فتخيم على كثير من المسلمين سحابة الهزيمة النفسية أمام دول الغرب الكافر
، وأمطرت هذه السحابة مطر سوء لطخ أبناء المسلمين بعدد من القيم والعقائد الوافدة المخالفة
للشريعة الإسلامية، أو المشغلة عن تعلم ما افترض على كل مسلم من التعلم في أمر دينه.
فمن ذلك الديمقراطية الخبيثة ،
والانحلال الأخلاقي وما يتعلق بالمرأة من قضايا صارت علكة لكل متمطق أفاك، وأحسنهم
طريقة بل أسوأهم من يأتي إلى بعض الأفكار الوافدة ويحاول أسلمتها
كما رأينا ديمقراطية اسلامية و اشتراكية
إسلامية
و اقتصاد إسلامي» وإذا به مليء
بالحيل على الربا!
وربما تسلل لبعض الأخيار آثار هذا المد المجرم .
فمن ذلك قول بعض الناس في عدد
من دول الكفر [ الدول المتقدمة ]، والحق أنني أتحفظ على مثل هذا الإطلاق
قال الله تعالى في وصف الكفار
: ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ
لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آَذَانٌ لَا
يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾.
وقال الله تعالى : ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ
كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ﴾.
وهذا حال أهل الكفر اليوم ، بل إن الكفار الذين قال الله عز وجل فيهم هذا
، في نواح عديدة أحسن من الكفار الغربيين اليوم.
إذ أنهم كان غيرة على محارمهم
وحمية وإكرام للضيف وكثير منهم كان يوفي بالعهد ولا ينقضه ، ويعيرون بالكذب وغيرها
من الأمور المعروفة.
أما دول الكفر اليوم فهي أولاً
مختلفة عقائدياً فهي شعوب خرافية من الدرجة الأولى لم يكتفوا بالكفر القديم حتى أضافوا
إليه ألواناً من الخرافة كالتطير المنتشر عندهم من بعض الأيام والتواريخ ومن الرقم
13 ، وأسطورة سانتا كلوس ، وأسطورة الصعود للقمر وانتشر في أوروبا اعتقاد التناسخ هذه
الأيام .
والكنيسة نفسها هي الرحم الذي
يتولد منه الخرافة.
وقد ظهر الإحداث والخرافة في الكنيسة في أخص صور العبادة فعلى سبيل المثال
تلك الصلاة التي عرفها العام والخاص ، لا أصل لها في الحقيقة في كتابهم المقدس !
وطقوس الزواج المضحكة التي يصنعونها لا أصل لها في الكتاب المقدس بل هي
تناقض تعاليم بولس !
كما شرحته في مقال (موقف بولس
من المرأة)، وذلك الصخب الذي يحدث في كنائسهم والموسيقى والرقص لا أصل له بل نبيهم
الأخير بولس كان ينهى عن ظهور صوت المرأة في الكنيسة.
ومن لم يكن على شيء من هذه العقائد فإنه يكون ملحداً عابداً لهواه ، ومثل
هذا لا يمكن العيش معه إذ لا يوجد عنده دين يردعه.
قال شيخ الإسلام في درء تعارض
العقل والنقل (8/465):
“إن النفس لا تخلو عن الشعور
والإرادة. بل هذا الخلو ممتنع فيها.
فإن الشعور و الإرادة من لوازم حقيقتها، بل هذا الخلو ممتنع فيها.
فإن الشعور والإرادة من لوازم حقيقتها، ولا يتصور أن تكون النفس إلا شاعرة
مريدة.
ولا يجوز أن يقال: إنها قد تخلو في حق الخالق تعالى عن الشعور بوجوده وعدمه،
وعن محبته وعدم محبته، وحينئذ فلا يكون الإقرار به ومحبته من لوازم وجودها، ولو لم
يكن لها معارض، بل هذا باطل.
وذلك أن النفس لها مطلوب مراد بضرورة فطرتها، وكونها مريدة من لوازم ذاتها،
لا يتصور أن تكون نفس الإنسان غير مريدة.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: [ أصدق الأسماء الحارث وهمام ] وهي حيوان
وكل حيوان متحرك بالإرادة، فلا بد لها من حركة إرادية.
و إذا كان كذلك فلا بد لكل مريد
من مراد.
والمراد إما أن يكون مراداً لنفسه أو لغيره، والمراد لغيره لابد أن ينتهي
إلى مراد نفسه، فيمتنع أن تكون جميع المرادات لغيرها، فإن هذا تسلسل في العلل الغائية،
وهو ممتنع كامتناع التسلسل في العلل الفاعلية، بل أولى.
و إذا كان لابد للإنسان من مراد
لنفسه فهذا هو الإله الذي يألهه القلب، فإذا لابد لكل عبد من إله، فعلم أن العبد مفطور
على أن يحب إلهه”
وهذا الملحد إنما يعبد هواه.
وقال شيخ الإسلام في العبودية ص29: “والقلب فقير بالذات إلى الله
من جهتين: من جهة العبادة والعلة الغائية، ومن جهة الاستعانة والتوكل وهي العلة الفاعلية
.
فالقلب لا يصلح ولا يفلح ولا يسر ولا يلتذ ولا يطيب ولا يسكن ولا يطمئن
إلا بعبادة ربه والإنابة إليه، ولو حصل له كل ما يلتذ به من المخلوقات لم يطمئن ولم
يسكن. إذ فيه فقر ذاتي إلى ربه، من حيث هو معبوده ومحبوبه ومطلوبه، وبذلك يحصل له الفرح
والسرور واللذة والنعمة والسكون والطمأنينة .
وهذا لا يحصل إلا بإعانة الله له، لا يقدر على تحصيل ذلك إلا الله، فهو
دائماً مفتقر إلى حقيقة ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾.
فإنه لو أعين على حصول ما يحبه
ويطلبه ويشتهيه ويريده ولم يحصل له عبادة الله، بحيث يكون هو غاية مراده ونهاية مقصوده،
وهو المحبوب له بالقصد الأول وكل ما سواه فإنه يحبه لأجله، لا يحب شيئاً لذاته إلا
الله.
فمتى لم يحصل له هذا لم يكن قد
حقق حقيقة ( لا إله إلا الله ) ولا حقق التوحيد والعبودية والمحبة. وكان فيه من النقص
والعيب، بل ومن الآلام والحسرة والعذاب بحسب ذلك. ولو سعى في هذا المطلوب ولم يكن مستعيناً
بالله متوكلاً على الله مفتقراً إليه في حصوله لم يحصل له، فإن ما شاء الله كان وما
لم يشأ لم يكن .
فهو مفتقر إلى الله من حيث هو المطلوب المحبوب المراد المعبود، ومن حيث
هو المسؤول المستعان به المتوكل عليه. فهو إلهه لا إله له غيره. وهو ربه لا رب له سواه.
ولا تتم عبوديته إلا بهذين. فمتى كان محباً لغير الله لذاته، أو ملتفتاً
إلى غير الله أنه يعينه كان عبداً لما أحبه وعبداً لما رجاه، بحسب حبه ورجائه إياه.
و إذا لم يحب لذاته إلا الله، وكل ما أحبه سواه فإنما أحبه له. ولم يرج
قط شيئاً إلا لله.
و إذا فعل ما فعل من الأسباب أو
حصل ما حصل منها كان شاهداً أن الله هو الذي خلقها وقدرها، و أن كل من في السماوات
و الأرض فالله ربه وخالقه هو فقير إليه.
كان قد حصل من تمام عبوديته لله بحسب ما قسم له من ذلك، والناس في هذا
على درجات متفاوته لا يحصي طرقها إلا الله.
فأكمل الخلق وأفضلهم وأعلاهم وأقربهم إلى الله، وأقواهم وأهداهم أتمهم
عبودية لله من هذا الوجه. وهذا هو حقيقة دين الإسلام الذي أرسل الله به رسله وأنزل
به كتبه. وهو أن يستسلم العبد لله لا لغيره، فالمستسلم له ولغيره مشرك والممتنع عن
الاستسلام له مستكبر”.
وأما على الصعيد الأخلاقي فهي دول متخلفة أيضاً فلا يوجد عندهم احترام
للكبير إلا ما ندر ولا بر للوالدين
بل اختزلوا الأمر بأعياد يؤدون
فيها بعض الطقوس الرسمية الباردة الخالية من حرارة العاطفة الصادقة.
وعلى مستوى النساء تفشى في تلك
المجتمعات انحلال النساء وانتشار الدعارة المقننة ، وفشا الزنا حتى لم يصر عاراً .
وإنما العار عندهم في أن تكون غير ثابتة على عشيق واحد وتأخذ مالاً على
الزنا ، فهذه هي العاهرة عندهم ، وأما التي تزني مع رجل وتكون معه علاقةً متصلة حتى
إذا مل منها أو ملت منه انطلق كل واحد منهما ليبحث عن صديق يمارس معه الرذيلة فليس
هذا الأمر مشيناً في المجتمع !
وما وقع في بعض بلاد الإسلام من مشابهة هذا الأمر أو مقاربته فناشيء عن
التأثر بهم.
وأما على الصعيد الأمني ، فكل من ذهب إلى المملكة المتحدة ( بريطانيا)
رأى ذلك العدد الكبير من الكاميرات المنتشرة في الشوارع، فما سببها؟
وهل يوجد مثلها في معظم بلاد الإسلام الآمنة؟
إن سببها هو حفظ الأمن والخوف من الاعتداءات والاغتصابات وغيرها من الأمور.
وحتى على الصعيد الاقتصادي الذي صدعوا رؤوسنا به ، قد كشفت الأزمة الاقتصادية
العالمية فشلاً ذريعاً عند هؤلاء القوم.
وها هي أسبانيا (وهي من الدول
المتقدمة عند القوم) تقر خطة للتقشف ويخرج عدد من الشباب للتظاهر ضد هذه الخطة فيتم
ضربهم بطريقة وحشية، وهذا ما لم يقع يوماً في شيء من بلدان الخليج (مثلاً)، على أن
له نظائر في غيرها من البلدان الإسلامية.
وحدث ولا حرج عن التمييز العنصري المبني على لون البشرة، وعن الاحصائيات
الطافحة بالأرقام المخيفة عن حالات الإدمان وما يترتب عليها من الوفيات يومياً في كثير
من هذه البلدان.
والحريات التي تعني الانفلات والانحلال
هذه مقياس للتخلف لا التقدم .
هذا مع كونهم غير صادقين في إطلاق
هذا ففي فرنسا حصل ما حصل لمن يغطين رؤوسهن ويسمونهن ب( المحجبات ) كما هو معلوم.
وجرح الاستعمار بعد لم يندمل فما الذي أنسانا إياه ؟
ودعوى أن الإبداع لا يوجد إلا تحت مظلة الحرية كلام فارغ ، فهذه الصين
دولة قمعية لا تحكم بالديمقراطية ومعظم اهلها وثنيون ومع ذلك هي متقدمة صناعياً جداً
ومن دول الفيتو.
وحتى التقدم في صناعة (السلاح) وهو مربط الفرس عند كثير ممن يتكلم في هذا
الأمر ، هو من مخازيهم أيضاً فقد استخدموا هذه الأسلحة للفتك بالأمم الضعيفة طمعاً
بما عندها من الخيرات ، وما فعلوه من الإسراف في القتل في عدد من البلدان على رأسها
فييتنام دليل على ذلك.
والكلام على صور التخلف والانحلال في هذه البلدان يطول ، ولا يعني هذا
تزكية أحوال المسلمين اليوم ، غير أن المراد إطلاق لفظ (التقدم) عليهم قد يرسخ للهزيمة
النفسية الموجودة عند كثير من أبناء المسلمين ممن صار يتشبه بهؤلاء القوم ، ومنهم يتمنى
المعيش في ديارهم.
ومنهم من يريد استيراد الأفكار التي يعيش عليها الغربيون كالديمقراطية
وغيرها ، فإذا جابهته بالنصوص التي تخالف قناعاته إما يجهر برد النصوص صريحاً ، أو
يحاول تأويلها ، أو يحاول الاتيان بنصوص أخرى يفهمها فهماً يوافق فيه هواه.
وكونهم قد تقدموا صناعياً فهذا
إن برر شيئاً فإنما يبرر تسميتها ب ( الدول المتقدمة صناعياً ) بهذا القيد ولا أحبذ
هذا أيضاً.
ولله عز وجل في إدالة الكافر على
المسلم في حال بعد المسلم عن ربه حكمة بالغة.
قال الله تعالى: ﴿وَإِنْ تَصْبِرُوا
وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾،
فدل على أنه إن لم يوجد الصبر والتقوى ضر الكيد.
قال ابن القيم في إغاثة اللهفان ص191 :
“فذكر سبحانه أنواعا من الحكم
التى لأجلها أديل عليهم الكفار، بعد أن ثبتهم وقواهم وبشرهم بأنهم الأعلون بما أعطوه
من الإيمان، وسلاهم بأنهم وإن مسهم القرح فى طاعته وطاعة رسوله فقد مس أعداءهم القرح
فى عداوته وعداوة رسوله.
ثم أخبرهم أنه سبحانه بحكمته يجعل
الأيام دولا بين الناس، فيصيب كلا منهم نصيبه منها، كالأرزاق والآجال، ثم أخبرهم أنه
فعل ذلك ليعلم المؤمنين منهم، وهو سبحانه بكل شيء عليم قبل كونه وبعد كونه، ولكنه أراد
أن يعلمهم موجودين مشاهدين، فيعلم إيمانهم واقعا.
ثم أخبر أنه يحب أن يتخذ منهم شهداء، فإن الشهادة درجة عالية عنده، ومنزلة
رفيعة لا تنال إلا بالقتل فى سبيله، فلولا إدالة العدو لم تحصل درجة الشهادة التى هى
من أحب الأشياء إليه، وأنفعها للعبد.
ثم أخبر سبحانه أنه يريد تمحيص المؤمنين: أى تخليصهم من ذنوبهم بالتوبة
والرجوع إليه واستغفاره من الذنوب التى أديل بها عليهم العدو، وأنه مع ذلك يريد أن
يمحق الكافرين ببغيهم وطغيانهم، وعدوانهم إذا انتصروا”
فله سبحانه وتعالى الحكمة البالغة في تسليط العدو على المسلمين لكي يرجعوا
إلى دينهم .
فلو رفعهم على الكفار في كل حال
لمجرد وجود الإسلام معهم دون لوازمه لاتكلوا ولنتج عن ذلك فساد عريض، واليوم يوجد آلاف
الأضرحة التي تعبد من دون الله عز وجل في بلاد المسلمين .
وغيرها من أسباب الهلاك والذل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الرد على البكري (2/ 732):
“فقلت لهم هؤلاء الذين تستغيثون
بهم لو كانوا معكم في القتال لانهزموا كما انهزم من انهزم من المسلمين يوم أحد.
فإنه كان قد قضى أن العسكر ينكسر
لأسباب اقتضت ذلك ولحكمة الله عز و جل في ذلك.
ولهذا كان أهل المعرفة بالدين
والمكاشفة لم يقاتلوا في تلك المرة لعدم القتال الشرعي الذي أمر الله به ورسوله
ولما يحصل في ذلك من الشر والفساد وانتفاء النصرة المطلوبة من القتال فلا
يكون فيه ثواب الدنيا ولا ثواب الآخرة”.
والعلاقة بين المسلم والكافر ما ينبغي أن تكون مبنية على الاستفادة من
الكافر وتبادل الثقافات كما يقال.
بل ينبغي أن تكون مبنية أول ما
تكون على دعوة المسلم للكافر وإنقاذه من الكفر
وشرط ذلك العلم الذي يقدر به على دفع الشبهات وتقرير الحق، وهكذا كان السلف
أول علاقتهم مع الروم والفرس وغيرهم بدأت بجهادهم ودعوتهم ثم جاءت الاستفادة من خبراتهم
الحياتية تبعاً.
قال شيخ الإسلام كما في مجموع الفتاوى (2/ 84):
“وعند المسلمين من العلوم
الإلهية الموروثة عن خاتم المرسلين ما ملأ العالم نورا وهدى”.
وهذا الهدى والنور يجب أن نكون
حريصين معتزين به أكثر من اعتزازهم بصناعاتهم ، وحريصين على إيصاله للناس.
على أن العاقل يبدأ بإصلاح نفسه قبل غيره ، فكثير ممن يسمون أنفسهم بالدعاة
يحرصون على دعوة اليهود والنصارى للإسلام ، ويتركون المتلبسين بالشرك من المنتسبين
للإسلام لا يدعونهم.
وهؤلاء أولى بالدعوة من وجوه:
أولها : أنهم ينسبون
هذا للشريعة الإسلامية وهذا أخطر شيء.
ثانيها : أن هؤلاء
يمكن دعوتهم بأدلة الكتاب والسنة لوجود الأرضية المشتركة كما يقال.
ثالثها : أن ممارسات
هؤلاء القبورية هي في نفسها فتنة للكفار الأصليين فيقولون ( ما نفعله مع المسيح يفعله
هؤلاء مع علي والحسين والبدوي).
بل كثير من هؤلاء الدعاة يستكون على ما هو أكفر من مذهب اليهود والنصارى
كمذهب الرافضة والاتحادية والنصيرية والاسماعيلية بحجة انتسابهم للإسلام.
ويقولون ( أمة المليار مسلم )
وما صارت ملياراً إلا بعدِّ هؤلاء معها وليسوا من الأمة ولا يجوز الشهادة لهم بالإسلام.
بل من المنهج الحادث في الدعوة
أنهم يكتفون بتلقين الرجل ( الشهادتين ) ثم يرسلونه إلى الحج وبعد ذلك يتركونه وشأنه
ويذهبون إلى غيره لدعوته إلى الإسلام.
وهذا كثير في الدعاة إلى الإسلام
في أفريقيا ، وليس هذا منهجاً صحيحاً بل إن النبي صلى الله عليه وسلم لم بعث معاذاً
أمره أن يدعوهم للتوحيد ثم للصلاة ثم للزكاة ، ويقيم معهم يعلمهم أمور دينهم .
فربما بقي معهم بقايا من خرافات
أو عقائد فاسدة يزيلها الداعية بعلمه كما في حادثة (ذات أنواط).
ومن مخالفات هؤلاء الدعاة أن كثيراً منهم إذا أسلم على يديه رجل أوروبي
لا يأمره بالهجرة وترك ديار الكفر إلى ديار الإسلام.
قال النسائي في سننه 2567 – أَخْبَرَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ قَالَ سَمِعْتُ بَهْزَ
بْنَ حَكِيمٍ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قُلْتُ:
يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَا أَتَيْتُكَ
حَتَّى حَلَفْتُ أَكْثَرَ مِنْ عَدَدِهِنَّ لِأَصَابِعِ يَدَيْهِ أَلَّا آتِيَكَ وَلَا
آتِيَ دِينَكَ وَإِنِّي كُنْتُ امْرَأً لَا أَعْقِلُ شَيْئًا إِلَّا مَا عَلَّمَنِي
اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَإِنِّي أَسْأَلُكَ بِوَجْهِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَا بَعَثَكَ
رَبُّكَ إِلَيْنَا قَالَ بِالْإِسْلَامِ
قَالَ قُلْتُ وَمَا آيَاتُ الْإِسْلَامِ
قَالَ أَنْ تَقُولَ أَسْلَمْتُ وَجْهِي إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَتَخَلَّيْتُ
وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ كُلُّ مُسْلِمٍ عَلَى مُسْلِمٍ مُحَرَّمٌ
أَخَوَانِ نَصِيرَانِ لَا يَقْبَلُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ مُشْرِكٍ بَعْدَمَا
أَسْلَمَ عَمَلًا أَوْ يُفَارِقَ الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ.
قال الألباني في الصحيحة (6/ 356): “إن مما يؤسف لهأشد الأسف
أن الذين يسلمون في العصر الحاضر – مع كثرتهم و الحمد لله – لا يتجاوبون مع هذا الحكم
من المفارقة ، و هجرتهم إلى بلاد الإسلام ، إلا القليلمنهم ، و أنا أعزو ذلك إلى أمرين
اثنين:
الأول : تكالبهم على الدنيا ، و تيسر وسائل العيش و الرفاهية في بلادهم
بحكم كونهم يعيشون حياة مادية ممتعة ، لا روحفيها ، كما هو معلوم ، فيصعب عليهم عادة
أن ينتقلوا إلى بلد إسلامي قد لا تتوفر لهم فيه وسائل الحياة الكريمة في وجهة نظرهم
.
و الآخر – و هو الأهم – : جهلهم
بهذا الحكم ، و هم في ذلك معذورون ، لأنهم لم يسمعوا به من أحد من الدعاة الذين تذاع
كلماتهم مترجمة ببعض اللغات الأجنبية ، أو من الذين يذهبون إليهم باسم الدعوة لأن أكثرهم
ليسوا فقهاء و بخاصة منهم جماعة التبليغ .
بل إنهم ليزدادونلصوقا ببلادهم
، حينما يرون كثيرا من المسلمين قد عكسوا الحكم بتركهم لبلادهم إلى بلاد الكفار ! فمن
أين لأولئك الذين هداهم الله إلى الإسلام أن يعرفوا مثل هذا الحكم و المسلمون أنفسهم
مخالفون له ؟!
ألا فليعلم هؤلاء و هؤلاء أن الهجرةماضيه كالجهاد ، فقد قال صلى الله عليه
وسلم : ” لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل ” ، و في حديث آخر :
” لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ، و لا تنقطعالتوبة حتى تطلع الشمس من مغربها
” و هو مخرج في ” الإرواء ” ( 1208 ) . و مماينبغي أن يعلم أن الهجرة
أنواع و لأسباب عدة ، و لبيانها مجال آخر ، و المهم
هنا الهجرة من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام مهما كان الحكام فيها منحرفين
عنالإسلام ، أو مقصرين في تطبيق أحكامه ، فهي على كل حال خير بما لا يوصف من بلاد الكفر
أخلاقا و تدينا و سلوكا ، و ليس الأمر – بداهة – كما زعم أحد الجهلةالحمقى الهوج من
الخطباء : ” والله لو خيرت أن أعيش في القدس تحت احتلال اليهود و بين أن أعيش
في أي عاصمة عربية لاخترت أن أعيش في القدس تحت احتلال اليهود “
! و زاد على ذلك فقال ما نصه : ” ما أرى إلا أن الهجرة واجبة من الجزائر
إلى (تل أبيب) ” !! كذا قال فض فوه ، فإن بطلانه لا يخفى على مسلم مهما كان غبيا
!
و لتقريب ما ذكرت من الخيرية إلى أذهان القراء المحبين للحق الحريصين على
معرفته و اتباعه ، الذين لا يهولهم جعجعة الصائحين ، و صراخ الممثلين ، واضطراب الموتورين
من الحاسدين و الحاقدين من الخطباء و الكاتبين : أقول لأولئك المحبين : تذكروا على
الأقل حديثين اثنين لرسول الله صلى الله عليه وسلم : أحدهما : ” إن الإيمان ليأرز
إلى المدينة كما تأرز الحية إلى حجرها ” . أخرجه البخاري و مسلم و غيرهما . و
الآخر : ” لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتيهم أمر الله و هم ظاهرون
” ، و هو حديث صحيح متواتر رواه جماعة من الصحابة”
وهذا كلام حسن.
وقال ابن رشد في مقدماته (2/ 612): “فصل: – فإذا وجب بالكتاب والسنة
وإجماع الأمة على من أسلم ببلد الحرب أن يهاجر، ويلحق بدار المسلمين ولا يثوي بين المشركين،
ويقيم بين أظهرهم لئلا تجري عليه أحكامهم، فكيف يباح لأحد الدخول إلى بلادهم حيث تجري
علينا أحكامهم في تجارة أو غيرها، وقد كره مالك رحمه الله تعالى أن يسكن أحد ببلد يسب
فيه السلف فكيف ببلد يكفر فيه بالرحمن، وتعبد فيه من دونه الأوثان، ولا تستقر نفس أحد
على هذا إلا وهو مسلم سوء، مريض الإيمان”.
وجاء في المعيار المعرب (2/ 132):
“وما ذكرت عن هؤلاء المهاجرين
من قبيح الكلام وسب دار الإسلام، وتمني الرجوع إلى دار الشرك والأصنام، وغير ذلك من
الفواحش المنكرة التي لا تصدر إلا من اللئام.
يوجب لهم خزي الدنيا والآخرة وينزلهم
أسوأ المنازل.
والواجب على من مكنه الله في الأرض
ويسره لليسرى أن يقبض على هؤلاء وأن يرهقهم العقوبة الشديدة، والتنكيل المبرح ضرباً
وسجناً حتى لا يتعدوا حدود الله.
لأن فتنة هؤلاء أشد ضرراً من فتنة
الجوع والخوف ونهب الأنفس والأموال.
وذلك أن من هلك هنالك فإلى رحمة
الله تعالى وكريم عفوه، ومن هلك دينه فإلى لعنة الله وعظيم سخطه، فإن محبة الموالاة
الشركية، والمساكنة النصرانية والعزم على رفض الهجرة والركوب إلى الكفار، والرضى بدفع
الجزية إليهم، ونبذ العزة الإسلامية، والطاعة الإمامية، والبيعة السلطانية، وظهور السلطان
النصراني عليها وإذلاله إياها فواحش عظيمة مهلكة قاصمة للظهر يكاد أن تكون كفراً والعياذ
بالله”.
وأختم بوصف شيخ الإسلام لأهل الإسلام في عصره ، ليعلم كيف واجه الشيخ تلك
الحال الصعبة في أيامه.
قال شيخ الإسلام كما في مجموع
الفتاوى (28/ 531):
“أَمَّا الطَّائِفَةُ بِالشَّامِ وَمِصْرَ وَنَحْوِهِمَا فَهُمْ فِي
هَذَا الْوَقْتِ الْمُقَاتِلُونَ عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ وَهُمْ مِنْ أَحَقِّ النَّاسِ
دُخُولًا فِي الطَّائِفَةِ الْمَنْصُورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ فِي الْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمُسْتَفِيضَةِ عَنْهُ
: [ لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ
مَنْ خَالَفَهُمْ وَلَا مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ].
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمِ :
[ لَا يَزَالُ أَهْلُ الْغَرْبِ] وَالنَّبِيُّ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَكَلَّمَ بِهَذَا الْكَلَامِ بِمَدِينَتِهِ النَّبَوِيَّةِ
فَغَرْبُهُ مَا يَغْرُبُ عَنْهَا وَشَرْقُهُ مَا يَشْرُقُ عَنْهَا .
فَإِنَّ التَّشْرِيقَ وَالتَّغْرِيبَ
مِنْ الْأُمُورِ النِّسْبِيَّةِ ؛ إذْ كَلُّ بَلَدٍ لَهُ شَرْقٌ وَغَرْبٌ ؛ وَلِهَذَا
إذَا قَدِمَ الرَّجُلُ إلَى الإسْكَنْدَريَّة مِنْ الْغَرْبِ يَقُولُونَ : سَافَرَ
إلَى الشَّرْقِ .
وَكَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يُسَمُّونَ أَهْلَ الشَّامِ : أَهْلَ الْغَرْبِ
وَيُسَمُّونَ أَهْلَ نَجْدٍ وَالْعِرَاقِ: أَهْلَ الشَّرْقِ كَمَا فِي حَدِيثِ ابْنِ
عُمَرَ قَالَ : قَدِمَ رَجُلَانِ مِنْ أَهْلِ الْمَشْرِقِ فَخَطَبَا وَفِي رِوَايَةٍ
مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ .
وَلِهَذَا قَالَ أَحْمَد بْنُ
حَنْبَلٍ : ” أَهْلُ الْغَرْبِ ” هُمْ أَهْلُ الشَّامِ – يَعْنِي هُمْ أَهْلُ
الْغَرْبِ – كَمَا أَنَّ نَجْدًا وَالْعِرَاقَ أَوَّلُ الشَّرْقِ وَكُلُّ مَا يَشْرُقُ
عَنْهَا فَهُوَ مِنْ الشَّرْقِ وَكُلُّ مَا يَغْرُبُ عَنْ الشَّامِ مِنْ مِصْرَ وَغَيْرِهَا
فَهُوَ دَاخِلٌ فِي الْغَرْبِ .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ : أَنَّ
مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ قَالَ : فِي الطَّائِفَةِ الْمَنْصُورَةِ : وَهُمْ بِالشَّامِ
.
فَإِنَّهَا أَصْلُ الْمَغْرِبِ وَهُمْ فَتَحُوا سَائِرَ الْمَغْرِبِ كَمِصْرِ
وَالْقَيْرَوَانَ وَالْأَنْدَلُسَ وَغَيْرَ ذَلِكَ .
وَإِذَا كَانَ غَرْبُ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ مَا يَغْرُبُ عَنْهَا
فَالْبِيرَةُ وَنَحْوُهَا عَلَى مُسَامَتَةِ الْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ كَمَا أَنَّ
حَرَّانَ وَالرَّقَّةَ وسميساط وَنَحْوَهَا عَلَى مُسَامَتَةِ مَكَّةَ فَمَا يَغْرُبُ
عَنْ الْبِيرَةِ فَهُوَ مِنْ الْغَرْبِ الَّذِينَ وَعَدَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا تَقَدَّمَ . وَقَدْ جَاءَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فِي صِفَةِ الطَّائِفَةِ
الْمَنْصُورَةِ [ أَنَّهُمْ بِأَكْنَافِ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ ] وَهَذِهِ الطَّائِفَةُ
هِيَ الَّتِي بِأَكْنَافِ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ الْيَوْمَ .
وَمَنْ يَتَدَبَّرُ أَحْوَالَ
الْعَالَمِ فِي هَذَا الْوَقْتِ يَعْلَمُ أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ هِيَ أَقْوَمُ
الطَّوَائِفِ بِدِينِ الْإِسْلَامِ : عِلْمًا وَعَمَلًا وَجِهَادًا عَنْ شَرْقِ الْأَرْضِ
وَغَرْبِهَا .
فَإِنَّهُمْ هُمْ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ
أَهْلَ الشَّوْكَةِ الْعَظِيمَةِ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَأَهْلِ الْكِتَابِ وَمُغَازِيهِمْ
مَعَ النَّصَارَى وَمَعَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ التُّرْكِ وَمَعَ الزَّنَادِقَةِ الْمُنَافِقِينَ
مِنْ الدَّاخِلِينَ فِي الرَّافِضَةِ وَغَيْرِهِمْ كالإسْماعيليَّة وَنَحْوِهِمْ مِنْ
الْقَرَامِطَةِ مَعْرُوفَةٌ : مَعْلُومَةٌ قَدِيمًا وَحَدِيثًا .
وَالْعِزُّ الَّذِي لِلْمُسْلِمِينَ بِمَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا
هُوَ بِعِزِّهِمْ وَلِهَذَا لَمَّا هَزَمُوا سَنَةَ تِسْعٍ وَتِسْعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ
دَخَلَ عَلَى أَهْلِ الْإِسْلَامِ مِنْ الذُّلِّ وَالْمُصِيبَةِ بِمَشَارِقِ الْأَرْضِ
وَمَغَارِبِهَا مَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ .
وَالْحِكَايَاتُ فِي ذَلِكَ كَثِيرَةٌ
لَيْسَ هَذَا مَوْضِعَهَا .
وَذَلِكَ أَنَّ سُكَّانَ الْيَمَنِ فِي هَذَا الْوَقْتِ ضِعَافٌ عَاجِزُونَ
عَنْ الْجِهَادِ أَوْ مُضَيِّعُونَ لَهُ ؛ وَهُمْ مُطِيعُونَ لِمَنْ مَلَكَ هَذِهِ
الْبِلَادَ حَتَّى ذَكَرُوا أَنَّهُمْ أَرْسَلُوا بِالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ لِهَؤُلَاءِ
وَمَلِكُ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا جَاءَ إلَى حَلَبَ جَرَى بِهَا مِنْ الْقَتْلِ مَا
جَرَى .
وَأَمَّا سُكَّانُ الْحِجَازِ فَأَكْثَرُهُمْ أَوْ كَثِيرٌ مِنْهُمْ خَارِجُونَ
عَنْ الشَّرِيعَةِ وَفِيهِمْ مِنْ الْبِدَعِ وَالضَّلَالِ وَالْفُجُورِ مَا لَا يَعْلَمُهُ
إلَّا اللَّهُ وَأَهْلُ الْإِيمَانِ وَالدِّينِ فِيهِمْ مُسْتَضْعَفُونَ عَاجِزُونَ
؛ وَإِنَّمَا تَكُونُ الْقُوَّةُ وَالْعِزَّةُ فِي هَذَا الْوَقْتِ لِغَيْرِ أَهْلِ
الْإِسْلَامِ بِهَذِهِ الْبِلَادِ .
فَلَوْ ذَلَّتْ هَذِهِ الطَّائِفَةُ – وَالْعِيَاذُ بِاَللَّهِ تَعَالَى
– لَكَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِالْحِجَازِ مِنْ أَذَلِّ النَّاسِ ؛ لَا سِيَّمَا وَقَدْ
غَلَبَ فِيهِمْ الرَّفْضُ .
وَمُلْكُ هَؤُلَاءِ التَّتَارِ الْمُحَارِبِينَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ الْآنَ
مَرْفُوضٌ فَلَوْ غَلَبُوا لَفَسَدَ الْحِجَازُ بِالْكُلِّيَّةِ .
وَأَمَّا بِلَادُ إفْرِيقِيَّةَ
فَأَعْرَابُهَا غَالِبُونَ عَلَيْهَا وَهُمْ مِنْ شَرِّ الْخَلْقِ ؛ بَلْ هُمْ مُسْتَحِقُّونَ
لِلْجِهَادِ وَالْغَزْوِ .
وَأَمَّا الْمَغْرِبُ الْأَقْصَى فَمَعَ اسْتِيلَاءِ الْإِفْرِنْجِ عَلَى
أَكْثَرِ بِلَادِهِمْ لَا يَقُومُونَ بِجِهَادِ النَّصَارَى هُنَاكَ ؛ بَلْ فِي عَسْكَرِهِمْ
مِنْ النَّصَارَى الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الصُّلْبَانَ خَلْقٌ عَظِيمٌ .
لَوْ اسْتَوْلَى التَّتَارُ عَلَى
هَذِهِ الْبِلَادِ لَكَانَ أَهْلُ الْمَغْرِبِ مَعَهُمْ مِنْ أَذَلِّ النَّاسِ لَا
سِيَّمَا وَالنَّصَارَى تَدْخُلُ مَعَ التَّتَارِ فَيَصِيرُونَ حِزْبًا عَلَى أَهْلِ
الْمَغْرِبِ .
فَهَذَا وَغَيْرُهُ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ هَذِهِ الْعِصَابَةَ الَّتِي
بِالشَّامِ وَمِصْرَ فِي هَذَا الْوَقْتِ هُمْ كَتِيبَةُ الْإِسْلَامِ وَعِزُّهُمْ
عِزُّ الْإِسْلَامِ وَذُلُّهُمْ ذُلُّ الْإِسْلَامِ .
فَلَوْ اسْتَوْلَى عَلَيْهِمْ
التَّتَارُ لَمْ يَبْقَ لِلْإِسْلَامِ عِزٌّ وَلَا كَلِمَةٌ عَالِيَةٌ وَلَا طَائِفَةٌ
ظَاهِرَةٌ عَالِيَةٌ يَخَافُهَا أَهْلُ الْأَرْضِ تُقَاتِلُ مِنْهُ”.
ومع هذه الحال ما فتيء الشيخ عن تدريس العقيدة ونشرها فتأمل هذا.
هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم