التنبيه على تراجع الألباني عن تصحيح حديث ( لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنْ الزَّقُّومِ قُطِرَتْ فِي دَارِ الدُّنْيَا )

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإن حديث (لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنْ الزَّقُّومِ قُطِرَتْ فِي دَارِ الدُّنْيَا
لَأَفْسَدَتْ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعَايِشَهُمْ) من الأحاديث المشهورة على ألسنة
الوعاظ ، والخطباء وكثير من طلبة العلم ، وخصوصاً وأنالألباني كان قد صححه في
صحيح الجامع والمشكاة ، ولم يذكره صاحب التراجعات أبو الحسن الشيخ ، وقد وجدت أنهقد رجع إلى تضعيفه في المجلد الرابع عشر من سلسلة الأحاديث الضعيفة ، ولا شك أن ذلك
من آخر من أبحاثه 

وسواءً رجع أم لم يرجع طالب العلم لا يركن إلى التقليد ولكنني وددت التنبيه على هذا من باب إلزام من يقلد الألباني 

قال الألباني في سلسلة الأحاديث الضعيفة (14/ 643) :” 6782
– ( لَوْ أَنَّ قَطْرَةً مِنْ الزَّقُّومِ قُطِرَتْ فِي دَارِ الدُّنْيَا لَأَفْسَدَتْ
عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا مَعَايِشَهُمْ فَكَيْفَ بِمَنْ يَكُونُ طَعَامَهُ؟! ).

ضعيف .

أخرجه الترمذي ( 2588 )، والنسائي في ( الكبرى، ( 6/313/ 070 1 1 )، وابن
ماجه ( 4325 )، وابن حبان ( 1 261 – الموارد )، والحاكم ( 2/ 294 و 451 )، والطيالسي
في ” مسنده ” ( 344/ 2643 )، وعنه البيهقي في ” البعث والنشور
” ( 289 – 0 29 )، وأحمد ( 1/ 1 0 3 و 338 )، والطبراني في معاجمه الثلاثة:
” الكبير ” ( 11/ 68/ 11068 )، و “الأوسط ” ( 8/ 259/ 7551 ) و
” الصغير ” ( ص 118 – هند ) من طرق عن شعبة عن الأعمش عن مجاهد عن ابن عباس:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية: { اتقوا الله حق تقاته
ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون }، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:… فذكره. والسياق
للترمذي، وقال:

” حديث حسن صحيح “! وقال الحاكم:

” صحيح على شرط الشيخين “! ووافقه الذهبي! وقال الطبراني:

” لم يروه عن الأعمش إلا شعبة” .

قلت: بلى، قد رواه عنه اثنان أخران ؛ وخالفاه سنداً ومتناً، وكشفا عن علته
التي فاتت الذين صححوه.

أحدهما: فضيل بن عياض، فقال: عن سليمان – يعني: الأعمش – عن أبي يحيى عن
مجاهد عن ابن عباس قال:

” لو أن قطرة من الزقوم… ” فذكره.

رواه أحمد ( 1/ 388 ): ثنا القواريري: ثنا فضيل بن عياض… قلت: وهذا إسناد
صحيح إلى الأعمش، فضيل بن عياض: أشهر من أن يُعرف، والقواريري – هو: عبيد الله بن عمر
بن ميسرة، وهو – ثقة ثبت.

والآخر: يحيى بن عيسى الرملي، فقال ابن أبي شيبة في ” المصنف
” ( 13/161/ 15991 ): حدثنا يحيى بن عيسى عن الأعمش عن أبي يحيى به. وأخرجه البيهقي
في ” البعث ” ( 290/ 597 ) من طريق أخرى عن يحيى ابن عيسى الرملي.

قلت: والرملي هذا: صدوق يخطئ من رجال مسلم، ومتابعة فضيل إياه دليل قوي
على أنه قد حفظ، وذلك مما يدل على أن عنعنة الأعمش في رواية شعبة عنه غير مغتفرة، وأن
بينه وبين مجاهد ( أبا يحيى )، واسمه: ( عبد الرحمن بن دينار القتات )، وقيل غير ذلك،
والأول أشبه كما في ” الضعفاء ” لابن حبان، وقال ( 2/53 ):

” فحش خطؤه، وكثر وهمه حتى سلك غير مسلك العدول في الروايات، وجانب
قصد السبيل في أشياء “.

ونقله السمعاني في مادة ( القتات ) من ” الأنساب “، دون أن يعزوه
إلى ابن حبان، – وكثيراً ما يفعل مثله – ومنه صححت اللفظة الأخيرة، وكانت في الأصل
( أسبابها )، وقد عزاه الحافظ في ” التهذيب ” إلى قوله: ” الروايات
” دون ما بعدها، وفات ذلك على أصله ” تهذيب الكمال ” للحافظ المزي،
ولم يستدركه المعلقون عليه!

وقد ضعفه آخرون منهم أحمد، فقال:

“روى عنه إسرائيل أحاديث مناكير جداً “. ولذلك قال الحافظ في
” التقريب “:

” ليّن الحديث “.

قلت: فهو علة الحديث، ببيان الثقتين المذكورين عن الأعمش عنه. واذا كان
من القواعد العلمية المسلم بها ؛ أن زيادة الثقة مقبولة، لا سيما ؛ ومن زاد ؛ أكثر،
وبخاصة أن المزيد عليه – وهو ( الأعمش ) – معروف بالتدليس ؛ إذا عرف ذلك، فمن الواضح
جداً خطأ تصحيح الحديث، ولا سيما من بعض المتأخرين الذين وقفوا على هذه الزيادة: كالشيخ
أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على ” المسند ” ( 4/ 259 و 5/ 53 )، وكالمعلق
على ” الإحسان ” ( 16/ 511 – 512 )، والمعلق على ” موارد الظمآن
” ( 8/ 322 – 323 – طبعة دمشق )، فإنهم تجاهلوا جميعاً القاعدة المذكورة، فلم
يتعرضوا لذكرها، بل مروا على رواية الثقتين في تخريجهم للحديث، دون أن يقفوا عندها،
وأن ينظروا إلى أثرها في الكشف عن علة الحديث وهي التدليس والوقف، والله ولي التوفيق”

وقد علق الناشر على هذا البحث بأنه حكم الألباني الأخير

هذا وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم