْ أَنْكَرُوا عَلَى
عُمَرَ النَّهْيَ عَنْ المغالات فِي الصَّدُقَاتِ حَتَّى رَدَّتْ عَلَيْهِ امْرَأَةٌ
وَرَدُّوهُ عَنْ أَنْ يَحُدَّ الْحَامِلَ فَقَالُوا: إنْ جَعَلَ اللَّهُ لَك عَلَى
ظَهْرِهَا سَبِيلًا فَمَا جَعَلَ لَك عَلَى مَا فِي بَطْنِهَا سَبِيلًا.
وَأَنْكَرُوا عَلَى عُثْمَانَ
فِي إتْمَامِ الصَّلَاةِ فِي الْحَجِّ حَتَّى قَالَ: إنِّي دَخَلْت بَلَدًا فِيهِ أَهْلِي.
وَعَارَضُوا عَلِيًّا حِينَ رَأَى بَيْعَ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ
فَلَوْ كَانَ نَقْلُ الْمَسْجِدِ
مُنْكَرًا لَكَانَ أَحَقَّ بِالْإِنْكَارِ؛ لِأَنَّهُ أَمْرٌ ظَاهِرٌ فِيهِ شَنَاعَةٌ.
وَاحْتَجَّ أَيْضًا بِمَا رَوَى أَبُو حَفْصٍ فِي الْمَنَاسِكِ عَنْ عَائِشَةَ
– رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهُ قِيلَ لَهَا: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ إنَّ كُسْوَةَ
الْكَعْبَةِ قَدْ يُدَاوَلُ عَلَيْهَا؟
فَقَالَتْ: تُبَاعُ وَيُجْعَلُ ثَمَنُهَا فِي سَبِيلِ الْخَيْرِ. فَأَمَرَتْ
عَائِشَةُ بِبَيْعِ كُسْوَةِ الْكَعْبَةِ مَعَ أَنَّهَا وَقْفٌ وَصَرْفِ ثَمَنِهَا
فِي سَبِيلِ الْخَيْرِ.
لِأَنَّ ذَلِكَ أَصْلَحُ لِلْمُسْلِمِينَ: وَهَكَذَا قَالَ مَنْ رَجَّحَ
قَوْلَ ابْنِ حَامِدٍ فِي وَقْفِ الِاسْتِغْلَالِ كَأَبِي مُحَمَّدٍ: قَالَ: وَإِنْ
لَمْ تَتَعَطَّلْ مَنْفَعَةُ الْوَقْفِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لَكِنْ قُلْت أَوْ كَانَ غَيْرُهُ
أَنْفَعَ مِنْهُ وَأَكْثَرَ رَدًّا عَلَى أَهْلِ الْوَقْفِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ لِأَنَّ
الْأَصْلَ تَحْرِيمُ الْبَيْعِ؛ وَإِنَّمَا أُبِيحَ لِلضَّرُورَةِ صِيَانَةً لِمَقْصُودِ
الْوَقْفِ عَنْ الضَّيَاعِ مَعَ إمْكَانِ تَحْصِيلِهِ وَمَعَ الِانْتِفَاعِ بِهِ.
وَإِنْ قُلْنَا يَضِيعُ الْمَقْصُودُ.
اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ مِنْ قِلَّةِ النَّفْعِ إلَى حَدٍّ لَا
يُعَدُّ نَفْعًا فَيَكُونُ وُجُودُ ذَلِكَ كَالْعَدَمِ.
فَيُقَالُ: مَا ذَكَرُوهُ مَمْنُوعٌ.
وَلَمْ يَذْكُرُوا عَلَيْهِ دَلِيلًا شَرْعِيًّا وَلَا مَذْهَبِيًّا إبْدَالِ الْمَسْجِدِ
لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ فَغَيْرُهُ أَوْلَى. وَقَدْ نَصَّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِ
غَيْرِهِ أَيْضًا لِلْمَصْلَحَةِ؛ لَا لِلضَّرُورَةِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ إنْ شَاءَ
اللَّهُ تَعَالَى.
وَأَيْضًا فَيُقَالُ لَهُمْ: لَا ضَرُورَةَ إلَى بَيْعِ الْوَقْفِ؛ وَإِنَّمَا
يُبَاعُ لِلْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ وَلِحَاجَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ إلَى كَمَالِ
الْمَنْفَعَةِ؛ لَا لِضَرُورَةِ تُبِيحُ الْمَحْظُورَاتِ؛ فَإِنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ
لِكَمَالِ الْمَنْفَعَةِ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مُضْطَرِّينَ وَلَوْ كَانَ بَيْعُهُ
لَا يَجُوزُ – – لِأَنَّهُ حَرَامٌ – لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ لِضَرُورَةِ وَلَا غَيْرِهَا
كَمَا لَمْ يَجُزْ بَيْعُ الْحُرِّ الْمُعْتَقِ وَلَوْ اُضْطُرَّ سَيِّدُهُ الْمُعْتِقُ
إلَى ثَمَنِهِ؛ وَغَايَتُهُ أَنْ يَتَعَطَّلَ نَفْعُهُ فَيَكُونُ كَمَا لَوْ كَانَ
حَيَوَانًا فَمَاتَ.
ثُمَّ يُقَالُ لَهُمْ: بَيْعُهُ فِي عَامَّةِ الْمَوَاضِعِ لَمْ يَكُنْ
إلَّا مَعَ قِلَّةِ نَفْعِهِ؛ لَا مَعَ تَعَطُّلِ نَفْعِهِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ فَإِنَّهُ
لَوْ تَعَطَّلَ نَفْعُهُ بِالْكُلِّيَّةِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهِ أَحَدٌ؛ لَا الْمُشْتَرِي
وَلَا غَيْرُهُ. وَبَيْعُ مَا لَا مَنْفَعَةَ فِيهِ لَا يَجُوزُ أَيْضًا. فَغَايَتُهُ
أَنْ يُخَرَّبَ وَيَصِيرَ عَرْصَةً وَهَذِهِ يُمْكِنُ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِالْإِجَارَةِ
بِأَنْ تُكْرَى لِمَنْ يَعْمُرُهَا”
فتأمل كلام شيخ الإسلام وقوة مناقضة لما نسبه له اللهيميد ، فشيخ الإسلام
يرى أن الوقف إذا تعطلت منفعته لم يجز بيعه أصلاً ، إذ لا يجوز بيع ما لا منفعة فيه
، ويرى جواز الإبدال والبيع للمصلحة الراجحة وإن لم تتعطل المنفعة ، وينكر نسبة المذهب
المخالف للإمام أحمد
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم